الابتزاز الإلكتروني في العراق مشكلة تهدد المجتمع بأسره
    

الابتزاز الإلكتروني في العراق مشكلة تهدد المجتمع بأسره، اذ أصبحت جرائم الابتزاز الإلكتروني “ظاهرة” تُهدد أمن ونسيج المجتمع العراقي، وذلك بحسب وصف الجهات المسؤولة، في وقت يواجه فيه مرتكبو هذه الجرائم عقوبات تصل إلى السجن لمدة 14 عاماً.

العميد غالب العطية مدير الشرطة المجتمعية في وزارة الداخلية، أكد تسجيل 1198 حالة ابتزاز إلكتروني منذ مطلع العام الحالي ولغاية 30 أيلول 2022، فيما أشار إلى أن هذه الحالات استهدفت ذكوراً وإناثاً.

وقال العطية في حديث لـ(المدى)، إن “أبرز وسائل الابتزاز الإلكتروني والتي جاءت بالمرتبة الأولى، كانت عن طريق إقامة علاقات عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وهناك وسائل أخرى تتمثل بوجود صفحات تقوم بترويج أعمال السحر والشعوذة، والتي يتم من خلالها الإيقاع بالضحايا عبر طلب صور شخصية ومن ثم الابتزاز”.

ولفت العطية إلى أن “الحالات المسجلة لهذا العام استهدف الجزء الأكبر منها النساء وذلك بنسبة 90‌%، و10‌% من الحالات استهدفت الرجال”.

مبيناً أن “عام 2021 كان عدد حالات الابتزاز الإلكتروني فيه 1866 حالة، وربما نصل إلى مثل هكذا رقم في نهاية العام الحالي، أي نتوقع تقارب عدد الحالات بين العام الماضي والحالي”.

أخ يبتز أخته وعلاقة بذريعة “الحجامة”!

وأضاف العطية، أن “أبرز حالات الابتزاز الإلكتروني التي وردتنا هذا العام هي ابتزاز أزواج لزوجاتهم بسبب مشاكل زوجية، وبين مطلقين بسبب مشاكل على النفقة وحضانة الأطفال، ومن أغرب حالات الابتزاز التي واجهتنا كانت لشقيق ابتز شقيقته بعد تصويرها وتهديدها بنشر الصور بهدف منعها من تقديم شكوى ضد عائلتها كونها تعاني من التعنيف الأسري”.

وبين، انه “ومن بين الحالات الأخرى الغريبة التي سجلناها هذا العام، كانت لشخص استدعى امرأة بحجة عمل حجامة لوالده في المنزل، وأقام معها علاقة غير شرعية وصورها واستدرجها وبدأ بابتزازها”.

ودعا العطية إلى تفعيل قانون خاص بجرائم الابتزاز الإلكتروني، قائلاً “نحن بحاجة لقانون وتشريع يخص جرائم الابتزاز الإلكتروني لكي يكون رادعاً أكثر صرامة، فضلا عن بعض الإجراءات السرية للتعامل مع الضحايا، كون هناك خوف من ملاحقة المجتمع حال الإبلاغ عن حالات الابتزاز، وخوف من الفضيحة”.

وأشار إلى أننا “بحاجة إلى المزيد من التوعية عن طريق وسائل الإعلام وتكثيف تلك الحملات عبر المنصات الحكومية وغير الحكومية وكذلك المساجد والمنظمات، خاصة وأن الابتزاز الإلكتروني أصبح ظاهرة ومسجلة بشكل واسع وكثير”.

مشكلة تهدد المجتمع العراقي

إلى ذلك، عدّ اللواء خالد المحنا المتحدث باسم وزارة الداخلية، الابتزاز الإلكتروني، بـ”المشكلة التي تهدد المجتمع العراقي”.

وقال المحنا إنه “مع ازدياد نطاق استخدام الأجهزة الذكية واتساع استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، برزت مشكلة حقيقية وتهديد خطير يواجه المجتمع العراقي، وهو مشكلة الجرائم الإلكترونية بشكل عام، وجرائم الابتزاز الإلكتروني بشكل خاص، وهذا الأمر يتسبب بتهديد للأمن المجتمعي”.

ولفت إلى أن “وزارة الداخلية سعت جاهدة لمكافحة هذه الجرائم من خلال عدة تشكيلات تخصصت بهذا المجال، قسم منها في مديرية مكافحة الجريمة ووكالة الاستخبارات ومديرية الشرطة المجتمعية، حيث تبنت جميعها هذا الموضوع وفق تخصص كل دائرة”.

وأشار إلى أنه “بالنسبة للجرائم ذات البعد الاجتماعي، وفي حال وجود علاقة سببية بين الأطراف، تبنت المجتمعية هذا الموضوع، وبالنسبة للأشخاص الذين سرقوا البيانات وهكروها، يكون التعامل معهم من اختصاص مديرية مكافحة الجريمة والاستخبارات لاتخاذ الإجراءات القانونية بحق الجناة”.

حملة شهادات عليا ضمن قائمة الضحايا!

وقال المحنا، انه “رغم عدم وجود تشريع مباشر للجرائم الإلكترونية، لكن المحاكم تتعامل مع جرائم الابتزاز الإلكتروني وفق مواد قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969 المعدل بنصوص مختلفة قسم منها ما يتعلق بالتهديد وحسب شدة وجسامة الضرر والجرم، وحكمت على المدانين بأحكام تتراوح ما بين 7 – 14 عاماً”.

وبيّن، أن “الحالات كثيرة لكن أغلبها تبنتها الأجهزة الأمنية، وأكثر من 96‌% من الحالات التي وردت للمجتمعية تم حلها”.

وعن وسائل وأدوات المبتزين وأكثر الطرق غرابة، بين المحنا، “البعض يطلق مواقع لتقديم خدمات السحر والشعوذة على مواقع التواصل، وكثير من النساء ممن يحملن شهادات جامعية وشهادات عليا وكثير من الطبقات، وقعوا ضحايا بيد هؤلاء، كما أن هناك طرقاً أخرى من خلال انتحال أسماء أشخاص مشهورين للإيقاع بالضحايا”.

طلاسم وصور “عارية”

وأضاف، “على سبيل المثال ومن ضمن الجرائم البارزة التي رصدناها، وهو شخص يدعى مارتن الصابئي، ويدعي بأنه يقوم بقدرات سحر، وتمكن من الإيقاع بعدة فتيات عبر ادعائه بأنه يقوم بعمل السحر.

مبيناً أنه “من خلال عدة كمائن وقع بيد القوات الأمنية، وكان شخصا ذكياً وتمكن من الإفلات من 8 كمائن ولكن وقع بالكمين التاسع”.

وبين، أن “الصابئي، كان يطلب صوراً من ضحاياه بأجساد عارية بذريعة حاجتها في كتابة طلاسم وغيرها من الأمور، للإيقاع بضحاياه ومن ثم يقوم بابتزازهم عبر تلك الصور”.

الباحثة الاجتماعية سمر الفيلي، أرجعت أسباب تنامي الابتزاز الإلكتروني، إلى أمرين، وهما “غياب متابعة الأهل وغياب القانون”.

الفيلي قالت إنه “يجب متابعة الأولاد داخل المنزل من قبل الأهل، خاصة وأن المجتمع العراقي فهم التكنلوجيا بشكل خاطئ، وبات بعض الأطفال والأولاد؛ وكذلك الفتيات بأعمار خطيرة، يدخلون إلى مواقع خطيرة”.

وأضافت، “هناك عصابات متخصصة على مواقع التواصل الاجتماعي للابتزاز وجني الأموال من خلال الإيقاع بالضحايا بطرق مبتكرة التي تقع في إطار الجريمة الإلكترونية”.

ودعت الفيلي، ضحايا الابتزاز الإلكتروني إلى، “الإبلاغ عن هذه الحالات خاصة، وأن الشرطة المجتمعية وضعت أرقاماً ساخنة للإبلاغ عنها”.

هل حظر مواقع التواصل هو الحل؟

وعن إمكانية حظر مواقع التواصل عن الفتيات والأولاد في الأعمار الحساسة داخل المنزل لتلافي الابتزاز الإلكتروني بينت الفيلي، “أمر صعب وقد يُمنع الفتى أو الفتاة عن تلك المواقع داخل المنزل ويستخدمونها خارج المنزل، إذا هذا ليس بحل، والحل هو توجيه الأولاد داخل المنزل والتقرب منهم أكثر ما يمكن وبالتالي توعيتهم وتوجيههم بشكل صحيح”.

وبينت الفيلي، أنه “وصلنا إلى مرحلة باتت فيها مواقع التواصل مباحة أمام الجميع، ولكن التوعية والتوجيه في إطار استخدام تلك المواقع بشكل صحيح أفضل من منعها وحظرها داخل المنزل”.

وأشارت إلى أن “غياب قانون الجرائم المعلوماتية يعد أحد الأسباب التي تتيح مساحة للجناة للإيقاع بضحاياهم، ولو تم تفعيل هذا القانون فسيساهم بنسبة كبيرة في القضاء على الابتزاز الإلكتروني”.

وأوضحت، أن “هناك عصابات تلجأ إلى الابتزاز الإلكتروني للوصول إلى مرحلة الفصول العشائرية، وذلك عبر استدراج إحدى الفتيات عبر مواقع التواصل، لشخص، ودعوته إلى المنزل، ومن ثم ضبطه داخل منزل ومساومته مالياً تحت مسميات عديدة، بالتالي دوافع الابتزاز مادية وغير أخلاقية”.

وختمت، “مواقع التواصل جعلت العالم قرية صغيرة أمام مستخدمي تلك المواقع، لذا يجب العيش في هذه القرية بشكل صحي وحضاري، والابتعاد عن الأمور التي يشوبها الفساد والتي تتعارض مع قيم المجتمع”.

محرر الموقع : 2022 - 10 - 06