اخر الاخبار
ليلة الحادي عشر.. حين قادت زينب ركب الحسين، وبكت الطف بصمت اليتامى/ محمد الناصري

ما إن غربت شمس يوم العاشر من محرم، حتى تحولت أرض كربلاء إلى ساحة أخرى من الفجيعة. سكنت السيوف، وهدأت صرخات المعركة، لكنّ الليل أطلّ شاهداً على فصل جديد من المأساة… فصل الحريق والسبي واليُتم.
في تلك الليلة الدامية، كانت الأجساد الطاهرة ملقاة بلا غسل ولا كفن. الحسين وأخوه العباس، والقاسم، وعلي الأكبر، ورضيع على صدر أبيه، وعشرات الأبرار من أصحابهم قضوا نحبهم وتركوا خلفهم يتامى ونساءً، تائهاً نظرهم، تائهة خطاهم.
وسط هذا المشهد، نهضت العقيلة زينب (عليها السلام) بما لا تقوى عليه الجبال. أصبحت قائدة الركب، الحارسة للأيتام، الساهرة على حرائر الرسالة. جمعت الأيتام، نادتهم بأسمائهم، ضمّت الخائف منهم، وربّت على كتف المذهولين منهم، وأطفأت بنور حنانها نار الخيام التي أُضرمت، وحفظت شرف الرسالة برباطة جأشها.
كانت زينب (ع) في تلك الليلة تمثّل الحسين في صبره، والعباس في ثباته، وعليًا في فقهه، وفاطمة في عطفها، ورسول الله في حكمته. لم تهتزّ أمام خيام محترقة، ولا من صيحات العدو، بل كانت تمشي على الجراح كما تمشي الملوك على السجاد، تحمي الرسالة وتداوي القلوب.
في تلك الليلة:
انتهت المعركة بالسيف، وبدأت معركة الوعي والصبر
ارتفعت زينب (ع) من كونها أخت شهيد، إلى أن تكون أمّة بأكملها
أصبح الأيتام مشاريع نور تقودها عقيلة بني هاشم، لفضح الطغاة وكشف الظلام