اخر الاخبار

دراسة أثرية تكشف أسرار صناعة ألواح الكتابة الآشورية الحديثة باستخدام الشمع والزرنيخ

كشفت دراسة علمية حديثة نُشرت في مجلة العلوم الأثرية عن تفاصيل غير مسبوقة حول كيفية صناعة ألواح الكتابة الآشورية الحديثة، التي تعود إلى القرن السابع قبل الميلاد، معتبرة إياها أقدم مثال معروف لاستخدام الشمع في تدوين الكتابة المسمارية.
الألواح التي عُثر عليها ضمن أطلال مدينة نمرود الأثرية شمال العراق، تم حفظها في ظروف استثنائية، إذ أُلقيت في بئر أثناء النهب العنيف للمدينة عام 612 قبل الميلاد، ما ساهم في حمايتها من التحلل بفعل البيئة الرطبة الخالية من الأوكسجين، لتبقى محفوظة على مدى أكثر من ألفي عام.
وقام فريق بحثي من المتحف البريطاني، بقيادة الباحث دييغو تامبوريني، بتحليل شظايا هذه الألواح باستخدام تقنيات متطورة، شملت التحليل الطيفي بالأشعة تحت الحمراء، والتحليل الكيميائي، والمجهر الإلكتروني، ما أتاح التعرف على التركيبة الدقيقة لمادة الكتابة.
وأظهرت النتائج أن الشمع المستخدم كان شمع عسل ممزوجاً بنسبة 25% من مادة الأوربيمنت، وهي صبغة صفراء تحتوي على الزرنيخ، منحته لوناً ذهبياً وصلابة أكبر، ما جعله مثالياً لنقش الحروف المسمارية الدقيقة. كما لم تظهر التحاليل أي آثار لزيوت أو راتنجات، ما يعكس اعتماد الآشوريين على تركيبة بسيطة وفعالة.
كما عُثر في بعض العينات على آثار أصباغ سوداء أساسها الكربون، يُرجّح أنها استُخدمت لإنشاء أسطح كتابة داكنة، وهي تقنية مشابهة لتلك التي ظهرت لاحقاً في الثقافتين اليونانية والرومانية.
أما الألواح نفسها فصُنعت من خشب الجوز المحلي، مما يعكس اعتماد الآشوريين على الموارد الإقليمية في صناعة أدواتهم الكتابية، رغم اتساع شبكاتهم التجارية. كما كشفت الدراسة عن وجود ألواح مصنوعة من العاج، تتميز بحجمها الكبير ودقتها، ما يرجّح أنها استُخدمت في الأوساط النخبوية أو لأغراض احتفالية.
وتُقدم هذه الدراسة رؤى جديدة حول تقنيات الكتابة الآشورية وتطوّرها، كما تسلط الضوء على التفاعل الثقافي المبكر بين حضارات الشرق الأدنى القديم والبحر المتوسط، من خلال تشابه الممارسات الكتابية بين الآشوريين والإغريق والرومان في العصور اللاحقة.