اخر الاخبار

المجلس الحسيني لليوم التاسع من محرم بمدينة تورونتو الكندية (ثمرات الدين)‎

د. فاضل حسن شريف

مجلس عزاء حسيني مساء التاسع من محرم السبت في مسجد الإمام الحسين عليه السلام بمدينة تورونتو الكندية:
بعد تلاوة آيات من الذكر الحكيم من قبل بعض الحضور لمدة ساعة بأشراف السيد عبد السلام الموسوي، فقراءة آيات من القرآن الكريم، ثم مجلس العزاء للخطيب الشيخ حسن العامري، فترديد قصائد حسينية للسيد مصطفى الحسناوي والزيارة، فصلاة المغرب، ومأدبة العشاء تبرعا من مؤسس المسجد الحاج عطا علي وجلسة شاي.
بسم الله الرحمن الرحيم “إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ ۚ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ۚ ذَٰلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ” (يوسف 40) بعد النعي الحسيني في بداية ونهاية الخطبة ابتدأ الخطيب الشيخ العامري خطبته الارتجالية والتي كان موضوعها (ثمرات الدين). قدم الشيخ العامري التعازي باستشهاد أبي عبد الله الحسين عليه السلام وأهله وصحبه الكرام (ولأبكينَّ عليك بدلَ الدموعِ دماً). كل شيء تعرف قيمته عندما تعرف ما يقدمه هذا الشيء لك. فأكبر مقدمي العطاء هو الله تعالى “وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ” (الزمر 67) وعطاء الله للبشرية جمعاء. فالمؤمن يعرف قيمة الله عز وجل بينما الكافر لا يقدر قيمته عز شأنه.
الدين لا تعرف قيمته إلا بعد معرفة ثمراته. من ثمرات الدين خلود الإنسان. هل تعتقد أن الله تعالى خلق الإنسان حتى يعيش ثمانين سنة ويموت. كلا كما يقول الشاعر: رُبَّ لَحْدٍ قَدْ صَارَ لَحْدًا مِرَارًا * ضَاحِكٍ مِنْ تَزَاحُمِ الْأَضْدَادِ وَدَفِينٍ عَلَى بَقَايَا دَفِينٍ * فِي طَوِيلِ الْأَزْمَانِ وَالْآبَادِ فَاسْأَلِ الْفَرْقَدَيْنِ عَمَّنْ أَحَسَّا * مِنْ قَبِيلٍ وَآنَسَا مِنْ بِلَادِ كَمْ أَقَامَا عَلَى زَوَالِ نَهَارٍ * وَأَنَارَا لِمُدْلِجٍ فِي سَوَادِ تَعَبٌ كُلُّهَا الْحَيَاةُ فَمَا أَعْـ * ـجَبُ إِلَّا مِنْ رَاغِبٍ فِي ازْدِيَادِ إِنَّ حُزْنًا فِي سَاعَةِ الْمَوْتِ أَضْعَا * فُ سُرُورٍ فِي سَاعَةِ الْمِيلَادِ خُلِقَ النَّاسُ لِلْبَقَاءِ فَضَلَّتْ * أُمَّةٌ يَحْسَبُونَهُمْ لِلنَّفَادِ إِنَّمَا يُنْقَلُونَ مِنْ دَارِ أَعْمَا * لٍ إِلَى دَارِ شِقْوَةٍ أَوْ رَشَادِ.
الموت ليس بلاء انما مرحلة انتقال من حال الى حال أو من دار الى دار ” وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ” (هود 108)، “وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا” (الجن 23). فالقرآن الكريم واضح في تعريفه معنى الخلود. فالخلود من ثمرات الإيمان بالدين حيث الأعمال تنتقل من عالم لآخر.
الثمرة الثانية للدين اعطاء الانسان القوة والعزة والكرامة لان الانسان خلق ضعيفا “وَخُلِقَ الْإِنسَانُ ضَعِيفًا” (النساء 28) ورد أن الإنسان مرتبط بالقوي وهو الله تعالى فيصبح قويا. قال الإمام الصادق عليه السلام (إن المؤمن أعز من الجبل، الجبل يستفل بالمعاول، والمؤمن لا يستفل دينه بشئ). الانسان يرتبط بالعزيز “وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ” (الحج 40)، “وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ” (المدثر 31). ورد أن النمرود قُتل على يد بعوضة. وكذلك وفاة الملياردير الهندي بعد ابتلاع نحلة خلال مباراة بولو.
قال الله تعالى “وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ” (الأنبياء 30) ولكن في نفس الوقت هذا الماء هو الذي هلك فرعون. والعزة بالتالي هي لله ورسوله “وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ” (المنافقون8). سيد الشهداء الحسين عليه السلام لديه العزة والقوة وهو القائل (لا والله لا اُعطيكم بيدي إعطاء الذليل ولا أقرّ أقرار العبيد).
الثمرة الثالثة للدين هي الهدف من الحياة. فالذي لا دين له هدفه فقط الأكل والشرب فهو ينتحر لاتفه الأسباب لعدم ارتباطه بالله جل جلاله (إلهي من ذا الذي ذاق حلاوة محبتك فرام منك بدلا)، (إلهي بك هامت القلوب الوالهة، وعلى معرفتك جمعت العقول المتباينة). الذي يعتقد بالدين يصبح له هدف وأولها هدف الوجود “وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ” (الذاريات 56) وهدف العبادة “وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّىٰ يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ” (الحجر 99).
تصديقك بما يقوله الله تعالى للوصول الى التقوى “ذَٰلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ ۛ فِيهِ ۛ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ (2) الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ (3) وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ (4)” (البقرة 2-4). التقوى تجعلك كريم النفس “إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ” (الحجرات 13) والتقي هو الفائز بالجنة ” إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ (54) فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِندَ مَلِيكٍ مُّقْتَدِرٍ (55)” (القمر 54-55)، “إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي ظِلَالٍ وَعُيُونٍ” (المرسلات 41). هنالك ملائكة تأخذ المؤمنين على شكل وفود الى الجنة “يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَٰنِ وَفْدًا” (مريم 85).
يسأل البعض لماذا جاءني الله للوجود؟ الجواب كنت عدم وأصبحت موجودا وهذا يتطلب منك ان تشكر الله على نعمته بأن جعلك انسان وغير حيوان آخر. والانسان بفطرته وضعه الله لا يكلفه الا حسب سعته “لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا” (البقرة 286)، “هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ” (الحج 78). وعطاء يوم القيامة لا حدود له “هُم مَّا يَشَاءُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ” (ق 35). قال أمير المؤمنين عليه السلام ( صَبَرُوا أَيَّاماً قَصِيرَةً أَعْقَبَتْهُمْ رَاحَةً طَوِيلَةً).

من ثمرات الدين في مثل هذه الليلة أصحاب الحسين عليه السلام قال لهم: أنتم في حل من بيعتي، وهذا الليل فاتخذوه جملاً. فقالوا له لن نترك وحيدا. لما نزل الحسين عليه السلام في كربلاء كان أخص أصحابه به وأكثرهم ملازمة له هلال بن نافع، سيّما في مظانِّ الاغتيال، لأنه كان حازماً بصيراً بالسياسة، فخرج الحسين عليه السلام ذات ليلة إلى خارج الخيم حتى أبعد، فتقلَّد هلال سيفه، وأسرع في مشيه حتى لحقه، فرآه يختبر الثنايا والعقبات والأكمات المشرفة على المنزل. ثم التفت إلى خلفه فرآني، فقال عليه السلام: من الرجل؟ هلال؟ قلت: نعم جعلني الله فداك، أزعجني خروجك ليلا إلى جهة معسكر هذا الطاغي، فقال: يا هلال خرجت أتفقَّد هذه التلاع مخافة أن تكون مكمناً لهجوم الخيل على مخيَّمنا يوم تحملون ويحملون. ورد أن الامام الحسين عليه السلام حدد بقعا يقتل فيها ابنه علي الأكبر وأخيه العباس.