اخر الاخبار
الهتافات المسيئة في مباراة العراق وفلسطين: عندما تتجاوز الجماهير حدود الرياضة

شهدت مباراة المنتخب العراقي أمام نظيره الفلسطيني، التي أُقيمت في 25 /3/ 2025 ضمن التصفيات الآسيوية المؤهلة لكأس العالم، حدثًا مؤسفًا أثار استياء الجماهير العراقية. فبدلًا من أن تكون المباراة فرصة للتنافس الرياضي الشريف وتعزيز الروابط بين الشعوب، انحرف بعض الجماهير عن هذا المسار، وأطلقوا هتافات مسيئة ضد المنتخب العراقي، من بينها “يا عراقي يا كواد”.
هذا الحدث يعيد إلى الواجهة النقاش حول أخلاقيات التشجيع الرياضي، وكيف يمكن لمثل هذه التصرفات أن تؤثر على العلاقات بين الشعوب، وتحوّل الملاعب من ساحات للمتعة والتنافس النزيه إلى ساحات للعداء والإهانة.
عندما تخرج الجماهير عن القيم الرياضية
الرياضة، وخاصة كرة القدم، لطالما كانت وسيلة للتقارب بين الشعوب، ونافذة لتعزيز الروح الرياضية. غير أن بعض الجماهير، تحت تأثير الانفعالات العاطفية أو بدافع الاستفزاز، يتجاوزون حدود الأخلاق الرياضية ويحولون التشجيع إلى وسيلة للإهانة.
إن هتاف “يا عراقي يا كواد” ليس مجرد كلمات عابرة، بل يعكس موقفًا عدائيًا غير مبرر، خاصة إذا أخذنا بعين الاعتبار عمق العلاقات التاريخية بين العراق وفلسطين. هذه الهتافات لا تؤثر فقط على معنويات اللاعبين، بل تخلق جوًا من التوتر بين الشعوب، وقد تؤدي إلى تصعيد إعلامي وسياسي غير ضروري.
ازدواجية المعايير: لماذا العراق؟
ما يثير التساؤل هو لماذا وُجّهت هذه الإساءات إلى العراق تحديدًا؟ العراق كان ولا يزال داعمًا قويًا للقضية الفلسطينية، سواء سياسيًا أو شعبيًا، وهو من الدول القليلة التي لم تطبّع علاقاتها مع إسرائيل رغم الضغوط الإقليمية والدولية. كما استضاف العراق على مدى سنوات عديدة رياضيين فلسطينيين وفتح أبوابه لهم في مختلف المجالات.
فهل يُعقل أن يُقابل هذا الموقف التاريخي بهتافات مسيئة من بعض الجماهير الفلسطينية؟ أم أن هناك دوافع أخرى، ربما إعلامية أو سياسية، تقف خلف تصعيد مثل هذه المواقف داخل الملاعب؟
دور الإعلام والاتحادات الرياضية في ضبط التشجيع
ما حدث في مباراة العراق وفلسطين لا ينبغي أن يمر مرور الكرام. المسؤولية تقع على عاتق:
1. الاتحادات الرياضية، التي يجب أن تفرض عقوبات على أي جماهير تخرج عن الروح الرياضية، تمامًا كما يحدث في الدول الأوروبية، حيث يُمنع المشجعون المسيئون من دخول الملاعب.
2. الإعلام الرياضي، الذي عليه دور في توجيه الجماهير وتعزيز الوعي بأهمية التشجيع الحضاري، بدلًا من تأجيج التعصب.
3. القيادات الرياضية في العراق وفلسطين، التي يجب أن تصدر مواقف واضحة ترفض هذه الهتافات، وتعزز العلاقات الأخوية بين الشعبين.
الخلاصة: لا للفتنة في الملاعب
الهتافات المسيئة التي شهدتها مباراة العراق وفلسطين ليست مجرد تصرفات فردية، بل تعكس تحديات أوسع تواجه المشهد الرياضي العربي. اليوم، نحن بحاجة إلى وقفة حقيقية لمراجعة أخلاقيات التشجيع، ومنع الملاعب من أن تتحول إلى منصات للعداء والكراهية.