اخر الاخبار

المجلس الحسيني لليوم الثاني عشر من محرم بمدينة تورونتو الكندية (مدرسة الحسين عليه السلام)‎

د. فاضل حسن شريف

مجلس عزاء حسيني مساء الثاني عشر من محرم الثلاثاء في مسجد الإمام الحسين عليه السلام بمدينة تورونتو الكندية:
بعد تلاوة آيات من الذكر الحكيم من قبل بعض الحضور لمدة ساعة بأشراف السيد عبد السلام الموسوي، فقراءة آيات من القرآن الكريم، فكلمة قصيرة للدكتور فاضل حسن شريف ثم مجلس العزاء للخطيب الشيخ حسن العامري، فترديد قصائد حسينية للشاب عمار نعش والزيارة، فصلاة المغرب، ومأدبة العشاء تبرعا من مؤسس المسجد الحاج عطا علي وجلسة شاي.
بعد النعي الحسيني في بداية ونهاية الخطبة ابتدأ الخطيب الشيخ العامري خطبته الارتجالية والتي كان موضوعها (مدرسة الحسين عليه السلام). قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم (الحسين مصباح الهدى و سفينة النجاة). سؤال لماذا تتميز مدرسة سيد الشهداء الحسين عليه السلام عن غيرها من المدارس؟ من الخصائص التي ميزت هذه المدرسة أن العلم فيها تم تطبيقه عمليا، وهذا شأن أهل البيت عليهم السلام أصحاب علم وعمل وكما ورد العلم ان تعمل بما تعلم. قال الإمام الباقر عليه السلام (إذا سمعتم العلم فاستعملوه).
كثير من العلماء يقدم نظريات حول العقائد والشبهات ولكن لا يعطي حلا مثل الذي يتكلم عن الكرم ولكنه غير كريم. أهل البيت أصحاب تطبيق مثلا كرماء قولا وفعلا. قال الرسول صلى الله عليه وآله وسلم للإمام علي عليه السلام (الإيمان مخالط لحمك ودمك كما خالط لحمي ودمي). قادة الإسلام الحقيقيين هم مثال تطبيقي للصفات الحسنة.
مدرسة الحسين تحول المخطئ إلى مصلح والمنحرف إلى مؤمن. من أمثلة التأريخ ان مريم المجدلية وهي غير مريم العذراء كانت من الخطائين جاءت الى عيسى عليه السلام فأخرج الشياطين من جسدها كما ورد في الروايات المسيحية وأصبحت تقية من الحواريين نتيجة مدرسة عيسى.
مدرسة الحسين ليست مقتصرة على المسلمين وانما تشمل المسيحي واليهودي والفاسق والملحد فإنها تحولهم الى مصلحين. فهذا وهب النصراني وزهير بن القين الناصبي لآل محمد والحر الرياحي قائد جيش يزيد ضمهم الامام الحسين عليه السلام ليكونوا من أصحابه في معركة الطف. لذلك كثير من الناس أصبحوا صالحين نتيجة لدخولهم لهذه المدرسة المباركة على مر الأزمان.
شهر محرم مجمع الكمال الحسيني لاكتساب الخلق الحسيني وهو من خلق جده المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم “وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ” (القلم 4). الحسين عليه السلام ليس جسد وانما فكر وروح. في هذا الشهر الحسيني هنالك ناس يصرفون أموال وجهد وطاقة ويقدمون الطعام ويسقون الماء ويذرفون الدموع كما قال الشاعر: تـبـكيكَ عيني لا لأجلِ مثوبة * لـكـنّـمـا عيني لأجلِكَ باكيه. الناس تريد الوصول الى الله تعالى عن طريق الحسين عليه السلام. ورد أنّ جبريل نزل مهنئاً بقدوم الحسين عليه السلام وهو طفل صغير وبشّر النبي صلى الله عليه وآله بقتله، وأنّ مقتله سيكون سبباً لسخط الله على قاتليه. ان الحسين عليه السلام اليوم انتشر في كل بقعة من بقاع العالم.
خطباء المنابر الحسينية هم رسل الحسين عليه السلام ليعلموا الناس من هو الحسين وما هي رسالته. الله سبحانه وتعالى سخر ناس في خدمة الحسين. ارسل عيسى عليه السلام رسل الى بلدة انطاكيا وهم ليسوا أنبياء “وَاضْرِبْ لَهُم مَّثَلًا أَصْحَابَ الْقَرْيَةِ إِذْ جَاءَهَا الْمُرْسَلُونَ (13) إِذْ أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُمَا فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ فَقَالُوا إِنَّا إِلَيْكُم مُّرْسَلُونَ (14)” (يس 13-14) فرسل الحسين عليه السلام الى يومنا هذا ليسوا أنبياء وانما هم خطباء المنابر الحسينية. وهنالك رسل شبيه رسل عيسى عليه السلام أرسلهم قبل قدومه كربلاء منهم مسلم بن عقيل عليه السلام.
الامام السجاد والعقيلة زينب عليهما السلام هما رسل الحسين عليه السلام بعد استشهاده. تتضمن قضية الحسين جزءين الأول الشهادة والثاني الرسالة. ومن عظمة زينب عليها السلام حملها رسالة أخيها الحسين من شهادتها على المعترك وساحات المعركة الى سبيها وخطبها امام الطغاة في الكوفة والشام.
ورد أن نساء بني أسد قدمن من مناطق بعيدة عن النهر لجلب المياه وإذا بجثث ملقاة على أرض كربلاء ورجعن إلى رجالهن وقصصن المنظر الذي يفطر القلب ويهز النفوس. وقد علم بعد ذلك ان هذه الجثث منها ترجع الى آل النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم.
كلمة قصيرة ألقاها الدكتور فاضل حسن شريف عن (مساء عاشوراء):
مساء عاشوراء بعد مقتل الحسين عليه السلام مادت الأرض، واسودَّتْ آفاق الكون، وامتدت حمرة رهيبة في السّماء كانت نذيراً من الله لاُولئك السفّاكين المجرمين الذين انتهكوا جميع حُرُماتِ الله. وصبغ فرس الحسين عليه السّلام ناصيته بدم الإمام الشّهيد المظلوم، وأقبل يركض مذعوراً نحو خيام الحسين عليه السّلام؛ ليعلم العيال بمقتله واستشهاده. وقد صوّرت زيارة الناحية المقدّسة هذا المشهد المأساوي كما يلي: “فلمّا نظرت النساء إلى الجواد مخزيّاً، والسّرج عليه ملويّاً؛ خرجن من الخدور ناشرات الشعور، على الخدود لاطمات، وللوجوه سافرات، وبالعويل داعيات، وبعد العزّ مذَلَّلات، وإلى مصرع الحسين مبادرات”. ونادت عقيلة بني هاشم زينب عليها وهي ثكلى: وا محمداه وا أبتاه وا علياه وا جعفراه وا حمزتاه هذا حسين بالعراء، صريع بكربلاء، ليت السّماء أُطبقت على الأرض وليت الجبال تدكدكت على السّهل.
انبرى ابن سعد بعد مقتل الحسين عليه السلام لينفّذ أوامر سيّده الحاقد ابن زياد، فنادى في أصحابه: مَنْ ينتدب للحسين فيوطئه فرسه؟ فانتدب عشرة، فداسوا جسد الحسين عليه السّلام بخيولهم حتّى رضّوا ظهره. ووقفت العقيلة زينب عليها السّلام على جثمان أخيها تدعو قائلةً: (اللهمّ تقبّل هذا القربان).

وعمد المجرمون إلى حرق الخيام غير حافلين بمَنْ في الخيام من بنات الرسالة وعقائل النبوّة. قال الإمام زين العابدين عليه السّلام: “والله، ما نظرت إلى عمّاتي وأخواتي إلاّ وخنقتني العبرة، وتذكّرت فرارهن يوم الطفّ من خيمة إلى خيمة، ومن خباء إلى خباء، ومنادي القوم ينادي: أحرقوا بيوت الظالمين”. وعمد جيش يزيد إلى سلب حرائر النبوّة وعقائل الرسالة، فنهبوا ما عليهنّ من حليّ وحلل، كما نهبوا ما في الخيام من متاع. وصلى الله على سيدنا محمد وآل محمد.