هل يخوض الكيان الإسرائيلي لعبة الغزو البري في غزة؟
    

 

 

 

مع دخول الحرب الإسرائيلية أسبوعها الثالث على قطاع غزة يبقى الترقّب والحذر هما المسيطران على المشهد المحلّي والإقليمي، إلا أنّه حتى الآن ليس هناك ما يوحي بأنّ لدى الكيان الإسرائيلي أي بوادر أو نيّة لإنهاء هذه الحرب والتفاوض جدّيّا على الأسرى الموجودين لدى المقاومة الفلسطينية بعد عملية “طوفان الأقصى”، هذا المشهد يطرح تساؤلات عدة أبرزها هل سيجتاح الجيش الإسرائيلي غزّة برّيّا وهل ستمتد الحرب إلى جبهات أخرى إقليمية؟
اعتبر المحلل السياسي والخبير في العلاقات الدولية الدكتور حسن جوني، خلال حديث خاص مع وكالة “شفقنا”، أنّ الحكومة الإسرائيلية عندما تحدّثت عن الاجتياح البري أرادت التخفيف قليلا من غضب الصهاينة، فقام نتنياهو بهذا الوعد لامتصاص الصدمة التي حدثت، ولكنّه يعلم تماما أنّه لا يستطيع ذلك لعلمه في العلم العسكري بأنّ من يخطّط هذا التخطيط الكبير للهجوم دون أدنى شكّ سيخطّط أيضا على نفس المستوى للدفاع، قائلا: “كانت غزة دائما تاريخيّا مقبرة للصهاينة، وبالتالي لا يمكن لنتنياهو اجتياحها كما يعتقد، الخطة اليوم هي محاولة تهجير الفلسطينيين من القطاع ومن ثم اجتياحه، ولكن لم تنجح لأسباب عدّة متعلّقة أوّلا بصمود شعبه في أرضه وثانيا بأخذ التجربة التاريخية، القادة الصهاينة كانوا يأملون بتكرير حادثة 48 ولكنّهم فشلوا، الفلسطيني اليوم معنوياته عالية ويشعر بنهاية الكيان قريبا، ومن خلال ما حصل في 7 تشرين الأول/أوكتوبر تم ضرب العمود الفقري للكيان ألا وهو الاستيطان، إذ سنشهد هجرة استيطانية معاكسة ولن يأتي بعد الآن استيطان إلى فلسطين المحتلة، هذا الأمر كان قائما على بدعة “الجيش الذي لا يقهر” بينما الآن قهر هذا الجيش وبالتالي لن يأتي أحد، في المقابل يفهم الفلسطيني بأنه يجب عليه الصمود في أرضه”.
كما رأى جوني أنّه لم يحصل بتاريخ الصراع العربي – الإسرائيلي هذا التضامن الشعبي العالمي والعربي والفلسطيني مع قيادة المقاومة في فلسطين، الأمر الذي أعطى معنويات للشعب الفلسطيني بأن يبقى في أرضه، وفهم الإسرائيلي ذلك وبات يعرف أنّ الدخول إلى غزة سيشكّل هزيمة له، ربما قد يلجأ إلى مسرحية بالدخول إلى قرية ما لالتقاط الصور وإرسالها إلى المستوطنين والعالم، للقول بأنّه دخل إلى جزء من غزة وسيتوقّف هناك، ونجده متذرّعا بعدّة أمور، تارة بالطقس وتارة بالظروف وأخرى بوجود بايدن.
هل ستتوسّع الجبهات؟
هذا ويتساءل الرأي العام المحلي والعالمي عن إمكانية توسّع حدّة الاشتباكات لتطال جبهات أخرى من محور المقاومة، خاصة بعد تعرّض قواعد الولايات المتحدة الأميركية للاستهداف في المنطقة، ولكن بحسب جوني حتى الآن قواعد الاشتباك مسيطر عليها، هناك نوع من المناوشات والحرب ضربة بضربة، حتى هذه اللحظة المقاومة في حالة الدفاع، وهناك غرفة عمليات مشتركة بين محور المقاومة، الأمر متروك حتى هذه اللحظة لغزة لأنّها هي المنتصرة رغم المجازر الحاصلة، فلا يقاس النصر بالخسائر، بل الأهداف الاستراتيجية والسياسية التي تحقّقت والتي منعت المعتدي بتحقيق أهدافه، مضيفا: “لذلك في حرب تموز عام 2006م اعترف العدو بهزيمته في لبنان عبر تقرير فينوغراد، رغم الخسائر البشرية الكبيرة التي حصلت تم منع العدو من تحقيق هدفه بتدمير المقاومة وكذلك الأمر اليوم في غزة”.
ولفت جوني أنّه لأوّل مرّة بتاريخ الحروب البشرية يحصل نصر من الدقيقة الأولى لليوم الأوّل (7 تشرين الأول/أكتوبر)، لأنّه منذ هذا التاريخ تم ضرب البنية الفكرية الأيديولوجية السياسية الوجودية للكيان الإسرائيلي، القائم على الاستيطان كما ذكرنا سابقا والمبني على فكرة الجيش الذي لا يقهر، فقهر أمام الكاميرات والشاشات محدثا نوعا من الإحباط ليس فقط عند المستوطنين، والجدير بالذكر أنّ هناك أكثر من مليون إسرائيلي تركوا فلسطين نهائيا منذ مدة، و45% ممّن يعمل في الخارج لن يعود، وبالتالي أمام هذا الواقع أصبحنا أمام عملية إفراغ لهذا الكيان”.
الحرب على غزة ستنتهي عاجلا أم آجلا، كيف لا وإسرائيل لم تسجل أي انتصار ميداني، فلا يوجد بنك أهداف لديها إلا المدنيين، الأمر الذي فضح صورتها أمام العالم أجمع، وستضطر في النهاية إلى التسليم بأي حل يحفظ لها شيء من صورتها التي تحطمت بصورة أبدية أمام ضربات أصحاب الأرض.

وفاء حريري – شفقنا

 

 

 

محرر الموقع : 2023 - 10 - 21