اخر الاخبار

التوصيات العامة لمسؤولي المؤسسات والمراكز الاسلامية والعاملين فيها لشهر محرم الحرام 1447هـ الصادرة من مؤسسة الامام علي (ع) – لندن

بسمه تعالى
السلام عليكم أيها المؤمنون والمؤمنات ورحمة الله وبركاته
نعزيكم باستشهاد الحسين (ع) واهل بيته الطيبين الطاهرين، وبعد:
شهر محرّم الحرام ليس مجرد مناسبة عاطفية في وجدان الأمة، بل هو محطة مركزية لإعادة إحياء الوعي الديني، وتجديد الولاء لنهج أهل البيت عليهم السلام، وبناء الإنسان الرسالي الذي يتخذ من الإمام الحسين عليه السلام قدوة ومثالًا.
وفي هذا الإحياء، تقع مسؤولية كبرى على عاتق المراكز والمؤسسات الإسلامية، لاسيما في بلاد الاغتراب أو المجتمعات المتعددة ثقافيًا، حيث تُشكّل هذه المراكز منصّة للتبليغ، والتعليم، والإحياء، وبثّ الروح الحسينية في مختلف الأجيال.
ومن هنا، نقدم مجموعة من الوصايا الهادفة إلى ترشيد العمل المؤسسي في هذه المناسبة المباركة، بما يضمن تعظيم الشعائر، وتجديد الفكر، وحفظ القيم، وخدمة الأمة على خطى الحسين عليه السلام.

أولًا: الإخلاص في العمل وتجديد النية
أولى الوصايا هي الإخلاص لله تعالى في كل ما يُقدَّم، سواء في إعداد البرامج، أو دعوة الخطباء، أو تنظيم المواكب والمجالس، أو في الجوانب الإدارية والمالية.
الإمام الحسين عليه السلام قام بثورته طلبًا لرضا الله، وقال: “إني لم أخرج أشرًا ولا بطرًا، ولكن خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي”.
فليكن شعار المؤسسات في عاشوراء: الإصلاح، والبذل، والنية الخالصة في تعظيم شعائر الله واظهارها بالوجه اللائق.

ثانيًا: إعداد برنامج شامل ومتكامل
من المهم أن تُعدّ المراكز برنامجًا شاملًا متوازنًا يغطي مختلف الأبعاد التي يحتاجها المؤمنون في هذه الأيام، ومنها:
• خُطب ومحاضرات علمية وتربوية تراعي تنوّع الجمهور (رجال، نساء، شباب، أطفال).
• مجالس العزاء بلحنٍ خاشع ورسالة هادفة.
• ورش عمل وندوات حوارية حول مفاهيم كربلاء.
• مجالس قرآنية وزيارات جماعية لقراءة زيارة عاشوراء وزيارة وارث ودعاء التوسل خصوصا في هذه الظروف العصيبة.
• مسابقات ثقافية حول سيرة الإمام الحسين وأهداف نهضته.
كلّ ذلك ضمن برنامج منظم، مع جدول زمني واضح، ولجان متخصصة تتابع التنفيذ بعناية.

ثالثًا: العناية الخاصة بالشباب والفتيات
الشباب هم الجيل الذي تُبنى عليه الآمال، وإذا لم يجدوا في المراكز الإسلامية خطابًا يفهمهم، وأسلوبًا يحاورهم، ومكانًا يحتويهم، سيفقدون الارتباط بهذه الشعائر تدريجيًا.
وعليه، من واجب المؤسسات في محرّم أن:
• تخصص برامج شبابية بلغات متعددة، تراعي اختلاف البيئات والثقافات.
• تُقدّم محاضرات حوارية غير تقليدية تجيب عن تساؤلاتهم.
• تُشركهم في التنظيم والخدمة، وتمنحهم دورًا حقيقيًا في الإحياء.
• تُنتج محتوى رقميًا يناسب أذواقهم (مقاطع فيديو، إنفوغراف، منصات تفاعلية…).
وهنا يُستحسن التعاون مع شباب واعٍ في صياغة البرامج، وعدم فرض نماذج قديمة لا تجذبهم.

رابعًا: المحافظة على الهوية العقائدية بلغة راقية
من أهم وظائف المؤسسات في هذه المناسبة ترسيخ الهوية الشيعية الأصيلة، بعيدًا عن الطائفية أو التقوقع. فينبغي أن:
• يُركّز الخطاب على مدرسة أهل البيت بوصفها مدرسة إصلاح وبناء للإنسان.
• تُبيَّن أبعاد النهضة الحسينية عقائديًا وأخلاقيًا وسياسيًا، بأسلوب علمي ومنفتح.
• يُبتعد عن الممارسات المرفوضة أو الشعارات المنفّرة، مع الحفاظ على روح الحزن والمظلومية.
فالغرض ليس كسب العواطف فقط، بل تثبيت الانتماء، وتعميق الفهم، وتحقيق التزكية في صفوف المؤمنين.

خامسًا: احترام النظام والانضباط في المجالس
من معالم نجاح المراكز في إحياء عاشوراء: تنظيم المكان، وضبط الوقت، واحترام الحضور، والمحافظة على جوّ الوقار. لذا ينبغي:
• تحديد وقت دقيق لبداية البرامج ونهايتها.
• إعداد أماكن مريحة ومنظمة للنساء والرجال والأطفال.
• تعيين فرق لخدمة المجلس، وتنظيم الدخول والخروج، والإشراف على الأطفال.
• ضبط الصوت والإضاءة والتهوية، وتوفير ترجمة فورية عند الحاجة.
هذه التفاصيل، وإن بدت صغيرة، إلا أنها تُعبّر عن مدى احترام الحسين، وتجعل المجلس بيئة روحية مؤثرة.

سادسًا: تفعيل الجانب الإعلامي والتوثيقي
من الملاحظ أن كثيرًا من الجهود الحسينية تضيع لعدم التوثيق أو غياب الحضور الإعلامي. ولهذا ينبغي أن:
• يتم توثيق الفعاليات صوتًا وصورة.
• نشر تقارير مصورة ومكتوبة عن النشاطات.
• إعداد مقاطع قصيرة تنشر على وسائل التواصل.
• ترجمة الخُطب والمواد التوعوية للغات المحلية (إنكليزية، فرنسية، ألمانية…).
• التعاون مع وسائل إعلام مستقلة لعرض وجه إنساني لحركة الإمام الحسين.
بهذا، تنتقل رسالة كربلاء من الجدران إلى العالم.

سابعًا: دعوة غير المسلمين لحضور مجالس تعريفية
فعاشوراء فرصة ذهبية لتعريف غير المسلمين بالإسلام الأصيل، خاصة في المجتمعات الغربية. ويمكن للمراكز تنظم مجالس عامة مخصصة للزوار غير المسلمين، لان الحسين (ع) لم يكن للشيعة فقط بل للإنسانية جمعاء.

((وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون))