ممثل المرجعية العليا في أوروبا العلامة السيد مرتضى الكشميري يفتتح مركز الهدى الثقافي في إدمنتن في مقاطعة البيرتا بكندا
    

تم بحمد الله اليوم وبرعاية ممثل المرجعية العليا في أوروبا افتتاح مركز الهدى في مدينة إدمنتن الكندية وبحضور ممثلين عن حكومة المقاطعة وبلدية المدينة وجمع غفير من أبناء الجالية وممثلي المراكز الأخرى. 

وقد ابتدء الحفل بتلاوة عطرة من الذكر الحكيم ، تلته كلمة فضيلة الشيخ عباس البغدادي إمام ومرشد المركز مرحباً بممثل المرجعية والوفد المرافق له ، تلته كلمة المركز للدكتور ناجي الحليمي ، ثم كلمة ممثل حكومة المقاطعة التي تضمنت قوله بأن المقاطعة قد أنشئت منذ 145 سنة مما يعني أننا جميعاً وفود على هذا المكان (وهي بادرة حسنة تعني أن كل من يسكن المقاطعة هو من الغرباء) . وتلى ذلك كلمة ممثل المرجعية التي بدأت بالتهنئة على هذا التوفيق مؤكداَ بأنه لا يكفي مجرد البناء بل لا بد من أن يمتلئ بالعمل الدؤوب والعناية بأبناء الجالية مخاطباً الحضور بقوله : 

نجتمع في هذا الحفل المبارك لافتتاح ( مركز الهدى في ادمنتون ) الذي نأمل له ان يكون مركزا للهداية والنور والخير والبركة في هذه البقعة من الارض، ونسأل الله تعالى ان يوفق الجميع للتآزر وتوحيد الصف بنيّات صادقة تدعو الى ازدهار البشر ماديا ومعنويا. 

ان المراكز الدينية قنوات تستمد ينبوعها الاصيل من مصدر واحد هو الله الخالق العظيم، وتلتقي الديانات السماوية والابراهيمية منها على وجه الخصوص في الدعوة الى توحيد الرب جل وعلا والتقرب اليه بصالح الاعمال ونبذ كل ما من شانه تلويث الضمير الانساني بدرن المعصية والضلال. 

قال الله سبحانه ((شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحاً وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ ...)) 

لقد اكد القران على تزكية النفس وتهذيب الاخلاق وصفاء الباطن والابتعاد عن الرذائل في ايات كثيرة، وجاء الرسول العظيم (ص) والائمة الهداة (ع) ليؤكدوا على حقيقة مهمة وهي ان البشرية لن تنال سعادتها الا بتقويم السلوك وتهذيب النفس، وليست المآسي والويلات والمشاكل التي تئن منها البشرية في عصرنا الحاضر الا امثلة لإنحطاط الاخلاق والتركيز على المطالب المادية فقط . هنا تظهر ضرورة التربية الطاهرة القائمة على تهذيب الفرد والمجتمع معا. 

والخطوة الاولى في هذا المجال تبدأ من الاسرة، فأن قيام الاسرة على قواعد المحبة والتأخي والايثار والمثل الفاضلة هو الذي يساعد على خلق مجتمع سائر نحو الفضيلة ، وبالعكس فان الاسر المتفككة التي تنعدم فيها الاخلاق والفضائل تؤثر سلبا على المجتمع. 

ايها الحفل الكريم: 
لما كانت الديانات السماوية تصدر من ينبوع واحد ، ولما كان المؤمنون كلهم يذعنون ويعتقدون بأله واحد خلق الكون ، وان الانبياء والرسل على تعدد منهجهم ليسوا الا سفراء لكيان واحد وناطقين باسم رب واحد، فأن الحوار بين اتباع الديانات الابراهيمية ضروري جدا. 

ان المجتمع الذي يتفهم فيه اتباع كل من عيسى وموسى ومحمد (ص) عقائد الاخرين ويحترمون مشاعر بعضهم البعض، ويعقدون الندوات والحوارات البناءة للتركيز على المشتركات وعدم اثارة الخلافات الجانبية، هو المجتمع الذي تسوده المحبة والعدالة والانصاف. 
وهنا نشير الى ان الدين الاسلامي دعا الى العقل والمنطق وتغليب الفكر على العصبيات البغيضة، واكد ان الدعوة الى سبيل الله لا بد ان تقترن بالحكمة. 

قال تعالى ((ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ)) ان اساس التفاضل في الاسلام هو (الايمان والعمل الصالح) فقط فهما الجناحان اللذان بواسطتهما يستطيع الانسان ان يرقى الى سماء الكمال، ومن المناسب هنا ان نؤكد على ان الاسلام لم ينتشر بالسيف بل اعتمد اسلوب الاقناع والمنطق، ففي الفكر الاسلامي يكون فتح القلوب على الهداية اهم من فتح الاراضي والبلدان، واذا استعمل السيف فذلك للدفاع عن النفس لصد هجمات المعتدين . 

وانتم تعلمون ان الدفاع عن النفس حق مشروع تعترف به كل الشرائع السماوية والانظمة القانونية. 

اخوتي الافاضل: 
قال الامام جعفر بن محمد الصادق: (كونوا زينا لنا ولا تكونوا شينا علينا) وبناءا على ذلك لا بد ان يكون سلوك المسلم في بلاد الغرب مثالا للاتزان والاحترام والمعقولية، فلا يجوز بأي وجه ان يخرق المسلم قوانين البلد الذي يعيش فيه، بل ينبغي ان يكون مثالا للمواطن الصالح. 

كل منكم شابا او شيخا، رجلا او امرأة، موظفا او عاطلا، يجب ان يحمل شعار كونه سفيرا للاسلام في بلاد الغرب، وبذلك تكون الدعوة الى مبادئ الاسلام بالعمل والسلوك لا بالكلام الفارغ. لقد نهى الاسلام عن القمار والخمر والمخدرات واعتبرها من وسائل الشيطان وشباكه التي ينصبها لتبديد الافراد والاسر، لذلك يجب علينا جميعا ان نبث الوعي في شبابنا ونحذرهم من الوقوع في شرك الشيطان الرجيم. 

ومن الواضح ان المعاشرة بأداب البلد الذي يستقر فيه المسلم واتقان لغته والتعرف على نمط الحياة المعقول والمنسجم مع التربية الصالحة يساعد كثيرا على اعطاء صورة ناصعة عن الاسلام. 

هذه هي انماط السلوك الخير والفاضل وهي اذا امتزجت بروح الولاء لاهل بيت العصمة الذين اذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا، واستنارت بذلك النور الازلي المشرق، سوف تنتج افضل الثمار الطيبة وارضاها لله. 

ثم أفاد سماحته، ووفقاً لسعة الأرض التي تبلغ مساحتها 21 إيكر (85000 متر مربع) ينبغي أن يكون فيها : 
• مكتبة علمية للمطالعة 
• قاعة للكمبيوتر 
• قاعة لأنشطة الشباب 
• مسبحاً للترفيه 
• ملاعب رياضية 
• وغيرها من الوسائل المعاصرة التي تجذب الشباب والفتيات للمركز مع مراعاة تقسيم الأوقات بين الجنسين. • وفي مقدمة ذلك كله مسجد أو مصلى حسبما يرخص به 
• قاعة لإقامة الندوات والمؤتمرات 
• حسينية لإقامة الشعائر على مدار السنة 

وأضاف أنه ينبغي لكل فرد منا بأن يكون ممثلاً للإسلام بخلقه وسلوكه القويم حتى يكون مصداقاً لقول الإمام الصادق (ع) (اقرأ على من ترى أنه يطيعني منهم ويأخذ بقولي السلام، وأوصيكم بتقوى الله عزّ وجّل، والورع في دينكم، والاجتهاد لله، وصدق الحديث، وأداء الأمانة، وطول السجود، وحسن الجوار، فبهذا جاء محمد صلى الله عليه وآله. أدوا الأمانة إلى من ائتمنكم عليها براً أو فاجراً، فإن رسول الله صلى الله عليه وآله كان يأمر بأداء الخيط والمخيط. صِلوا عشائركم، واشهدوا جنائزهم، وعودوا مرضاهم، وأدوا حقوقهم، فإن الرجل منكم إذا ورع في دينه وصدق الحديث وأدى الأمانة وحسن خلقه مع الناس قيل هذا جعفري، فيسرني ذلك ويدخل عليّ منه السرور، وقيل هذا أدب جعفر، وإذا كان على غير ذلك دخل عليّ بلاؤه وعاره، وقيل هذا أدب جعفر، والله، لحدثني أبي عليه السلام أن الرجل كان يكون في القبيلة من شيعة علي عليه السلام فيكون زينها، آداهم للأمانة، وأقضاهم للحقوق، وأصدقهم للحديث. إليه وصاياهم وودائعهم، تسأل العشيرة عنه فتقول: مَن مثل فلان؟ إنه آدانا للأمانة، وأصدقنا للحديث). 
وتلت ذلك كلمة إمام مركز أهل البيت في أدمينتن الشيخ سليم بيمجي ثم كلمة المهندس ماجد مبارك رئيس الهيئة الإدارية بالمؤسسة مستعرضاً تاريخ المركز منذ تأسيسه وحتى الآن موضحاً بالخرائط ما تخططه الإدارة مستقبلاً . 

واختتم الحفل بزاد الزهراء (ع) تيمناً وتبركاً. 

وفي عشية يوم الافتتاح أقيم احتفال بهيج بمناسبة ولادة الصديقة الطاهرة (ع) وشارك في الحديث إلى جانب حديث ممثل المرجعية عدد من المتحدثين والشعراء . 

نسأل من الله عز وجل أن يوفق العاملين إلى مافيه خير دنياهم وآخرتهم إنه سميع مجيب والحمد لله رب العالمين

 

 

محرر الموقع : 2016 - 04 - 04