دعا مختصون إلى إطلاق حزمة حلول آنية وسريعة لمجابهة غلاء العقارات في البلاد، بضمنها فرض رقابة صارمة على المصارف التي تمنح قروض إسكان ومضاعفة تخصيصات المصارف والجهات الحكومية المعنية بهذا المجال.
اذ فاقمت نسب الفائدة المفروضة على قروض السكن، أزمة غلاء العقارات في البلاد بشكل عام، وفي بغداد على وجه الخصوص، لاسيما بعد أن بلغت تلك الفوائد نصف المبلغ الممنوح للمستفيد في بعض الأحيان، في ظاهرة وصفها العديد من المختصين بالشأن الاقتصادي بأنها “ابتزاز حقيقي” تمارسه المصارف التي باتت تستغل حاجة المواطنين الماسة للسكن.
جنون غلاء العقارات
وفي خطوة يرى المختصون أهميتها في الحد من الارتفاعات التي وصفوها بـ”الجنونية” لأسعار المساكن في بغداد، والتي دفعت العديد إلى الشراء في دول الجوار، اقترحوا دخول البنك المركزي والمصارف الحكومية ووزارة الإسكان في استثمارات لبناء مجمعات سكنية توزع للمواطنين بأسعار مناسبة وبفوائد أقرب إلى “الصفرية”.
مؤكدين أن تلك الخطوة يمكن أن تسهم في تحقيق غايتين مهمتين، تتمثل الأولى في خفض أسعار السكن، والثانية في فرض فوائد معتدلة على الموطنين.
البيع بأسعار معقولة
وقال المتحدث باسم الوزارة نبيل الصفار، إن” مشاريع المدن السكنية الجديدة ومن بينها الفرص الاستثمارية التي تبلغ خمسة مشاريع، والتي تم الإعلان عنها مؤخراً، تستهدف بالأساس الطبقات المتوسطة والفقيرة”.
مؤكداً إضافة بند ملزم على المستثمرين ببيع الوحدات بأسعار معقولة وعدم المضاربة بالأسعار وتم تثبيت ذلك في العقد الاستثماري الخاص.
القضاء على أزمة السكن
وعلى الرغم من اتساع حجم التحركات الحكومية الهادفة إلى القضاء على أزمة السكن، بيد أن ارتفاع نسب الفائدة المفروضة على قروض الإسكان من قبل المصارف الحكومية والخاصة، ما زال يشكل عائقاً حقيقياً أمام فرص القضاء على تلك الأزمة المتفاقمة.
كما يؤكد ذلك عضو جمعية الاقتصاديين العراقيين، الباحث مقدام الشيباني، الذي أبدى استغرابه من إيقاف بعض مشاريع الإقراض الخاص بالسكن من قبل البنك المركزي.
ويرى الشيباني أن أزمة السكن يمكن أن تتفاقم خلال الفترات المقبلة نتيجة التعليمات التعجيزية للمصارف التي تمنح قروضاً لشراء وحدات سكنية.
مؤكداً أن تلك التعليمات فيها أرباح كارثية بعيدة كل البعد عن حل أزمة السكن ولا تتناسب مع قدرات أصحاب الدخل المحدود.
مبدياً استغرابه بالقول “إن تعليمات المصارف التي تمنح قروض سكن، تستهدف الأغنياء فقط” .
وتساءل الشيباني عن سبب إيقاف مبادرة البنك المركزي ( مبادرة الإقراض السكنية).
مؤكداً أنها من أفضل مبادرات الإسكان التي أُطلقت بعد عام 2003 وتوفر دعماً وسيولة لقطاع الإسكان (صندوق الإسكان) التابع لوزارة الإعمار والإسكان و (المصرف العقاري) التابع لوزارة المالية لإقراض المواطنين والموظفين الراغبين بشراء وحدات سكنية في عموم العراق.
عدم فهم احتياجات المجتمع العراقي
وفضلاً عن تساؤلات إيقاف قروض السكن، فإن الخبير الاقتصادي مناف الصائغ، يرى أن هنالك “مشكلة مازالت مستمرة في الأداء المصرفي بشكل عام، تتمثل بعدم الفهم الحقيقي لاحتياجات المجتمع، والناجمة عن عدم وجود قراءة حقيقية ومهنية للواقع، وهذا الأمر ناجم عن الأداء الروتيني لهذه المصارف وغياب الإبداع عن الأداء الذي يمكِّنهم من انتاج خدمات داعمة للنشاط الاقتصادي يمكن أن تسهم بحلحة المشكلات التي يعاني منها المواطن لاسيما السكن” .
كما أشار الصائغ، إلى أن “غياب القراءة الصحيحة لمتطلبات المجتمع من قبل المصارف، لا يمثل العقبة الوحيدة أمام المواطن، فإن طريقة التعامل في منح القروض يمكن أن تشكل العديد من علامات الاستفهام، وأن طبيعة ذلك التعامل لايمكن أن تتم مع مواطنين من أبناء البلد، وهذه إشكالية لايمكن استيعابها، حيث أن المصرفي الذي يضع في اعتباره عدم الوثوق بالمواطن، فإن ذلك يمثل قمة المشكلات في الأداء المالي وينمُّ عن عقلية متخلفة” .
شروط تعجيزية
وأبدى الخبير الاقتصادي، استغرابه من وضع المصارف شروطاً وصفها بـ”التعجيزية” أمام مساعي الحصول على قروض الإسكان، وبدلاً من أن يضعوا تحوطاً حقيقياً لاستعادة أموالهم يقومون بفرض فوائد “كارثية” على تلك القروض، مستغلين حاجة المواطنين الماسَّة للسكن، وهو أمر غير قانوني وينبغي محاسبة تلك المصارف التي باتت “تبتز” المستفيدين من قروضها التي تعد الأعلى في العالم” .
ويرى الصائغ، أن القوانين المصرفية أصبحت عبئاً ثقيلاً على الأداء الاقتصادي في العراق والنشاط التجارية، حيث غياب الخدمات المقدمة إلى المواطنين، والبحث عن الربحية العالية في أي نشاط يقومون به من دون النظر إلى الجوانب المجتمعية الأخرى، فضلاً عن الفائدة المرتفعة المفروضة على السلف والقروض، والشروط المجحفة التي ترافق منح تلك الأموال إلى المواطنين.
المصدر: الصباح