اخر الاخبار

آيات قرآنية في کتاب اللهوف على قتلى الطفوف للسيد بن طاووس (ح 1)‎

د. فاضل حسن شريف

جاء في کتاب اللهوف على قتلى الطفوف للسيد بن طاووس: فِي آخِرِ كِتَابِ الشَّافِي فِي النَّسَبِ بِإِسْنَادِهِ إِلَى جَدِّهِ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ قَالَ سَمِعْتُ أَبِي عُمَرَ بْنَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عليه السلام يُحَدِّثُ أَخْوَالِي آلَ عَقِيلٍ قَالَ‌ لَمَّا امْتَنَعَ أَخِيَ الْحُسَيْنُ عليه السلام عَنِ الْبَيْعَةِ لِيَزِيدَ بِالْمَدِينَةِ دَخَلْتُ‌ عَلَيْهِ فَوَجَدْتُهُ خَالِياً فَقُلْتُ لَهُ جُعِلْتُ فِدَاكَ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنِي أَخُوكَ أَبُو مُحَمَّدٍ الْحَسَنُ عَنْ أَبِيهِ عليه السلام ثُمَّ سَبَقَنِي الدَّمْعَةُ وَ عَلَا شَهِيقِي فَضَمَّنِي إِلَيْهِ وَ قَالَ حَدَّثَكَ أَنِّي مَقْتُولٌ فَقُلْتُ حَوْشَيْتُ يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ فَقَالَ سَأَلْتُكَ بِحَقِّ أَبِيكَ بِقَتْلِي خَبَّرَكَ فَقُلْتُ نَعَمْ فَلَوْ لَا نَاوَلْتَ وَ بَايَعْتَ فَقَالَ حَدَّثَنِي أَبِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ  صلی‌ الله‌ علیه‌ و‌آله‌ و‌سلم أَخْبَرَهُ بِقَتْلِهِ وَ قَتْلِي وَ أَنَّ تُرْبَتِي تَكُونُ بِقُرْبِ تُرْبَتِهِ فَتَظُنُّ أَنَّكَ عَلِمْتَ مَا لَمْ أَعْلَمْهُ وَ أَنَّهُ لَا أُعْطِي الدَّنِيَّةَ مِنْ نَفْسِي أَبَداً وَ لَتَلْقَيَنَّ فَاطِمَةُ أَبَاهَا شَاكِيَةً مَا لَقِيَتْ ذُرِّيَّتُهَا مِنْ أُمَّتِهِ وَ لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ أَحَدٌ آذَاهَا فِي ذُرِّيَّتِهَا أقول أنا و لعل بعض من لا يعرف حقائق شرف السعادة بالشهادة يعتقد أن الله لا يتعبد بمثل هذه الحالة أ ما سمع في القرآن الصادق المقال أنه تعبد قوما بقتل أنفسهم فقال تعالى‌ “فَتُوبُوا إِلى‌ بارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ عِنْدَ بارِئِكُمْ‌” (البقرة 54) و لعله يعتقد أن معنى قوله تعالى‌ وَ لا تُلْقُوا بِ أَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ أنه هو القتل و ليس الأمر كذلك و إنما التعبد به من أبلغ درجات السعادة. وَ لَقَدْ ذَكَرَ صَاحِبُ الْمَقْتَلِ الْمَرْوِيِّ عَنْ مَوْلَانَا الصَّادِقِ عليه السلام فِي تَفْسِيرِ هَذِهِ الْآيَةِ مَا يَلِيقُ بِالْعَقْلِ فَرُوِيَ عَنْ أَسْلَمَ‌ قَالَ‌ غَزَوْنَا نَهَاوَنْدَ أَوْ قَالَ غَيْرَهَا وَ اصطفينا (اصْطَفَفْنَا وَ الْعَدُوَّ صَفَّيْنِ لَمْ أَرَ أَطْوَلَ مِنْهُمَا وَ لَا أَعْرَضَ وَ الرُّومُ قَدْ أَلْصَقُوا ظُهُورَهُمْ بِحَائِطِ مَدِينَتِهِمْ فَحَمَلَ رَجُلٌ مِنَّا عَلَى الْعَدُوِّ فَقَالَ النَّاسُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ أَلْقَى نَفْسَهُ إِلَى التَّهْلُكَةِ فَقَالَ أَبُو أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيُّ إِنَّمَا تُأَوِّلُونَ هَذِهِ الْآيَةَ عَلَى أَنْ حَمَلَ هَذَا الرَّجُلُ يَلْتَمِسُ الشَّهَادَةَ وَ لَيْسَ كَذَلِكَ إِنَّمَا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِينَا لِأَنَّا كُنَّا قَدِ اشْتَغَلْنَا بِنُصْرَةِ رَسُولِ اللَّهِ  صلی‌ الله‌ علیه‌ و‌آله‌ و‌سلم وَ تَرَكْنَا أَهَالِيَنَا وَ أَمْوَالَنَا أَنْ نُقِيمَ فِيهَا وَ نُصْلِحَ مَا فَسَدَ مِنْهَا فَقَدْ ضَاعَتْ بِتَشَاغُلِنَا عَنْهَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ إِنْكَاراً لِمَا وَقَعَ فِي نُفُوسِنَا مِنَ التَّخَلُّفِ‌ عَنْ نُصْرَةِ رَسُولِ اللَّهِ  صلی‌ الله‌ علیه‌ و‌آله‌ و‌سلم لِإِصْلَاحِ أَمْوَالِنَا وَ لا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ مَعْنَاهُ إِنْ تَخَلَّفْتُمْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ  صلی‌ الله‌ علیه‌ و‌آله‌ و‌سلم وَ أَقَمْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ أَلْقَيْتُمْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَ سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَهَلَكْتُمْ وَ ذَلِكَ رَدٌّ عَلَيْنَا فِيمَا قُلْنَا وَ عَزَمْنَا عَلَيْهِ مِنَ الْإِقَامَةِ وَ تَحْرِيصٌ لَنَا عَلَى الْغَزْوِ وَ مَا أُنْزِلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِي رَجُلٍ حَمَلَ عَلَى الْعَدُوِّ وَ يُحَرِّصُ أَصْحَابَهُ أَنْ يَفْعَلُوا كَفِعْلِهِ أَوْ يَطْلُبُ الشَّهَادَةَ بِالْجِهَادِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ رَجَاءً لِثَوَابِ الْآخِرَةِ.

يقول السيد بن طاووس في كتابه عن قول الامام الحسين عليه السلام:  ثُمَّ ايْمُ اللَّهِ لَا تَلْبَثُونَ بَعْدَهَا إِلَّا كَرَيْثِ مَا يُرْكَبُ الْفَرَسُ حَتَّى تَدُورَ بِكُمْ دَوْرَ الرَّحَى وَ تَقْلَقُ بِكُمْ قَلَقَ الْمِحْوَرِ عَهْدٌ عَهِدَهُ إِلَيَّ أَبِي عَنْ جَدِّي‌ “فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَ شُرَكاءَكُمْ ثُمَّ لا يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً ثُمَّ اقْضُوا إِلَيَّ وَ لا تُنْظِرُونِ‌” (يونس 71) “إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَ رَبِّكُمْ ما مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِناصِيَتِها إِنَّ رَبِّي عَلى‌ صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ‌” (هود 56) اللَّهُمَّ احْبِسْ عَنْهُمْ قَطْرَ السَّمَاءِ وَ ابْعَثْ عَلَيْهِمْ سِنِينَ كَسِنِي يُوسُفَ وَ سَلِّطْ عَلَيْهِمْ غُلَامَ ثَقِيفٍ فَيَسُومَهُمْ كَأْساً مُصَبَّرَةً فَإِنَّهُمْ كَذَّبُونَا وَ خَذَلُونَا وَ أَنْتَ “رَبُّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنا وَ إِلَيْكَ أَنَبْنا وَ إِلَيْكَ الْمَصِيرُ” (الممتحنة 4).

وعن مسلم بن عوسجة يقول السيد بن طاووس: ثُمَّ خَرَجَ مُسْلِمُ بْنُ عَوْسَجَةَ فَبَالَغَ فِي قِتَالِ الْأَعْدَاءِ وَ صَبَرَ عَلَى أَهْوَالِ الْبَلَاءِ حَتَّى سَقَطَ إِلَى الْأَرْضِ وَ بِهِ رَمَقٌ فَمَشَى إِلَيْهِ الْحُسَيْنُ عليه السلام وَ مَعَهُ حَبِيبُ بْنُ مُظَاهِرٍ فَقَالَ لَهُ الْحُسَيْنُ عليه السلام رَحِمَكَ اللَّهُ يَا مُسْلِمُ‌ “فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى‌ نَحْبَهُ وَ مِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَ ما بَدَّلُوا تَبْدِيلًا” (الأحزاب 23) وَ دَنَا مِنْهُ حَبِيبٌ وَ قَالَ عَزَّ عَلَيَّ مَصْرَعُكَ يَا مُسْلِمُ أَبْشِرْ بِالْجَنَّةِ فَقَالَ لَهُ مُسْلِمٌ قَوْلًا ضَعِيفاً بَشَّرَكَ اللَّهُ ثُمَّ قَالَ لَهُ حَبِيبٌ لَوْ لَا أَنَّنِي أَعْلَمُ أَنِّي فِي الْأَثَرِ لَأَحْبَبْتُ أَنْ تُوصِيَ إِلَيَّ بِكُلِّ مَا أَهَمَّكَ فَقَالَ لَهُ مُسْلِمٌ فَإِنِّي أُوصِيكَ بِهَذَا وَ أَشَارَ إِلَى الْحُسَيْنِ عليه السلام فَقَاتِلْ دُونَهُ حَتَّى تَمُوتَ فَقَالَ لَهُ حَبِيبٌ لَأَنْعَمَنَّكَ عَيْناً ثُمَّ مَاتَ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِ.

وعن حنظلة بن أسعد يقول بن الطاووس في كتابه: وَ جَاءَ حَنْظَلَةُ بْنُ أَسْعَدَ الشَّامِيُّ فَوَقَفَ بَيْنَ يَدَيِ الْحُسَيْنِ ع يَقِيهِ السِّهَامَ وَ الرِّمَاحَ وَ السُّيُوفَ بِوَجْهِهِ وَ نَحْرِهِ وَ أَخَذَ يُنَادِي‌ “يا قَوْمِ إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ مِثْلَ يَوْمِ الْأَحْزابِ * مِثْلَ دَأْبِ قَوْمِ نُوحٍ وَ عادٍ وَ ثَمُودَ وَ الَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ وَ مَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْماً لِلْعِبادِ * وَ يا قَوْمِ إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ يَوْمَ التَّنادِ * يَوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ ما لَكُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ عاصِمٍ‌” (غافر 30-33) يَا قَوْمِ لَا تَقْتُلُوا حُسَيْناً فَيُسْحِتَكُمُ اللَّهُ‌ بِعَذابٍ وَ قَدْ خابَ مَنِ افْتَرى‌ ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَى الْحُسَيْنِ عليه السلام فَقَالَ لَهُ أَ فَلَا نَرُوحُ إِلَى رَبِّنَا وَ نَلْحَقُ بِإِخْوَانِنَا فَقَالَ بَلَى رُحْ إِلَى مَا هُوَ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَ مَا فِيهَا وَ إِلَى‌ مُلْكٍ لا يَبْلى‌ فَتَقَدَّمَ فَقَاتَلَ قِتَالَ الْأَبْطَالِ وَ صَبَرَ عَلَى احْتِمَالِ الْأَهْوَالِ حَتَّى قُتِلَ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِ.

جاء في کتاب اللهوف على قتلى الطفوف للسيد بن طاووس: وَ رَوَى هِلَالُ بْنُ نَافِعٍ قَالَ‌ إِنِّي كُنْتُ وَاقِفاً مَعَ أَصْحَابِ عُمَرَ بْنِ سَعْدٍ لَعَنَهُ اللَّهُ إِذْ صَرَخَ صَارِخٌ أَبْشِرْ أَيُّهَا الْأَمِيرُ فَهَذَا شِمْرٌ قَتَلَ الْحُسَيْنَ عليه السلام قَالَ فَخَرَجْتُ بَيْنَ الصَّفَّيْنِ فَوَقَفْتُ عَلَيْهِ وَ إِنَّهُ عليه السلام لَيَجُودُ بِنَفْسِهِ فَوَ اللَّهِ مَا رَأَيْتُ قَطُّ قَتِيلًا مُضَمَّخاً بِدَمِهِ أَحْسَنَ مِنْهُ وَ لَا أَنْوَرَ وَجْهاً وَ لَقَدْ شَغَلَنِي نُورُ وَجْهِهِ وَ جَمَالُ هَيْئَتِهِ عَنِ الْفِكْرَةِ فِي قَتْلِهِ فَاسْتَسْقَى فِي تِلْكَ الْحَالِ مَاءً فَسَمِعْتُ رَجُلًا يَقُولُ وَ اللَّهِ لَا تَذُوقُ الْمَاءَ حَتَّى تَرِدَ الْحَامِيَةَ فَتَشْرَبَ مِنْ حَمِيمِهَا فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ يَا وَيْلَكَ أَنَا لَا أَرِدُ الْحَامِيَةَ وَ لَا أَشْرَبُ مِنْ حَمِيمِهَا بَلْ أَرِدُ عَلَى جَدِّي رَسُولِ اللَّهِ  صلی‌ الله‌ علیه‌ و‌آله‌ و‌سلم وَ أَسْكُنُ مَعَهُ فِي دَارِهِ‌ “فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ” (القمر 55) وَ أَشْرَبُ‌ مِنْ‌ ماءٍ غَيْرِ آسِنٍ‌ وَ أَشْكُو إِلَيْهِ مَا ارْتَكَبْتُمْ مِنِّي وَ فَعَلْتُمْ بِي قَالَ فَغَضِبُوا بِأَجْمَعِهِمْ حَتَّى كَأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَجْعَلْ فِي قَلْبِ أَحَدٍ مِنْهُمْ مِنَ الرَّحْمَةِ شَيْئاً فَاجْتَزُّوا رَأْسَهُ وَ إِنَّهُ لَيُكَلِّمُهُمْ فَتَعَجَّبْتُ مِنْ قِلَّةِ رَحْمَتِهِمْ وَ قُلْتُ وَ اللَّهِ لَا أُجَامِعُكُمْ عَلَى أَمْرٍ أَبَداً.