للأسف طغت ظاهرة الإستعباد الإختياري على الناس شيئاً فشيئاً, كنتيجة طبيعة لأهمال القيم و بآلتالي الفكر الذي هو أساس و أسمى شيئ لخوض غمار الحياة في سفرتنا المؤقتة!؟
للفكر دور ريادي في تقرير مصير ألشّعوب: [والقدرات العقلية موجودة في الأنسان, لكنها غير نامية في معظم الناس، و عدم تنمية القدرات تقود لعواقب وخيمة كما نشهدها في الشعوب التي حتى لو إنتخبت حكامها فإنهم يحكمون بلا فكر و ثقافة فتتراكم المظالم نتيجة ظغيان الحكام للكسب المادي, فالفكر كالجسد يحتاج للغذاء المناسب والتمرين الصحيح للإنتاج و الأبداع].
ألعارف ألحكيم عزيز حميد.
و المشكلة هي :
[إنّ المفكرين الحقيقيين قليلون في هذا الورى،والمشككين الحقيقيين أقل منهم. أما المطمئنون إلى كل شيء فملء الأرض].
مارون عبّود.
و الفكر لا يُحدد بشهادة جامعية أو حتى بأكثر من شهادة دكتوراه واحدة ؛ إنما يتحقق في وجود الأنسان متى ما أدرك و وعي أجوبة (الأربعين سؤآل)(1).
و ليس أمام الأنسان سوى ثلاث طرق في الحياة :
الأول : يمر عبر التقليد و هو أسهل الطرق .
الثاني : يمر عبر التجربة و هو أصعب الطرق.
الثالث : يمر عبر الفكر و هو أسمى الطرق.
كنفسيوش الحكيم.
إن كنفسيوش الحكيم هو أوّل من صنف تلك الطرق الثلاثة و هي فاعلة و واقعية إلى يومنا هذا, و تلك هي الأفكار الفلسفية المبدئية التي تعتمد الفلسفة في تقريرها, و تقريرات الفلسفة حسب الفلسفة الكونية, تعني ؛ إنها لا و لن و لا يمكن أن يغييرها الزمان أو المكان أو الظروف مهما كانت إيجابية أو سلبيّة , لهذا تعتبر أقوال و تقريرات الفلاسفة مقدسة بعد القرآن و أحاديث المعصومين.
و الفرق بين الأنبياء و الفلاسفة يتجلّى من خلال الحكيم إبن سينا من خلال حديثه مع مرافقه إلى بيت الله الحرام وكان من تلامذته:
في طريقهِ لِلحَجّ أَحَسَّ ألحكيم آلفيلسوف (إبن سينا) بعطشٍ شديدٍ, إلتفتَ لتلميذه الذي كان يُرافقهُ, طالباً منه جلب الماء من قرية مجاورة, لكنهُ – التلميذ – تثاقل و إعتذر لبرودة الجّو وعتمة الليل, و رغم إلحاح (إبن سينا) عليه .. لكن تلميذه لمْ يفعل رغم تكرار الطلب بلا جدوى, و بينما هُم على هذا الحال و إذا بأذان الفجر يدوي في سّماء آلقرية و ما يجاورها, و إذا بآلتلميذ نهض على الفور إستعداداً للصلاة في وقتها لأنها من أحب الأعمال إلى الله .. عندها قالَ لهُ إبن سينا؛ مهلاً لقد حانَ الوقتُ للأجابة على سؤآلك الذي سألتنيه بداية سفرنا هذا من (همدان) ؛ عن ( ماهيّة الفرق بين الفيلسوف و النبيّ)؟
و الجواب هو :
[ألفرق بينهما هو هذا الذي شهدّتهُ, فحينَ سألتكَ مراراً لجلب الماء لم تنهض من مكانك, بينما مجرّد سماعكَ لكلمة (الله أكبر) لَبّيتَ النداء فوراً رغم وفاة النبي(ص) الذي أمرنا بها قبل 1400عام, بينما أنا آلآن حيٌّ عطشانٌ بجانبك و مُعَلمكَ .. و قد دعوتك مراراً لجلب الماء و لم تفعلْ مثلما فعلت للصلاة!؟
و هذا هو الفرق بيننا نحن (الفلاسفة) و بين (الأنبياء), لأنّنا نتعامل بآلدرجة الأولى بآلعقل و بدرجة ثانية بآلقلب مع الناس, بينما الأنبياء يتعاملون بآلدرجة الأولى بآلقلب ثمّ العقل بدرجة ثانية مع الناس!
و هيهات أنْ ترتقي لغة العقول لمرتبة لغة القلوب في التأثير لهداية البشر المتجه نحو الظلام بكل غباء, ذلك أن لغة العقل تتعامل مع الحساب و الكتاب و الربح و الخسارة و تكون محدودة النتائج, بينما القلب وحده تستوطن البصيرة و النظرة الكلية و العميقة للأمور, فالمشكلة تكمن في ماهية الفرق بينهما(بين العقل و القلب), فمعظم فلاسفة العالم لا يعرفونه بآلضبط, بإستثناء العارف الحكيم المعاصر الذي كشف الفرق و حاول دمج اللغتين لجعلهما لغة واحدة و جامعة لرسم القوانين و كذلك لتكون تلك (الفلسفة الكونية) ختام للفلسفة في العالم لأنها جامعة و شاملة و تضم القواعد المطلوبة لتدوين المقالات الكونية وبآلتالي القوانين المطلوبة, و قد عُرفت تلك اللغة الفلسفية الجديدة بـ (فلسفة الفلسفة الكونيّة)(2) كختام للفلسفة في الوجود مع بداية الألفية الثالثة التي عبرنا ربع قرن منها للآن, نتمنى من الأساتذة و المفكريين و الفلاسفة في العالم الأطلاع عليها و تطبيقها لنجاة البشرية من الكارثة الكبرى التي سيواجهونها بسبب السياسيين والأحزاب و الأنظمة القائمة في العالم.
(2) لمعرفة التفاصيل, راجع كتابنا الموسوم بـ [فلسفة الفلسفة الكونية], أو كتاب [نظرية المعرفة الكونيّة], عبر الرابط التالي: download book philosophy of cosmic philosophy pdf – Noor