اخر الاخبار

آيات قرآنية من كتاب موسوعة شهداء الطف للشيخ الصمياني (ح 3)‎

د. فاضل حسن شريف

جاء في کتاب موسوعة في ظلال شهداء الطف للشيخ حيدر الصمياني: عن شبهة أن الحسين عليه السلام لم يقتل والقاء شبهه على الشهيد حنظلة يقول الشيخ الصمياني في كتابه: لقد وردت في بعض المصادر (كما سنشير إلى ذلك بعض الروايات والكلمات التي زعمت أنّ الحسين عليه السلام لم يقتل وأنّه ألُقي شبهه على الشهيد حنظلة بن أسعد الشبامي رضي الله عنه، وعليه فالحسين لا يزال حياً. وقد اعتمدوا في دعواهم وزعمهم هذا على مجموعة من الأدلة الواهية (كما سنبين ذلك في مقام الردّ عليها)، والادلة هي كما يلي: 1ـ قول الامام الصادق: (حنظلة ففدى كاسمه لأنه فدى مولانا الحسين بنفسه ففداه مولاه بالضد، والقتل والدّم واقع بالضدّ. 2- قول الله سبحانه وتعالى: “وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً” (النساء 56). حيث فهموا من هذه الآية الكريمة أو هكذا أرادوا أن يفهموها ويفهموها إن صح التعبير، أنّ الله آلى على نفسه وجزم بشكل قاطع أن لا يسلّط كافرا على مؤمن فينتهك حرمته، ويستبيح دمه ولاشك ولاريب أن يزيد مشمول بهذه الآية الكريمة، حيث أعلن كفره أمام الناس بقوله: لعبت هاشم بالملك فلا * خبر جاء ولا وحي نزل. والحسين عليه السلام في نفس الوقت كان يمثل الإيمان في أعلى درجاته وأبعاده واتجاهاته، فكيف يمكن أن يسلّط يزيد عليه، فينتهك حرمته، ويستبيح دمه، ولأجل ذلك جرى عليه ما جرى على عيسى بن مريم عليه السلام، حيث رفعه الله عز وجل إليه ولم يجعل لليهود عليه سبيلا، والحسين ليس أهون عند الله من السيد المسيح لاسيما إذا كان الملاك فيهما واحداً. 3ـ قوله تعالى: “وَفَدَيْناهُ بِذِبْحٍ عَظِيم” (الصافات 107) حيث رفع الله سبحانه وتعالى ـ كرامة لأبراهيم عليه السلام واسماعيل الذبح عن إسماعيل وعوّضه عن ذلك الذبح بكبش عظيم، ومحمد’ وولده الحسين عليه السلام، أعظم كرامة ومنزلة وقدراً من إبراهيم وإسماعيل عليه السلام، فما جرى هناك لاشك سوف يجري هنا. ولقد أشار إلى ما ذكرناه بشكل واضح وصريح سرور بن القاسم الطبراني وهو يتحدث عن يوم عاشوراء: (وهو اليوم الذي روت فيه العامة وظاهرية الشيعة وزعمت أنّ فيه مقتل مولانا الحسين منه السلام تعالى الله عما يقول الظالمون المفترون ويظنه الملحدون علواً كبير، وذلك أنّ يزيد بن معاوية لعنه الله أمر شمر ابن ذي الجوشن الضبابي لعنه الله بعد مسير مولانا الحسين منه السلام من المدينة إلى الكوفة، فسار إليه بالجيش وكانت الواقعة بكربلاء على شاطئ العلقمي، وما جرى من القتل والسبي وتسيير الرأس إلى يزيد بن معاوية لعنه الله تعالى واظهر مولانا الحسين منه السلام الغيبةفيه جلّ من لا يغيب والقى شبهه على حنظلة بن اسعد الشبامي، وكانت سيرته تقارب سيرة السيد المسيح على ذكره السلام وما أظهره من القتل والصلب، وكذلك اعتقدت كافة العامة من المسلمين وظاهرية الشيعة أنّ القتل صحيح، وطابقوا النصارى في القول، فأوقع الله فيهم الحيرة والشك، وقد أخبر الله سبحانه في كتابه عن قوله: “وَلَوْ جَعَلْناهُ مَلَكاً لَجَعَلْناهُ رَجُلاً وَلَلَبَسْنا عَلَيْهِمْ ما يَلْبِسُونَ” (الأنعام 9). ثم قال ردّاً عليهم وعلى كافتهم: “وَما قَتَلُوهُ وَما صَلَبُوهُ وَلكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ” (النساء 107). لأنّ سيّدنا الحسين منه السلام هو المسيح والمسيح هو الحسين، والاسماء من آدم في النبوة والرسالة والإمامة إلى القائم على ذكره السلام، أشخاص السيد محمد منه السلام واسماؤه، وكذلك ظهر في القبة المحمدية بالخمسة الأسماء، بمحمد وفاطمة والحسن والحسين ومحسن والخمسة محمد، وكان الحسين شخصاً من اشخاص السيد محمود، وقال أبو عبد الله الخصيبي شرّف الله مقامه في رسالته: وشاء المعنى أن يظهر بغير الصورة المرئية وهي الانزع البطين أزال الحسين وظهر كمثل صورته وكان الميم في ذلك الوقت هو الحسين منه السلام، ثم قال أزال الحسن وهو المعنى للحسين وظهر بمثل صورته وكان الميم علي بن الحسين منه السلام والسيد الحسين على ذكره السلام على ما قدمت هو السيد المسيح وهو داخل في عدد الأسماء التي هي الإسم.

يقول الشيخ حيدر الصمياني في كتابه: وكان الحسين بن علي أكرم على الله من أن يذيقه الحديد على أيدي الكفرة، وحاشا أن يذيقه حرّ الحديد، وان عند الله من لطف التدبير ما يتلطف بأوليائه، وينقذهم من أهل عداوته، ويهلك أعداءه وأعداء أوليائه بالحجة البالغة، وأنه عز وجل عادل لا يجور، وحليم لا يميل، ولقد فعل الله سبحانه بالحسين فعلة لم يفعلها بالمسيح ولا بزكريا ولا بيحيى ولا بأحد من الأنبياء. وأن الذبح في الظاهر كان إلى إسماعيل الذي فدّى بذبحٍ عظيم، هو الحسين الذي هو عينه واسمه ونسبه، وليس بينهما فرق كأنهما واحد، ولقد ذبح في الظاهر أكثر من ألف مرة على ما يتوهمون أهل الكفر، وإنما الحسين مثله كمثل المسيح إلى أن تقول: (يا مفضل ما نقول شيعتي في ذلك؟ قلت، يا مولاي: يروى عن جابر عن الباقر في قوله: “وفديناه بذبح عظيم” (الصافات 107)، أن إسحاق هو الحسن والحسين هو اسماعيل … قال المفضل والله يا مولاي اشفيتني وأذهبت عني كل همّ وغم، قال الصادق: إن الله تعالى شفاءٌ لما في الصدور وهدى ورحمة للمؤمنين والباطن هو شفاء للصدور، قلت الحمد لله على ذلك.

وعن الرد على هذه الشبهة يقول الشيخ الصمياني في كتابه: رواية الإمام الرضا عليه السلام: فقد روى صاحب عيون أخبار الرضا عليه السلام: قال : قلت للرضا عليه السلام إنّ في سواد الكوفة قوماً يزعمون أن الحسين عليه السلام لم يقتل وأنّه ألقي شبهه على حنظلة بن أسعد الشبامي وأنه رفع إلى السماء كما رفع عيسى بن مريم، ويحتجون بهذه الآية: “وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً” (النساء 141). فقال كذبوا عليهم غضب الله ولعنته وكفروا بتكذيبهم لنبي الله في إخباره بأنّ الحسين بن علي سيقتل، والله لقد قتل الحسين وقتل من كان خيراً من الحسين عليه السلام أمير المؤمنين والحسن بن علي، وما منا إلا مقتول وإني والله لمقتول بالسم باغتيال من يغتالني أعرف ذلك بعهد معهود إليّ من رسول الله’ أخبره به جبرئيل عن رب العالمين. وأمّا قول الله (ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلاً فإنّه يقول ولن يجعل الله لكافرٍ على مؤمن حجة، وقد أخبر الله عز وجل عن كفار قتلوا النبيين بغير الحق ومع قتلهم إيّاهم أن يجعل الله لهم على أنبيائه سبيلاً من طريق الحجة. وهناك إضافة إلى هذا التفسير الذي ذكره الإمام عليه السلام تفسير آخر يذكره صاحب تفسير الأمثل بأن الآية يمكن ان تكون شاملة حتى في خصوص التسلط العسكري وما في شاكلته، ولكن مع تعليق مهم من قبله أحببت إيراده لأهميته، يقول الشيخ مكارم الشيرازي في تفسيره، لهذه الآية الكريمة: وما نشاهده من انتصار للكافرين على المسلمين في الميادين المختلفة، إنما هو بسبب ان المسلمين المغلوبين لم يكونوا ليمثلوا في الحقيقة المسلمين المؤمنين الحقيقيين، بل إنهم مسلمون نسوا آدابهم وتقاليدهم الإيمانية وتخلوا عن مسؤولياتهم وتكاليفهم وواجباتهم الدينية بصورة تامة، فلا كلام عن الإتحاد والتضامن والأخوة الإسلامية بهم ، ولا هم يقومون بواجب الجهاد بمعناه الحقيقي كما لم يبادروا إلى اكتساب العلم الذي اوجبه الإسلام وجعله فريضة على كل مسلم ودعا إلى تحصيله وطلبه من الولادة حتى ساعة الوفاة حيث قال النبي: (أطلب العلم من المهد إلى اللحد).

يقول الشيخ حيدر الصمياني في كتابه: هذه لعمري منزلة عظيمة وكبيرة ان يكون المعصوم واثقاً من إنسانٍ بحيث يلتقي فهم المعصوم ، وهو فهم السماء، مع فهم اصحاب الحسين عليه السلام ، وهذا يعني انّهم رضوان الله عليهم كان هواهم هوى الحسين، ورأيهم رأي الحسين، وفكرهم فكر الحسين، ومنهجهم منهج الحسين، بل إن التأريخ لا يذكر لنا موقفاًواحداً كان فيه معاذ الله أنصار الحسين عليه السلام يملكون رأياً مخالفاً لرأي الحسين، بل العكس هو الصحيح، حيث نجد أنّهم وصلوا إلى درجة التسليم إلى المعصوم في كل الأمور كما تشير الآية الكريمة : “فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً” (النساء 65)، وهذا يمثل اعلى درجات الولاء، هذا مع رفعة شأنهم وعلو منزلتهم الاجتماعية فقد كان الرجل يملك منزلة اجتماعية كبيرة يستطيع من خلالها ان يجالس كبار القوم في جيش ابن سعد ويتحدّث معهم، خصوصاً في ظروف حسّاسة كالظروف التي كان فيها الحسين عليه السلام.