د. فاضل حسن شريف
صلاة يوم عيد الأضحى الجمعة 10 ذو الحجة:
أقيمت الصلاة في مسجد الإمام الحسين عليه السلام بمدينة تورونتو الكندية التي ابتدأت بدعاء الندبة ثم التكبيرات فصلاة العيد بإمامة الشيخ حسن العامري ركعتين في كل ركعة خمسة قنوتات متكررة كل واحدة (اَللّـهُمَّ أهْلَ الْكِبْرِيَاءِ وَالْعَظَمَةِ، وَأهْلَ الْجُودِ وَالْجَبَرُوتِ، وَأهْلَ الْعَفْوِ وَالرَّحْمَةِ، وَأهْلَ التَّقْوى وَالْمَغْفِرَةِ، أسْاَلُكَ بِحَقِّ هذَا الْيَومِ الَّذي جَعَلْتَهُ لِلْمُسْلِمينَ عيداً، وَ لُمحَمَّد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ ذُخْراً وَشَرَفاً وَمَزيْداً، أنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّد وَآلِ مُحَمَّد، وَأنْ تُدْخِلَني في كُلِّ خَيْر أدْخَلْتَ فيهِ مُحَمَّداً وَآلَ مُحَمَّد، وَأنْ تُخْرِجَني مِنْ كُلِّ سُوء أخْرَجْتَ مِنْهُ مُحَمَّداً وَآلَ مُحَمَّد صَلَواتُكَ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمْ، اَللّـهُمَّ إنّي أسْاَلُكَ خَيْرَ ما سَألَكَ مِنْهُ عِبادُكَ الصّالِحُونَ، وَأعُوذُ بِكَ مِمَّا اسْتعاذَ مِنْهُ عِبادُكَ الْصّالِحُونَ). و بعد الخطبة قرأت الزيارة فصلاتها. وصافح الحضور بعضهم البعض وقدمت وجبة الفطور داخل المسجد القشطة (القيمر) والحلوى والمعجنات والشاي، وفي حديقة المسجد وجبة الغداء شوي اللحوم على النار تبرعا من مؤسسة العين ثم أذان الظهر فصلاتها بدل صلاة الجمعة كون حصول صلاة العيد صباح يوم الجمعة. واجتمع أهالي الأموات في مقبرة المسجد الخارجية لقراءة الفاتحة على أرواح أمواتهم.
بسم الله الرحمن الرحيم “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا (41) وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا (42)” (الأحزاب 41-42) كان موضوع خطبة العيد (الذكر في العيد). قدم الشيخ حسن العامري التهاني بمناسبة عيد الأضحى المبارك وقال في خطبة العيد نسأل الله تعالى أن يجمعنا لحج بيته الحرام وان يحفظ الجميع الى العام القادم. جرت العادة وخاصة عند اتباع أهل البيت أن يذكروا أمواتهم في أيام عيد الأضحى والتي هي مناسبة للرجوع الى الله تعالى. ولعل البعض لا يحب ذلك ويقولون لماذا في عيد الكرسمس يفرح الناس بينما المسلمون يتذكرون الموت في أعيادهم؟ ولم يعلموا أن فرحة العيد تتطلب ذكر الله والرجوع إليه كما ورد في القرآن الكريم والسيرة النبوية وأحاديث أهل البيت. و ذكر الموت يعني ذكر الله تعالى لانه هو المحيي والمميت والذي من نعمه أنه تعالى أخفى وقت الموت ومكانه عنا. يقول أمير المؤمنين عليه السلام (الموت معقود بنواصيكم). الإنسان تمر عليه ذكرى موته وهو حي لأن الله أعلم بها ووقتها خاف على الإنسان. والموت لا يميز بين كبير وصغير وبين غني وفقير وبين مريض وصاح وبين عالم وجاهل. فالكل الى الموت ذاهبون.
يقول الله عز وجل “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا” (الأحزاب 41) لماذا الذكر الكثير؟ حتى نرجع اليه سبحانه وخاصة في الأعياد لاننا لا نعلم هل نحن باقون للسنة القادمة. وذكر الله ليس بالقول فقط وإنما كذلك بالعمل. يقول الامام زين العابدين عليه السلام (وأما حق نفسك عليك، فأن تستوفيها في طاعة الله). وما عليك الا أن تعمل بتعليم نفسك بالفقه ودراسة العقائد وأخلاق أهل البيت وهي من واجبات المؤمن. ومن حق الله تعالى عليك ذكره. عليك أن تفهم وجودك في الكون. عليك أن تكون علاقتك بالله قوية وذلك بحبه وطاعته لكي تكون خططك في الحياة ربانية “قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ” (آل عمران 31)، “وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِّلَّهِ” (البقرة 165).
اذا اردنا أن نتذكر الله علينا معرفة محمد وآل محمد، وحق علينا أن نتبع ما يطلبون. يقول الامام الصادق عليه السلام ( كونوا لنا زينا، ولا تكونوا علينا شينا) علينا أن نتخلق بأخلاق أهل البيت. يقول الإمام الرضا عليه السلام (رحم الله عبدا احيا امرنا، يتعلم علومنا ويعلّمها الناس فإن الناس لو علموا محاسن كلامنا لاتبعونا). علينا أن نكون ممن يشاركون عزاء أهل البيت ويشعر الإنسان كيف أن أهل البيت صبروا ونتعلم منهم الصبر وخاصة الصبر على مصيبة سيد الشهداء أبي عبد الله الحسين عليه السلام.
قال الله تعالى “قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَىٰ” (الشورى 23) أجر ومحبة الله تعالى تتطلب مودة ومحبة أهل البيت عليهم السلام. قال الرسول محمد صلى الله عليه وآله وسلم ( وإني تاركٌ فيكم الثَّقَلَين، كتابَ اللهِ عَزَّ وجَلَّ، وعِتْرَتي، كتاب الله حَبلٌ ممدود من السماء إلى الأرض، وعترتي أَهْلُ بيتي، وإن اللطيف الخبير أَخبرني أَنهما لَن يفترقا حتى يَرِدا عليّ الحوض، فَانْظُرُوني بِمَ تَخلُفُونِي فيهما).
وبالاضافة الى ذكر الله ومحبة أهل البيت وذكر الاموات في أيام العيد فان للوالدين عليك حقوق وهي محبتهم وطاعتهم “وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ۚ إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا (23) وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا (24)” (الاسراء 23-24). علينا صرف الوقت الكافي لسعادة الوالدين. علينا كذلك ذكر حقوق الزوجة والأولاد وتعليمهم حب أهل البيت عليهم السلام التي بدورها تذكرهم بحب الله وطاعته.
علينا حقوق لمجتمعنا خاصة في أيام الأعياد بأعمال الخير وخدمة الآخرين في سبيل رضا الله تعالى وليس المهم رضا الناس “إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا” (الانسان 9). عطاءك يجب أن يكون اخلاصا لله تعالى “هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ” (الرحمن 60). لا تنتظر من الناس الشكر على خدمتك لهم ان كانت خدمتك في مسجد أو عمل بر. ولكن شكرك للناس الآخرين على خدمتهم شيء حسن فالزوجة مثلا التي تطبخ الطعام شكرها من حسن الخلق.