«الإيكونومست»: «سحب الجنسية» سلاح حكومات الخليج لقمع معارضيها
    

يوم الاثنين من كل أسبوع يقف معارضو الحكومة الكويتية وقد تملكهم الخوف الشديد؛ انتظارًا للأسماء الجديدة التي سيعلن مجلس الوزراء سحب الجنسية منها خلال اجتماعه في فترة ما بعد الظهيرة. ومنذ الصيف الماضي قرر المجلس سحب الجنسية، ثلاث مرات على الأقل، من بعض الأشخاص الذين يوجّهون انتقادات صريحة للأسرة الحاكمة أو لسياسات الكويت. لقد خسر 59 شخصا الأوراق التي تثبت هويتهم الكويتية في يوليو، و14 في أغسطس، و18 الشهر الماضي. فيا تُرى من سيصيب الدور القادم؟.

تم اعتماد تكتيكات مُماثلة ضد المعارضين - أو يجري حاليا النظر فيها - في أماكن أخرى في الخليج، على سبيل المثال، جرّدت البحرين 31 شخصية معارضة من جنسيتهم عام 2012، و9 آخرين في أغسطس الماضي، وأصدرت سلطنة عُمان الشهر الماضي قانونا جديدًا للجنسية، يُتيح سحب جوازات السفر من أي شخص يعمل «ضد مصلحة عُمان»، أما السعودية فقالت إنها تفكر في مثل هذه الخطوات فيما يتعلق ببعض الجرائم المتعلقة بالأمن.

الرسالة واضحة: المعارضة «سواءً أكانت ليبرالية أو إسلامية» ليست فقط أمرا يخالف القانون، ولكنها خيانة أيضا. تجريد شخص من جنسيته في منطقة كهذه تتمتع بتقديم المساعدات السخية يعني حرمانه من الخدمات الأساسية التي يحتاجها في حياته.

«إن قضية المواطنة في الكويت مسألة حياة»؛ بحسب «حمد البلوشي»– أستاذ العلوم السياسية بجامعة الكويت الذي أضاف معقباً أن «عملك، ومنزلك، ومدرسة أطفالك، والرعاية الصحية الخاصة بك ... كل هذه الأشياء من الممكن أن تُنتَزع منك». التعويض الذي قد يُدفع للمتضرر قليل، وقضت المحاكم في البحرين والكويت بعدم الاختصاص فيما يتعلق بالقرارات المختصة بالجنسية بينما ينص القانون العُماني على تشكيل لجنة حكومية للتعامل مع هذا الموضوع خارج النظام القضائي.

وفي الكويت؛ تورطت الحالات الأخيرة في انتقاد الحكومة. كان الإلغاء الأول في 21 يوليو الماضي من نصيب «أحمد الشمري» - مالك قناة «اليوم» التلفزيونية المعارضة - والتي أثارت غضب السلطات خلال الصيف بعد كسر حظر النشر فيما يتعلق بمؤامرة انقلاب مزعومة داخل أسرة الصباح الحاكم، والآن لم يعد «أحمد الشمري» يمتلك المحطة كما خسر جنسيته الكويتية، واسودت شاشة القناة.

وفي البحرين؛ فإن مُعظم الذين جُرّدوا من جنسيتهم في عام 2012، والبالغ عددهم 31، يعيشون خارج المملكة، لكن حوالي عشرة تُركوا بلا دولة داخل الدولة، ما جعلهم غير قادرين على القيام بأي عمل رسمي، أو حتى تسجيل مواليد جدد أو الحصول على أي وظيفة. فاقد الشيء لا يعطيه؛ بمعنى أنهم لا يحملون أي جنسية، وبالتالي فلن يستطيعوا منح أبنائهم الجنسية لأنهم سيُولدون في مثل الحالة التي عليها آباؤهم. وفي 28 أكتوبر/تشرين الماضي حكمت المحكمة بترحيل المواطنين العشرة باعتبارهم مقيمين بطريقة غير شرعية، وتعالت الصرخات كيف سيسافرون؟! وإلى أي وِجهة سيغادرون وهم لا يحملون أي أوراق تثبت هويتهم!.

وبالنسبة لـ«أحمد المخيني» – المستشار السابق لمجلس الشورى العُماني -  فإن تلك القوانين هي تجسيد لدول الخليج الريعية؛ والتي يتم تمويلها من عائدات النفط بدلاً من فرض ضرائب على المواطنين، وتقديم الامتيازات السخية في مقابل الولاء، «إذا أردت الاستمتاع بدخل إضافي  فعليك أن تلتزم بقوانين مُعينة. وإذا أردت أن تكون مواطنًا هنا أغلق فمك».

الإلغاءات الأخيرة قد تؤدي إلى تسييس قضية سحب الجنسية في الخليج؛ والتي هي على قدرٍ عالٍ من الحساسية، الكويت - على سبيل المثال - تُعدُّ موطنًا لأكثر من مائة ألف من «البدون» وهم مواطنون لا يحملون جنسية نتيجة عدم تسجيل أبائهم لهم لدى السلطات عند الاستقلال، أو دخلوا البلاد في وقت لاحق، هؤلاء الأفراد غالبًا ما يعمدون إلى وظائف معظمها داخل إطار السوق السوداء.

وحاولت الإمارات العربية المتحدة تصدير مشكلاتها بإقناع دولة جزر القمر بمنح الجنسية لبعض البدو؛ الخطوة التي اعتُبرت بمثابة إجراء «مؤقت»، لكنها أثارت المخاوف بشأن أن البعض قد يتم ترحيله إلى الجزر بينما رفضت الحكومة الكويتية التعليق على تقارير تقول أنها ستتبع خطى الإمارات في هذا الملف.

محرر الموقع : 2014 - 11 - 19