البيئة والامن الاجتماعي
    

د.امال كاشف الغطاء

 

ان الكائنات الحية تتأثر بالبيئة التي تنمو فيها وتتوافق معها فتنتظم اجهزتها الدفاعية والحسية والتناسلية لتتمكن من مقاومة البيئة ومواصلة الحياة ففي الصحراء النباتات تشكل اشواكها وغلافها الشمعي رد فعل لقلة المياه والهواء الساخن وارتفاع درجة الحرارة. أما الحيوانات كالحية والعقرب والعناكب فجلدها قاس صلب يحفظ درجة حرارتها وتفرز السموم لتدافع عن نفسها، وفي الغابة نرى الاشجار الباسقة المتشابكة تتدافع للوصول الى ضوء الشمس في حين حيواناتها المفترسة تتميز بالأنياب الحادة وضربة الساعد القوية ودقة السمع والنظر.

طور الانسان نفسه بما يملكه من عقل، ففي عصر الهمجية الاولى كان يمزق الضحية لأنه مهدد بالحيوانات المفترسة التي قد تهاجمه في أي لحظة لتستحوذ على لقمته ومكانه وعليه ان يحافظ على وجوده بكل السبل ومع تطور نظم المعيشة تطورت اساليب وانماط الحياة.

دافع الانسان القديم عن نفسه بضربة الكف والهراوة وتطور أسلوب الدفاع مؤخرا ولأمد قريب ظهر حديثا السلاح الناري ليفرض مبدأ اما انا او انت ليجسد الحل الصفري للصراع ومؤخرا تغيرت انماط دفاع الانسان ليصبح الحوار والتفاوض وعقد التحالفات السبيل لحل الصراع.

  يخضع الانسان لأنماط متعددة من البيئة تؤثر في سلوكه وتصرفه وتحوله من انسان سلبي الى انسان ايجابي وبالعكس وهذه الانماط من البيئة إذا لم تعدل لا يمكن الوصول الى السلم الاجتماعي والفرد العراقي عانى في تاريخه الحديث والقديم من ضغوط بيئية جعلته يميل نحو العنف والتدمير ولم تحاول الجهات المسؤولة اصلاح هذا الخلل واستمر توارث هذه المشاكل البيئية حتى اصبحت جزء من تنظيم المجتمع وهي:

1-                       البيئة السياسية

2-                       البيئة الثقافية التاريخية

3-                       البيئة الجغرافية

4-                       البيئة الاقتصادية

اولاً: البيئة السياسيه                   

يقصد بها الوسط الذي يعيش فيه الفرد والعلاقات التي تربط بين افراده وكيف يتم التحكم بهذه العلاقات وتوجيهها:

  تتميز مدن العراق بوجود طبقات غنية تحتل وسط المدينة وطبقات فقيرة تشكل قوساً حولها وينظم العلاقة بينهما وجود حكومة قوية صارمة وليس بالضرورة وجود دستور وقانون وانما التفعيل والضبط الذي يتجه نحو الطبقة المحرومة المضطهدة حتى لا تكون بؤرة للمشاكل المجتمعية ونحو الطبقات صاحبة النفوذ المادي والمعنوي للحد من شراهتها وبمجرد ان تضعف الحكومة ويتضاءل دورها تبدأ الطبقات الفقيرة بالهجوم على الطبقات الغنية لتستهدف حياتها وممتلكاتها وظهر هذا واضحاً سنة 1958 حيث هوجمت بغداد من الاطراف المحيطة بها وتمت عمليات قتل وسحل وسلب ممتلكات أهالي بغداد وحدث  الشيء نفسه في الموصل سنة 1959 حيث هوجمت الموصل من الاطراف واستهدفت عوائل الموصل العريقة وتم صلب ابنة العمري وسط المدينة واستمر  الحال الى يومنا هذا لتظهر موجات عنف على فترات متتالية .

ولد من رحم هذا الصراع الدامي الذي يغذيه عسكرة المجتمع ان الطبقة صاحبة النفوذ اتجهت الى المثقفين والادباء والفنانين لتدافع عن نفسها بطرح قيم وافكار تعالج الواقع المر الذي لم تستطع التعامل معه فانقسمت في الرؤى الى قسمين لتأخذ واقعاً سياسياً ينضوي تحت ايديولوجية معينة وظهر مفهوم الشيوعيون والقوميون ولم يكن للبعثيين وجود واضح اذ انهم ينضوون تحت غطاء القوميين وانضوت الطبقة المضطهدة تحت احد المعسكرين لتجد حلاً لمعاناتها من الفقر والحرمان ولتصبح موضع رهان كلا الجهتين  واتخذ الصراع نفس الاسلوب الذي اتبع يوم 14 تموز وفي احداث الموصل وكركوك سنة 1959 حيث يصفى احد الطرفين الطرف الآخر وكان اطلاق الصفات والاتهامات بما تحتوي من مضامين تشكل جزء من الصراع الدائر فأحدهما شيوعي وهذا يعني انه ملحد وكافر وخارج عن دائرة الدين والآخر قومي يضم البعثيين وان افكاره مستوردة من سوريا ورجعي  وانهم اتخذوا موضوع الوحدة مع مصر ليتسترون به واستمرت الصراعات ولم يدرك أي منهما سبب الازمة فهنالك افواه جائعة و17% لا تستخدم اي وسيلة تبريد و 78,6% يستخدمون مروحة كهربائية و 4,4% مبردة وان وجود حمام او مطبخ من الامور الكمالية (ص137 العاني) وان البعض يرمي الفضلات خارج الدور في الليل. لقد شكل ذلك بيئة اجتماعية قلقة غير متوازنة خاصة وان الجيش اخذ مكان الشخصيات السياسية المرموقة مثل فاضل الجمالي وتوفيق السويدي وسعيد القزاز ليفرز تعاملا عسكرياً بعيدا عن المنطق السياسي اي اعطاء الاوامر وضرورة تنفيذها مما سبب زيادة في القلق النفسي والتوتر وجعل افراد الشعب لا يملك الرؤى الكافية لبيان الطريق الذي يسير عليه واختلطت الامور الى حد كبير لأن الجيش تعامل مع ادارة الحكم تعاملاً عسكرياً (اي اعطاء الاوامر وضرورة تنفيذها مما سبب زيادة في تفاقم ردود الفعل وجاءت حركة 1963م لتشكل ردة فعل انتقامية ضد كل عمليات العنف من سجن وقتل تحت ترديد هتافات عشوائية ليصبح الفرد ضحية اعتقالات عشوائية واعدامات فورية وتصاعد مؤشر العنف الى حد مخيف واصبح الكل ضد الكل بلا تمييز ولم يحاول احد اصلاح الامر بعد هزيمة 1967 لتكشف هزال الحكومات العربية والفشل الذريع للصراع الدائر بين الحكومة والشعب وبين افراد الشعب أنفسهم ولم تعد البيئة الحيوية للعراق متجانسة وافرادها مستعدون للدفاع عن بعضهم وظهرت على السطح دمامل وبثور تشير بالانتماء  للمدينة لتصبح عنوانا للفرد وليس نبوغه الفكري والعلمي واصالته العراقيه وذلك بعد صعود حزب البعث الى الحكم في عام 1968 وزحفت روح تكتلات المدن لتفرز بعثي واحزاب ذات صفه دينيه وبين هذا وذاك ضاع الولاء للعراق الذي لا يستطيع ان يقدم الحماية والوطن، ولقمة العيش لا يمكن الحصول عليها إلا بالولاء المطلق للحاكم ومن رفض هذا الواقع هرب تاركاً الولاء والارض والتاريخ ليجر الحسرة تلو الحسرة .وجاءت الحرب العراقية الايرانية لتفرز العجز والتشوه والترمل واليتم والجوع والفقر وتضاءل دخل الفرد الى حد كبير .

 كان الحصار الاقتصادي الذي أعقب حرب الكويت محنة لا يزال الفرد العراقي يعاني منها وكنتيجة للتدهور في العملة والتذبذب في سعرها نمت العمالة الطفيلية وتناول المخدرات وممارسة البغاء والسرقة والسوق السوداء وأصبح العراقي يحاسب نفسه على تاريخه على اخلاقه على حاضره.

بعد سقوط النظام استبشر الجميع بالحل السحري لمجيء الديمقراطية وحقوق الانسان وان الفرصة الذهبية حانت ليدخل الفرد العراقي عالماً جديداً يتمتع فيه بالحرية والاستقرار ولكن سرعان ما انكشفت خفايا النفوس التي شرنقت تحت غطاء سميك من الظلم والاضطهاد الذي فرضه النظام السابق وبدأت ازدواجية جديدة تزحف مخلفة وراءها القتل والتهجير والتدمير تحت ظل الطائفية. وماهي الطائفية؟ هي انت ومن يشاركك العقيدة افضل من غيرك الذي لا يستحق حتى الحياة ، وانقسم الشعب الى دوائر كل دائرة تحاول التهام الاخرى وابتلاعها واصبحت الديمقراطية وحقوق الانسان طوق النجاة للدولة الغارقة في الفتن والاضطرابات فالقتل على الهوية وليس هناك قضاء عادل ومهني واصبح الفرد بين مطرقتين اما وهابي قاعدي او صفوي ايراني ولم تدرك الدولة ابعاد هاتين الصفتين على الفرد العراقي الذي يرفضهما من اعماقه فكونك وهابي هو ان تنسلخ عن تاريخك عن انتمائك المذهبي عن كل من عمل على بناء هذا المذهب سواء كان حنفي او مالكي او حنبلي او شافعي يجب ان تترك وراء ظهرك كل ما يمت له بصلة من فلسفة وشريعة وتاريخ ومعتقد وأصول لتكون عالم جديد مبني على الموت والدمار أما الثاني فكونك صفوي فيمنحك تاريخ يزيد على مائتي عام ويجعل فكر الأئمة الاثنا عشر ومبادئهم يختفي خلف ستار كثيف من الطقوس ليصبح منظومه عاطفيه تؤججها نار الاضطهاد والبؤس والحرمان بدل من ان تكون مرحله تاريخيه. ولم ينقسم الشعب فحسب بل انقسم الانسان داخل نفسه بين ماضي لا يعني له شيئا وحاضر يقوده للمجهول. لم يستطع أحد ايقاف الصراع بتهدئة الموقف وتقديم تنازلات من الاطراف المتصارعة تتمثل بالتعويضات المادية وبقي جذر المشكلة كامناً ممكن ان ينفجر في اي وقت لتبقى الامور مستمرة على هذا المنوال.

لم يعد هنالك مكان للحب والسلام والثقة والأمان فالأفكار الجديدة تحاصر الانسان لتخرجه من دائرة الانسانية لتقذفه الى واحة البهيمة. وعملت القوى ذات المصالح على تمزيق العراق بإدخاله حربا تقتل فيها ثقافه السلم والمحبة وحقوق الانسان والديمقراطية التي اصبحت تجر ورائها جثث القتلى على الهوية.

ثانيا: -البيئة التاريخية:

يعود المجتمع العربي الحالي بجذوره الى الفتح الاسلامي وهجرة القبائل العربية الى البصرة والكوفة وحملت هذه القبائل صراعاتها المتوجة بالعصبية القبلية وبقيت الهوية القبلية هي الاساس لمكانة الشخص فهو يدافع عن كل ما هو داخل القبيلة ويحارب ما هو خارجها ولم تكن القبائل العربية تحمل الكثير من الود الى بني أمية قبل تولي معاوية الشام فالنضر ابن الحارث قال لسيد بني قريظة في معركة الخندق: جئتك بقبائل العرب.

فاليهود هم الذين جمعوا القبائل العربية وليس بنو امية اصحاب رؤوس أموال وتجار الشام وهم بمنأى عن الحجيج في مكة. اما الولاة الامويون على الكوفة فحملوا نزعة التطرف والكبرياء فسعيد بن العاص يقول (هذا بستان قريش).

طرح الحكم الأموي سياسة الترغيب والترهيب التي لا يقبل العرب بها فالأمور لديهم تحسم من دون مساومات ولكن معاوية استعمل الاسلوب السابق الذكر كأسلوب للحكم وهذا ما حدث مع مصقله بن هبيرة الشيباني وزياد ابن ابيه وعمر بن سعد.

 تركت معركة الطف آثاراً بعيدة المدى ليصبح ابن الكوفة يتحمل وزرها فالحكام الامويون والعباسيون سعوا الى تحميل ابن الكوفة مسؤولية قتل الامام الحسين (ع) وأنها في رقبة قبائلها وشاركهم وسط وجنوب العراق وعليهم ان يكفروا عن هذا الخطأ الجسيم والاثم العظيم بتحمل جور الحكام وسطوتهم بما يتضمن من قطع الاعناق والارزاق لأنه أهل لذلك (وأصبح أبن الكوفة يعاني من تمرد داخلي فهل أبن الرسول على حق؟ أم ابن عمه وعندما قال شمر بن ذي الجوشن للأمام الحسين (ع) (أنزل على حكم ابن عمك) فهو يعنيها فلا تزال الامور لديه القرابة والعشيرة وليس العدالة والحق والباطل لقد أعيد الى الاذهان التفسير غير الواضح والمحدد لقتل قابيل لهابيل

بعد ان تمت مجزرة الطف نهض الفقهاء والمفكرون ليوضحوا الحقيقة بأن زعماء الكوفة كانوا في السجن (كما أثبته شيخ فاتح) وأصبح العراقي في حيرة من أمره فهل هو يستحق اللعنة؟  لأنه هو المسؤول وليس الحاكم ولا يستطيع ان يكفر عن جريمته مهما أدى من طقوس وظلت مأساة الامام الحسين (ع) مطرقة على رؤوس العراقيين الى يومنا هذا وكل ما يحل بنا فنحن أهل له وحقنا الأزلي.

جاء الحكم العباسي محمولاً على أعناق أهل الكوفة وشهدت الكوفة مقتل وزير الدولة العباسية أبي سلمه الخلال والداعية القائد أبي مسلم الخرساني والوزير ابي أيوب المورياني وهاجت الكوفة على صرخة ابي جعفر (أيا اهل الكوفة يا أهل المذرة السوداء لا أنتم سلم لي فأسالمكم ولا حرب لي فأحاربكم)

وسار الحكم العباسي بأسوأ ما يكون حين تولى المهدي الحكم بطريقة لم يعرفها بنو أمية فقد أهين عيسى بن موسى واذل حتى النخاع ليتخلى عن ولاية العهد لصالح المهدي وعزز ابو جعفر موقفه ببناء مدينة بغداد فقد بنيت على أسس تعزز من موقع الحاكم وتقلل من قدر المحكوم.

جاء رد الفعل في محنة الامين والمأمون ولأول مرة في تاريخ العراق واجهت بغداد المدورة الفتية الحديثة العهد ثورة العيارين الذين يسكنون خارج بغداد ليحرقوا المدينة وينهبوها  وكأنهم يبعثون برسالة الى المستقبل بأن الحاكم يجب ان يلبي طموحات أبنائه وقد ابدع في وصفهم المسعودي (مروج الذهب) بأنهم اقوام عراة يتسلحون بالبواري والاجر والقصب يرتكبون المجازر والنهب والسلب ولتعود بغداد تعانى زمن المعتز والمستعين من هجوم الاقوام المحيطة بها ولتظل بغداد الى يومنا هذا أسيرة أبنائها الجياع الذين لا يعرفون ليالي الف ليلة وليلة ولا أنغام قصر الخلد واخذت الاقوام من الاشروسنة والمغاربة والترك تقضم اطرافها  واستسلم ابناؤها الى السلاجقة والبويهيين والمغول وعند احتلال هولاكو بغداد  فقدت تراثها وكتبها وفكرها وآثارها، وأخيرا لتغفو في احضان العثمانيين لقد هدها الوهن وأتعبها طول الطريق واستيقظت على أصوات الحرب العراقية الايرانية لتشهد بيئة اجتماعية لا عهد لها واصبح سقوط الخلافة والحروب وسيلة لكسب الثروات والتصدي لغائلة الفقر.

عندما جاءت الحرب العراقية الايرانية حصل تحول كبير لم يكن يحدث لو ان المجتمع محصن ضد الطمع والجشع والرغبة فالذين قتلوا في المعارك يفترض أنهم ذهبوا من أجل قضية عادلة وان لدى المجتمع ما يكفي من الحاجات الاساسية خاصة وان العراق استفاد من التذبذب في اسعار النفط ولكن ما حدث كان مغايراً فمن يقتل في ساحة المعركة يقدم تعويض مادي الى ذويه وهذا هو العرف العشائري حيث الدولة تقوم بدور القبيلة في دفع دية القتيل وأن هنالك طرفين الدولة الجانية والفرد مجني عليه وعليها ان تقدم ثمن تضحيته.

ان هذا التعويض أصبح يشكل لدى الكثير مكسباً مادياً يهون أمامه الابناء واصبحت الزوجة تستطيع ان تعوض عن زوجها بالمال وزوج آخر وتحطمت الروابط الاجتماعية واصبحت العلاقة مادية بحتة فالكل يفكر ماذا يكسب بعد أن انتشرت الجريمة والادمان على المخدرات والتجارة الطفيلية ونتج عن هذا فقدان الولاء للوطن الذي لا تتوفر فيه مقومات الحياة من بنى تحتية وصحية وتعليمية فقد خذلته الدولة وقدمته طعماً للحرب والحصار وتخلت عنه لتعطيه راتباً لا يزيد عن 3 دولارات في الشهر والتاريخ الذي يلاحقه ليضفي عليه صفة الخذلان.

سقط النظام ليجد العراقي نفسه وسط دول تسعى لتصفية حساباتها  وشباب لا يملك القدرات والمؤهلات للعمل وبعضهم يملك شهادة متوسطة ولكنهم وضعوا ثقتهم بالديمقراطية والانتخابات وحقوق الانسان ومنظمات المجتمع المدني ولكن الدول المجاورة رفضت هذا التغيير فالعراق محتل وغرر بالشعب المسكين وارسلت إليه طوق الطائفية تحملها عناصر الظلام وانقسم الشعب الى طوائف وقوميات وتحرر كل فرد من تاريخه من انتمائه من عاداته ليصبح ضمن دائرة مغلقة لها خصوصيتها واصبح الشعب عبارة عن دوائر سرطانية تحاول ان تنمو الواحدة على حساب الاخرى واصبح يطلق على افراد الطائفة السنية كلمة (وهابي) لتجرده عن عقيدته عن تاريخه عن الاف الكتب التي كتبت توضح له معتقداته لقد ارغم ان يترك تاريخ 1400 م سنة لينتمي الى تاريخ مجهول لا يزيد عن 200 سنة وشخص مجهول الهوية والمعتقد وما حصل مع اصحاب الطائفة السنية حصل مع الشيعة فهو (الصفوي دون ان يدرك ان الصفويين حكام وليس فكر) وعليه ان يتناسى الائمة الاثني عشر وعقيدة الامام جعفر الصادق (ع) ومبادئ الثورة الحسينية ليمارسها فقط كطقوس وهكذا سلخ السني والشيعي عن تاريخه ،وليقف أحدهما امام الأخر دون وجه محدد. واختفى الحوار الهادف والتداول في وجهات النظر ليحل الموت بأبشع اشكاله ونهب الممتلكات وتحطيم التراث دون ان يسأل أحد لماذا؟

تصور العراقي انه يتجاوز واقعه المأساوي عندما يحلف على مقدسات آمن بها وكتاب لا يعرف عنه شيء وحفنة نقود تدس إليه بأنه سيتجاوز واقعه المتمثل بالطرق الترابية والبيوت الخالية من كل مستلزمات الحياتية فلا مرافق صحية ولاسكن لائق ولا شبكه للصرف الصحي والازقة تشقها قنوات تجري فيها مياه ثقيلة وعدم وجود مدارس ومركز صحي ومياه شرب معطرة بالبنزين، وسقطت الاقنعة فالموصل احتلت وهرب من هرب. وجاءت كلمة داعش لتصفع الجميع وذهل السنة والشيعة فالموصل المدينة التاريخية العريقة الثرية صاحبة الحنطة والشعير والخيول والكنوز والآثار كلها ذهبت ادراج الرياح وأبى السنة ان يكونوا داعش ورفض الشيعة تمزيق العراق فالكل عراقيون رضعوا من ثدي دجلة والفرات.

البيئة الجغرافية

من المهم ان نتطرق الى مصطلحين مهمين هما (الجغرافية السياسية) والجيوبولتك او السياسة الجغرافية ويختلف أحدهما عن الآخر فالجغرافيا السياسية تبحث في تأثير الجغرافيا على السياسة اي كيف تؤثر التضاريس، المياه، المساحة، المناخ على الناس والدولة. ان الوضع الجغرافي للجزيرة العربية وبريطانيا جعلها بمنأى عن الغزو الاجنبي حيث يحتاج الغازي الى قوة بحرية، ومناخ روسيا القاسي سبب فشل نابليون في غزوة لها حيث قال الاسكندر (انتظر حلفائي كانون الاول والثاني)

ان الجغرافية السياسية للعراق جعلته ممرا لخط عبور الغزاة فهو خط الوصل بين آسيا واوروبا فالصراع بين المقدونيين والأخمنيين حسمته معركة اربل حيث انتصر الاسكندر المقدوني على الملك دار ومن العراق انطلق الى فارس والهند وكذلك قمبيز بن قورش كان العراق خط مروره الى مصر، ولولا سقوط بغداد لم يستطع هولاكو الدخول الى سوريا واجتياحها.

ان الدول الحدودية للعراق تختلف بعضها عن البعض الآخر فالحدود الشمالية والشرقية دول ذات اصول آريه ومصالحها مختلفة عن الاقوام السامية التي تشكل الحدود الجنوبية والغربية للعراق. وهذه الاقوام في جذورها التاريخية وثقافتها تمتاز بأن الاولى تمتلك نظام دولة وحكومة وعلاقات مع الدول المجاورة ولا تدين بعقيدة التوحيد وانعكس هذا على طبيعة الحكم من حيث التسلط والقوة وفكرة القومية التي تعنى وجود امة على ارض معينة ولغة مشتركة، ومن هنا نشأت مركزية الحكم والسلطة المطلقة للحاكم وهذا يتطلب وجود إله اعلى تدين له بقية الآلهة. في حين الاقوام السامية تغلب عليها نزعة التوحيد ولا تمتلك دول ذات افق امبراطوري وتحمل فكرة الوحدة العالمية والانسان اينما كان ومهما كان انتمائه يدين باله واحد يتساوى امامه الجميع من دون تمييز ولذا نشأ صراع الافكار في العراق منذ بدايات العصر الاموي.

عانت الخلافة الراشدية من ضغط سكاني وضعف في الموارد المادية بعد توقف الحروب القبلية ومجيء نظام المدينة ولم يعد أمامها إلا أن تعد العراق والشام هما المجال الحيوي لها للحصول على الارض والثروة. وكان العراق أنداك يخضع لدولة ذات نظام إمبراطوري ولها ديانة وكتاب أسمه (الافستا) وثقافة خاصة تستمد جذورها من (كليلة ودمنة) وتاريخ يتسم بالصراع مع الامبراطورية الاثنية والذي انتقل الى الاجيال عبر المسرح والشعر والقصة.

نتج عن الفتح الاسلامي للعراق أن تدفقت الهجرات العربية الى الكوفة والبصرة وخراسان وقسمت الكوفة الى أرباع لاستيطان القبائل العربية ولكن العراق ظل تحت ضغط الثقافة الآرية فبالرغم من محاولات الامويين الجادة لطمس ثقافة الموالي بتشتيتهم عن طريق الحروب إلا أنهم عادوا الى الظهور بقوة زمن الدولة العباسية. حيث طوروا نظام الحكم باستحداث نظام الوزارة وتقسيم الدولة الى أقاليم واتباع نهج الحوار والترغيب للسيطرة على الثورات والفتن وأصبح العراق الذي تخلص من الحكم الاموي المتأثر بنظام وثقافة الامبراطورية الرومانية مركز لصراع الثقافات وحوار الافكار لتنطلق منه الى بقية البلدان الاسلامية كالأدارسة في المغرب والقرامطة في الخليج والبابكية في إيران.

احتدم الصراع في العراق بين بقايا الفكر البيزنطي والفكر الفارسي فخضع لموجات متعاقبة من العنف زمن الدولة العباسية التي وجدت نفسها بين جذورها السامية والآراء التي تهب من الشرق والغرب وظهر هذا واضحا في محنة خلق القرآن التي اعقبت الصراع الدموي بين الامين والمأمون ولأول مرة تتعرض بغداد لأقسى حالات النهب والسلب كما مر ذكره.

أدرك الحكم الملكي اهمية المجال الحيوي للدولة العراقية الفتية فبذل جهوداً كبيرة مع الدول المجاورة ليغير العلاقات التي تتصف بالسلبية في العقائد والسياسة والثقافة الى تعاون مشترك وبدأت الدولة الملكية الفتية تلجأ الى تبني سياسة الجيوستراتيجية التي تعنى (تأثير السياسة على الجغرافية) اي ان الجغرافية في خدمة السياسة فاتخذت الخطوات التالية: 

1-                       ضم الموصل الى العراق.

2-                       الحفاظ على منطقة الحياد.

3-                       عقد ميثاق حلف بغداد الذي وسع من دائرة المجال الحيوي للعراق ليصبح ايجابيا مؤثرا بعيدا عن وجهات النظر العقائدية المتطرفة وليصبح ساحة تعاون مشترك لمصلحة كل الاطراف بدل ان يكون ساحة صراع بين تركيا وإيران.

4-                       قيام الاتحاد الهاشمي مع الاردن الذي فتح الطريق امام الصادرات والواردات العراقية لتصل الى العالم الخارجي وتأمين وصول البترول الى الاسواق العالمية.

أصبح العراق على حافة قلب العالم وعد استقراره وامنه ضروري لحماية حقول البترول في المنطقة.

بعد 1958 اصبحت السياسة تتصف بالسلبية والعداء للدول المجاورة فمن وجهة النظر آنذاك ان ايران وتركيا دول تدور في فلك الاستعمار وسوريا عبر تاريخها العربي الموغل في القدم لم تكن على وفاق مع العراق منذ أيام (المناذرة والغساسنة) (امويين وعلويين) (بعث عربي يميني بعث عربي يساري) و( ملكية استعمارية وجمهورية تقدمية) اما الاردن فاصبح مبدا الحوار مفقودا بعد الوحشية التي عوملت بها العائلة الهاشمية في العراق يوم 14 تموز 1958م وضاعف من عزلة العراق دخوله في مبدأ عدم الانحياز ولم يقدر ان دول الحياد الايجابي لا تملك قوة نووية تدعمها وهي عبارة عن نمر من ورق وبما انه ليس حياديا ولا ايجابيا فهو يخطب ود امريكا ويشتري السلاح من روسيا ونتج عن هذا ان السنوات الاولى لثورة تموز شهدت اعمال عنف مدمرة في الموصل وكركوك وبغداد .

أصبح العراق في صراع مع الاقوام الآرية والسامية المحيطة به على السواء فخسر اجزاء من حدوده الشرقية والغربية مثل سيف سعد وزين القوس وفقد سيطرته على شمال العراق وفي معاهدة الجزائر 1975 م تخلى عن الاتفاقية الموقعة مع إيران عام 1937 عندما كانت تحت الهيمنة البريطانية واعتبرت نقطة القعر في شط العرب هي الحدود البحرية بين العراق وإيران لتصبح نقطة ترسيم الحدود.

ان الدول التي ترسم حدودها مع دول متباينة في الاعراف والثقافات والمصالح تعاني من عنف داخلي إذا تجاهلت حكوماتها سياسة المجال الحيوي الايجابي فالعراق منذ 1958 كان يعاني من اضطرابات داخلية اودت بالكثير من ابنائه كأحداث الموصل سنة 1959م وانقلاب 1963م وما رافقه من مجازر دموية و1967م وحوادث الاعدامات وارهاب المواطنين بحوادث القتل العفوية وجاءت الحرب العراقية الايرانية التي اضرت بالمصالح العربية عامة والشعب العراقي خاصة وما تلاها من حصار وحروب دامية لم يكسب منها العراق والعراقيون سوى الدمار.

شهد العراق صراعات دامية بسبب موقعه الجغرافي فهو حلقة وصل بين اسيا من جهة وأوروبا وافريقيا من جهة اخرى اي انه خط مرور الغزاة والاجتياح الاول الذي طال العراق كان من الشمال حيث دارت معركة اربل (جوجا ميلا) بين الاسكندر المقدوني ودارا ملك الفرس الأخمينيين أن احلام الاسكندر المقدوني في توحيد الشرق والغرب ودمج الحضارة الفارسية مع الاثنية من المتعذر تحقيقها بالوصول الى بلاد فارس الا بالمرور عبر العراق. ولم يكن بمستطاع الجيوش الاسلامية ان تصل الى بلاد فارس والهند الا ان تسلك السبيل نفسه. وكان الدخول من سوريا والاجتياح الثاني كان من المغول فهولاكو دخل من الشمال ليتقدم نحو بغداد ويسقط الخلافة العباسية ويتجه نحو سوريا ولم يشهد الوسط قوات تجتاح العراق منه رغم انبساط الارض ووفرة المياه وصغر المساحة والسبب هو وجود ارض صحراوية تفصل وسط العراق عن بقية الدول.

اما الجنوب فشهد دخول القوات البريطانية لتحتل العراق سنة 1920 وكذلك الاحتلال الامريكي كان من الجنوب وذلك سنة 2003 وحتى عدوان 1991 تم من الجنوب وهذا يدل على ان جنوب العراق منطقة غير محصنة ضد الغزاة تغري الدول التي لديها اطماع في العراق بغزوة العراق. مما يشكل خطراً على الدول المجاورة كالكويت والسعودية فجنوب العراق هو البطن الرخو ومن هنا نتساءل هل العراق حسب نظرية ما كندر يشكل قلب الشرق الاوسط وموقعه يسمح بتصفية الحسابات بين الدول الكبرى؟

قامت الحرب الصدامية الايرانية بمباركة ودعم الدول الكبرى لاستنزاف الثروات النفطية للعرب واجهاض جهود منظمة اوبك وتوجيه الصراع بعيدا عن اسرائيل وتحجيم الثورة الاسلامية في إيران والعراق كبش الفداء لهذه الحرب التعسة التي باركتها الاقوام السامية من الغرب والجنوب للتخلص من اطماع صدام حسين ومنع تغلغل الثورة الاسلامية في دول الجوار.

 

ان أحد حتميات الجغرافية السياسية للعراق عدم وجود منفذ بحري واسع المدى يسمح للعراق باستقبال السفن العملاقة لغرض تصدير البترول ففي الخمسينيات كان العراق يملك خطين لنقل البترول الى شواطئ البحر الابيض المتوسط أحدهما عبر فلسطين ليذهب الى ميناء حيفا ويافا. وتوقف هذا الخط بسبب الاحتلال الاسرائيلي لفلسطين والثاني عبر سوريا وقد توقف هذا الخط مرتين اثناء العدوان الثلاثي على مصر واثناء الحرب الصدامية الايرانية واضطر العراق لفتح خط عبر تركيا والآخر عبر المملكة العربية السعودية وكل هذا يخضع لسياسة العراق مع هذه الدول، وبذلك يشكل تصدير النفط عامل ضغط على العراق.

اخذ ساسة العهد الملكي الثغرات الناجمة عن الوضعية الجغرافية السياسية للعراق بنظر الاعتبار ولم يكن ذلك بدوافع التوسع او نشر فكر معين وانما لتقوية الوضع الجغرافي للعراق لتعزيز نفوذه وتقوية مركزه فطرح مشروع الهلال الخصيب الذي يضم العراق وسوريا والاردن ولبنان لكي يستفاد من موارد العراق ويؤمن له اطلالة على البحر وفشل هذا المشروع واجهضته الدول الكبرى وقصور النظر في السياسة العربية واطماع بعض قادة الدول العربية في أخذ موقع الزعامة وتوالت الانقلابات في سوريا ليتحول هذا في اذهان البعض الى انه مشروع استعماري وبعد فشل مشروع الهلال الخصيب طرح مشروع آخر واخذ حيز التنفيذ ليؤمن مجالا حيويا للعراق في الجهة الغربية بتصدير البترول عن طريق خليج العقبة وذلك بإقامة الاتحاد الهاشمي ووأد هذا بعد 1958م حيث تولى الحكم رؤساء أدخلوا العراق في عزلة دولية واقليمية وتحول الى ساحة صراع الآرية والسامية بدلا من ان يكون مركزا للحوار والسلام .بين الاقوام

البيئة الاقتصادية

بالرغم من صغر مساحة العراق وتنوع التضاريس من جبال وانهار وسهول ووجود نهرين هما دجلة والفرات والاهوار المعروفة بثروتها السمكية والحيوانية إلا ان ثلثي الشعب العراقي يعاني من فقر وجوع ومرض وبعد 1958م استهدف سكانه وتم ذلك على محورين بالتشتيت العشوائي للبنية السكانية والتصفية الجسدية وذلك عبر عدة خطوات

1-                       تهميش مدن العراق

2-                       تدهور الزراعة

3-                       غلق المصانع

4-                       انحسار التجارة الخارجية

1-تهميش مدن العراق

كان وضع الوية العراق يتناسب الى حد ما مع توزيع التجارة والدفاع والحكم. وبعد 1958 استهدفت الموصل كأول لواء حيث انها مركز دفاع لوجود معسكر الغزلاني وتجاري حيث منطقة الجزيرة لزراعة الحنطة والشعير وانحسرت مكانة الموصل الدفاعية لصالح ألوية أخرى استحدثت مؤخرا وعلى الرغم من ان عشائر شمر في الموصل لم يمتثلوا لقانون الاصلاح الزراعي إلا ان سياسة الدولة كانت تجري بتهميش الزراعه وترحيل اهالي الريف الى المدن.

اما البصرة ميناء العراق ومركز زراعة التمور ففيها عشر ملاين نخلة إلا ان الحرب العراقية الايرانية جعلتها مركزاً للقصف المدفعي والجوي واضطر اهاليها الى الهجرة وبعد غزو الكويت نشطت تجارة السلاح من الارض الحرام ليظهر اصحاب رؤوس اموال يحلون بدلا من اهالي البصرة الحقيقيين.

اما الناصرية والعمارة والديوانية مراكز إنتاج الرز والثروة الحيوانية والسمكية تأثرت بالحرب الصدامية الايرانية بتجفيف الاهوار لتصبح ساحة حرب وبإقامة السدود على نهر دجلة والفرات من قبل الدول المجاورة فأضطر الاهالي الى الهجرة من الريف الى المدن ليكونوا عبئاً على الدولة وليمارسوا اعمالاً طفيلية.   

اما النجف وكربلاء فبسبب كونهما مراكز دينية هامة تعرضت الى الاضطهاد والقتل والتهجير. ما الشمال فنال حظه الاوفر من ذلك

لم تضع الحكومات التي جاءت بعد 1958 نصب عينها ان أحد مشاكل العراق الرئيسة هي عدم الشعور بالمواطنة فالولاء اما عشائري كما في حركات الجنوب في 1935 او طائفي كما هو 1967 او ولاء المدن وذلك كان واضحا زمن صدام حسين مما جعل الفوارق بين محافظات الجنوب والوسط واضحا وأخذت الاولوية محافظات على حساب أخرى ان مشكلة المواطنة لم تحل في العراق حتى يومنا هذا

2-تدهور الزراعة

تدهورت الزراعة بشكل حاد بصدور قانون الاصلاح الزراعي ولم يكن هنالك اقطاع في العراق بالمعنى الحقيقي ولكن كان اخذ التجربة المصرية بحذافيرها دون دراسة وتخطيط وانكمش المجال الحيوي للعراق كما بينا سابقا وازداد الجذب نحو بغداد ليتشكل حزام من احياء فقيرة مرقعة تعيش في اكواخ طينية تمارس ثقافة الفقر بكل اشكالها من جهل ومرض وسلوك ولم تكن هذه الهجرة بسبب عامل النمو السكاني او التغير الديمغرافي والاجتماعي وانما هرب من شحة المياه وملوحة الارض ففي دراسة للهجرة الداخلية اوضحت ان في تعداد عام 1977م بلغ عدد النازحين ما يقارب 1,721,663 نازح وفي عام 1978م بلغ تعدادهم  1,946,191 نازح وتشكل محافظة ميسان 29,4% من اجمالي النازحين تليها ذي قار ثم نينوى .

لم يكن لحكومات العراق خطط محددة واضحة بعد 1958م وانما مجرد شعارات دون ان تضع استراتيجية واضحة تسعى لتطبيقها لأنه قلد مصر في دعوتها للقومية العربية والوحدة العربية وأصبح المحور عراق سوريا مصر تكتل خارج الدول الاسلامية وبعد تفكك الجمهورية العربية المتحدة وانفصال سوريا عن مصر لتستعيد عدائها التقليدي للعراق استغلت مياه نهر الفرات واقامت سداً هنالك فحرم الجنوب من المياه وتعرض للتصحر. وليتسبب في تغيير ديموغرافي للمحافظات الواقعة على شط الفرات حيث تأثرت بملوحة الارض وتضاؤل الثروة السمكية وندرة الطيور المهاجرة وهاجرت العشائر العراقية تاركه الارض تأكلها الاملاح ولتتحول الى طبقة معدمة ذات ارضيه خصبة لحركات يجهلون اهدافها تصارع حكومة متقدمة سياسيا واقتصاديا.

قامت تركيا بمشروع يتضمن انشاء 22 سد على النهرين و19 محطة توليد طاقة كهربائية وانخفضت مياه نهر الفرات بمقدار 15 مليار متر مكعب في السنة بعد ان كانت 28 مليار متر مكعب

3-تدهور الصناعة والتجارة

بعد الانفصال بين سوريا ومصر وتحول الوحدة العربية الى هاجس لا يجرء احد على الحلم به ولأحراز كسب سياسي اعلن جمال عبد الناصر التأميم في مصر واتخذ العراق قرارا بالتأميم دون دراسة وخطة منهجية وبالرغم من ان المراجع الدينية اعتبرت ان هذا الاجراء بعيد عن الشرعية حيث يشكل استيلاء على اموال الاخرين بالقوة والعراق بلد غني بثرواته النفطية إلا ان قرار التأميم اصبح ساري المفعول وسبب تدهور الصناعة القائمة آنذاك مثل صناعة الزيوت والادوية والسمنت وانعكس ايضا على التجارة حيث اعتمدت على تصدير مواد عراقية مقابل استيراد مواد أخرى فأخذ التاجر يهرب الاموال ليسد النقص في القيمة ليستورد مقابلها مواد غير صالحه وتدهورت التجارة ووصلت البضائع العراقية المستوردة الى ادنى المستويات واخذ العراق يعاني من استعمال مواد صلاحيتها محدودة .

مما تقدم يجب الإصلاح البيئي للعراق على كافة المستويات لتلافى العنف والجريمة والإرهاب.

محرر الموقع : 2014 - 11 - 26