يا حافر البئر …. عن أزمة المهاجرين في أوروبا
    

منذ عقود و يتم إستخدام المهاجرين كسلاح من قبل الدول المختلفة وذلك بمعزل عن الحالات الإنسانية وما تعانيه الإعداد الكبيرة من البشر.

فالدراسات تبين ان خلال ٦٠ عاما الماضية تم استخدام هذا السلاح بمعدل مرة واحدة في كل عام على الأقل وذلك لأغراض سياسية وعسكرية وإقتصادية والملفت للنظر ان في ٧٥% من هذه الحالات حققت الدول المستخدمة لهذا السلاح مآربها- ولو جزئيا-.
إذن هو سلاح فاعل ومؤثر يأتي في أغلب الحالات بنتائج مرضية لمستخدميه.
وربما أبرز استخدام لهذا السلاح في السنوات الأخيرة كان للرئيس التركي رجب طيب اردوغان في عام ٢٠١٥ و الذي جعل الإتحاد الاوروبي يعيش خوفا دائما من تكرار التجربة والأمثلة على إستغلال هؤلاء العزل كثيرة و من بينها تلك الحلية التي ادت بوصول ١٢٥ ألف مهاجرا الى الأراضي الأمريكية فأرغمت كارتر للنزول عند رغبة الرئيس الكوبي الراحل فيدل الكاسترو وكسر خناق الحصار الأمريكي على هذا البلد و أما الراحل معمر قذافي فياما صرخ في وجه الإتحاد الأروبي بعبارته الشهيرة- سوف أغرق اوروبا بالمهاجرين- فارتعدت أوروبا وحصدت ليبيا القذافي ثمار فاعلية هذه الورقة إذن هو سلاح بالغ الفاعلية.

لكن ما حل الإتحاد الأوروبي- الوجهة الأولى للاجئين- لهذه الازمة؟
و كيف يريد التخلص من موجات المهاجرين؟
لمعرفة هذا ينبغي الرجوع للاسباب ومعرفة المسببات.
بمعنى آخر ينبغي ان نسأل ما الذي جعل دولا كالعراق وليبيا وسوريا و غيرها تصبح مصدرة للاجئين؟
ومن الذي ساهم في تقويض استقرار هذه البلدان وإفقارها حتى اصبح اهلها ترغب في الخروج عنها؟
لاشك ان السبب لا ينحصر في امر واحد، لكن لمداخلات الغرب و المساهمة في إسقاط حكومات هذه البلدان وكذلك نهب ثرواتها دورا يمكن تصنيفه بالأبرز.
فإذا ما أراد الإتحاد الأوروبي معالجة هذه الازمة الآخذة بالتفاقم فعليه بتقبل مسؤليته و المساهمة في إعادة الإستقرار لهذه البلدان وانعاش إقتصادها و هذا بدوره يحتاج لعودة الإستقرار السياسي والأمني.

لكن دول الإتحاد الأوروربي ومعها الولايات المتحدة لاترغب في تقبل عبء أعمالها ولهذا تلجأ للحلول الأمنية الأسهل والأرخص بالنسبة لها مستخدمة بذلك قدراتها المالية حيث تمنح الدول المصدرة لللاجئين أو تلك التي تقع في مسير اللاجئين محفزات مالية مقابل ان توقف هذه الموجة بأي شكل من الأشكال المشروعة وغير المشروعة وما يثير الدهشة أن كثيرا من هذه الإنفاقات تذهب لأنظمة ديكتاتورية لطالما كانت موضع نقد للأنظمة الغربية.
وأبشع من هذا كله ان دول الإتحاد الأوروبي كانت لا تبالي حتى في استخدام عصابات الإتجار في البشر لإيقاف موجة المهاجرين فبعدما كانت هذه العصابات تجني أرباحا هائلة من خلال الإتجار بالبشر أصبحت تستقبل ملائين الدولارات من قبل دول الإتحاد لتحول دون وصول موجة المهاجرين على مشارف دول الإتحاد.
ففي عام ٢٠١٩ نشرت صحيفة النيويورك تايمز تقريرا مطولا قالت فيه ان فرنسا تعاقدت مع احد أمراء الحرب في النيجر تطلب منه ان يمنع المهاجرين من العبور من النيجر الى فرنسا ودول الإتحاد الأوروبي.

فمجمل القول أن لدول الإتحاد الأوروبي وامريكا دورا لايستهان فيه في خلق بؤر تصدير المهاجرين وذلك من خلال نهب ثروات تلك البلدان ما أدى الى ظهور سلاح فاعل يشهر بين الحين والآخر في وجهها فبدل البحث عن العلاج السطحي والذي يبعدها في كثير من الأحيان عن شعاراتها و مبادئها التي تدعو العالم اليها عليها ان تتقبل مسؤليتها و تشارك في حدوث إستقرار سياسي في هذه البلدان والذي قد يؤدي الى إنتعاش إقتصادي يوفر على اهل هذه البلدان جلاء البلدان وعلى دول الإتحاد الرضوخ لمحاولات الإبتزاز.
وفي غيرها قد يفتك هذا البئر بحافره كما وعد المثال.

علي عبدالرحمن

محرر الموقع : 2021 - 11 - 21