زواج ابناء المهاجرين في فرنسا بين ضغط عائلاتهم ومقتضيات حياتهم
    

في الحب كما في أمور كثيرة، يجد أبناء المهاجرين في فرنسا انفسهم موزعين بين التقاليد وبين مقتضيات حياتهم العصرية، ولذك فان معظمهم وعلى غرار ذويهم يتزوجون من ابناء جلدتهم دون اقامة اي علاقة مع الشريك قبل الزواج، لكنهم يختلفون عن اهلهم بان قراراتهم هذه مبنية على الحب.

وسجلت هذه الملاحظات عالمتا الاجتماع بيت كوليت وايمانويل سانتيلي في دراسة حول خيارات الشباب الذين نشأوا في فرنسا من أصول مغربية او تركية او من الساحل الافريقي، أي انهم من اصول مسلمة ايضا. ويقول كثير من هؤلاء الشباب انهم يتعرضون لضغوط كبيرة من أهلم الذين يرغبون في "الحفاظ على جماعتهم" وهويتهم الدينية والعرقية.

ويبدو بحسب الاحصاءات ان الشباب يلتزمون برغبة أهلهم في ذك، اذ ان 24% فقط من هؤلاء المهاجرين ارتبطوا بفرنسيين (من اب فرنسي وام فرنسية). وتنخفض هذه النسبة الى 9% لدى المهاجرين الاتراك. ويرتبط 61% من المهاجرين مع شريك ينتمي الى اصولهم العرقية والدينية نفسها.

وتشير بيت كوليت الى الضغط الحاد الذي يمارسه الاهل على اولادهم، وتقول "هناك عبارات عرقية قاسية تستخدم في العائلات مثل +ممنوع ان يدخل رجل أسود بيتنا+". وتضيف زميلتها ايمانويل "الخطاب نفسه يمكن ان نجده لدى الفرنسيين الاصليين ايضا.

وبحسب ايمانويل فان اقبال الشباب المهاجرين على الزواج من ابناء عرقهم ووطنهم ودينهم يعبر عن استسلام لضغوط اهلهم، وليس قرارا ذاتيا نابعا من رغبة في الحياة مع يشاركهم الثقافة نفسها. وقال شاب من مدينة ليون الفرنسية يتحدر من اصل مغربي، وهو الآن متزوج من شابة فرنسية ذات اصول مغربية ايضا لوكالة الصحافة الفرنسية "على غرار كل الناس، تزوجت من شابة تشبهني ثقافيا وايضا اجتماعيا".

وبحسب سانتيللي، فان الشباب من ابناء المهاجرين يخضعون لرغبة اهلهم في الزواج ممن يشبههم، لكن اختيار الشخص بعينه لا علاقة للاهل به، وانما هو مبني على احاسيس عاطفة. وعلى ذلك، فان حالات الزواج القائمة على تخطيط الاهل وتدبيرهم تشهد تراجعا مستمرا، اما الزيجات القسرية فقد اصبحت هامشية ولا تتعدى نسبتها 1% في صفوف ابناء المهاجرين بعد ان كانت هذه النسبة تصل الى 9% بين صفوف اهلهم، بحسب ما اظهرت دراسة اعدت في العام 2011.

على العكس من ذلك، يبدو ان الحب هو المعيار الاساس للزواج. وتشهد مواقع الانترنت المخصصة للتعارف ازدهارا واسعا. وعلى موقع مكتوب.فر وحده يوجد "مليون عازب مغربي مسجل" بجسب ما يقول الموقع. لكن شرطا ضروريا ما زال قائما في اذهان معظم ابناء المهاجرين، وهو عدم اقامة علاقات قبل الزواج، وهذا الشرط يشكل ضغطا على الفتيات اكبر منه على الشباب، اذ يتعين عليهن ان يبقين عذراوات حتى الزواج.

وتظهر الاحصاءات ان 64% من ابناء المهاجرين من شمال افريقيا وتركيا لا يقيمون اي علاقة قبل الزواج، فيما تنحسر هذه النسبة الى 13% في صفوف الفرنسيين الاصليين. وتقول شابة فرنسية من اصل مغربي انها رفضت الاقامة مع الشاب الذي تحبه قبل الزواج، بعدما اثارت جدلا كبيرا في اوساط عائلتها جراء رغبتها بالارتباط به وهو شاب "فرنسي أصلي كما يقولون".

وكانت هذه الشابة تعرفت على صديقها الفرنسي هذا في الجامعة، وهي تتردد عن الاقدام على أي خطوة قد تجلب الاحراج لأهلها وتجعل ألسنة الناس تتناولهم.

الكومبس

محرر الموقع : 2013 - 01 - 27