ممثل المرجعية العليا في اوربا يقول: بلغ خريجو مدرسة أهل البيت عليهم السلام في عصر الامام الرضا ع أربعة آلاف طالب في مختلف العلوم والمعارف.
    
ممثل المرجعية العليا في اوربا يقول: 
• بلغ خريجو مدرسة أهل البيت عليهم السلام في عصر الامام الرضا ع أربعة آلاف طالب في مختلف العلوم والمعارف.
• بمناظرات فريدة من نوعها أفحم فيها الامام (ع) مختلف علماء الأديان ومتكلمي الفرق الاسلامية حتى اعترف الجميع بأعلميته وأحقيته.
• من مكتسبات قبول الامام بولاية العهد اعتراف المأمون وتصريحه بأحقية إمامة أهل البيت (ع) مما مكن الامام (ع) من نشر مفاهيم مدرسة اهل البيت (ع) وإعلان فضائلهم (ع) وحرية التحدث مع من يختلف معه في الرأي.
• تفنيد فكرة الواقفة وإفشال مخططاتهم الخطيرة.

 

جاء حديثه هذا في خطبة الجمعة بالمركز الحسيني الاسلامي في بيتربرا بمناسبة قرب ولادة ثامن الأئمة علي بن موسى الرضا (ع) والتي تصادف يوم الاثنين الحادي عشر من ذي القعدة مهنئا الحاضرين بهذه الولادة الميمونة التي بشر بها الامام الصادق ولده موسى (ع) بقوله (سيولد لك عالم آل محمد فأبلغه سلامي)، وتعرض سماحته لأهمية دور الامام في تلك الفترة بنشر فكر أهل البيت (ع) وتوضيح معالم مدرستهم وبيان أحقيتهم بمنصب الإمامة الذي اغتصبه بنو أمية وبنو العباس، وبهذا صرح المأمون العباسي في أكثر من مناسبة ناشرا فضائلهم وموضحا مظلوميتهم من قبل الحكام السابقين، مجيبا على كتاب كتبه له بنو هاشم، وضّح فيه تلك الحقائق إذ جاء فيه: (... فلم يقم مع رسول الله (ص) أحد من المهاجرين كقيام عليّ بن أبي طالب (ع) فإنه آزره ووقاه بنفسه..... وهو صاحب الولاية في حديث غدير خم، وصاحب قوله: (أنت منّي بمنزلة هارون من موسى إلاّ أنه لا نبي بعدي....) وكان أحب الخلق إلى الله تعالى وإلى رسوله، وصاحب الباب، فتح له وسدّ أبواب المسجد، وهو صاحب الراية يوم خيبر، وصاحب عمرو بن عبد ود في المبارزة، وأخو رسول الله (ص) حين آخى بين المسلمين).

ثم وضّح في الكتاب نفسه مظلومية أهل البيت (ع) معترفاً بجرائم العباسيين بحقهم فقال: (... ثم نحن وهم يد واحدة كما زعمتم، حتى قضى الله تعالى بالأمر إلينا، فأخفناهم، وضيّقنا عليهم، وقتلناهم أكثر من قتل بني أميّة إياهم) .

وفي موضع آخر احتجّ المأمون على الفقهاء بفضائل الإمام علي (ع) وأحقيّته بالخلافة، فما كان من الفقهاء إلاَّ تأييد ما قاله، فقال يحيى بن أكثم القاضي: يا أمير المؤمنين، قد أوضحت الحق لمن أراد الله به الخير، وأثبت ما يقدر أحد أن يدفعه، واتّبعه الفقهاء بالقول: كلنا نقول بقول أمير المؤمنين أعزَّه الله .

وكان المأمون يتحدّث عن فضائل أهل البيت (ع) في أغلب جلساته، وهذا يعني تشجيعاً للولاة والأمراء ليتحدّثوا عن أهل البيت (ع) بمثل ما تحدّث به، وتشجيع لأنصار أهل البيتعليهم‌السلام في ذكر فضائلهم بحرية تامّة، وهذا ما يزيد من توسّع القاعدة الشعبية الموالية لأهل البيت فكراً وعاطفة وسلوكاً.

واعترف المأمون أيضاً بأفضلية الإمام الرضا (ع) وأحقيته بالخلافة وأخبر خواصه بأنّه: نظر في ولد العباس وولد عليّ (ع)، فلم يجد في وقته أحداً أفضل ولا أحق بالأمر من علي بن موسى الرضا .

فكان هذا الموقف منه سببا لحرية الامام (ع) لعقد اللقاءات والمناظرات والحوارات العلمية التي حصلت بينه وبين العديد من الزعامات الدينية والعلمية في قصر المأمون العباسي وبدعوة منه، اما للتظاهر بتأييد اهل البيت (ع)، او املاً منه في احراج الامام الرضا، بما يطرح عليه من مسائل عويصة، واشكاليات حادة، فقد اوعز المأمون الى ولاته في انحاء العالم الاسلامي، بايفاد كبار العلماء من المتمرسين في مختلف انواع العلوم الى خراسان، وطلب منهم ان يفتشوا عن أعقد المسائل واكثرها صعوبة وعمقاً، ليطرحوها على الامام الرضا (ع)، وكان الامام يجيب على تلك التساؤلات ويعالج تلك الاشكالات، بصدر رحب، وبيان واضح وحجة بالغة، وقد جمع بعض تلامذة الامام تلك المناظرات والحوارات فزادت على عشرين الف مسألة في ميادين العلم والفكر المختلفة، ومن المؤسف اننا لا نمتلك الآن منها الا جزءاً يسيراً، عدا ما دونه الشيخ الطبرسي في احتجاجه وهي ذو فائدة وقيمة كبيرة، لكن مجموع تلك المناظرات (لم نعثر عليها، ولعلها من جملة المخطوطات التي خسرها العالم الاسلامي والعربي) .

ومن تلك المناظرات حوار الامام مع (عمران الصابئي) وكان زعيم طائفة الصابئة، ومن كبار فلاسفة ذلك العصر، وقد جرت المناظرة بحضور المأمون وكبار العلماء والقادة، واستمرت لأكثر من مجلس، واثبت الشيخ الصدوق في كتابه (عيون اخبار الرضا) اغلب ما دار فيها. وكانت نتيجتها اعلان عمران الصابئي لاسلامه وانضمامه الى مدرسة اهل البيت (ع)، حيث كثر تردده على الامام وانتهاله من نمير علمه.

ومنها مناظرته مع (سليمان المروزي)، المعروف بتضلعه في الفلسفة، وتمرّسه في البحوث الكلامية، وكان يعد في طليعة علماء خراسان، واشتملت على حوار علمي عميق حول توحيد الله تعالى وتنزيهه، وتبيين حقيقة صفاته واسمائه.

ومناظرته مع (ابي قرة) والذي كان يثير الكثير من الشبّه والاشكاليات، على العقائد والمفاهيم الدينية.

وكذلك مناظرته مع (الجاثليق) رئيس اساقفة النصارى، ومع (رأس الجالوت) كبير علماء اليهود، و(الهربذ الاكبر) زعيم الهنود، و(اتباع زرادشت)، و(نسطاس الرومي) الطبيب العالم ومع (علي بن الجهم) حول عصمة الانبياء وغيرهم.

لقد وفّرت مجالس المناظرات والحوار للامام فرصة جيدة، لتبيين مفاهيم الدين، وتوضيح معالم الشريعة، وكانت اصداؤها وآثارها تنعكس على علماء الامة والجماهير، مزيداً من الثقة في الدين، والمعرفة بالحقائق.

اضافة الى الجهود التي بذلها الامام (ع) في تعليم وتربية من التفّ حولـه من التلامذة والموالين، وقد بلغ عدد الرواة عنه والمنتهلين من علومه ومعارفه، حسب احصاء احد العلماء الباحثين الى ثلاثمائة وسبعة وستين شخصاً وهذا العدد من ضمن العدد الكلي (4000) ممن تخرج من مدرسة اهل البيت (ع) في مختلف العلوم انذاك.

الدرس والعبرة: من هنا كانت فترة الامام الرضا (ع)، من اثرى واخصب الفترات التي استفادت فيها الامة من علوم اهل البيت (ع)، فقد استثمرت فرصة الانفتاح السياسي في تبليغ مبادئ الدين، والدفاع عن مناهج الرسالة، وفي رفع معنويات وثقة ابناء الامة في دينهم، وتوضيح ما التبس عليهم، بسبب الجهل او التحريف الداخلي، ولتحصينهم من تأثير الثقافات والافكار المخالفة للاسلام.

وبذلك يبعث الامام الرضا رسالة الى الفقهاء والعلماء في كافة اجيال الامة وعصورها، بأن لا تستهويهم المناصب والمواقع لذاتها، بل يجب ان يسخرّوها اذا ما وصلوا اليها او تورطوا بها، من اجل نشر الدين، وخدمة الامة.

فالامة وخاصة في هذا العصر تواجه تحديات حضارية خطيرة، على المستوى الفكري والمعرفي، لتطور وسائل الاتصال، وتكنلوجيا انتقال المعلومات وتداولها، وللانفتاح الاعلامي الهائل، مع سيطرة الآخرين على مصادر ومنابع الحركة الاعلامية والمعلوماتية على الصعيد العالمي، مما يضاعف مسؤليات الدعاة الى الله، ويتطلب منهم اكبر جهد في العمل والنشاط والانطلاق، دون الاكتفاء بمواقع وحدود ضيقة.

كما أشار سماحته الى موقف الامام الرضا (ع) من الفرقة الواقفة التي قالت بالوقف على إمامة الامام موسى بن جعفر (ع) وان لا امام بعده، وانه هو الذي يخرج اخر الزمان ويملأ الارض قسطا وعدلا، ومنشأ هذه الفرقة هو طول سجن الامام (ع) وعدم تمكنه من اللقاء بشيعته وكان قد جعل بعضهم وكلاء ماليين لقبض الأخماس فطمع هؤلاء بما عندهم من مال فحبسوه عن الامام الذي بعده بحجة أن لا إمام بعد الامام موسى بن جعفر (ع) وادعوا هذه الدعوة الباطلة.

فابطل الامام (ع) حججهم واوضح بطلان فكرتهم لجميع اصحابه بل واشار اليها اشارة واضحة في زيارته الى نيشابور عندما طلبوا منه أن يروي لهم حديثاً عن جده لم تدونه مدوناتهم الحديثية فذكر لهم الحديث المعروف بسلسلة الذهب وعقب بقوله (بشرطها وشروطها وأنا من شروطها) ومعنى ذلك أن إمامته وامامة من بعده من الأئمة (ع) هي شرط لازم لكلمة لا إله إلا الله.

هذا وقد ثبت عندنا بالادلة القطعية بانهم (ع) اثنا عشر امام حسب قول النبي (ص): (اولهم اخي واخرهم ولدي).

كما أشار سماحته في الخطبة إلى أن الإمام الرضا (ع) وإن كان مجبرا على قبول ولاية العهد على مضض بشرط أن لا يولي ولا يعزل، إلا أن هذه الخطوة لم تخل من المكاسب والفوائد التي تحققت كحقن دماء العلويين وتوقف تلك المجازر التي ارتكبها الرشيد بحقهم كما أن المأمون أعاد فدكاً لأهل البيت (ع) وغيرها من الامور التي كانت لصالح مدرسة اهل البيت (ع) ونشر علومهم ومعارفهم.

فسلام الله عليك با ابا الجواد وثامن الائمة يوم ولدت ويومت عشت ويوم تبعث حيا.

محرر الموقع : 2016 - 08 - 12