د. فاضل حسن شريف
2801- يقول الشيخ عبد الحافظ البغدادي: ننتقل الى معني مهم من حياة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وهو الافضلية.في الحقيقة لاتوجد آية تدل علي ان النبي الاكرم صلى الله عليه وآله وسلم افضل الانبياء بمعني انه لاتوجد آية تقول الرسول افضل الرسل ولكن بمتابعة التفاصيل لمجموعة من الآيات نجد افضليته مثلا هناك آية تقول: “تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلي بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ ورَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجاتٍ” (البقرة 253) الخ. ورد في تفسير الآية: “تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلي بَعْضٍ” (البقرة 253). في آخر الآية التي سبقتها يقول:”وَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ” فتكون: (تلك الرسل فضلنا بعضهم وهنا يقول وانك من المرسلين): اذن منهم محمد، وانهم كلهم جميعا مستوون في أصل النبوة، اختارهم اللّه لتبليغ رسالته، فكانت وظائفهم تعطيهم بعض الامتيازات بينهم (تسمى خصائص) واشتهر منهم في الخصائص دون بعض كما ورد في القران. مثلا: اشتهر إبراهيم بأنه خليل اللّه، لقوله تعالي: “وَ اتَّخَذَ اللَّهُ إِبْراهِيمَ خَلِيلًا” (النساء 125). واشتهر موسي بأنه كليم اللّه، لقوله سبحانه: “وَ كَلَّمَ اللَّهُ مُوسي تَكْلِيماً” (النساء 164) واشتهر عيسي روح الله “وكَلِمَتُهُ أَلْقاها إِلي مَرْيَمَ وَ رُوحٌ مِنْهُ” (النساء 171). واشتهر محمد صلى الله عليه وآله وسلم بخاتم النبيين، لقوله عز و جل: “رَسُولَ اللَّهِ وَ خاتَمَ النَّبِيِّينَ” (الأحزاب 40) ثم يذكر بقوله تعالى:”ورَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجاتٍ” (البقرة 253). اذن كيف نقول: أن محمدا صلى الله عليه وآله وسلم أفضل الانبياء؟ لا بد أن يكون هناك دليل على أفضليته على سائر الأنبياء.. الجواب:: استدل علي أفضليته بتسعة عشر دليلا. منها رواية أن عليا عليه السلام ظهر من بعيد، فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم:”هذا سيد العرب، فقالت عائشة: أ لست أنت سيد العرب؟. فقال: أنا سيد العالمين، وهو سيد العرب”. وسيد العالمين بما فيها الأنبياء فهو سيدهم. أما في القرآن نستدل ببعض الآيات. منها: أن رسالته مكملة لجميع الأديان وخاتمتها. و خير ما يستدل به علي أفضلية الرسول علي جميع الأنبياء و المصلحين شريعته في سعتها و سماحتها و انسانيتها “فَكَيْفَ إِذا جِئْنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَ جِئْنا بِكَ عَلي هؤُلاءِ شَهِيداً” (النساء 41). جاءت كلمة “من” جئنا من كل امة. وحين يتحدث عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم يقول: “وجئنا بك على هؤلاء شهيدا” (النساء 41).
2802- رسول الله صلى الله عليه و آله لما سئل عن الدعاء الأفضل: (تسأل ربك العفو والعافية في الدنيا والآخرة) ثم أتاه من الغد فقال: يا رسول الله، أي الدعاء أفضل؟ قال: (تسأل ربك العفو والعافية في الدين والدنيا والأخرة) ثم أتاه من الغد، فقال: يا رسول الله،أي الدعاء أفضل؟ قال: (تسأل ربك العفو والعافية) ثم أتاه من اليوم الرابع فقال: يا رسول الله،أي الدعاء أفضل؟ قال: (تسأل ربك العفو والعافية في الدنيا والآخرة، فإنك إذا اعطيتهما في الدنيا ثم اعطيتهما في الآخرة فقد افلحت).
2803- قال رسول الله صلى الله عليه وآله للأنصاري حين أعتق عند موته خمسة أو ستة من الرقيق و لم يكن يملك غيرهم و له أولاد صغار لو أعلمتموني أمره ما تركتكم تدفنوه مع المسلمين يترك صبية صغارا يتكففون الناس ثم قال حدثني أبي أن رسول الله ص قال ابدأ بمن تعول الأدنى فالأدنى ثم هذا ما نطق به الكتاب ردا لقولكم و نهيا عنه مفروضا من الله العزيز الحكيم قال و الذين إذا أنفقوا لم يسرفوا و لم يقتروا و كان بين ذلك قواما أ فلا ترون أن الله تبارك و تعالى قال غير ما أراكم تدعون الناس إليه من الأثرة على أنفسهم و سمى من فعل ما تدعون الناس إليه مسرفا و في غير آية من كتاب الله يقول إنه لا يحب المسرفين فنهاهم عن الإسراف و نهاهم عن التقتير و لكن أمر بين أمرين لا يعطي جميع ما عنده ثم يدعو الله أن يرزقه فلا يستجيب له للحديث الذي جاء عن النبي ص إن أصنافا من أمتي لا يستجاب لهم دعاؤهم رجل يدعو على والديه و رجل يدعو على غريم ذهب له بمال فلم يكتب عليه و لم يشهد عليه و رجل يدعو على امرأته و قد جعل الله عز و جل تخلية سبيلها بيده و رجل يقعد في بيته و يقول رب ارزقني و لا يخرج و لا يطلب الرزق فيقول الله عز و جل له عبدي أ لم أجعل لك السبيل إلى الطلب و الضرب في الأرض بجوارح صحيحة فتكون قد أعذرت فيما بيني و بينك في الطلب لاتباع أمري و لكيلا تكون كلا على أهلك فإن شئت رزقتك و إن شئت قترت عليك و أنت غير معذور عندي و رجل رزقه الله مالا كثيرا فأنفقه ثم أقبل يدعو يا رب ارزقني فيقول الله عز و جل أ لم أرزقك رزقا واسعا فهلا اقتصدت فيه كما أمرتك و لم تسرف و قد نهيتك عن الإسراف و رجل يدعو في قطيعة رحم ثم علم الله عز و جل نبيه ص كيف ينفق و ذلك أنه كانت عنده أوقية من الذهب فكره أن يبيت عنده فتصدق بها فأصبح و ليس عنده شيء و جاءه من يسأله فلم يكن عنده ما يعطيه فلامه السائل و اغتم هو حيث لم يكن عنده ما يعطيه و كان رحيما رقيقا فأدب الله تعالى نبيه ص بأمره فقال و لا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك و لا تبسطها كل البسط فتقعد ملوما محسورا يقول إن الناس قد يسألونك و لا يعذرونك فإذا أعطيت جميع ما عندك من المال كنت قد حسرت من المال فهذه أحاديث رسول الله ص يصدقها الكتاب و الكتاب يصدقه أهله من المؤمنين و قال أبو بكر عند موته حيث قيل له أوص فقال أوصي بالخمس و الخمس كثير فإن الله تعالى قد رضي بالخمس فأوصى بالخمس و قد جعل الله عز و جل له الثلث عند موته و لو علم أن الثلث خير له أوصى به ثم من قد علمتم بعده في فضله و زهده سلمان و أبو ذر رضي الله عنهما فأما سلمان فكان إذا أخذ عطاه رفع منه قوته لسنته حتى يحضر عطاؤه من قابل فقيل له يا أبا عبد الله أنت في زهدك تصنع هذا و أنت لا تدري لعلك تموت اليوم أو غدا فكان جوابه أن قال ما لكم لا ترجون لي البقاء كما خفتم علي الفناء أ ما علمتم يا جهلة أن النفس قد تلتاث على صاحبها إذا لم يكن لها من العيش ما يعتمد عليه فإذا هي أحرزت معيشتها اطمأنت و أما أبو ذر فكانت له نويقات و شويهات يحلبها و يذبح منها إذا اشتهى أهله اللحم أو نزل به ضيف أو رأى بأهل الماء الذين هم معه خصاصة نحر لهم الجزور أو من الشياه على قدر ما يذهب عنهم بقرم اللحم فيقسمه بينهم و يأخذ هو كنصيب واحد منهم لا يتفضل عليهم و من أزهد من هؤلاء و قد قال فيهم رسول الله ص ما قال و لم يبلغ من أمرهما أن صارا لا يملكان شيئا البتة كما تأمرون الناس بإلقاء أمتعتهم و شيئهم و يؤثرون به على أنفسهم و عيالاتهم. و اعلموا أيها النفر أني سمعت أبي يروي عن آبائه ع أن رسول الله ص قال يوما ما عجبت من شيء كعجبي من المؤمن إنه إن قرض جسده في دار الدنيا بالمقاريض كان خيرا له و إن ملك ما بين مشارق الأرض و مغاربها كان خيرا له و كل ما يصنع الله عز و جل به فهو خير له فليت شعري هل يحيق فيكم ما قد شرحت لكم منذ اليوم أم أزيدكم أ ما علمتم أن الله عز و جل قد فرض على المؤمنين في أول الأمر أن يقاتل الرجل منهم عشرة من المشركين ليس له أن يولي وجهه عنهم و من ولاهم يومئذ دبره فقد تبوأ مقعده من النار ثم حولهم عن حالهم رحمة منه لهم فصار الرجل منهم عليه أن يقاتل رجلين من المشركين تخفيفا من الله عز و جل للمؤمنين فنسخ الرجلان العشرة و أخبروني أيضا عن القضاة أ جورة هم حيث يقضون على الرجل منكم نفقة امرأته إذا قال إني زاهد و إني لا شيء لي فإن قلتم جورة ظلمكم أهل الإسلام و إن قلتم بل عدول خصمتم أنفسكم و حيث تردون صدقة من تصدق على المساكين عند الموت بأكثر من الثلث أخبروني لو كان الناس كلهم كالذين تريدون زهادا لا حاجة لهم في متاع غيرهم فعلى من كان يتصدق بكفارات الأيمان و النذور و الصدقات من فرض الزكاة من الذهب و الفضة و التمر و الزبيب و سائر ما وجب فيه الزكاة من الإبل و البقر و الغنم و غير ذلك إذا كان الأمر كما تقولون لا ينبغي لأحد أن يحبس شيئا من عرض الدنيا إلا قدمه و إن كان به خصاصة فبئسما ذهبتم إليه و حملتم الناس عليه من الجهل بكتاب الله عز و جل و سنة نبيه ص و أحاديثه التي يصدقها الكتاب المنزل و ردكم إياها بجهالتكم و ترككم النظر في غرائب القرآن من التفسير بالناسخ من المنسوخ و المحكم و المتشابه و الأمر و النهي و أخبروني أين أنتم عن سليمان بن داود ع حيث سأل الله ملكا لا ينبغي لأحد من بعده فأعطاه الله جل اسمه ذلك و كان يقول الحق و يعمل به ثم لم نجد الله عز و جل عاب عليه ذلك و لا أحدا من المؤمنين و داود النبي ص قبله في ملكه و شدة سلطانه ثم يوسف النبي عليه السلام حيث قال لملك مصر اجعلني على خزائن الأرض إني حفيظ عليم فكان من أمره الذي كان أن اختار مملكة الملك و ما حولها إلى اليمن و كانوا يمتارون الطعام من عنده لمجاعة أصابتهم و كان يقول الحق و يعمل به فلم نجد أحدا عاب ذلك عليه ثم ذو القرنين عبد أحب الله فأحبه الله و طوى له الأسباب و ملكه مشارق الأرض و مغاربها و كان يقول الحق و يعمل به ثم لم نجد أحدا عاب ذلك عليه فتأدبوا أيها النفر بآداب الله عز و جل للمؤمنين و اقتصروا على أمر الله و نهيه و دعوا عنكم ما اشتبه عليكم مما لا علم لكم به و ردوا العلم إلى أهله توجروا و تعذروا عند الله تبارك و تعالى و كونوا في طلب علم ناسخ القرآن من منسوخه و محكمه من متشابهه و ما أحل الله فيه مما حرم فإنه أقرب لكممن الله و أبعد لكم من الجهل و دعوا الجهالة لأهلها فإن أهل الجهل كثير و أهل العلم قليل و قد قال الله عز و جل و فوق كل ذي علم عليم