الجالية و خطب صلاة الجمعة ليوم الثامن عشر من رمضان (ح 7) (الامام في القرآن الكريم)‎
    
د. فاضل حسن شريف
 
صلاة الجمعة ليوم الثامن عشر من رمضان:

جاء في خطبة الجمعة للشيخ عبد السلام فرج الله التي أقامها مسجد الامام الحسين عليه السلام بمدينة تورنتو الكندية عن (كلمات امام و اثنى عشر و جعل في القرآن الكريم): وابتدأ بالاية المباركة "إِذِ ابْتَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ ۖ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا ۖ قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِي ۖ قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ" (البقرة 124) وقال هذه الليلة تصادف ليلة جرح أمير المؤمنين عليه السلام وهو امام المتقين وهي ليلة القدر الاولى. مع الأسف البعض يعتقد بعدم وجود للامامة في القرآن الكريم، في حين ان كلمة الامام وردت سبع مرات وأئمة بالجمع وردت خمس مرات "يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ" (الاسراء 71)، و "فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ ۙ إِنَّهُمْ لَا أَيْمَانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنتَهُونَ" (التوبة 12). وبذلك يصبح مجموع ما ورد عن الإمام 12 مرة في القرآن. آخر آيتين نزلتا "وَمِن قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَىٰ إِمَامًا وَرَحْمَةً" (الاحقاف 12)، و "وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُّبِينٍ" (يس 12). وكذلك كان هنالك تركيز على رقم 12 في القرآن الكريم اشارة الى القيادة والامامة "وَبَعَثْنَا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيبًا" (المائدة 12)، و "فَانفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا" (البقرة 60).

أما كلمة جعل فقد ذكرت مرات في القرآن الكريم ولها علاقة بالقيادة والنبوة والامامة "وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ نَافِلَةً ۖ وَكُلًّا جَعَلْنَا صَالِحِينَ (72) وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءَ الزَّكَاةِ ۖ وَكَانُوا لَنَا عَابِدِينَ (73)" (الانبياء 72-73)، و "وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ" (القصص 5)، و "وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا" (السجدة 24). ليس للأمة ان تختار ما تشاء انما الامام جعل اي تنزيل من الله تعالى. فاذا كانت الامم السابقة قبل الاسلام جعل الله لهم ائمة فكيف بامة الاسلام التي هي خير الامم "كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ" (ال عمران 110).

فالامامة قضية أساسية في الاسلام، فهي ليست شهادة فخرية. فالنبي والامام ابراهيم عليه السلام هو الذي سماكم بالمسلمين "مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ ۚ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِن قَبْلُ وَفِي هَٰذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ" (الحج 78). ثم بني اسرائيل ارسل الله تعالى اليهم انبياء قسم منهم ائمة "وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً" (السجدة 24) وآخرهم عيسى عليه السلام.

ان الله تعالى سوف يسأل الإنسان عن عقيدته بينما لا يسأله عن هل تعلمت الفيزياء أو الكيمياء؟ فالامامة من صلب العقيدة، حتى عددهم مثلا اثنى عشر سبطا "وَقَطَّعْنَاهُمُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أَسْبَاطًا أُمَمًا ۚ وَأَوْحَيْنَا إِلَىٰ مُوسَىٰ إِذِ اسْتَسْقَاهُ قَوْمُهُ أَنِ اضْرِب بِّعَصَاكَ الْحَجَرَ ۖ فَانبَجَسَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا" (الاعراف 160). وجعل الأئمة أمر من رب العالمين وليس من البشر "نَجعَلَهُم اَئِمَّةً"، و "وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً". ان أمير المؤمنين عليه السلام هو امام المتقين ويعسوب الدين وهو دين الاسلام "إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ" (ال عمران 19).

جاء في الحديث الشريف: قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ : يَا عَلِيُّ إِذَا كَانَ يَوْمُ اَلْقِيَامَةِ، أَخَذْتُ بِحُجْزَةِ اَللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ أَخَذْتَ أَنْتَ بِحُجْزَتِي، وَ أَخَذَ وُلْدُكَ بِحُجْزَتِكَ، وَ أَخَذَتْ شِيعَةُ وُلْدِكَ بِحُجَزِهِمْ أَ فَتَرَى أَيْنَ يُؤْمَرُ بِنَا. ان علي عليه السلام امام للمتقين وهم على درجات "لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا" (البقرة 286) ولكنك على الاقل تأخذ درجة دنيا من التقوى. والامة لا تنتصر إلا إذا حجز اتباعها مكانا عند الله تعالى ونبيه المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم وإمام المتقين علي عليه السلام وزوجته فاطمة وابنائه عليهم السلام.
 
 
 
 
 
محرر الموقع : 2024 - 03 - 31