ممثل المرجعية العليا في اوربا العلامة السيد الكشميري يقول:لم تتخلى المرجعية يوما عن ابنائها، وما صمتها الا لحكمة اقتضتها الضروف الحالية، وسيكشف الزمن لنا سرها
    
ممثل المرجعية العليا في اوربا العلامة السيد الكشميري يقول: 
• لم تتخلى المرجعية يوما عن ابنائها، وما صمتها الا لحكمة اقتضتها الضروف الحالية، وسيكشف الزمن لنا سرها. 
• ذِكر فصول من عهد الامام علي (ع) الى مالك الاشتر وغيره من الولاة هو اهم حديث سياسي لمن هم في العملية السياسية ان ادركوا مغزاه. 
• من تعرى من لباس التقوى لم يُستر بشيء من اللباس.

 

جاء حديثه هذا في خطبة الجمعة بمركز الهدى الاسلامي في جنوب مدينة لندن، بعد ان افتتحها بالاية الكريمة ((يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاساً يُوَارِي سَوْءَاتِكُمْ وَرِيشاً وَلِبَاسُ التَّقْوَىَ ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ))، فأشار الى النكات التي ذكرتها الاية الكريمة: 

1- تنوع الخطاب الالهي بخطاب عام وخاص: فمن العام ما جاء في الاية اعلاه ومنه قوله تعالى ((يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ)) ((يَا أَيُّهَا الْإِنسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ)) ((يَا أَيُّهَا الْإِنسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحاً فَمُلَاقِيهِ)) . 

والخطاب الخاص قوله تعالى ((يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ)) ((يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ)) ((يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ، قُمْ فَأَنذِرْ)) ((يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ)) ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ)) وشرح الاهداف من هذا التنوع الخطابي بحديث مسهب. 

2- كما اشار الى تكريم المولى سبحانه وتعالى لعباده بتميزهم عن بقية مخلوقاته باللباس الذي يلبسونه والذي يجملهم ويحسنهم في اعين الناس لقوله تعالى ((وَرِيشاً))، كما وضح معنى قوله تعالى ((قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاساً)) بأن المقصود بعملية الانزال ليست هي كما في ((إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ)) وانما المقصود هنا من الانزال التخطيط الالهي لحاجات الانسان الضرورية كالباس والمأكل والمشرب والهواء وكل ما يحتاج اليه، واليه الاشارة بقوله تبارك وتعالى ((وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ عِندَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلاَّ بِقَدَرٍ مَّعْلُومٍ)) وكأن الله يريد ان يقول أنه قد نظم كل شيء لخلقه بدء من الانسان وانتهاء بأصغر مخلوقاته، ولم يكن شيء في هذا الوجود الا وجعل له نظاما دقيقا ينظّم له مسيرة حياته ((وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاء وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ)) ((وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلاَّ بِالْحَقِّ))، هذا هو الكلام عن اللباس الظاهري. 

3- واما اللباس الباطني هو ما ذكرته الاية ((وَلِبَاسُ التَّقْوَىَ)) ومعناه الايمان والعمل الصالح والخشية من الله عز وجل والالتزام بأوامره والاجتناب عن نواهيه، واليه اشار الامام الباقر (ع) (وأما لباس التقوى : فالعفاف ، إن العفيف لا تبدو له عورة وإن كان عاريا من الثياب ، والفاجر : بادي العورة وإن كان كاسيا من الثياب) لقوله تعالى ((وَلِبَاسُ التَّقْوَىَ ذَلِكَ خَيْرٌ))، واهم مظاهر التقوى هو الجهاد الذي يتمثل بالكلمة وبالموقف وبالتضحية، لقوله الامام علي (ع) (إن الجهاد بابٌ من أبواب الجنة فتحها الله لخاصة أوليائه وهو لباس التقوى ودرع الله الحصين وجنته الواقية). 

وفي الختام تعرض سماحته الى موقف المرجعية في هذه الايام من توقفها عن الحديث السياسي مؤقتا وذلك لما يمر به العراق من ازمات قد تقتضي احيانا السكوت عنها ريثما تتضح الامور بشكل جلي وعندها يكون لها القول الفصل، لأنها ملتزمة بكلام الامام امير المؤمنين (ع) (إن لسان المؤمن من وراء قلبه) والا فانها (المرجعية) لا تتخلى يوما عن ابنائها فهم في قلبها ومشاعرها ودعائها مصبحة وممسية، وستكشف الايام لنا حكمته وسره، لانها وبحمد الله تتمتع بالحنكة والحكمة والدقة والعقلانية، ومادمنا نعتقد بهذا المبدء فعلينا ان نعرف بانها منذ الاحتلال وحتى الان مواقفها مؤيدة ومسددة سواء في صمتها او احتجابها او حجب الاخرين عن اللقاء بها اوفتواها بل وكل مواقفها بحمد الله حكيمة. 

ثم اشار الى عهد الامام علي (ع) لواليه (مالك الاشتر) على مصر وغيره من رسائله الى ولاته في مختلف بقاع الارض والتي تمثل في جوهرها وحقيقتها وثيقة ومنهجا ودستورا سياسيا لهم ولغيرهم بل وقانونا لكل حكام العالم وسلاطينه ان ارادوا نجاح حكمهم وسعادة شعوبهم، ولأهمية هذا العهد فقد نُقِل لنا بأن كوفي عنان الامين العام للامم المتحدة في فترة امانته قد رسم مقاطع من عهد الامام (ع) لمالك بلغات مختلفة في قاعات مجلس الامم المتحدة لما يتضمنه من بنود ينتفع بها اولئك المجتمعون هناك ان ادركوا معناها ومغزاها. 

فسلام الله عليك با امير البيان والبلاغة والفصاحة والسياسة.

محرر الموقع : 2016 - 03 - 18