آيات قرآنية من کتاب واقعة الطّف لأبي مخنف الازديي (ح 5)
د. فاضل حسن شريف
جاء في کتاب واقعة الطّف للمؤلف أبو مخنف الازديي: عن مقتل يزيد بن زياد أبي الشعثاء الكندي: وكان يزيد بن زياد بن المهاصر وهو أبو الشعثاء الكندي ممّن خرج مع عمر بن سعد إلى الحسين عليه السّلام، فلمّا ردّوا الشروط على الحسين عليه السّلام مال إليه فقاتل معه. وكان رجزه يومئذٍ: أنا يزيد وأبي مهاصر * أشجع من ليث بغيل خادر يا ربّ اني للحسين ناصر * ولابن سعد تارك وهاجر. وكان رامياً، فـجثا على ركبته بين يدي الحسين عليه السّلام، فرمى بمئة سهم ما سقط منها إلاّ خمسة أسهم. فكلّما رمى، قال: أنا ابن بهدلة، فرسان العرجلة. ويقول حسين عليه السّلام: (اللهمّ، سدّد رميته، واجعل ثوابه الجنّة). ثمّ قاتل حتّى قُتل رحمة الله عليه. هذه رواية فضيل بن خديج الكندي، ولعلّه استنتج تركه وهجره لابن سعد ونصرته للإمام عليه السّلام بعد ردّ الشروط عليه من رجزه هذا. وقد سبقت رواية عبد الرحمن بن جندب عن عقبة بن سمعان: أنّ رسول ابن زياد بكتابه إلى الحرّ في كربلاء، كان المالك بن النّسير البَدّيّ الكندي. فقال له يزيد بن زياد: ثكلتك اُمّك ماذا جئت فيه؟ قال: وما جئت فيه، أطعت إمامي ووفيت ببيعتي. فقال له أبو الشعثاء: عصيت ربك وأطعت إمامك في هلاك نفسك، كسبت العار والنّار، قال الله عزوجل: “وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمّةً يَدْعُونَ إلى النّار وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ لاَ يُنصَرُونَ” (القصص 41). فهو إمامك 5 / 408. فهذه الرواية: تدلّ على كونه مع الإمام عليه السّلام قبل نزوله بكربلاء، بل قبل لقائه بالحرّ رضي الله عنه. والطبري وأبو مِخْنَف، لم يلتفتا لذلك.
وعن السّبايا في مجلس ابن زياد يقول أبو مخنف الازديي: فلمّا أُدخل أخواته ونساؤه وصبيانه على عبيد الله بن زياد، لبست زينب ابنة فاطمة (عليها السّلام) أرذل ثيابها وتنكّرت وحفّت بها إماؤها، و جلست. فقال عبيد الله بن زياد: من هذه الجالسة؟ فلمْ تكلّمه. فقال ذلك ثلاثاً، كلّ ذلك لا تكلّمه. فقال بعض إمائها: هذه زينب ابنة فاطمة (عليها السّلام). فقال لها عبيد الله: الحمد الذي فضحكم وقتلكم، وأكذب أحدوثتكم. فقالت: الحمد لله الذي أكرمنا بمحمّد صلّى الله عليه وآله وطهّرنا تطهيراً، لا كما تقول أنت، إنّما يُفتضح الفاسق ويُكذّب الفاجر. قال: فكيف رأيت صنع الله بأهل بيتك؟ قالت: “كُتِبَ عَلَيْهِمْ الْقَتْلُ إِلَى مَضَاجِعِهِمْ” (ال عمران 154)، وسيجمع الله بينك وبينهم فتحاجّون إليه وتخاصمون عنده. فغضب ابن زياد واستشاط، فقال لها: قد أشفى الله نفسي من طاغيتك والعصاة المردة من أهل بيتك. فبكت، ثمّ قالت: لعمري لقد قتلت كهلي وأبرت أهلي، وقطعت فرعي واجتثثت أصلى، فإنْ يشفيك هذا، فقد اشتفيت. فبكت ثم قالت: لعمري لقد قتلت كهلي، وأبَرْت اهلي، وقطعت فرعي، واجتثثت أصلي! فان يشفيك هذا فقد اشتفيت. فقال عبيد الله: هذه سجّاعة، و لعمري قد كان أبوك شاعراً سجّاعا. ثمّ نظر عبيد الله بن زياد إلى علي بن الحسين عليه السّلام، فقال له: ما اسمك؟ قال عليه السّلام: (أنا علي بن الحسين). قال: ولمْ يقتل الله عليّ بن الحسين؟ فسكت. فقال له ابن زياد: مالك لا تتكلّم؟ قال عليه السّلام: (قد كان لي أخ يُقال له أيضاً: عليّ، فقتله النّاس). قال: إنّ الله قد قتله. فسكت علي بن الحسين عليه السّلام. فقال له: مالك لا تتكلّم؟ قال عليه السّلام: “اللّهُ يَتَوَفّى النّفس حِينَ مَوْتِهَا” (الزمر 42) “وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَن تَمُوتَ إِلّا بِإِذْنِ اللّهِ” (آل عمران 145). قال: أنت والله، منهم. ثم قال لمريّ بن معاذ الأحمري: ويحك أقتله فتعلّقت به عمّته زينب، فقالت: يابن زياد، حسبك منّا، أمَا رُويت من دمائنا؟! وهل أبقيت منّا أحداً. و اعتنقته و قالت: أسألك بالله إنْ كنت مؤمناً إنْ قتلته، لمّا قتلتني معه. وناداه علي بن الحسين عليه السّلام: (إنْ كانت بينك وبينهنّ قرابة، فابعث معهنّ رجلاً تقيّاً يصحبهن بصحبة السّلام). فنظر إليهما، ثمّ قال: عجباً للرّحم والله، ودّت لو أنّي قتلته أنّي قتلتها معه، دعوا الغلام ثمّ إنّ عبيد الله بن زياد نصب رأس الحسين عليه السّلام على رمح، فجعل يداريه في الكوفة.
و أيضا عن السّبايا في مجلس ابن زياد يقول أبو مخنف الازديي في كتابه واقعة الطّف: ما اسمك؟ قلت: علي بن حسين ز قال: ولمْ يقتل الله عليّاً؟ قلت: كان لي أخ أكبر منّي، قتله النّاس. قال: بل قتله الله. قلت: “اللَّهُ يَتَوَفَّى الأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا” (الزمر 42). فأمر بقتلي، فقالت زينب بنت علي عليه السّلام: يابن زياد، حسبك من دمائنا، أسألك بالله إنْ قتلته إلاّ قتلتني معه). فتركه. ثمّ نقل عن ابن سعد صاحب الطبقات: أنّه رُوى عن مالك بن إسماعيل، عن سهل بن شعيب النّهمي، عن أبيه شعيب، عن المنهال بن عمرو، أنّه قال: دخلت على عليّ بن الحسين عليه السّلام، فقلت: كيف أصبحت أصلحك الله؟ قال عليه السّلام: (ما كنت أرى شيخاً من أهل المصر مثلك لا يدري كيف أصبحنا! فأمّا إذا لمْ تدرِ وتعلم فسأخبرك: أصبحنا في قومنا بمنزلة بني إسرائيل في آل فرعون: “يُذَبّحُونَ أبناءكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ” (البقرة 49). وأصبح شيخنا وسيّدنا علي بن أبي طالب عليه السّلام يتقرّب إلى عدوّنا بشتمه وسبّه على المنابر، وأصبحت قريش تعدّ أنّ لها الفضل على العرب ؛ لأنّ محمّداً منها، لا تعدّ لها فضلاً إلاّ به، وأصبحت العرب مقرّة لهم لذلك، وأصبحت العرب تعدّ أنّ لها فضلاً على العجم ؛ لأنّ محمّداً منها، لا تعدّ لها فضلاً إلاّ به، وأصبحت العجم مقرّة لهم بذلك، فلئن كانت العرب صدقت أنّ لها فضلاً على العجم، وصدقت قريش أنّ لها الفضل على العرب ـ لأنّ محمّداً منها ـ فإنّ لنا أهل البيت الفضل على قريش ؛ لانّ محمّداً منّا، فأصبحوا يأخذون بحقّنا ولا يعرفون لنا حقّاً، فهكذا أصبحنا إذا لمْ تعلم كيف أصبحنا).
جاء في کتاب واقعة الطّف للمؤلف أبو مخنف الازديي: ولمّا جلس يزيد بن معاوية، دعا أشراف أهل الشام فأجلسهم حوله، ثمّ دعا بعلي بن الحسين عليه السّلام وصبيان الحسين عليه السّلام ونسائه، فأُدخلوا عليه والنّاس ينظرون، فأُجلسوا بين يديه فرأى هيئةً قبيحةً، فقال: قبّح الله ابن مرجانة! لوكانت بينه وبينكم رحم وقرابة ما فعل هذا بكم، ولا بعث بكم هكذا. ثمّ قال يزيد لعليّ ابن الحسين عليه السّلام: يا علي، أبوك الذي قطع رحمي وجهل حقّي ونازعني سلطاني، فصنع الله به ما قد رأيت. فقال علي عليه السّلام: “مَا أَصَابَ مِن مُصِيَبةٍ فِي الأرض وَلاَ فِي أَنفُسِكُمْ إِلاّ فِي كِتَابٍ مِن قَبْلِ أَن نَبْرَأَهَا” (الحديد 22). وتمامها: “إِنّ ذلِكَ عَلَى اللّهِ يَسِيرٌ * لِكَيْلاَ تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلاَ تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ والله لاَ يُحِبّ كلّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ” (الحديد 22-23). ورواها أبو الفرج بتمامها / 80. ورواها السّبط، ثمّ قال: وكان علي بن الحسين عليه السّلام والنّساء موثقين في الحبال، فناداه علي عليه السّلام: (يا يزيد، ما ظنّك برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لو رآنا موثقين في الحبال، عرايا على أقتاب الجمال؟). فلمْ يبقَ في القوم إلاّ مَن بكى / 262. فقال له يزيد: “وَمَا أَصَابَكُم مِن مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُوا عَن كَثِيرٍ” (الشورى 30). عن فاطمة بنت علي عليه السّلام، قالت: لمّا أجلسنا بين يدي يزيد بن معاوية، قام رجل أحمر من أهل الشام إلى يزيد، فقال: يا أمير المؤمنين هب لي هذه وهو يعنّيني فأرعدت وفرقت، وظننت أن ذلك جائز لهم، وأخذت بثياب أختي زينب، وكانت أكبر منّي وأعقل وتعلم أن ذلك لا يكون، فقالت له: كذبت والله، ولؤم ما ذلك لك ولا له. فغضب يزيد فقال: كذبت والله، إن ذلك لي ولوشئت أن أفعله لفعلت.