الدراسة خارج العراق مفترق طريق بين البقاء والعودة
    

غداد /إيناس طارق .. تصوير/ محمود رؤوف 

تنتشر في بغداد كتابات على الجدران ولافتات تعلن عن فرصة للدراسة في الخارج والإعلان يشير إلى الاستثناء من شروط المعدل والعمر وسنة التخرج يضاف إلى أن الآسرة كانت تأمل بان يصبح ابنها طبيباً برغم علمها أنه لا يصلح أن يكون حتى عاملاً في إحدى المقاهي ،بسبب تدني مستواه العلمي ولولا الدروس الخصوصية والهدايا والعطايا لما أكمل المرحلة الإعدادية وبمعدل 55 بالمئة ، كريم مثال لطلاب كان النجاح  طريق إرسالهم إلى الدول الاسكندينافية لإكمال دراستهم وعلى النفقة الخاصة ، ويختارون الكلية التي يرغبون بها، كريم اختار كلية الهندسة ودفع أقساط السنة الأولى في أوكرانيا ولكن لم يكملها لأنه نسي الدراسة وأصبح سائحاً يبحث عن فتيات الهوى هناك وهذا ما أرسله لأصدقائه يحثهم على الالتحاق به ليروا العالم ويتركوا الدراسة على أن لا يخبروا أسرهم عن نيتهم في ذلك . وعلى حد معرفتي وسمعي فإن أفواجا من هؤلاء الخريجين يتوجهون إلى خارج العراق للحصول على مقاعد دراسية في كليات بمختلف الاختصاصات في بلدان الاتحاد السوفيتي سابقا على سبيل المثال "طبعاً حسب الإمكانات الاقتصادية والوضع المالي لأسرة الطالب

سلبيات الدراسة

 

معظم الراغبين في إكمال تعليمهم العالي في دول أجنبية يجهلون كثيراً من الأشياء والتي تعدّ مهمة بل ورئيسة، كما ولها العديد من العوامل في تحديد شخصية الطالب، وأعمارهم تتراوح العمر(19..21)، إذ يعدّ الطالب في هذه العمر في مرحلة التعلم ما حوله تمهيداً لمرحلة وهو بحاجة ماسة مستمرة إلى الإرشاد من قبل الأكبر سناً) وهم في هذه الحالة الأهل ،أحد الأصدقاء كان قد سافر قبل عدة سنوات وخاض التجربة بنفسه تحدث قائلاُ: الكثير من الطلبة العراقيين ممن سافر بقصد الدراسة، واجهتم العديد من المصاعب وعمليات النصب و الاحتيال، عدا عن المخاطر التي كادت في بعض الأحيان تودي بحياتهم. و ذلك نتيجة عن الجهل من جهة الأهل و قلة المعرفة التامة عن الجهة التي سيتجه إليها ابنهم، و التفاصيل العديدة نتيجة الإهمال و الجهل و عدم وجود خارطة منظمة و معلومات من مصادر مضمونة أو مسؤولة وعندما نذهب الى هذه الدول نرى عالماً غير الذي كنا نعيشه من حيث التحرر بمعنى كل مضامينه فهم مجتمعات غير مغلقة مفتوحة بكل شيء والشاب أو الطالب هو يكون مصدوما مما يراه ومنذ ان يرى هذا التغير لا يحبذ العودة الى العراق ، بينما علق طالب ويدعى مروان أيضا له خبرة في خوض تجربة السفر لغرض الدراسة في أوكرانيا وقدم الى كلية الصيدلة ومعدله كان 60 بالمئة  عاد وترك الدراسة بعد أن فشل في تعلم اللغة المتوجه للدراسة سيصطدم بعادات البلد، حيث البعض سيترجمها بشيء من الخوف و الرهبة و الحنين للوطن، و البعض سيترجمها بشيء من الحرية إضافة الى اللغة و التي سيضطر الى تعلمها لتعينه على الدراسة، و بعض التأثير خاصة في حالات الإحباط في تعلمها ما له من مساوئ على نفسيته يضطر الى العودة الى من أول شهرين أو أول فصل لدراسة اللغة و ذلك لقناعته بعدم تمكنه من تعلم اللغة الجديدة يضاف الى احد الزملاء عاد معي بعد أن فشل في إكمال السنة الدراسية الأولية كلية طب أسنان والسبب كما قال : عندما كنا نقرأ آلاف اللافتات المعلقة في الشوارع عن الجامعات الأجنبية وتحقيق حلم المستقبل نذهب  للدراسة وليس للهو لكن للأسف وجدت انه لا يوجد تعليم في هذه الدول أبدا ،همهم الأول الرشوة ومن يقول إنها تعتمد على الطالب أقول له إنه خاطئ لأن الأساتذة هناك يعاملون الأجنبي أو العربي ليس كما يعاملون طلابهم أصحاب البلد الدكاترة ويطلبون أموالاً يفرضونها ويطلبوها منك ولن يعطوك المعلومات كما يعطوها لطلابهم

علم الاجتماع

بينما أكد الباحث الاجتماعي عادل كاظم أستاذ في كلية التربية الجامعة المستنصرية :  مع الأسف عندما يكون مستوى الطالب العالمي ضعيف الأسرة تقنعه فقط بان يحقق النجاح والباقي كما يقال "عليها" هذا الإيعاز لا يجعله يبذل الجهد العلمي والتكيف النفسي للبقاء وإكمال دراسته بالعراق بالعكس يرغب بالسفر والابتعاد من الأجواء الأمنية المشحونة ودخوله أي كليه يرغبها ما دامت الأسرة تدفع بالعملة الصعبة  يضاف الى إرهاق أسرهم وذويهم بمصاريف مليونية سنوياً قد تمتد الى ست سنوات أو أكثر تشتمل على أجور المقعد الدراسي وحسب نوع ودرجة ومستوى الكلية والجامعة مضافا إليها أجور السكن والإقامة والملابس والطعام واللوازم والنقل وما شابه، الأمر الذي يتطلب ميزانية سنوية خاصة تضاف الى ميزانية العائلة. كما ان المكاتب تتغاضى أو تتجاهل هذا الأمر . فيما يتعلق بالدراسات الجامعية الأولية ويضيف الاعلان بأن باستطاعتك دراسة الماجستير والدكتوراه ، ولايفوت على صاحب الإعلان ان يختار اكثر الكليات قبولا عند الطالب العراقي فيضع كلية الطب والصيدلة والهندسة وهندسة الطيران في أولويات الاختصاصات.

عملة صعبة

وعملية رياضية بسيطة يمكن أن توضح أن طالباً واحدا يتم قبوله في كلية الصيدلة في إحدى جامعات أوكرانيا يتوجب عليه دفع أكثر من ثمانية ألاف دولار في السنة الأولى وبحدود ستة ألاف دولار في كل سنة من السنين الخمس او الأربع الباقية هذا فضلا عن مصاريف السكن والطعام والقرطاسية والملابس وأجور النقل وأجور الطائرة فيما إذا أراد الطالب زيارة أهله في العطلة السنوية، وعلى افتراض ان هذه المصاريف تكلف خمسة آلاف دولار في السنة فيكون المجموع أربعة وأربعين ألف دولار في السنين الأربع فإذا أضفنا له مبلغ السنة الأولى مع المصاريف التقديرية لهذا الرقم يصبح المجموع سبعة وخمسين ألف دولار للطالب الواحد على اقل تقدير،أم محمد كانت تحاول إقناع ابنها حسب قولها بالابتعاد عن فكرة السفر و رفضت أن يدرس أبناؤها في الخارج برغم محاولتهم مرارا وتكرارا إقناعها، تعتقد أن الأصل أن يظل الأبناء تحت نظرها، مبينة أنها تشعر في ذلك بالأمان. وان البيئة في الدول الغربية مختلفة كثيرا عن بيئتنا، ويصعب على أبنائها التأقلم معها. إذا كان التخصص موجودا هنا لماذا يتغرب الفرد، فالشهادة هي نفسها، وتعتمد على جدارة الشخص، إضافة إلى أن السفر للخارج قد يؤثر في شخصية الفرد ويزحزح ثقته بنفسه لعدم توفر الانسجام المباشر والسريع بالمجتمعات المختلفة".

 

أصحاب الشركات والمكاتب

أحد أصحاب مكاتب سفر ويدعى أبو صائب  علق قائلاً: أن هذه المكاتب توفر للطلبة مقاعدَ في جامعات مرموقة، تمنح شهادات معترف بها، يمكن للطلاب العمل بها في دول العالم المختلفة. و طلاب العراق يفضلون دراسة الطب، ما يوفر زخماً كبيراً يتسبب في نفاد المقاعد المتفق عليها، وتأتي دراسة الهندسة في الدرجة الثانية. ونقرأ أن معظم المكاتب التي تنظم عمليات القبول هي مكاتب ترجمة في حقيقتها، لكنها تحولت لكثرة الطلب، الى مكاتب وساطة بين الطالب والجامعة، حتى إذا توثقت علاقة العمل، توسعت في خبرتها كوسيط، وفي الوقت نفسه زادت من أسعار خدماتها.

إعلان لوكلاء جامعات يتولون تنظيم القبول، وهذا الإعلان هو واحد من مئات الإعلانات المنتشرة في المدن، تشجع الطلاب على الدراسة في الهند ودول شرق آسيا وأوكرانيا وروسيا ودول أخرى في أوروبا الشرقية. وذكر احمد الذي كان طالباً هناك وتعرض الى مواقف محرجة بسبب طموحه هناك حالة أخرى تنتشر بين الطلبة العراقيين في أوكرانيا وهي رغبتهم بالهروب الى دول الاتحاد الأوروبي عن طريق أوكرانيا، وبعض الطلاب لم يحضر الى أوكرانيا للدراسة أصلا وإنما للهروب عن طريقها الى السويد وهولندا وألمانيا وغيرها من الدول، لذلك تكثر المافيات المتخصصة بتهريب الطلاب، وهي شبكة كبيرة من المهربين العرب من جنسيات مختلفة ومعظمهم محتالون ويأخذون مبالغ كبيرة قد تتجاوز 10 آلاف دولار حتى يحصل على جواز مزور وتهريب الطالب الى خارج أوكرانيا. ولكن الكثير من العراقيين من الطلاب وغير الطلاب قد ألقت القبض عليهم القوات الأمنية الأوكرانية على الحدود وأشبعتهم ضربا ومزقت اوراقهم واخذت كل المستمسكات وأعطتهم ورقة صغيرة تعطي العراقي الحق في البقاء في اوكرانيا على اساس النظر في أمره بإعطاء حق اللجوء،

تحذيرات وزارة التعليم العالي

وبرغم من تحذير وزارة التعليم العالي بعدم حصول بعض الكليات الأهلية على إجازة اعتراف الا انها لازالت تستقبل طلبة وتمنحهم شهادات دراسية وبرسوم باهظة  وما يشجع ذلك هو رغبة الطلبة  بالحصول على معدلات عالية في الامتحانات الوزارية للمرحلة المنتهية لذلك يلجأ بعضهم إلى البحث عن طرق أخرى لتعديل تلك النتائج من خلال إعادة الامتحان لتحسين المعدل أو إعادة السنة الدراسية أو ربما اللجوء إلى الكليات الأهلية المتواجدة في القطر وبكثافة اليوم في حين يلجأ عدد آخر وتحديدا المتمكنون ماديا الى السفر للخارج وتحديدا الى أوكرانيا وروسيا ثم الهند فماليزيا حتى أصبحت الدراسة في الخارج مطلبا من مطالب الحصول على شهادة علمية أولية أو عليا لمن هم دون المستوى من الذين لا يتمتعون بذكاء وخبرة دراسية وأصبح من السهل لمن لا يجيد اختصاصا ما بالحصول على شهادة في ذلك الاختصاص وبمعدل عال جدا لقاء المبالغ التي يتم دفعها من قبله وهنا يصح القول على أنها عملية شراء شهادة للإغراءات التي تقدم للطالب بغية إكمال دراسته خارج البلاد، حيث قال" في محاولة الحصول على شهادة جامعية معترف بها من خارج العراق وعلى الأغلب اختصاصات طبية كالطب والصيدلة والتمريض فان البداية تكون من المكاتب المنتشرة بكثرة في العراق حيث سئمت العين ما ترى من إعلانات ولوحات دعائية تكاد تكون في كل شارع وزقاق إضافة إلى السماسرة المعروفين وغير المعروفين في مختلف المدن حيث يروجون للدراسة في الخارج وكأنها أسهل من شرب قدح ماء ".

وقال المتحدث الرسمي باسم الوزارة قاسم جبار إن " الوزارة ستلجأ إلى القضاء لمقاضاة الجهات المسؤولة عن هذه الجامعات حيث أنها تتحمل كافة التبعات القانونية بخصوص مخالفاتها بإنشاء كلية من دون إتمام أوراقها الرسمية " .

واوضح أن " الوزارة تحذر الطلبة من استمرارهم بالدراسة في الكليات الأهلية غير المعترف بها ".

وأوضح أن " الوزارة لا تعترف بأي شهادة ممنوحة من الكليات غير المسجلة ضمن السجلات القانونية للكليات الأهلية في الوزارة "

ختاما ... كل ما تطرقنا إليه وأكثر هو واقع حال الطالب العراقي الحالم بالحصول على شهادة جامعية تؤهله لممارسة حياته وتضمن له مستقبلا برغم يأس الكثيرين من التعيين وحلم إيجاد فرصة عمل ، غير انه مطالب بأن يراعي الضوابط المعمول بها في البلد من ناحية الكليات الاهلية المعترف بها إضافة الى الجامعات الدولية التي أدرجت ضمن لائحة الوزارة من ناحية مقبولية الشهادة التي تمنحه.

محرر الموقع : 2013 - 03 - 09