اخر الاخبار

المجلس الحسيني لليوم الحادي عشر من محرم بمدينة تورونتو الكندية (ثمرات فاجعة الطف)‎

د. فاضل حسن شريف

مجلس عزاء حسيني مساء الحادي عشر من محرم الاثنين في مسجد الإمام الحسين عليه السلام بمدينة تورونتو الكندية:

بعد تلاوة آيات من الذكر الحكيم من قبل بعض الحضور لمدة ساعة بأشراف السيد عبد السلام الموسوي، فقراءة آيات من القرآن الكريم، ثم مجلس العزاء للخطيب الشيخ حسن العامري، فترديد قصائد حسينية والزيارة، فصلاة المغرب، ومأدبة العشاء تبرعا من مؤسس المسجد الحاج عطا علي وجلسة شاي.

بسم الله الرحمن الرحيم “إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي الْمَوْتَىٰ وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ ۚ وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُّبِينٍ” (يس 12) بعد النعي الحسيني في بداية ونهاية الخطبة ابتدأ الخطيب الشيخ العامري خطبته الارتجالية والتي كان موضوعها (ثمرات فاجعة الطف).

من القوانين المادية في هذه الحياة هو نتاج الأعمال التي تتبع المقدمات. كل عمل يأتي نتيجة صنف العمل. انسان متقي سببه التربية في عائلة متقية، وبالعكس إنسان لا دين له بسبب عائلته غير الملتزمة. وهكذا المجتمع الذي فيه تكافل اجتماعي وتحكمه قيم انسانية لم يأتي اعتباطا وانما نتيجة جهد طويل الأمد.

افلاطون يقول أصل الأخلاق نابع من المجتمع. بينما النظرية الاسلامية تقول الأخلاق والصلاح ليس فقط للمجتمع دور في ذلك وانما كذلك دور الفرد في ذلك المجتمع يتحمل المسؤولية قبل المجتمع “وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا (7) فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا 8 قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا (9) وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا (10)” (الشمس 7-10). كفرد عليك مسؤولية نفسك تحاسبها وتعاقبها “بَلِ الْإِنسَانُ عَلَىٰ نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ” (القيامة 14).

يقول الله تعالى “قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُم بِوَاحِدَةٍ ۖ أَن تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَىٰ وَفُرَادَىٰ ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا” (سبأ 46) كفرد عليك مسؤولية كما جاء في الحديث (كُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ) أي كل واحد منكم راع نفسه، ثم رعاية المجتمع لتنتج أمة تصلح لأن تكون أهلا لتحمل المسؤولية “وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ” (آل عمران 104). الحرية في الغرب شبه مطلقة فالشخص داخل الاسرة له الحرية بعمل قد يؤثر على أفراد العائلة الآخرين بينما الاسلام يعطي الحرية ضمن ضوابط بحيث لا تؤثر سلبا على الآخرين.

كل بذرة يضعها الإنسان في هذه الدنيا بعمله لها آثار في الدنيا والآخرة. مثلا النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم كان يعبد في غار صغير اسمه حراء يذهب اليه لم يسمعه أو يره أحد عدا أمير المؤمنين علي عليه السلام (ولقد كان يجاور في كل سنة بحراء فأراه ولا يراه غيري). وبذرة غار حراء وصلت ثمارها الى كل بقعة في العالم.

هنالك من خان النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم بعد وفاته بذرته أدت الى خراب جسد وعقيدة الإسلام. قال السيد التيجاني لو قدر لعلي عليه السلام ان يحكم ثلاثين سنة لما رأينا فتنة حاصلة الى يومنا هذا. ولكن كما ترون حاليا كيف حال الامة الاسلامية من ذل وخنوع أمام العدو بسبب بذرة الخيانة بعد وفاته صلى الله عليه وآله وسلم.

ولو رجعنا إلى التاريخ نجد أن الحرب العالمية الأولى كان سبها طالب صربي قتل رئيس النمسا، والحرب العالمية الثانية كانت نتيجة الحرب الأولى. والحربين أدت الى مقتل عشرات الملايين. وكل ذلك كان نتيجة بذرة ذلك الطالب الصربي الفاسدة. وهكذا بذرة يزيد الفاسدة قتلت سيد شباب أهل الجنة الحسين عليه السلام في واقعة كربلاء فانتجت شهادته أسس مدرسة صالحة غيرت وجهت التأريخ فروعها منتشرة في كافة أنحاء العالم. وما المجالس الحسينية إلا ثمرة من ثمرات الثورة الحسينية.

أن جبريل عليه السلام نزل على النبي صلى الله عليه وسلم وأخبره بمقتل الحسين عليه السلام بعد ولادته. و أن النبي بكى عند سماعه ذلك. ان قتله سبب في زرع بذرة الارتباط بالله تعالى كما تفعل المجالس الحسينية حاليا. يقول من يقول هل يعقل أن ولي من أولياء هكذا يقتل من قبل عدو ظالم طاغية؟ الجواب هكذا حصل مع الأنبياء والرسل فانهم محصوا بالبلاء والنكبات لان الحياة مرحلة نجاحها هو الآخرة “الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلً” (الملك 2)، “هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدًا” (الأحزاب 11)، “وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ” (الأنفال 7). ورد أن أمير المؤمنين عليه السلام أشار ان الدنيا نحبها فبواسطتها نصل إلى الله تعالى و سعادة الآخرة.

هنالك ملازمة للقداسة فالشخص المقدس لابد أن عمله مقدس كما حال أهل البيت عليهم السلام “إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا” (الأحزاب 33). على الانسان أن يربط عزته بعزة الرسول وأهل بيته عليهم السلام “وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ” (المنافقون8). يجب أن يكون هدفك الله سبحانه “إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ” (فصلت 30).

العقيلة زينب عليها السلام فقدت أخوانها الحسين والعباس عليهما السلام وابنائها وتم اسرها وسبيها مع بقية النساء والأطفال ولكنها لم تترك صلاة الليل. عندما سألت عليها السلام ما رأيت صنع الله بكم فكان جوابها (ما رأيت إلا جميلاً”). في اليوم الحادي عشر بعد حرق الخيام أخذوا بنات رسول الله سبايا وعلى رأسهم زينب عليها السلام فهي مع كبر سنها أركبت بقية النساء والاطفال وقد ساقهم العبيد فانا لله وانا اليه راجعون.