مسجد الإمام الحسين عليه السلام بمدينة تورنتو الكندية ...أحياء اليوم الأول من شهر رمضان الثلاثاء (آيات و مفهوم التقوى في القرآن الكريم)‎
    
د. فاضل حسن شريف
 
إحياء اليوم الأول من شهر رمضان الثلاثاء:
أقام مسجد الإمام الحسين عليه السلام بمدينة تورنتو الكندية جلسة قرأنية يقرأ كل حاضر آيات من الجزء الثاني من القرآن الكريم بإشراف السيد عبد السلام الموسوي، فقراءة دعاء الافتتاح بصوت الشيخ عبد السلام فرج الله، ومحاضرة امام المسجد الشيخ حسن العامري فأذان المغرب وصلاتها، ومأدبة الإفطار للمتبرع مؤسس المسجد الحاج عطا علي.
عنوان المحاضرة (آيات و مفهوم التقوى في القرآن الكريم)
بسم الله الرحمن الرحيم "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ" (البقرة 183) ابتدأ الشيخ حسن العامري محاضرته بهذه الآية المباركة وقدم التهاني بمناسبة قدوم شهر رمضان المبارك والشكر لله سبحانه على نعمة صيام وقيام هذا الشهر. مفهوم التقوى في القرآن الكريم له آثار كبيرة على الإنسان كما جاء في التفاسير والأحاديث. إن التقوى حالة من حالات الإيمان التي يرتفع بها المؤمن الى درجات عالية من الايمان وذلك بالامتناع عن المعاصي وتجنبها والالتزام بالاوامر الالهية كما فسر الامام الصادق عليه السلام التقوى ب (أن لا يفقدك الله حيث أمرك ولا يراك حيث نهاك).
قال الله تعالى عن آثار التقوى "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ۗ وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا (71)" (الاحزاب 70-71) وهي غفران الذنوب بشرط أن العمل الصالح فيه رضا الله تعالى. والمتقي عليه أن يفرق بين الحق والباطل "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَل لَّكُمْ فُرْقَانًا" (الانفال 29) وهكذا يفرق بين الخير والشر، فمثلا الذي لا يفرق بين علي عليه السلام ومعاوية ويساوي بينهما لا تقوى له. وهذا الفعل يحتاج الى بصيرة كما قال الامام الحسين عليه السلام (أن تجعل النور في بصري، والبصيرة في ديني، واليقين في قلبي).
والتقوى تحتاج الى علم "وَاتَّقُوا اللَّهَ ۖ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ ۗ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ" (البقرة 282) وعلم الله تعالى ينير الطريق كما حصل لنبي الله داود عليه السلام "وَعَلَّمْنَاهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَّكُمْ لِتُحْصِنَكُم مِّن بَأْسِكُمْ ۖ فَهَلْ أَنتُمْ شَاكِرُونَ" (الانبياء 80)، وحصل للخضر "فَوَجَدَا عَبْدًا مِّنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّا عِلْمًا" (الكهف 65). وحتى حصل ذلك مع النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم "وَأَنزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُن تَعْلَمُ" (النساء 113). ذلك فالتقوى تتطلب تعلم القرآن وفهمه فهو أصل كل علم وبركة "كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ" (ص 29). فقراءة القرآن لها درجة من الثواب ولكن تدبره بقراءة تفاسيره درجة ثوابه أعلى. وتقوى الله تؤدي الى الفلاح أو الفوز "وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ" (ال عمران 200).
لذلك فالصيام نتيجته الفوز لانه يؤدي الى التقوى "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ" (البقرة 183) وبالنتيجة فان الصوم له علاقة بالفلاح ويؤدي الى تزكية النفس "قَدْ أَفْلَحَ مَن تَزَكَّىٰ" (الاعلى 14)، و "قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا" (الشمس 9). وشروط فلاح المؤمن ذكرها القرآن الكريم "قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (1) الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ (2) وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ (3) وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ (4) وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (5) إِلَّا عَلَىٰ أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ (6) فَمَنِ ابْتَغَىٰ وَرَاءَ ذَٰلِكَ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْعَادُونَ (7) وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ 8 وَالَّذِينَ هُمْ عَلَىٰ صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ (9) أُولَٰئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ (10) الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (11)" (المؤمنون 1-11) كلمات حصل تنفيد أكثر عدد من هذه الشروط زادت درجة التقوى التي توصل الى الفلاح أو الفوز الذي يريده الله تعالى "فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَأَنفِقُوا خَيْرًا لِّأَنفُسِكُمْ ۗ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ" (التغابن 16) فهو العزيز الحكيم "لَا إِلَـٰهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ" (ال عمران 6) العزيز بمعنى القوي الذي لا يضعف عكس الانسان لا يستمر على قوته فالملاكم والمصارع قوته تذبل مع الزمن.
والله تعالى مع قوته حكيم يستخدمها بحكمته ليميز بين الحق والباطل "وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ ۚ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا" (الاسراء 81) فالباطل مصيره الفناء بينما يبقى الحق الذي صاحبه المتقي فمعه الله عز وجل "وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ" (البقرة 194). فالانسان لا يخشى على شيء اذا كان مع الله جل جلاله. وختم الشيخ العامري محاضرته بالقول: فالصيام سبب للوصول الى الدرجات العليا من التقوى.
 
 
 
 
 
محرر الموقع : 2024 - 03 - 13