اخر الاخبار

آيات قرآنية في كتاب الامام الحسن السبط للسيد العذاري (ح 2)‎

د. فاضل حسن شريف

جاء في کتاب الإمام الحسن السّبط عليه السلام سيرة وتاريخ للسيد سعيد كاظم العذاري: آية آل ياسين: “سَلامٌ عَلَىٰ إِلْ يَاسِينَ” (الصافات 130): ورد في الكثير من التفاسير: إنّ المراد من (ياسين) النبي محمد صلى‌ الله‌ عليه ‌وآله. وورد عنه صلى‌ الله‌ عليه ‌وآله أنّه قال: (إنّ الله سمّاني في القرآن بسبعة أسماء: محمّد وأحمد وطه ويس والمزمّل والمدثّر وعبدالله). وتظافرت التفاسير على انّ المقصود من (آل ياسين) هم (آل محمد عليهم‌ السلام). وعن الإمام علي عليه‌ السلام قال: (يس محمد، ونحن آل يس). وهنالك قولان في قراءة آل (يس) مفصولة: الأوّل: إنّه آل هذا النبي المذكور وهو يدخل فيهم. والثاني: إنّهم آل محمد صلى‌ الله‌ عليه ‌وآله. وهذا السلام الصادر من الله تعالى إلى آل رسول الله صلى‌ الله‌ عليه ‌وآله هو توجيه للبشرية نحو دورهم الريادي في حركة التاريخ، وهو توجيه نحو مفاهيمهم وقيمهم وسيرتهم الممتدّة في كلّ زمان ومكان، وهو توجيه للارتباط بهم فكرياً وعاطفياً وسلوكياً.

عن  سورة الإنسان وآية الإطعام يقول السيد العذاري في كتابه: “وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَىٰ حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا * إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللهِ لا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاءً وَلا شُكُورًا” (الانسان 8-9): عن ابن عباس رضي‌الله‌عنه: (أنّ الحسن والحسين مرضا فعادهما رسول الله صلى‌ الله‌ عليه ‌وآله في ناس معه، فقالوا: يا أبا الحسن، لو نذرت على ولدك، فنذر عليّ وفاطمة وفضّة جارية لهما أن برءا ممّا بهما: أن يصوموا ثلاثة أيّام، فشفيا وما معهم شيء، فاستقرض عليّ من شمعون الخيبري اليهودي ثلاث أصوع من شعير، فطحنت فاطمة صاعاً واختبزت خمسة أقراص على عددهم، فوضعوا بين أيديهم ليفطروا، فوقف عليهم سائل، فقال: السلام عليكم أهل بيت محمد، مسكين من مساكين المسلمين أطعموني أطعمكم الله من موائد الجنّة، فآثروه وباتوا لم يذوقوا إلاّ الماء، وأصبحوا صياماً، فلمّا أمسوا ووضعوا الطعام بين أيديهم وقف عليهم يتيم فآثروه، ووقف عليهم أسير في الثالثة، ففعلوا مثل ذلك، فلمّا أصبحوا أخذ علي عليه‌ السلام بيد الحسن والحسين وأقبلوا إلى رسول الله صلى‌ الله‌ عليه ‌وآله، فلمّا أبصرهم وهم يرتعشون كالفراخ من شدّة الجوع، قال: ما أشدّ ما يسوءني ما أرى بكم، وقام فانطلق معهم، فرأى فاطمة في محرابها قد التصق ظهرها ببطنها وغارت عيناها، فساءه ذلك، فنزل جبرائيل وقال: خذها يا محمد هنّأك الله في أهل بيتك فأقرأه السورة).

وعن آية المباهلة يقول السيد سعيد كاظم العذاري: “فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِن بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنفُسَنَا وَأَنفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَل لَّعْنَتَ اللهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ” (آل عمران 61): والثابت في نزول هذه الآية، هو أنّ نصارى نجران، لمّا دعاهم رسول الله صلى‌ الله‌ عليه ‌وآله إلى المباهلة قالوا: حتى نرجع وننظر، فلمّا تخالوا قالوا: للعاقب وكان ذا رأيهم: (يا عبدالمسيح ما ترى؟ فقال: والله لقد عرفتم يا معشر النصارى أنّ محمدا نبيّ مرسل، وقد جاءكم بالفصل من أمر صاحبكم، والله ما باهل قوم نبيّاً قط فعاش كبيرهم ولا نبت صغيرهم، ولئن فعلتم لتهلكنّ فإن أبيتم إلاّ إلف دينكم والإقامة على ما أنتم عليه، فوادعوا الرجل وانصرفوا إلى بلادكم، فأتى رسول الله صلى‌ الله‌ عليه ‌وآله وقد غدا محتضناً الحسين آخذاً بيد الحسن وفاطمة تمشي خلفه وعليّ خلفهما وهو يقول: إذا أنا دعوت فأمّنوا. فقال أسقف نجران: يا معشر النصارى، إنّي لأرى وجوهاً لو شاء الله أن يزيل جبلاً من مكانه لأزاله بها، فلا تباهلوا فتهلكوا ولا يبقى على وجه الأرض نصراني إلى يوم القيامة. فقالوا: يا أبا القاسم رأينا أن لا نباهلك وأن نقرّك على دينك ونثبت على ديننا). وفيه دليل لا شيء أقوى منه على فضل أصحاب الكساء عليهم‌ السلام، وبرهان واضح على نبوّة النبي صلى‌ الله‌ عليه ‌وآله. وهذه الآية دالّة على أنّ الحسن والحسين عليهما‌ السلام كانا ابني رسول الله صلى‌ الله‌ عليه ‌وآله.

وعن آية أهل الذكر يقول السيد سعيد كاظم العذاري: “فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لا تَعْلَمُونَ” (النحل 43): يقول الحارث: (سألت عليّاً عن هذه الآية، فقال: والله إنّا لنحن أهل الذكر، نحن أهل الذكر، نحن أهل العلم، ونحن معدن التأويل والتنزيل). وعن  آية الراسخون في العلم: “وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ” (آل عمران 7): قال الإمام علي عليه‌ السلام: (أين الذين زعموا أنّهم الراسخون في العلم دوننا كذباً وبغياً علينا أن رفعنا الله ووضعهم، وأعطانا وحرمهم، وأدخلنا وأخرجهم، بنا يستعطى الهدى ويستجلى العمى). إلى غير ذلك من الآيات الكثيرة الأخرى التي لا مجال في تفصيلها، غير أن ما تقدم منها يبيّن لنا دور الإمام الحسن عليه‌ السلام ومقامه السامي في إمامة وقيادة الإنسانية، فهو الطاهر المطهّر المعصوم كما ورد في آية التطهير، وهو من الذين أمر الله تعالى بحبّهم وطاعتهم وموالاتهم كما في آية المودّة، ومن المشمولين بالصلاة عليهم وتعظيمهم وتبجيلهم، وهو من أهل الذكر، والراسخين في العلم.

جاء في کتاب الإمام الحسن السّبط عليه السلام سيرة وتاريخ للسيد سعيد كاظم العذاري: عن أبي سعيد الخدري، قال: (لمّا نزلت: “وَآتِ ذَا الْقُرْبَىٰ حَقَّهُ” (الاسراء 26)، أعطى رسول الله صلى‌ الله‌ عليه ‌وآله فاطمة فدكاً). وفدك هي أرض عائدة لفاطمة الزهراء عليها‌السلام إمّا بالنحلة أو بالميراث. وقد طلبتها فاطمة عليها‌السلام بعد وفاة رسول الله صلى‌ الله‌ عليه ‌وآله، (تارة بالميراث وتارة بالنحلة فدفعت عنها). شهد لها الإمام علي عليه‌ السلام وأمّ أيمن، وشهد لها أيضاً (الحسن والحسين).