د. فاضل حسن شريف
 
احتفال مسجد الإمام الحسين عليه السلام بمدينة تورنتو الكندية بمناسبة ميلاد الامام الحسن المجتبى عليه السلام والذكرى 19 لتأسيس المسجد مساء السبت 12 رمضان:
 


ابتدأ الاحتفال بعد صلاة المغرب ومأدبة الإفطار بآيات من الذكر الحكيم وكلمة امام المسجد الشيخ حسن العامري ثم كلمة للشيخ همام ناصر الدين، وكلمة مؤسس المسجد الحاج عطا علي وقصائد شعرية وكلمات قصيرة بالمناسبة، ووزعت الحلويات والمعجنات وقص الشيخ العامري كيكة تأسيس المسجد. وكان للنساء أيضا في قاعة أخرى أحتفال شاركن فيه قارئات بالمناسبة.
 


كلمة الشيخ حسن العامري امام المسجد (صفات الامام الحسن المجتبى عليه السلام)
 


قال الشيخ العامري جاء في الحديث الشريف إشارة إلى الامام الحسن عليه السلام ( إن ابني هذا سيد) سيادة الدنيا هي سيادة الخلق بعلمه وكرمه وحسبه ونسبه. وهو في الجنة عليه السلام كذلك سيد (الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة). هل نحن عندما نحيي مناسبات ولادات ووفيات أئمة أهل البيت فقط للحصول على الثواب بل هنالك معاني اسمى وأكبر؟ الائمة عليهم السلام مشاريع انسانية تحفظ الدين ومشاريع توصلنا الى الله سبحانه وتعالى وكما جاء في الحديث الشريف (إني تارك فيكم الثقلين ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا: كتاب الله وعترتي أهل بيتي وأنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض). شهر رمضان هو ربيع القرآن هل علينا هجره؟ "وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَٰذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا" (الفرقان 30) ليس فقط هنا هجرته يعني عدم القراءة وانما عدم العمل بالقرآن. وهذه الأمة تكون خير أمة فقط عندما تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر "كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ" (ال عمران 119) ولكنها تخلفت عندما فقدت هذه الخاصية. فنحن عندما نقرأ القرآن ونقتفي بأعمال أهل البيت حتى نعمل المعروف ونبتعد عن المنكر وهذا هو التطبيق العملي كما جاء في الحديث (لا يكون الرجل من المتقين حتى يحاسب نفسه أشد من محاسبة الشريك شريكه)، و (ليس منا من لم يحاسب نفسه). فالذي يسير حسب شهواته ليس من أتباع أهل البيت "فَمَن تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي" (ابراهيم 36).
 
واستطرد الشيخ العامري قائلا عليك بمحاسبة نفسك. السؤال كيف تحاسب نفسك على الميزان؟ والجواب الميزان هو القرآن. وفي القرآن الكريم آيات عديدة يجب على المؤمن التحلي بالصفات التي توصل الى الفلاح أو الفوز منها في سورة المؤمنين "قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (1) الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ (2) وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ (3) وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ (4) وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (5)" (المؤمنون 1-5). والمقصود هنالك مؤمن فالح ومؤمن غير فالح. والخاشعون في الصلاة هنا ليست فقط حركات إنما شعور قلبي وفكري في الصلاة. واللغو هو الحديث الذي ليس فيه فائدة. كذلك فلاح المؤمن بالزكاة و الامتناع عن الفاحشة. ومن صفات المؤمن الاحسان "أَوْ تَقُولَ حِينَ تَرَى الْعَذَابَ لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً فَأَكُونَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ" (الزمر 58)، و "الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ" (ال عمران 143). ومصداق هذه الصفات الامام الحسن عليه السلام ومنها الإنفاق في سبيل الله، فكان في كل رأس سنة يوزع ماله الذي عنده.


 


وفي ختام كلمة الشيخ حسن العامري بين أن الانفاق يعني تفعل الشيء ولا تطلب منه مال سوى رضا الله "وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ" (البقرة 207)، و "إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا" (الانسان 9). من الامثلة على الانفاق المسجد الذي منه انطلقت رسالة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، فالمنفق هو المؤسس ومن يدعم بالمال والعلم والخدمة بدون طلب أجر من أحد إلا من الله سبحانه وتعالى. قال أمير المؤمنين عليه السلام: قيمة كل امرئ ما يحسن "هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ" (الرحمن 60). علينا الاقتداء بالامام الحسن عليه السلام وهو مصداق الآية الكريمة "وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ" (الذاريات 19) ومنها كفالة اليتيم كما جاء في الحديث الشريف ( أنا وكافل اليتيم كهاتين) وأشار إلى السبابة والوسطى.
 


ثم ألقى الشيخ همام ناصر الدين كلمة قصيرة بالمناسبة باللغة الانكليزية هنأ فيها صاحب العصر والزمان والمراجع العظام بميلاد سبط الرسول الإمام الحسن عليه السلام. وقال تستخلص دروس عديدة من حياة الإمام الحسن عليه السلام منها ثلاثة: أولا جابه الإمام الحسن بعد استشهاد أمير المؤمنين عليهما السلام معاوية وكان حسب وصية الله تعالى ورسوله الكريم أن يكون الحسن عليه السلام هو الإمام المفترض الطاعة، ولكن الذي حصل الاغلبية وقفت ضد الامام وسارت خلف معاوية. ولكن بصبر الامام وحكمته فوت الفرصة على المتربصين بالإسلام وعمل ما يسمى بالصلح مع معاوية مع عدم اعترافه بخلافة معاوية. الدرس الثاني عليكم عدم اتباع أعوان الشيطان أمثال معاوية ومساندة إمام زمانكم كما جاء في الحديث الشريف ( إني تارك فيكم الثقلين ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا: كتاب الله وعترتي أهل بيتي) فهؤلاء اتبعوا معاوية وتركوا امام زمانهم الحسن عليه السلام. الدرس الثالث عندما تتعارض الدنيا مع الآخرة فعليك بالآخرة كما فعل الامام الحسن عليه السلام الذي قال (استعدَّ لِسَفَرك، وحصِّل زادك قبل حلول أجلك، واعلم أنك تطلب الدنيا والموت يطلبك) عندما رأى المجابهة مع معاوية يعني ضياع الأمة حتى ولو فاز في المعركة.
 


وفي ختام كلمته قال الشيخ ناصر الدين الذي يعمل ويخدم لأجل المسجد هذا يفكر بالآخرة وليس الدنيا. فالدنيا حاليا تعيش في غفلة والجو ملوث بالأعمال الشريرة. قال الامام الصادق عن الامام الحسن عليهما السلام ( إنّ الحسن بن علي بن أبي طالب كان أعبد الناس في زمانه، وازهدهم وأفضلهم، وكان إذا حجّ حجّ ماشياً، وربّما مشى حافياً، وكان إذا ذكر الموت بكى، وإذا ذكر القبر بكى، وإذا ذكر البعث والنشور بكى، وإذا ذكر الممرّ على الصراط بكى).
 


والقى أبو فاطمة الشمري المشرف على المسجد كلمة نيابة عن مؤسس مسجد الإمام الحسين عليه السلام الحاج عطا علي هنأ فيها امام الزمان والمراجع العظام وعلى رأسهم المرجع الاعلى السيد علي السيستاني بمناسبة ولادة الامام الحسن المجتبى عليه السلام والذكرى 19 لتأسيس المسجد، حيث قال انشأ هذا المسجد في مزرعة بعيدا عن مركز مدينة تورنتو ولكن الآن أصبح بين أحياء سكنية والحمد لله. وانتهج المسجد منذ تأسيسه ذكر كتاب الله والنبي وأهل بيته عليهم السلام "وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا" (الجن 18) متخذين نهج المرجع السيد السيستاني وهو الاعتدال. من نشاطات المسجد قيامه بتدريس التربية الاسلامية واللغة العربية يوم الأحد لليافعين باشراف المهندس ابو ياسر تقي. وفي المسجد مركز شباب الامام الحسين عليه السلام ولديه برامج للشباب وخاصة في رمضان ومحرم والمناسبات الدينية. والمسجد يدعم المركز ولكن يتطلب الدعم من الأهالي كذلك. بالاضافة الى البرنامج الاسبوعي ليلة الجمعة وصلاة الجمعة ومناسبات ولادات ووفيات أهل البيت عليهم السلام وأيام شهر رمضان كاملا والأعياد وأيام شهر محرم. يحوي المسجد على مقبرة وسيتم توسعتها بعد أخذ الموافقات الاصولية. والشكر الجزيل لكل من بذل الجهد وخدم المسجد ابتداءا من المؤسس الحاج عطا علي وامام المسجد الشيخ حسن العامري، بالاضافة لمساهمات الشيخين أبو ثريا فرج الله و همام ناصر الدين، والمتطوعين بجهودهم ودعمهم الذي بدونه لما كان المسجد باستطاعته إنجاز أعماله بالشكل الأكمل.