د. فاضل حسن شريف
2725- يقول الشيخ عبد الحافظ البغدادي: عن ابن عباس قال: دخل ناس من قريش على صفية بنت عبد المطلب، فجعلوا يتفاخرون ويذكرون أمورهم في الجاهلية. فقالت صفية: منا رسول صلى الله عليه وآله وسلم فقالوا: تنبت النخلة (أو الشجرة) في الأرض الكبا فقالت: وما الكبا؟ قالوا: الأرض التي ليست بطيبة. وهؤلاء كلهم من الصحابة.فذكرت (ذلك صفية) للنبي صلى الله عليه وآله وسلم فغضب غضبا شديدا وقال: يا بلال اذن للصلاة فأذن فقام صلى الله عليه وآله وسلم على المنبر (فنادى بصوت) فقال: (يا) أيها الناس من أنا؟ قالوا: أنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.قال: انسبوني. قالوا: أنت محمد بن عبد الله بن عبد المطلب.قال: ما بال أقوام يؤذونني في أهلي، فوالله إن أهلي لأفضلكم أصلا. فقامت الأنصار وأخذوا السلاح لغضبه فقال للأنصار: الناس دثاري وأنتم شعاري وأثنى عليهم خيرا. الدثار هو الغطاء الذي يتغطى به الإنسان.وانتم شعاري يعني الشعر الذي ينبت على الجسم. او الثوب الذي يلامس الجسم وهو اقرب من الغطاء كونه يلامس الجسم بينما الدثار يرتفع عن البدن. وخطب خطبة قال: أيها الناس ما بال رجال يؤذونني في أهلي ويقولون عليهم غير الحق، والله ما علمت منهم إلا خيرا، ويقولون ذلك لرجل والله ما علمت منه إلا خيرا، وما يدخل بيتا من بيوتي إلا وهو معي ويعني به علي بن ابي طالب عليه السلام. عن الامام علي عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يا معشر بني هاشم، والذي بعثني بالحق نبيا، لو أخذت بِحَلْقَةِ بَابِ الْجَنَّةِ مَا بَدَأْتُ إِلَّا بِكُمْ. عن ابن عباس عن أبيه العباس عم النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: يا رسول الله (إنا لنخرج فنرى قريشا تتحدث، فإذا رأونا سكتوا) فغضب النبي صلى الله عليه وآله وسلم ودر عرق الغضب بين عينيه، ثم قال: (والله لا يدخل قلب امرئ إيمان حتى يحبكم لله ولقرابتي). (أخرجه أحمد بن حنبل).
2726- جاء في الحديث أن رسول اللـه صلى الله عليه وآله وسلم أرسل قبل نجد سرية فأسروا واحداً اسمه ثمامة بن أثال الحنفي سيد يمامة، فأتوا به وشدوه إلى سارية من سواري المسجد فمر به النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال: (ما عندك يا ثمامة؟) فقال: خير، إن قتلت قتلت وارماً، وإن مننت مننت شاكراً، وإن أردت مالاً تُعطَ ما شئت، فتركه ولم يقل شيئاً، فمر به اليوم الثاني فقال مثل ذلك، ثم مرَّ به اليوم الثالث فقال مثل ذلك، ولم يقل النبي صلى الله عليه وآله وسلم شيئاً، ثم قال صلى الله عليه وآله وسلم: (أطلقوا ثمامة فأطلقوه)، فمرَّ واغتسل وجاء وأسلم وكتب إلى قومه فجاؤوا مسلمين وبذلك كانت هداية شخص واحد مقدمة لعشيرته بدخول الإسلام، وقد وردت روايات كثيرة في فضل هداية الآخرين اختياراً ومن دون إكراه، منها قول نبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم للإمام علي عليه السلام: (لئن يهدي اللـه بك أحداً خير لك مما طلعت عليه الشمس).
2727- بَابُ زِيَارَةِ مَنْ بِالْبَقِيعِ – إِتْيَانِ الْمَشَاهِدِ وَ قُبُورِ الشُّهَدَاءِ: عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ عَمَّارٍ قَالَ: قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام: لا تَدَعْ إِتْيَانَ الْمَشَاهِدِ كُلِّهَا. مَسْجِدِ قُبَاءَ فَإِنَّهُ الْمَسْجِدُ الَّذِي أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ، وَ مَشْرَبَةِ أُمِّ إِبْرَاهِيمَ، وَ مَسْجِدِ الْفَضِيخِ، وَ قُبُورِ الشُّهَدَاءِ، وَ مَسْجِدِ الاحْزَابِ وَ هُوَ مَسْجِدُ الْفَتْحِ. قَالَ وَ بَلَغَنَا أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وآله وسلم كَانَ إِذَا أَتَى قُبُورَ الشُّهَدَاءِ قَالَ السلام عَلَيْكُمْ بِمَا ابْدَأْ بِقُبَا فَصَلِّ فِيهِ وَ أَكْثِرْ فَإِنَّهُ أَوَّلُ مَسْجِدٍ صَلَّى فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم فِي هَذِهِ الْعَرْصَةِ. ثُمَّ ائْتِ مَشْرَبَةَ أُمِّ إِبْرَاهِيمَ فَصَلِّ فِيهَا، وَ هِيَ مَسْكَنُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم وَ مُصَلَّاهُ.. ثُمَّ تَأْتِي مَسْجِدَ الْفَضِيخِ فَتُصَلِّي فِيهِ، فَقَدْ صَلَّى فِيهِ نَبِيُّكَ. فَإِذَا قَضَيْتَ هَذَا الْجَانِبَ أَتَيْتَ جَانِبَ أُحُدٍ فَبَدَأْتَ بِالْمَسْجِدِ الَّذِي دُونَ الْحَرَّةِ فَصَلَّيْتَ فِيهِ. ثُمَّ مَرَرْتَ بِقَبْرِ حَمْزَةَ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَسَلَّمْتَ عَلَيْهِ.. ثُمَّ مَرَرْتَ بِقُبُورِ الشُّهَدَاءِ فَقُمْتَ عِنْدَهُمْ فَقُلْتَ السلام عَلَيْكُمْ يَا أَهْلَ الدِّيَارِ أَنْتُمْ لَنَا فَرَطٌ وَ إِنَّا بِكُمْ لاحِقُونَ. ثُمَّ تَأْتِي الْمَسْجِدَ الَّذِي كَانَ فِي الْمَكَانِ الْوَاسِعِ إِلَى جَنْبِ الْجَبَلِ عَنْ يَمِينِكَ حِينَ تَدْخُلُ أُحُداً فَتُصَلِّي فِيهِ فَعِنْدَهُ خَرَجَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وآله وسلم إِلَى أُحُدٍ حِينَ لَقِيَ الْمُشْرِكِينَ، فَلَمْ يَبْرَحُوا حَتَّى حَضَرَتِ الصَّلاةُ فَصَلَّى فِيهِ. ثُمَّ مُرَّ أَيْضاً حَتَّى تَرْجِعَ فَتُصَلِّيَ عِنْدَ قُبُورِ الشُّهَدَاءِ مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكَ. ثُمَّ امْضِ عَلَى وَجْهِكَ حَتَّى تَأْتِيَ مَسْجِدَ الاحْزَابِ فَتُصَلِّيَ فِيهِ وَ تَدْعُوَ اللَّهَ فِيهِ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم دَعَا فِيهِ يَوْمَ الاحْزَابِ، وَ قَالَ يَا صَرِيخَ الْمَكْرُوبِينَ وَ يَا مُجِيبَ دَعْوَةِ الْمُضْطَرِّينَ وَ يَا مُغِيثَ الْمَهْمُومِينَ اكْشِفْ هَمِّي وَ كَرْبِي وَ غَمِّي فَقَدْ تَرَى حَالِي وَ حَالَ أَصْحَابِي. (الكافي)
2728- روى ابن إسحاق أن رسول اللـه صلى الله عليه وآله وسلم كتب كتاباً بين المهاجرين والأنصار وادَعَ فيه اليهود وعاهدهم وأقر لهم على دينهم وأموالهم وشرط لهم واشترط عليهم، وهذا نصه: (بسم اللـه الرحمن الرحيم، هذا كتاب من محمد النبي بين المؤمنين والمسلمين من قريش ويثرب ومن تبعهم ولحق بهم وجاهد معهم أنهم أمة واحدة من دون الناس، وأنه من تبعنا من اليهود فإن لـه النصر والأسوة غير مظلومين ولا متناحرين عليهم، وأن اليهود ينفقون مع المؤمنين ما داموا محاربين، وأن يهود بني عوف أمة مع المؤمنين، لليهود دينهم وللمسلمين دينهم، وأن ليهود بني النجار مثل ما ليهود بني عوف، وأن ليهود بني الحارث مثل ما ليهود بني عوف، وأن ليهود بني ساعدة مثل ما ليهود بني عوف، وأن ليهود بني جشم مثل ما ليهود بني عوف، وأن ليهود بني الأوس مثل ما ليهود بني عوف، وأن ليهود بني ثعلبة مثل ما ليهود بني عوف، ألا من ظلم وأثم فإنه لا يوتغ إلاّ نفسه وأهل بيته، وأن على اليهود نفقتهم، وعلى المسلمين نفقتهم، وأن بينهم النصر على من حارب أهل هذه الصحيفة، وأن بينهم النصح والنصيحة، والبر دون الإثم، وأنه لم يأثم امرؤٌ بحليفه، وأن النصر للمظلوم، وأن اليهود ينفقون مع المؤمنين ما داموا محاربين، وأن يثرب حرام جوفها لأهل هذه الصحيفة، وأن الجار كالنفس غير مضار ولا آثم) إلى آخر الصحيفة.
2829- ويستحب استحباباً مؤكداً حسن الجوار، فإنه يزيد في الرزق والأعمار، و يعمر الديار. وقد ورد أنه كان في بني اسرائيل مؤمن وكان له جار كافر، وكان الكافر يرفق بجاره ويوليه المعروف في الدنيا، فلما أن مات الكافر بنى الله له بيتاً في النار من طين، وكان يقيه حرها، ويأتيه الرزق من غيرها، وقيل له: هذا ما كنت تدخله على جارك المؤمن فلان بن فلان من الرفق، وتوليه من المعروف في الدنيا. وورد أن الجار كالنفس غير مضار ولا اثم، وحرمة الجار على الجار كحرمة أمه. وعن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه ما زال جبرائيل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه. وعنه صلى الله عليه وآله وسلم أنه: ما آمن بي من بات شبعاناً وجاره جائع. وورد أن يعقوب عليه السلام أذهب الله بصره وابتلاه بفراق ولده لأنه شوى شاة وأكلها ولم ينل جاره الصائم منها شيئاً.