مجسم شباك الامام الحسين واخيه العباس يجوبان مدينة لندن بمسيرة عاشورائية كبرى
    

حينما يجوب مجسم شباك الامام الحسين واخيه ابي الفضل العباس عليهما السلام  في العاشر من المحرم، يوم استشهاد ابي الاحرار وأهله واصحابه في واقعة الطف الخالدة، مدينة لندن بمسيرة عاشورائية كبرى، ويلتف حولهما آلاف المعزين والمعجبين بالنصب العظيمة وللعام الثالث على التوالي، فهذا يدل على فيوضات من الله عز وجل وكرامة سيد الشهداء، ومدى سمعة النحت العراقي، ومكانة كربلاء وقضيتها في نفوس الغرب.

اذ توسط شباكا الامام الحسين والعباس عليهما السلام مدينة لندن بمسيرة عشق وعزاء لا مثيل لها هناك، شارك فيها محبو اهل البيت ومن يتوقون الى التعرف على كربلاء الحسين من الأوروبيين وغيرهم وعدد غفير من الجاليات المتواجدة هناك، وأثارت الرحلة المباركة اعجاب وتفاعل كل المعزين والمشاركين في المسيرة من العرب والأوروبيين والثقافات البريطانية، وتفاعلوا معها بشكل اشبه بالإعجاز، فماهي تفاصيل الرحلة؟، وكيف تفاعل المجتمع الأوروبي مع مسيرة العشق؟.

هيبة وجمال

المشرف العام على متحف الامام الحسين ومدير اكاديمية الوارث للتنمية البشرية الدكتور علاء الدين ضياء الدين تحدث لـ}الصباح} قائلا: {جددت الموافقة هذا العام من قبل عمدة لندن لإقامة مسيرة الشباك المقدس في شوارع لندن، وتعد المسيرة الوحيدة الخارجية التي تمت الموافقة عليها من قبل المسؤولين، هناك مراعاة للظروف الصحية ووباء كورونا}.

وأضاف {الرحلة بدأت أولا من تكليفنا بمتحف مدينة كولن الألمانية بالاشتراك في معرض {الحج بالعالم} وهو معرض سنوي لعرض النفائس العالمية، وكان رأينا أن نشترك بمستنسخ من شباك الامام الحسين عليه السلام بحجمه الحالي لعرضه هناك، وتمت موافقة الأمانة العامة للعتبة الحسينية المقدسة على الفكرة والمشروع الضخم، وكل مستلزمات وتكاليف الرحلة والتسهيلات اللازمة لوصول الشباك المبارك وشحنه الى لندن بعد أن صممناه مجسما كما هو في الحضرة الشريفة، وحافظنا على هيبته وتفاصيله اثناء الشحن وقد استغرقنا وقتا طويلا في ذلك، كي نمنحه قدسيته وشكله الجميل المبارك}.

وتابع ضياء الدين، {شاركنا سابقا في هذا التجمع الإنساني بالعالم وكان المعرض يزهو ببريق ومحتوى نصب الشباك المقدس، وهي رحلة فخر واعتزاز.

شباك قمر العشيرة

وأكد ضياء الدين {هذا العام كان مميزا جدا بوصول مجسم شباك سيدنا ابي الفضل العباس عليه السلام أيضا، والذي حرصنا على تواجده مرافقا لشباك الحسين، لانهما فعلا لا يمكن التفريق بينهما حتى في هذه الرحلة الكريمة، فكان لابد من تصميم مجسم لشباك ابي الفضل عليه السلام وشحنه هذا العام الى لندن، وكان كالقمر المنير في عرضه، وقد جاب شوارع أكسفورد في لندن، وتركز أخيرا تحت قوس النصر مع مجسم شباك الحسين عليه السلام بعدما طاف شوارعها بمسيرة كبرى وبمسافة (6 كيلومترات) بدأت من (هايد بارك) هذا القوس الشهير، وسط هتافات العالم وقصائد حسينية وقراءة المقتل الذي تفاعل معه الشعب الأوروبي بشكل كبير لا يوصف ابدا، وفي هذا العام أقيمت المراسيم الكبيرة ذاتها في شوارع لندن تطوف بالشباك الحسيني المبارك، ويرافقه نشر الاعلام وبوسترات التوعية ولافتات اقوال سيد الشهداء}.

جلسات تعريفية

ومن الجدير بالذكر أن المهرجان الحسيني الكبير نال نجاحاً وحاز على اعجاب الوافدين وكل المشاركين في المسيرة العظيمة، ونظرا للإقبال الكثيف على مشاهدته والتعرف على ماهيته وقصته، عقدنا جلسات تعريفية وتوضيحية له، واكثر الزائرين للشباكين المباركين كتبوا امنياتهم وادعيتهم وطلباتهم من الله وبمنزلة الحسين والعباس عليهما السلام، ومنهم من يطلب الشفاء ومنهم من يطلب حلا لمشكلة ما، وكان الناس  من مختلف الجنسيات يتوافدون على الشباك ويضعون فيه امنياتهم بكل عفوية وصدق وعلى حد قوله.

جمالية المجسم

وبين الدكتور علاء الدين ضياء الدين أن مجسمي الشباكين فرضا نفسيهما لجماليتهما وهيبتهما وتنوع الزخارف فيهما، وما احتويا عليه من نفائس ذهبية، شرحنا عنها لكل البلدان وما يحتويانه من مقومات ليكونا نافذة مفتوحة للعالم من خلال المسيرة الحسينية التي جابت شوارع لندن للتعرف على ماهية القطعة (الشباك)، فالتوق لدى الأوروبيين كانت له نكهة خاصة، فهم يتساءلون ويوثقون ويصورون بلهفة، وهذه الصورة يبحث عنها العالم والثقافات الأوروبية بشكل خاص، ولاحظنا ان التوثيق مهم، وعادة المجتمع الأوروبي يعتمد على الانترنت حتى للذهاب الى عمله او منزله عن طريق الخرائط، فكيف اذا كان شكلا جميلا وله قصة عظيمة، حتما لفت انتباههم وتساءلوا من هو الحسين ومن هي كربلاء، فمنهم من وثق واخذ صورة مع الشباك وهذا هو نتاجنا وانجازنا.

مشروع عظيم

وأضاف علاء الدين {ان الغاية من هذه المسيرة هي لتعريف الناس والغرب بشكل خاص بالثقافة الإسلامية، لاسيما منهج اهل البيت عليهم السلام، لأنها تمتلك مقومات كثيرة منها المبادئ الإسلامية والقيم الأخلاقية التي تجسد شخصية اهل بيت المصطفى في العدل والمساواة بين الديانات السماوية كافة، ونحن بدورنا  نوضح للغرب بالشكل الصحيح، لماذا استشهد الامام الحسين عليه السلام وكيف قدم وضحى بأهل بيته لأجل هذا الدين الحنيف المحمدي الأصيل، فقد كان مشروعا عظيما، لم تستطع تنفيذه اكبر المؤسسات في هكذا بلد، وبالرغم من المعوقات التي واجهت المشروع، الا انها تيسرت بفضل بركة الامامين الهمامين عليهما السلام، وكان اشبه بحلم وتوافدت الاعداد الكبيرة التي فاقت التصور لروعة المجسم ودقة صناعته، وكانت بشكل منتظم ومختصر مع اتخاذ الإجراءات الوقائية، وهذا بحد ذاته يعد إنجازا عظيما، وتشريفا للشباك المقدس وصاحب الذكرى العظيمة الامام الحسين عليه السلام}.

صور توثيقية

ومن ذكريات العام الماضي ومن باب الفخر لهذه المناسبة ذكر علاء الدين: {لقد تشرف القوس بشباك الامام الحسين لكني اقصد من الناحية المعنوية، اذ ان الآلاف من السياح والوافدين والبريطانيين يمرون ويرون المسيرة والاعلام الحسينية، ويتابعون ويقرؤون اللافتات ويصورون، وبعدها تحرك الركب في مسيرة الى أكسفورد، وفي وقت اوج الحركة في هذا الشارع الذي يكتظ بالناس نصب الشباك، وقطع الشارع وهو موكب ببركة الشباك المبارك، وهذا انجاز كبير، كان الناس بأعداد غفيرة متشحين بالسواد وغيرهم من الأوروبيين يتباكون ويتفاعلون بشكل لا يصدق مع مكبرات الصوت وهي مجازة، تتقدم الشباك، وقصائد بصوت الملا باسم الكربلائي، والمقتل وراية الامام الحسين(ع) تقودنا في وسط لندن، وحين وصلت الى شارع الطرف الاغر لم اتمالك مشاعري واخذت الراية وحملتها هناك}.

وختم {لقد تكللت المسيرة بنجاح لا مثيل له واحتشد اكثر الأوروبيين لمشاهدة مجسمي الشباكين المباركين، لحظتها عشنا ساعات من البكاء والدعاء والفرح بالوقت نفسه، اذ لم  تكن مسيرة عادية لاكتسابها الهيبة والتفاعل}.

المصدر: الصباح

محرر الموقع : 2021 - 08 - 29