اخر الاخبار

آيات قرآنية من كتاب الحسين في مواجهة الضلال للسيد سامي البدري (ح 3)‎

د. فاضل حسن شريف

جاء في کتاب الحسين عليه السلام في مواجهة الضلال الأموي وإحياء سيرة النبي صلّى الله عليه وآله وعلي عليه السلام للسيد سامي البدري: عن بنو اُميّة في حديث النبي صلى‌ الله‌ عليه‌ وآله: قال تعالى: “وَإِذْ قُلْنَا لَكَ إِنَّ رَبَّكَ أَحَاطَ وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلاّ فِتْنَةً لِلنَّاسِ وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ وَنُخَوِّفُهُمْ فَمَا يَزِيدُهُمْ إِلاّ طُغْيَاناً كَبِيراً” (الاسراء 60). قال السيوطي: أخرج ابن جرير عن سهل بن سعد قال: رأى رسول الله صلى‌ الله‌ عليه‌ وآله بني فلان ينزون على منبره نزو القردة، فساءه ذلك، فما استجمع ضاحكاً حتّى مات، وأنزل الله: “وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلاّ فِتْنَةً لِلنَّاسِ” (الاسراء 60). وأخرج ابن أبي حاتم عن يعلى بن مرّة قال: قال رسول الله صلى‌ الله‌ عليه‌ وآله: (رأيت بني اُميّة على منابر الأرض، وسيتملكونكم فتجدونهم أرباب سوء). واهتم رسول الله صلى‌ الله‌ عليه‌ وآله لذلك، فأنزل الله: “وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلاّ فِتْنَةً لِلنَّاسِ” (الاسراء 60). وأخرج ابن أبي حاتم، وابن مردويه، والبيهقي في الدلائل، وابن عساكر عن سعيد بن المسيب قال: رأى رسول الله صلى‌ الله‌ عليه‌ وآله بني اُميّة على المنابر فساءه ذلك، فأوحى الله: إنّما هي دنيا أعطوها. فقرَّت عينه، وهي قوله: “وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلاّ فِتْنَةً لِلنَّاسِ” (الاسراء 60)، يعني بلاء للناس. وأخرج ابن مردويه عن عائشة رضي‌الله‌عنها أنّها قالت لمروان بن الحكم: سمعت رسول الله صلى‌ الله‌ عليه‌ وآله يقول لأبيك وجدّك: (إنّكم الشجرة الملعونة في القرآن). وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عمر رضي‌الله‌عنهما أنّ النبي صلى‌ الله‌ عليه‌ وآله قال: (رأيت ولد الحكم بن أبي العاص على المنابر كأنّهم القردة، وأنزل الله في ذلك “وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلاّ فِتْنَةً لِلنَّاسِ وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ” (الاسراء 60))، يعنى الحكم وولده.

ويستطرد السيد البدري حفظه الله عن بنو اُميّة في حديث النبي صلى‌ الله‌ عليه‌ وآله قائلا: قال السيوطي أيضاً: أخرج الخطيب في تاريخه عن ابن عباس قال: رأى رسول الله صلى‌ الله‌ عليه‌ وآله بني اُميّة على منبره فساءه ذلك، فأوحى الله إليه إنّما هو ملك يصيبونه، ونزلت “إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ * وما أَدْراكَ ما لَيْلَةُ الْقَدْرِ * لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ” (القدر 1-3)، وأخرج مثله عن ابن المسيب. وأخرج الترمذي وضعَّفه، وابن جرير والطبراني، وابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن يوسف بن مازن الرؤاسي قال: قام رجل إلى الحسن بن علي عليه‌ السلام بعدما بايع معاوية، فقال: سوّدت وجوه المؤمنين، فقال: (لا تؤنّبني رحمك الله، فإنّ النبي صلى‌ الله‌ عليه‌ وآله رأى بني اُميّة يخطبون على منبره فساءه ذلك، فنزلت “إِنَّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ) يا محمّد، ونزلت (إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ * وما أَدْراكَ ما لَيْلَةُ الْقَدْرِ * لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ” (القدر 1-3)، يملكها بعدك بنو اُميّة يا محمّد).

يقول السيد سامي البدري عن معاوية ينقض عهوده مع الحسن عليه‌ السلام: قال تعالى: (وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلا تَنقُضُوا الأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمْ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلاً إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ * وَلا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنكَاثاً تَتَّخِذُونَ أَيْمَانَكُمْ دَخَلاً بَيْنَكُمْ أَنْ تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبَى مِنْ أُمَّةٍ إِنَّمَا يَبْلُوكُمْ اللَّهُ بِهِ وَلَيُبَيِّنَنَّ لَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ * وَلَو شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَلَتُسْأَلُنَّ عَمَّا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ * وَلا تَتَّخِذُوا أَيْمَانَكُمْ دَخَلًا بَيْنَكُمْ فَتَزِلَّ قَدَمٌ بَعْدَ ثُبُوتِهَا وَتَذُوقُوا السُّوءَ بِمَا صَدَدْتُمْ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَلَكُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ * وَلا تَشْتَرُوا بِعَهْدِ اللَّهِ ثَمَناً قَلِيلاً إِنَّمَا عِنْدَ اللَّهِ هُو خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ * مَا عِنْدَكُمْ يَنفَدُ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ بَاقٍ وَلَنَجْزِيَنَّ الَّذِينَ صَبَرُوا أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ” (النحل 90-96). لقد كان معاوية مصداقاً لنقض الأيمان المؤكدة التي أشارت إليها الآيات الكريمة، إذ يعلم الجميع أنّ معاوية كان قد أعطى للحسن عليه‌ السلام عهداً غليظاً أنّه يلتزم الشروط التي يطلبها، ولم يشترط الحسن عليه‌ السلام على معاوية إلاّ ما كان فيه لله ولرسوله رضاً وللمؤمنين صلاح. وقد أظهر معاوية التزامه بهذه الشروط على كُرهٍ منه مدّة عشر سنوات تقريباً، وعاش المجتمع الإسلامي في ظل هذه الشروط حياة حرّة كريمة آمنة، وقد فصلنا في معالمها وأحداثها في كتابنا عن صلح الحسن عليه‌ السلام، ولكن معاوية أبت أصولُه التي تربى في ظلها إلاّ الغدر؛ فأقدم على نقض كلّ شرط أعطاه للحسن عليه‌ السلام، ووضع خطّة تحقّق له ذلك، وكان مفتاح الأمر هو أن يغتال الحسن عليه‌ السلام، إذ لم يكن باستطاعته نقض الشروط والحسن عليه‌ السلام حي، فاحتال ودسَّ السُّم بواسطة بنت الأشعث إحدى زوجات الإمام الحسن. وترويعُ المؤمنين وإخافتهم، وسجنهم وقتُّهم لأمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر مخالفة لكتاب الله ورسوله، استحق فاعلها النار بنصّ من القرآن “إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآياتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَيَقْتُلُونَ الَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنَ النَّاسِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ” (آل عمران 21). هذا مضافاً إلى مخالفات صريحة اُخرى لكتاب الله وسنّة نبيّه صلى‌ الله‌ عليه‌ وآله، من قبيل: استلحاقِه زياد بن عبيد، وهو ردٌ صريحٌ لقضاء رسول الله صلى‌ الله‌ عليه‌ وآله.

جاء في کتاب الحسين عليه السلام في مواجهة الضلال الأموي وإحياء سيرة النبي صلّى الله عليه وآله وعلي عليه السلام للسيد سامي البدري: ولمّا نزلت هذه الآية: “تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ” (آل عمران 61)، دعا رسول الله صلى‌ الله‌ عليه‌ وآله علياً وفاطمة وحسناً وحسيناً، فقال: (اللّهمّ هؤلاء أهلي). وروى أحمد بن حنبل قال: حدّثنا عبد الله، حدّثني أبي، ثنا محمّد بن جعفر، ثنا شعبة، عن حصين، عن هلال بن يساف، عن عبد الله بن ظالم قال: خطب المغيرة بن شعبة فنال من علي، فخرج سعيد بن زيد فقال: ألا تعجب من هذا يسبّ علياً رحمه‌الله؟ وروى النسائي عن شقيق بن أبي عبد الله قال: حدّثنا أبو بكر بن خالد بن عرفطة قال: رأيت سعد بن مالك بالمدينة فقال: ذُكر أنّكم تسبّون علياً؟ قلت: قد فعلنا. قال: لعلك سببته؟ قلت: معاذ الله! قال: لا تسبه، فإن وضع المنشار على مفرقي على أن أسبّ علياً ما سببته بعد ما سمعت من رسول الله صلى‌ الله‌ عليه‌ وآله ما سمعت.

عن المنع من نشر حديث النبي صلى‌ الله‌ عليه‌ وآله في حقِّ عليٍّ عليه‌ السلام يقول السيد البدري حفظه الله: روى سليم بن قيس قال: مرّ معاوية بحلقة من قريش، فلمّا رأوه قاموا إليه غير عبد الله بن عباس، فقال له: يابن عباس، ما منعك من القيام كما قام أصحابك إلاّ لموجدة عليّ بقتالي إيّاكم يوم صفين؟ يابن عباس، إنّ ابن عمّي عثمان قُتل مظلوماً. قال ابن عباس: فعمر بن الخطاب قد قُتل مظلوماً، فسلّم الأمر إلى ولده؟ وهذا ابنه. قال: إنّ عمر قتله مشرك. قال ابن عباس: فمَنْ قتل عثمان؟ قال: قتله المسلمون. قال: فذلك ادحض لحجّتك، إن كان المسلمون قتلوه وخذلوه فليس إلاّ بحق. قال: فإنّا كتبنا إلى الآفاق ننهى عن ذكر مناقب علي وأهل بيته، فكفّ لسانك يابن عباس. قال: فتنهانا عن قراءة القرآن؟ قال: لا. قال: فتنهانا عن تأويله؟ قال: نعم. قال: فنقرأه ولا نسأل عمّا عنى الله به؟ قال: نعم. قال: فأيهما أوجب علينا قراءته أو العمل به؟ قال: العمل به. قال: فكيف نعمل به حتّى نعلم ما عنى الله بما أنزل علينا؟ قال: سل عن ذلك من يتأوّله على غير ما تتأوّله أنت وأهل بيتك. قال: إنّما أنزل القرآن على أهل بيتي، فأسأل عنه آل أبي سفيان وآل أبي معيط؟ قال: فاقرؤوا القرآن ولا ترووا شيئاً ممّا أنزل الله فيكم، وممّا قال رسول الله، وارووا ما سوى ذلك. قال ابن عباس: قال الله تعالى: “يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأبَى اللَّهُ إِلاّ إنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوكَرِهَ الْكَافِرُونَ” (التوبة 32). قال معاوية: يابن عباس، اكفني نفسك وكفّ عنّي لسانك، وإن كنت لا بد فاعلاً فليكن سرّاً، ولا تسمعه أحداً علانية.