العراق والعمالة الأجنبية .. منافس شرس للعمالة المحلية
    

 

 

 

باتت السوق العراقية جاذبة ليس فقط للبضائع والمنتوجات الخارجية، بل أيضا للعمالة الأجنبية التي دخلت البلاد سواء عبر المنافذ الرسمية وبإجازات حكومية أو من خلال التهريب من إقليم كردستان إلى باقي المحافظات، وصارت منافسا شرسا للعمالة المحلية، التي لم تعد تجد فرصة مناسبة لها للعمل في القطاع الخاص.

ويتربع البنغلاديشيون على عرش العمالة الأجنبية في العراق حيث بلغت أعدادهم بعشرات الآلاف، في وقت تتجاوز نسبة البطالة في البلاد 15 بالمئة، إلى جانب ركود كبير وشح فرص العمل في القطاع الخاص.

ويقول جعفر الخفاجي (39 عاما) من محافظة واسط، إن “العمالة الأجنبية استحوذت على جميع فرص العمل سواء في الشركات الأهلية أو المحال التجارية وحتى سوق البناء وغيره من الأشغال الحرة”.

ويضيف “غالبية أرباب العمل يفضلون اليد العاملة الأجنبية على المحلية لعدة أسباب في مقدمتها انخفاض أجورهم، حيث أنهم يقبلون بأجور تصل إلى نصف أجورنا، بالإضافة إلى عدم اعتراضهم على كثرة ساعات العمل والتي تتجاوز العشر ساعات وأكثر”.

ويشير الخفاجي إلى أن “العمل في المحافظات هو بالأساس قليل مقارنة ببغداد، لذا فإن أغلب العمال يتوجهون إلى بغداد على أمل إيجاد فرص عمل مناسبة سواء في شركة أو مطعم أو في المولات والأسواق، لكن الفرص ضئيلة جدا بسبب العمالة الأجنبية فهم يستحوذون على أكثر من 50 بالمئة من فرص العمل”.

وكان وزير العمل والشؤون الاجتماعية أحمد الأسدي، قد كشف الأحد الماضي، خلال استقباله سفير بنغلادش لدى العراق آمدي فضلول باري، أن قرار مجلس الوزراء بمنع دخول العمالة البنغالية لا يستهدف المواطنين البنغال، إلا أن هناك زيادة بعشرات الآلاف من العمالة رغم القرار، وخصوصا العمالة غير الشرعية، مبينا أن الوزارة سبق وأن أعلنت عن آلية لتصحيح وضع العمالة العربية والأجنبية لمدة 45 يوما وقامت بتمديدها أيضا، لكن الأعداد المسجلة لا تتناسب مع الأعداد الحقيقية الموجودة في البلاد.

من جانبه، يلفت الباحث في الشأن الاقتصادي علي كريم إذهيب، إلى أن “حجم الحوالات المالية للعمالة الأجنبية بالدولار الأمريكي إلى خارج العراق، مهولة وهذا مؤشر خطير، على الرغم من أن العمالة الأجنبية ظاهرة صحية للاقتصاد لكن عندما تكون خارج الضوابط فإن هذا يعتبر استنزافا للعملة الصعبة كون هناك أكثر من مليون عامل أجنبي في العراق وقرابة الـ80 بالمئة منهم دخلوا لسوق العمل العراقي بطرق غير شرعية”.

ويوضح ان “هذه الأعداد منتشرة في كل القطاعات في السوق العراقية وأغلبها بالقطاع الخاص وعدد لا بأس به في القطاع العام، وحتى في القطاع النفطي والوظائف الهندسية والقيادية، فلدينا مثلا مهندسين وفنيين صينيين وكوريين وأوروبيين وليس عراقيين”.

ويتابع ان “هذا الأمر يزيد من نسبة البطالة بين العمالة الوطنية التي قد تتجاوز حاجز 16.5 بالمئة في ظل تخرج آلاف الطلاب من الجامعات العراقية الحكومية والأهلية وانطلاقهم إلى سوق العمل بالتزامن مع عدم تنشيط دور القطاع الخاص بسبب مشاكل متواترة تضرب الاقتصاد الريعي الذي يعتمد بنسبة 96 بالمئة على الواردات المالية المتحققة من بيع النفط الخام في الأسواق العالمية”.

ويشدد إذهيب على أن “العمالة الأجنبية في العراق موضوع شائك ويحتاج إلى دراسة وحلول وتنفيذ أولا، ولابد من وجود إرادة سياسية وحكومية لمعالجة هذه المشكلة وتأمين فرص العمل للخريجين والشباب العراقيين”.

ويعمل في العراق وفقا لوزارة العمل والشؤون الاجتماعية، مليون عامل أجنبي، المسجل منهم بأوراق رسمية 71 ألف عامل فقط، حيث الإعداد الرسمية المسجلة تحول أموالا خارج العراق بقيمة 600 مليون دولار سنويا، ووفقا للجنة العمل النيابية فإن الأرقام الرسمية التي اطلعت عليها عن طريق رصد التحويلات المالية للعاملين الأجانب تبلغ أكثر من 350 مليون دولار شهريا أي ما يعادل 4 مليارات و200 مليون دولار سنويا.

غير أنه وبحسب تقديرات غير رسمية، تقدر الأموال الخارجة من العراق كتحويلات مالية للعمال الأجانب بأكثر من 8 مليارات دولار سنويا، فضلا عن الرواتب العالية التي يتقاضاها معظم العاملين الأجانب في الشركات النفطية وغيرها من الشركات العاملة في العراق بشكل غير مبرر حسب تصريحات رسمية.

بدوره يؤكد مدير إعلام وزارة العمل والشؤون الاجتماعية نجم العقابي، أن “الوزارة وضعت آليات محددة ومشددة فيما يخص العمالة الأجنبية، ونحن لا نسمح بدخول أي عمالة سوى الماهرة، وحتى هذه تخضع لإجراء تقييم لأعداد الاختصاص الموجودين في قاعدة بيانات الوزارة، وفي حال وجود هذه الاختصاصات فلا يسمح للعمالة الماهرة أيضا بدخول البلاد”.

ويوضح “لدينا حملات تفتيشية مستمرة على العمال الأجنبية في المطاعم والمصانع والشركات كافة، وتم توزيع استمارة استبيان على أصحاب الشركات لمعرفة ما هي الاختصاصات التي يرغبون بها لتدريب العمالة الوطنية في ضوئها”.

وينوه العقابي إلى أن “وزارة العمل مسؤولة عن العمالة الرسمية والمسجلة ولدينا أكثر من 42 ألف عامل، في حين أن الأعداد الباقية ليست من مهامنا”.

وسبق لشبكة BNN، أن كشفت في 12 حزيران 2023، أن بيانات عالمية أظهرت أن العراق سجل أعلى معدل بطالة في العالم العربي، والثالث على مستوى العالم، وبحسب البيانات فإن أعلى معدلات بطالة كانت في أفريقيا، حيث تحتل نيجيريا وجنوب أفريقيا المرتبة الأولى مع معدلات بطالة تبلغ 33.3 بالمئة، و32.9 بالمئة على التوالي، وجاء العراق كثالث أعلى معدل بطالة على مستوى العالم وأعلى معدل في العالم العربي، حيث بلغ 15.55 بالمئة.

* العالم الجديد

 

 

 

محرر الموقع : 2024 - 04 - 06