د. فاضل حسن شريف
جاء في کتاب اللهوف على قتلى الطفوف للسيد بن طاووس: عن العقيلة زينب عليه السلام وخطبتها في الكوفة: الْحَمْدُ لِلَّهِ وَ الصَّلَاةُ عَلَى أَبِي مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ الطَّيِّبِينَ الْأَخْيَارِ أَمَّا بَعْدُ يَا أَهْلَ الْكُوفَةِ يَا أَهْلَ الْخَتْلِ وَ الْغَدْرِ أَ تَبْكُونَ فَلَا رَقَأَتِ الدَّمْعَةُ وَ لَا هَدَأَتِ الرَّنَّةُ إِنَّمَا مَثَلُكُمْ كَمَثَلِ الَّتِي “نَقَضَتْ غَزْلَها مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكاثاً تَتَّخِذُونَ أَيْمانَكُمْ دَخَلًا بَيْنَكُمْ” (النحل 92) أَلَا وَ هَلْ فِيكُمْ إِلَّا الصَّلَفُ وَ النَّطَفُ وَ الصَّدْرُ الشَّنَفُ وَ مَلَقُ الْإِمَاءِ وَ غَمْزُ الْأَعْدَاءِ أَوْ كَمَرْعًى عَلَى دِمْنَةٍ أَوْ كَفِضَّةٍ عَلَى مَلْحُودَةٍ أَلَا سَاءَ مَا قَدَّمَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَنْ سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ وَ فِي الْعَذَابِ أَنْتُمْ خَالِدُونَ أَ تَبْكُونَ وَ تَنْتَحِبُونَ إِي وَ اللَّهِ فَابْكُوا كَثِيراً وَ اضْحَكُوا قَلِيلًا فَلَقَدْ ذَهَبْتُمْ بِعَارِهَا وَ شَنَارِهَا وَ لَنْ تَرْحَضُوهَا بِغَسْلٍ بَعْدَهَا أَبَداً وَ أَنَّى تَرْحَضُونَ قَتْلَ سَلِيلِ خَاتَمِ النُّبُوَّةِ وَ مَعْدِنِ الرِّسَالَةِ وَ سَيِّدِ شَبَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَ مَلَاذِ خِيَرَتِكُمْ وَ مَفْزَعِ نَازِلَتِكُمْ وَ مَنَارِ حُجَّتِكُمْ وَ مَدَرَةِ سُنَّتِكُمْ أَلَا سَاءَ مَا تَزِرُونَ وَ بُعْداً لَكُمْ وَ سُحْقاً فَلَقَدْ خَابَ السَّعْيُ وَ تَبَّتِ الْأَيْدِي وَ خَسِرَتِ الصَّفْقَةُ وَ بُؤْتُمْ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَ ضُرِبَتْ عَلَيْكُمُ الذِّلَّةُ وَ الْمَسْكَنَةُ وَيْلَكُمْ يَا أَهْلَ الْكُوفَةِ أَ تَدْرُونَ أَيَّ كَبِدٍ لِرَسُولِ اللَّهِ فَرَيْتُمْ وَ أَيَّ كَرِيمَةٍ لَهُ أَبْرَزْتُمْ وَ أَيَّ دَمٍ لَهُ سَفَكْتُمْ وَ أَيَّ حُرْمَةٍ لَهُ انْتَهَكْتُمْ وَ لَقَدْ جِئْتُمْ بِهَا صَلْعَاءَ عَنْقَاءَ سَوْآءَ فَقْمَاءَ وَ فِي بَعْضِهَا خَرْقَاءَ شَوْهَاءَ كَطِلَاعِ الْأَرْضِ أَوْ مِلْءِ السَّمَاءِ أَ فَعَجِبْتُمْ أَنْ مَطَرَتِ السَّمَاءُ دَماً “وَ لَعَذابُ الْآخِرَةِ أَخْزى وَ أَنْتُمْ لَا تُنْصَرُونَ” (فصلت 16) فَلَا يَسْتَخِفَّنَّكُمُ الْمَهْلُ فَإِنَّهُ لَا يَحْفِزُهُ الْبِدَارُ وَ لَا يُخَافُ فَوْتُ الثَّارِ وَ إِنَّ رَبَّكُمْ لَبِالْمِرْصادِ.
وتستمر العقيلة زينب عليها السلام في خطبتها: أَمَّا بَعْدُ يَا أَهْلَ الْكُوفَةِ يَا أَهْلَ الْمَكْرِ وَ الْغَدْرِ وَ الْخُيَلَاءِ فَإِنَّا أَهْلُ بَيْتٍ ابْتَلَانَا اللَّهُ بِكُمْ وَ ابْتَلَاكُمْ بِنَا فَجَعَلَ بَلَاءَنَا حَسَناً وَ جَعَلَ عِلْمَهُ عِنْدَنَا وَفَهْمَهُ لَدَيْنَا فَنَحْنُ عَيْبَةُ عِلْمِهِ وَ وِعَاءُ فَهْمِهِ وَ حِكْمَتِهِ وَ حُجَّتُهُ عَلَى الْأَرْضِ فِي بِلَادِهِ لِعِبَادِهِ أَكْرَمَنَا اللَّهُ بِكَرَامَتِهِ وَ فَضَّلَنَا بِنَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ صلی الله علیه وآله وسلم عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقَ تَفْضِيلًا بَيِّناً فَكَذَّبْتُمُونَا وَ كَفَّرْتُمُونَا وَ رَأَيْتُمْ قِتَالَنَا حَلَالًا وَ أَمْوَالَنَا نَهْباً كَأَنَّنَا أَوْلَادُ تُرْكٍ وَ كَابُلٍ كَمَا قَتَلْتُمْ جَدَّنَا بِالْأَمْسِ وَ سُيُوفُكُمْ تَقْطُرُ مِنْ دِمَائِنَا أَهْلَ الْبَيْتِ لِحِقْدٍ مُتَقَدِّمٍ قَرَّتْ لِذَلِكَ عُيُونُكُمْ وَ فَرِحَتْ قُلُوبُكُمْ افْتِرَاءً عَلَى اللَّهِ وَ مَكْراً مَكَرْتُمْ “وَ اللَّهُ خَيْرُ الْماكِرِينَ” (آل عمران 54) فَلَا تَدْعُوَنَّكُمْ أَنْفُسُكُمْ إِلَى الْجَذَلِ بِمَا أَصَبْتُمْ مِنْ دِمَائِنَا وَ نَالَتْ أَيْدِيكُمْ مِنْ أَمْوَالِنَا فَإِنَّ مَا أَصَابَنَا مِنَ الْمَصَائِبِ الْجَلِيلَةِ وَ الرَّزَايَا الْعَظِيمَةِ “فِي كِتابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَها إِنَّ ذلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ * لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلى ما فاتَكُمْ وَ لا تَفْرَحُوا بِما آتاكُمْ وَ اللَّهُ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتالٍ فَخُورٍ” (الحديد 22-23) تَبّاً لَكُمْ فَانْتَظِرُوا اللَّعْنَةَ وَ الْعَذَابَ فَكَأَنْ قَدْ حَلَّ بِكُمْ وَ تَوَاتَرَتْ مِنَ السَّمَاءِ نَقِمَاتٌ فَيُسْحِتَكُمْ بِعَذابٍ وَ يُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ ثُمَّ تُخَلَّدُونَ فِي الْعَذَابِ الْأَلِيمِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِمَا ظَلَمْتُمُونَا أَلا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ وَيْلَكُمْ أَ تَدْرُونَ أَيَّةُ يَدٍ طَاغَتْنَا مِنْكُمْ وَ أَيَّةُ نَفْسٍ نَزَعَتْ إِلَى قِتَالِنَا أَمْ بِأَيَّةِ رِجْلٍ مَشَيْتُمْ إِلَيْنَا تَبْغُونَ مُحَارَبَتَنَا وَ اللَّهِ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ وَ غَلُظَتْ أَكْبَادُكُمْ وَ طُبِعَ عَلَى أَفْئِدَتِكُمْ وَ خُتِمَ عَلَى سَمْعِكُمْ وَ بَصَرِكُمْ وَ سَوَّلَ لَكُمُ الشَّيْطَانُ وَ أَمْلَى لَكُمْ وَ جَعَلَ عَلَى بَصَرِكُمْ غِشَاوَةً فَأَنْتُمْ لَا تَهْتَدُونَ فَتَبّاً لَكُمْ يَا أَهْلَ الْكُوفَةِ أَيُّ تِرَاتٍ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم قِبَلَكُمْ وَ دخول (ذُحُولٍ) لَهُ لَدَيْكُمْ بِمَا عَنِدْتُمْ بِأَخِيهِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ جَدِّي وَ بَنِيهِ وَ عِتْرَتِهِ الطَّيِّبِينَ الْأَخْيَارِ فَافْتَخَرَ بِذَلِكَ مُفْتَخِرٌ. وقالت عليها السلام: “ذلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ وَ اللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ” (الجمعة 4) “وَ مَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُوراً فَما لَهُ مِنْ نُورٍ” (النور 40). قَالَ فَارْتَفَعَتِ الْأَصْوَاتُ بِالْبُكَاءِ وَ الخيب (النَّحِيبِ) وَ قَالُوا حَسْبُكِ يَا ابْنَةَ الطَّيِّبِينَ فَقَدْ أَحْرَقْتِ قُلُوبَنَا وَ أَنْضَجْتِ نُحُورَنَا وَ أَضْرَمْتِ أَجْوَافَنَا فَسَكَتَتْ.
وعن أم كلثوم يقول السيد بن الطاووس: وَ خَطَبَتْ أُمُّ كُلْثُومٍ بِنْتُ عَلِيٍّ ع فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ مِنْ وَرَاءِ كِلَّتِهَا رَافِعَةً صَوْتَهَا بِالْبُكَاءِ فَقَالَتْ يَا أَهْلَ الْكُوفَةِ سَوْأَةً لَكُمْ مَا لَكُمْ خَذَلْتُمْ حُسَيْناً وَ قَتَلْتُمُوهُ وَ انْتَهَبْتُمْ أَمْوَالَهُ وَ وَرِثْتُمُوهُ وَ سَبَيْتُمْ نِسَاءَهُ وَ نَكَبْتُمُوهُ فَتَبّاً لَكُمْ وَ سُحْقاً وَيْلَكُمْ أَ تَدْرُونَ أَيُّ دَوَاهٍ دَهَتْكُمْ وَ أَيَّ وِزْرٍ عَلَى ظُهُورِكُمْ حَمَلْتُمْ وَ أَيَ دِمَاءٍ سَفَكْتُمُوهَا وَ أَيَّ كَرِيمَةٍ أَصَبْتُمُوهَا وَ أَيَّ صَبِيَّةٍ سَلَبْتُمُوهَا وَ أَيَّ أَمْوَالٍ انْتَهَبْتُمُوهَا قَتَلْتُمْ خَيْرَ رِجَالاتٍ بَعْدَ النَّبِيِّ صلی الله علیه وآله وسلم وَ نُزِعَتِ الرَّحْمَةُ مِنْ قُلُوبِكُمْ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْفَائِزُونَ وَ “حِزْبَ الشَّيْطانِ هُمُ الْخاسِرُونَ” (المجادلة 19).
جاء في کتاب اللهوف على قتلى الطفوف للسيد بن الطاووس: الْتَفَتَ ابْنُ زِيَادٍ إِلَى عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ عليه السلام فَقَالَ مَنْ هَذَا فَقِيلَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ فَقَالَ أَ لَيْسَ قَدْ قَتَلَ اللَّهُ عَلِيَّ بْنَ الْحُسَيْنِ فَقَالَ عَلِيٌّ عليه السلام قَدْ كَانَ لِي أَخٌ يُقَالُ لَهُ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ قَتَلَهُ النَّاسُ فَقَالَ بَلِ اللَّهُ قَتَلَهُ فَقَالَ عَلِيٌّ عليه السلام “اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها وَ الَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنامِها” (الزمر 42) فَقَالَ ابْنُ زِيَادٍ أَ لَكَ جُرْأَةٌ عَلَى جَوَابِي اذْهَبُوا بِهِ فَاضْرِبُوا عُنُقَهُ فَسَمِعَتْ بِهِ عَمَّتُهُ زَيْنَبُ فَقَالَتْ يَا ابْنَ زِيَادٍ إِنَّكَ لَمْ تُبْقِ مِنَّا أَحَداً فَإِنْ كُنْتَ عَزَمْتَ عَلَى قَتْلِهِ فَاقْتُلْنِي مَعَهُ فَقَالَ عَلِيٌّ عليه السلام لِعَمَّتِهِ اسْكُتِي يَا عَمَّةِ حَتَّى أُكَلِّمَهُ ثُمَّ أَقْبَلَ عليه السلام فَقَالَ أَ بِالْقَتْلِ تُهَدِّدُنِي يَا ابْنَ زِيَادٍ أَ مَا عَلِمْتَ أَنَّ الْقَتْلَ لَنَا عَادَةٌ وَ كَرَامَتَنَا الشَّهَادَةُ. قالَ الرَّاوِي: وَ جَاءَ شَيْخٌ وَ دَنَا مِنْ نِسَاءِ الْحُسَيْنِ عليه السلام وَ عِيَالِهِ وَ هُمْ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ فَقَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي قَتَلَكُمْ وَ أَهْلَكَكُمْ وَ أَرَاحَ الْبِلَادَ عَنْ رِجَالِكُمْ وَ أَمْكَنَ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْكُمْ فَقَالَ لَهُ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ عليه السلام يَا شَيْخُ هَلْ قَرَأْتَ الْقُرْآنَ قَالَ نَعَمْ قَالَ فَهَلْ عَرَفْتَ هَذِهِ الْآيَةَ “قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى” (الشورى 23) قَالَ الشَّيْخُ نَعَمْ قَدْ قَرَأْتُ ذَلِكَ فَقَالَ عَلِيٌّ عليه السلام لَهُ فَنَحْنُ الْقُرْبَى يَا شَيْخُ فَهَلْ قَرَأْتَ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ وَ آتِ ذَا الْقُرْبى حَقَّهُ فَقَالَ الشَّيْخُ قَدْ قَرَأْتُ فَقَالَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ فَنَحْنُ الْقُرْبَى يَا شَيْخُ فَهَلْ قَرَأْتَ هَذِهِ الْآيَةَ “وَ اعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَ لِلرَّسُولِ وَ لِذِي الْقُرْبى” (الأنفال 41) قَالَ نَعَمْ فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ عليه السلام فَنَحْنُ الْقُرْبَى يَا شَيْخُ فَهَلْ قَرَأْتَ هَذِهِ الْآيَةَ “إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً” (الأحزاب 33) قَالَ الشَّيْخُ قَدْ قَرَأْتُ ذَلِكَ فَقَالَ عَلِيٌّ عليه السلام فَنَحْنُ أَهْلُ الْبَيْتِ الَّذِينَ خَصَّصَنَا اللَّهُ بِآيَةِ الطَّهَارَةِ يَا شَيْخُ.
يقول بن الطاووس في كتابه: قَالَ الرَّاوِي: فَأَبْكَتْ وَ اللَّهِ كُلَّ مَنْ كَانَ فِي الْمَجْلِسِ وَ يَزِيدُ عَلَيْهِ لَعَائِنُ اللَّهِ سَاكِتٌ. ثُمَّ جَعَلَتِ امْرَأَةٌ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ كَانَتْ فِي دَارِ يَزِيدَ لَعَنَهُ اللَّهُ تَنْدُبُ عَلَى الْحُسَيْنِ عليه السلام وَ تُنَادِي يَا حَبِيبَاهْ يَا سَيِّدَ أَهْلِ بَيْتَاهْ يَا ابْنَ مُحَمَّدَاهْ يَا رَبِيعَ الْأَرَامِلِ وَ الْيَتَامَى يَا قَتِيلَ أَوْلَادِ الْأَدْعِيَاءِ قَالَ الرَّاوِي: فَأَبْكَتْ كُلَّ مَنْ سَمِعَهَا ثُمَّ دَعَا يَزِيدُ عَلَيْهِ اللَّعْنَةُ بِقَضِيبِ خَيْزُرَانٍ فَجَعَلَ يَنْكُتُ بِهِ ثَنَايَا الْحُسَيْنِ عليه السلام فَأَقْبَلَ عَلَيْهِ أَبُو بَرْزَةَ الْأَسْلَمِيُّ وَ قَالَ وَيْحَكَ يَا يَزِيدُ أَ تَنْكُتُ بِقَضِيبِكَ ثَغْرَ الْحُسَيْنِ عليه السلام ابْنِ فَاطِمَةَ عليها السلام أَشْهَدُ لَقَدْ رَأَيْتُ النَّبِيَّ صلی الله علیه وآله وسلم يَرْشُفُ ثَنَايَاهُ وَ ثَنَايَا أَخِيهِ الْحَسَنِ عليه السلام وَ يَقُولُ أَنْتُمَا سَيِّدَا شَبَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَقَتَلَ اللَّهُ قَاتِلَكُمَا وَ لَعَنَهُ “وَ أَعَدَّ لَهُ جَهَنَّمَ وَ ساءَتْ مَصِيرا” (الفتح 6).ً قَالَ الرَّاوِي: فَقَامَتْ زَيْنَبُ بِنْتُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عليه السلام فَقَالَتْ “الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ” (الفاتحة 2) وَ صَلَّى اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ وَ آلِهِ أَجْمَعِينَ صَدَقَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ كَذَلِكَ يَقُولُ “ثُمَّ كانَ عاقِبَةَ الَّذِينَ أَساؤُا السُّواى أَنْ كَذَّبُوا بِآياتِ اللَّهِ وَ كانُوا بِها يَسْتَهْزِؤُنَ” (الروم 10) أَ ظَنَنْتَ يَا يَزِيدُ حَيْثُ أَخَذْتَ عَلَيْنَا أَقْطَارَ الْأَرْضِ وَ آفَاقَ السَّمَاءِ فَأَصْبَحْنَا نُسَاقُ كَمَا تُسَاقُ الْأُسَرَاءُ أَنَّ بِنَا هَوَاناً عَلَيْهِ وَ بِكَ عَلَيْهِ كَرَامَةً وَ أَنَّ ذَلِكَ لِعِظَمِ خَطَرِكَ عِنْدَهُ فَشَمَخْتَ بِأَنْفِكَ وَ نَظَرْتَ فِي عِطْفِكَ جَذْلَانَ مَسْرُوراً حَيْثُ رَأَيْتَ الدُّنْيَا لَكَ مُسْتَوْثِقَةً وَ الْأُمُورَ مُتَّسِقَةً وَ حِينَ صَفَا لَكَ مُلْكُنَا وَ سُلْطَانُنَا فَمَهْلًا مَهْلًا أَ نَسِيتَ قَوْلَ اللَّهِ تَعَالَى “وَ لا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّما نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ إِنَّما نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدادُوا إِثْماً وَ لَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ” (آل عمران 178) أَ مِنَ الْعَدْلِ يَا ابْنَ الطُّلَقَاءِ تَخْدِيرُكَ حَرَائِرَكَ وَ إِمَاءَكَ وَ سَوْقُكَ بَنَاتِ رَسُولِ اللَّهِ صلی الله علیه وآله وسلم سَبَايَا قَدْ هَتَكْتَ سُتُورَهُنَّ وَ أَبْدَيْتَ وُجُوهَهُنَّ تَحْدُو بِهِنَّ الْأَعْدَاءُ مِنْ بَلَدٍ إِلَى بَلَدٍ وَ يَسْتَشْرِفُهُنَّ أَهْلُ الْمَنَاهِلِ وَ الْمَنَاقِلِ وَ يَتَصَفَّحُ وُجُوهَهُنَّ الْقَرِيبُ وَ الْبَعِيدُ وَ الدَّنِيُّ وَ الشَّرِيفُ لَيْسَ مَعَهُنَّ مِنْ رِجَالِهِنَّ وَلِيٌّ وَ لَا مِنْ حُمَاتِهِنَّ حَمِيٌّ وَ كَيْفَ يُرْتَجَى مُرَاقَبَةُ مَنْ لَفَظَ فُوهُ أَكْبَادَ الْأَزْكِيَاءِ وَ نَبَتَ لَحْمُهُ مِنْ دِمَاءِ الشُّهَدَاءِ وَ كَيْفَ يَسْتَبْطِئُ فِي بُغْضِنَا أَهْلَ الْبَيْتِ مَنْ نَظَرَ إِلَيْنَا بِالشَّنَفِ وَ الشَّنَئَانِ وَ الْإِحَنِ وَ الْأَضْغَانِ ثُمَّ تَقُولُ غَيْرَ مُتَأَثِّمٍ وَ لَا مُسْتَعْظِمٍ.
ويستطرد السيد بن الطاووس في خطبة العقيلة زينب عليه السلام: وَ لَتَرِدَنَّ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلی الله علیه وآله وسلم بِمَا تَحَمَّلْتَ مِنْ سَفْكِ دِمَاءِ ذُرِّيَّتِهِ وَ انْتَهَكْتَ مِنْ حُرْمَتِهِ فِي عِتْرَتِهِ وَ لُحْمَتِهِ حَيْثُ يَجْمَعُ اللَّهُ شَمْلَهُمْ وَ يَلُمُّ شَعَثَهُمْ وَ يَأْخُذُ بِحَقِّهِمْ “وَ لا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْواتاً بَلْ أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ” (آل عمران 169) وَ حَسْبُكَ بِاللَّهِ حَاكِماً وَ بِمُحَمَّدٍ صلی الله علیه وآله وسلم خَصِيماً وَ بِجَبْرَئِيلَ ظَهِيراً وَ سَيَعْلَمُ مَنْ سَوَّلَ لَكَ وَ مَكَّنَكَ مِنْ رِقَابِ الْمُسْلِمِينَ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا وَ أَيُّكُمْ شَرٌّ مَكاناً وَ أَضْعَفُ جُنْداً وَ لَئِنْ جَرَّتْ عَلَيَّ الدَّوَاهِي مُخَاطَبَتَكَ إِنِّي لَأَسْتَصْغِرُ قَدْرَكَ وَ أَسْتَعْظِمُ تَقْرِيعَكَ وَ أَسْتَكْثِرُ تَوْبِيخَكَ لَكِنَّ الْعُيُونَ عبْرَى وَ الصُّدُورَ حَرَّى أَلَا فَالْعَجَبُ كُلُّ الْعَجَبِ لِقَتْلِ حِزْبِ اللَّهِ النُّجَبَاءِ بِحِزْبِ الشَّيْطَانِ الطُّلَقَاءِ فَهَذِهِ الْأَيْدِي تَنْطِفُ مِنْ دِمَائِنَا وَ الْأَفْوَاهُ تَتَحَلَّبُ مِنْ لُحُومِنَا وَ تِلْكَ الْجُثَثُ الطَّوَاهِرُ الزَّوَاكِي تَنْتَابُهَا الْعَوَاسِلُ وَ تُعَفِّرُهَا أُمَّهَاتُ الْفَرَاعِلِ وَ لَئِنِ اتَّخَذْتَنَا مَغْنَماً لَتَجِدَنَّا وَشِيكاً مَغْرَماً حِينَ لَا تَجِدُ إِلَّا مَا قَدَّمَتْ يَدَاكَ “وَ ما رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ” (فصلت 46) فَإِلَى اللَّهِ الْمُشْتَكَى وَ عَلَيْهِ الْمُعَوَّلُ فَكِدْ كَيْدَكَ وَ اسْعَ سَعْيَكَ وَ نَاصِبْ جُهْدَكَ فَوَ اللَّهِ لَا تَمْحُو ذِكْرَنَا وَ لَا تُمِيتُ وَحْيَنَا وَ لَا تُدْرِكُ أَمَدَنَا وَ لَا تَرْحَضُ عَنْكَ عَارَهَا وَ هَلْ رَأْيُكَ إِلَّا فَنَدٌ وَ أَيَّامُكَ إِلَّا عَدَدٌ وَ جَمْعُكَ إِلَّا بَدَدٌ يَوْمَ يُنَادِي الْمُنَادِي أَلا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ فَ “الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ” (الفاتحة 2) الَّذِي خَتَمَ لِأَوَّلِنَا بِالسَّعَادَةِ وَ الْمَغْفِرَةِ وَ لِآخِرِنَا بِالشَّهَادَةِ وَ الرَّحْمَةِ وَ نَسْأَلُ اللَّهَ أَنْ يُكْمِلَ لَهُمُ الثَّوَابَ وَ يُوجِبَ لَهُمُ الْمَزِيدَ وَ يُحْسِنَ عَلَيْنَا الْخِلَافَةَ إِنَّهُ رَحِيمٌ وَدُودٌ وَ “حَسْبُنَا اللَّهُ وَ نِعْمَ الْوَكِيلُ” (آل عمران 173).