التقرير المصور للمؤتمر العلمي السابع للأمام الصادق (ع) في العاصمة الدنماركية كوبنهاكن
    

برعاية و حضور ممثل المرجعية العليا سماحة العلامة السيد مرتضى الكشميري وللعام السابع على التوالي ، انعقد في العاصمة الدنماركية كوبنهاكن مؤتمر الامام الصادق (ع) تحت عنوان 

(الوحدة و التنًوع في فكر الامام الصادق (ع) )



بمشاركة و حضور نخبة من العلماء و الباحثين و جمع غفير من المؤمنين امتلأت بهم قاعة المؤتمرات في مسجد الامام علي (ع). 

وقد انطلقت اعمال المؤتمر في تمام الساعة السادسة مساءً بكلمة ترحيبية لسماحة الشيخ الأديب عبد الستار الكاظمي منسّق أعمال المؤتمر ، التي رحب فيها بالضيوف الحاضرين من كوبنهاكن وخارجها ، اعقبه الحاج ابو زهراء الصواف بتلاوة آيات من الذكر الحكيم ، ثم بدأ المحاضرون في إلقاء محاضراتهم و كان اول المتحدثين. سعادة سفير جمهورية العراق الدكتور علاء الجوادي والذي تطرق في كلمته الى الجانب السياسي من حياة الامام (ع) قائلا: وان كان الامام الصادق (ع) حاول قدر الامكان ان يكرس تلك الفترة لنشر علوم ومعارف مدرسة اهل البيت (ع) بما اتسع له الوقت والظرف، ولكنه لم يُغفل الجانب السياسي لما عايشه من احداث كثورة اولاد الحسن وحركة ابو مسلم الخراساني وغيرها، مستشهدا بالتفصيلات التاريخية ومحيلا في بعضها الى مؤلفاته في هذا الجانب. 

بعد ذلك جاءت كلمة المشرف العام على مسجد الامام علي (ع) في العاصمة السويدية ستوكهولم. الذي تحدث باللغة الفارسية ، وبيّن في كلمته أهمية إقامة هذه المؤتمرات التي ترعاها المرجعية الشيعية العليا والتي تسلط الضوء اكثر على حياة و فكر الأئمة الاطهار (ع)، فهي موضع رضا الله تبارك و تعالى ورسوله و أهل البيت (ع) لما تتضمنه من احياء امر الاسلام لأنهم قرنوا مصيرهم ورضاهم برضا الله عزوجل (رضا الله رضانا أهل البيت (ع) نصبر على بلائه فيوفينا اجور الصابرين). 

ثم جاءت كلمة راعي المؤتمر سماحة العلامة السيد الكشميري والتي بدأها بالترحيب بالضيوف الكرام والمشاركين والعاملين في اللجنة التحضيرية لإعداد المؤتمر ومنسق اعماله. وقد بيّن سماحته بعض المحاور نوجز بعضا منها : 

1. أسباب انعقاد المؤتمر في الدنمارك: 
واهم نقطة جوهرية ركز عليها هي ان منهجنا في العمل هو الوحدة ما بين المراكز في الغرب حتى وان لم تكن تحت اشرافنا مباشرة، لاننا لا نشعر بالاثنينية في هذا المجال مادامت الاهداف متطابقة والرؤى متحدة عن فكر اهل البيت (ع) ومدرستهم، واشار سماحته باننا دائما على تواصل مع ائمة المراكز من العلماء في اوربا والدول الاسكندنافية خصوصا فيما يرتبط بموضوع الاهلة وغيرها من الامور المهمة ذات الطابع الديني. وانطلاقا من هذا المبدء وهو الشعور بالوحدة اقمنا هذا المؤتمر في مسجد الامام علي (ع) في كوبهاكن، وسيكون في العام القادم ان شاء الله في مسجد الامام علي (ع) في ستوكهولم. 

2. ما هو السر من عقد مؤتمر بأسم الامام الصادق (ع) دون غيره من الائمة (ع) في حين ان اعتقادنا بأن علمهم واحد وفكرهم واحد وحديثهم واحد (إن حديثي حديث أبي ، وحديث أبي حديث جدي علي بن أبي طالب أمير المؤمنين ، وحديث علي أمير المؤمنين حديث رسول الله (ص) ، وحديث رسول الله قول الله عز وجل) فلا تجد هناك تناقض بين كلامهم واحاديثهم كما لا نجد اختلافا في ايات القران واحكامه، فالائمة (ع) يستقون علومهم من الكتاب ومن جدهم رسول الله (ص) ولو كانت الظروف متاحة للامام الجواد والامامين الهادي والعسكري (ع) لادوا نفس الدور، وما قاله جدهم امير المؤمنين (ع) على منبر الكوفة (أما والله لو ثنيت لي الوسادة فجلست عليها لأفتيت لأهل التوراة بتوراتهم حتى تنطق التوراة فتقول : صدق علي ما كذب لقد أفتاكم بما أنزل الله فيّ. وأفتيت أهل الإنجيل بإنجيلهم حتى ينطق الإنجيل فيقول : صدق علي ما كذب لقد أفتاكم بما أنزل الله فيّ . وأفتيت أهل القرآن بقرآنهم حتى ينطق القرآن فيقول : صدق علي ما كذب لقد أفتاكم بما أنزل الله فيّ) ينطبق هذا على بقية الائمة (ع) مع توفر الظروف الموضوعية، ومصداق هذا محاورة الامام الرضا (ع) في طوس مع اصحاب الممل والنحل والاديان، غير ان الظروف الموضوعية والسياسية وطول العمر النسبي للامام الصادق (ع) اختلف به عن بقية الائمة من قبله ومن بعده، فلذلك اثرى الساحة بعلوم اهل البيت (ع) ومعارفهم. 

هذا واشار سماحته الى انه لا يريد ان يطيل الحديث عن جامعة الامام الصادق (ع) وفروعها المختلفة، تاركا المجال للمتحدثين الاخرين . 

3. اكد سماحته على اهمية الشباب ودورهم في التعرف على علوم اهل البيت (ع) المختلفة لان الائمة (ع) لم تكن علومهم مقتصرة على بيان الاحكام الشرعية او العلوم القرانية وانما تعدوها الى العلوم الطبيعية، ولذلك وجد ارباب الفكر والمعرفة من مختلف الاتجاهات والاختصاصات ضالتهم في مدرسة الامام الصادق (ع) حتى تخرج منها الى اوئل القرن الثالث الهجري اربعة الاف طالب من مختلف العلوم والفنون، وليعلم الشباب بان ما تركه لنا الائمة من تراث لا يستهان به، وان جزأنا هذا التراث عن تاريخهم (ع) لم نكن لنفهم الاسلام المحمدي، ولذا حث الامام الصادق (ع) على الاخذ بعلومهم بقوله (فإنّ الناس إذا عرفوا محاسن كلامنا أحبّونا واتّبعونا). 

4. اشار سماحته بان الشعب العراقي كان يأمل بعد زوال الطاغوت ان تستبدل المناهج التربوية في المدارس بأخرى او تعدّل،ويكون فيها دور لفكر أهل البيت (ع) ، ولكن للاسف ان الذين انتخبوا لإدارة الحكم انشغلوا بانفسهم وبمصالحهم الشخصية وتركوا العباد والبلاد عرضة للفساد والخراب بما في ذلك المؤسسات التربوية، وكم نادت المرجعية العليا باصلاح الاوضاع حتى (بح صوتها) ولم تجد لذلك مستجيبا، غير مبالين ولا مكترثين بهموم الشعب ومطالبه، ولعل اخر مسرحية سمعناها ما يسطره مجلس البرلمان من ميزانية ضخمة تصب في صالح البرلمانيين، والمؤلم للقلوب ان تكون امرأة تذكرهم بهذا السرف والبذخ الذي لا داعي له في حين ان معظم الشعب يفترش الارض ويلتحف السماء ويعيش بحرارة هذا الجو اللاهب دون ان يتمتع الشعب بنعمة الكهرباء مما اصبح شرب الماء البارد عليه عسيرا ، في حين اننا لا نجد مثل هذا الوضع حتى في مجاهيل افريقيا . 

5. أهاب بأبناء الجالية ان يهتموا بابنائهم و يحافظوا على هذه الأمانة التي استأمنهم الله عليها وهي ولاية اهل البيت (ع) والعمل بمنهجهم. 

بعده كانت المشاركة لسماحة العلامة السيد منير الخباز والذي تركز حديثه على محاور ثلاثة: 

1- في تقسيم الفقه الى الفقه الفردي والفقه الاجتماعي، حيث ان الفقه الذي يراعى فيه مصلحة الانسان فقه فردي، والفقه الذي تراعى فيه المصالح العامة للمجتمع البشري فقه اجتماعي. فالاول من قبيل احكام العبادات، والثاني من قبيل احكام القضاء والحدود والديات. 

2- ان هناك قاعدتين في الفقه الامامي وهما قاعدة الالزام وقاعدة التقية، وقد اعتبرهما كثير من الفقهاء من قبيل الفقه الفردي، ولكن هناك قراءة اخرى وهي ان هاتين القاعدتين من قبيل الفقه الاجتماعي المبني على احترام الاديان والمذاهب الاسلامية المتعددة. 

3- ان الامام الصادق (ع) انطلق من قاعدة الفقه الاجتماعي ورسخ في الامة الاسلامية احترام التعددية الفكرية في اطار المظلة الاسلامية العامة وهي مظلة التوحيد. فقام بعدة خطوات لحفظ التنوع في اطار الوحدة وهي تركيز مرجعية القران والانفتاح على ابناء المذاهب الاسلامية المختلفة وفتح المجال للحوار الموضوعي حتى مع الملحدين والمشككين، والمواجهة الشديدة لمذهب الغلاة والمفوضة الذي يهدم وحدة الجسم الاسلامي. 

وكانت مشاركة الباحث و الأكاديمي السيد أكرم الحكيم الذي ركز في بحثه على دور الامام في تأصيل فكرة الجماعة الصالحة و التي لم يتم العمل حتى عصر الغيبة كما يريده الائمة (ع) . كما أكد على أمور ثلاثة : 

1- أهمية الالتزام بخط أهل البيت. 
2- دراسة حياتهم دراسة مفصلة. 
3- الالتزام بخط القيادة النائبة في زمن الغيبة من فكر أهل البيت والسير على نهجها. 

ولكسر حالة الهدوء وخشية الملل بسبب تداخل البحوث بحثاً بعد آخر. كان لابد من تجديد خلايا العقل مع العاطفة فبادر سماحة الشيخ عبد الستار الكاظمي منسق اعمال المؤتمر، للتحليق في سماء الكلمة الهادفة و الأدب العالي الرفيع الممزوج بالولاء و الحب لأهل البيت فألقى قصيدة كانت غاية في الروعة و الجمال وعرج فيها على ما يواجهة العراق من سوء إدارة و فساد و فقدان أمن و بطالة. بعد القصيدة ، كانت المشاركة لعميد قسم الدراسات العليا في الجامعة الاسلامية في لندن الدكتور ابراهيم العاتي. 

وركز في حديثه على التنوع في فكر الامام و انفتاحه على الواقع بالفكر الاسلامي الصحيح. وضرب لذلك أمثلة كثيرة من سيرة الامام الصادق (ع) في حوّارة مع الملاحدة وغيرهم خصوصا حواره مع ابي حنفية النعمان بن ثابت، وصحح له افكاره التي لا تمثل الفكر الاسلامي الصحيح مما كان سببا لهدايته وتراجعه عن كثير ما كان يتبناه في باب القياس وقال كلمته المشهورة (لولا السنتان لهلك النعمان) 

وآخر البحوث تم تقديمه من قبل الدكتور بهاء الوكيل استشاري أمراض القلب و المحاضر في جامعة لندن. بحديث طبي تناول فيها قول الرسول الاكرم (ص) صوموا تصحوا و قول الامام الصادق (ع) لو اقتصد الناس في المطعم لأستقامت أبدانهم. وكيف ان قلة اكل الطعام و الصوم يؤثران في الانسان وقديما قالت الحكمة الهندية ، ان الناس تأكل ثلث الطعام وثلثان يأكله الأطباء وربط بين قلة الاكل وامراض (الخرف المبكر والرعاش) والذي من اسبابه كثرة الاكل. 

وكانت كلمة الختام لسماحة السيد الكشميري والتي تطرق فيها الى ما يلي: 

1. نقل للجميع تحيات مرجعنا المعظم مد ظله ودعائه للمؤمنين مصبحا وممسيا، وطالبا منهم الدعاء لاصلاح حال العباد والبلاد في عموم بلاد المسلمين وخصوصا العراق العزيز. 
2. أعلن عن مكان إقامة المؤتمر القادم في العاصمة السويدية ستوكهولم 
3. حث أبناء الجالية في الدنمارك في المحافظة على ابنائهم و تمسكهم بدينهم و عقيدتهم. 
4. دعى الله تبارك و تعالى ان ينصر القوات الامنية ويحمي العراق من دنس الاعداء 
5. شكر القائمين على مسجد الامام علي عليه السلام في كوبنهاكن على تعاونهم الذي كان سببا لانجاح هذا المؤتمر، داعيا لهم بالتوفيق والتسديد لما في خير الدارين. 

واخيرا ختم الحديث بالدعاء بتعجيل فرج قائم ال محمد (ص)

محرر الموقع : 2016 - 08 - 03