اخر الاخبار

أكبر مسيرة حسينية في مدينة لندن بمناسبة يوم الحسين العالمي
ناجي الغزي/ كاتب وباحث سياسي
ببركة الامام الحسين وبجهود القائمين والمشاركين إنطلقت يوم الاربعاء المصادف 17/7/2024 “أكبر مسيرة حسينية” في مدينة لندن عاصمة المملكة المتحدة، وشهدت الساحات والشوارع حدثاً تاريخياً بمناسبة يوم الحسين العالمي الذي يصادف اليوم العاشر من محرم كل عام. وجاءت هذه المسيرة برعاية المجلس الحسيني في لندن، الذي دعا جميع المسلمين للمشاركة في المسيرات العاشورائية. وذلك للتذكير بقيم التضحية والفداء التي جسدها الإمام الحسين بن علي، سبط النبي محمد عليه الصلاة والسلام في واقعة الطف.
التجمع والأنشطة الدينية
انطلقت المسيرة بعد إقامة صلاة الظهر في ساحة ماربل آرتش (Marble Arch) حيث اجتمع الآلاف من المسلمين من مختلف الجنسيات والأعراق لأداء الصلاة والاستماع إلى قصة مقتل الإمام الحسين عليه السلام. التي قرأها سماحة السيد علي الطالقاني، الذي قدم سرداً مؤثراً ومفصلاً لأحداث كربلاء، مبرزاً الدروس والعبر المستفادة منها. كما تحدث السيد الطالقاني عن معاني التضحية والشجاعة والإيمان التي جسدها الإمام الحسين، وكيف يمكن لهذه القيم أن تكون دليلاً لنا في حياتنا اليومية.
كما القى القس البريطاني الدكتور والمفكر كريس هيور Dr. Chris Hewer كلمته التي جاءت جزء من البحث الذي قدمه لاحد الجامعات البريطانية حول الحسين ذبيح كربلاء. حيث سارت الحشود الكبيرة سيراً على الاقدام بشارع اكسفورد ستريت Oxford Street مرورا بساحة الطرف الأغر (Trafalgar Square) حتى نقطة النهاية في شارع داوننغ 10 Downing Street مقر الحكومة البريطانية
الأجواء والفعاليات
شارك في المسيرة أكثر من 250 ألف شخص، حسب احصائية الكاميرات الرقمية للحكومة البريطانية. حاملين الأعلام والرايات الحسينية. وكانت الهتافات والأناشيد التي تعبر عن حب الحسين (عليه السلام) وصمود قضيته تسمع في كل مكان، مما أضفى على الحدث طابعاً روحانياً وعاطفياً قوياً.
كانت من أبرز معالم المسيرة الراية الحسينية السوداء الكبيرة التي جاءت من العتبة الكاظمية بعد تطويفها على ضريح الامام وكتب عليها اسماء الائمة الاثنى عشر المعصومين وبلغ طولها 140 متر وعرضها 6 امتار.
فضلا عن الرايات الاخرى فهناك راية حمراء تبلغ طولها 4 امتار كانت ترفرف على قبة الامام الحسين ع مكتوب عليها عبارة “يا حسين”. كما حمل المشاركون أعلاماً حمراء جاءت هدية من العتبة الحسينية تجاوز عددها 40 الف علم كتب عليها “الحسين للإنسانية”، وكذلك نسخة من ضريح الامام الحسين وضريح الامام العباس عليهم السلام. وهذا بحضور الامين العام للعتبة الحسينية وكالة السيد د. علاء ضياء الدين. وجاءت تلك المسيرة تعبيراً عن رسالة الإمام الحسين السامية التي تجاوزت الزمان والمكان، والتي تدعو للعدل والمساواة ورفض الظلم والطغيان.
التنوع الثقافي والرسالة الإنسانية
تميزت المسيرة بمشاركة أطياف متعددة من ابناء الجالية في المجتمع البريطاني ومن ثقافات مختلفة. لم يكن المشاركون من المسلمين فحسب، بل حضر أيضاً عدد كبير من غير المسلمين الذين جاءوا ليعبروا عن تضامنهم واحترامهم للقيم الإنسانية التي يمثلها الإمام الحسين (عليه السلام) . حيث بلغ عدد المشاهدين لتلك المسيرة تقريبا مليون شخص.. هذه المسيرة جسدت الوحدة والتضامن بين الناس بمختلف انتماءاتهم، مبرزةً أهمية التعايش السلمي والتفاهم المتبادل.
التنظيم والدعم
يقوم المجلس الحسيني في لندن سنوياً بتنظيم هذه المسيرة الراجلة برعاية خادم الحسين الحاج محمد عبد الرسول البلاغي في ذكرى استشهاد الإمام الحسين (عليه السلام) وأولاده وأصحابه في واقعة الطف. حيث يستقطب هذا الحدث أعداداً متزايدة من المشاركين كل عام، ويعمل المجلس على توفير جميع الخدمات اللوجستية لضمان سير المسيرة بسلاسة وأمان. وتتضمن الترتيبات توفير فرق طبية وإسعافات أولية، بالإضافة إلى توزيع المياه والأطعمة على المشاركين. وقيام المتطوعون بتقديم المساعدة وتوجيه الحشود، مما ساعد في الحفاظ على النظام والنظافة والانضباط خلال المسيرة. فضلا عن اقامة الشعائر الدينية والحسينية خلال عشرة ايام في قاعة المجلس الحسيني في شارع اجورد رود شمال غرب لندن.
الأثر والمغزى
تعد هذه المسيرة فرصة للتذكير بالتضحيات الكبيرة التي قدمها الإمام الحسين وأصحابه في سبيل الحق والعدالة. كما تعكس رغبة المشاركين في نقل هذه القيم إلى الأجيال الجديدة وتعزيزها في المجتمعات الحديثة. لا تقتصر أهمية المسيرة على الجانب الديني فقط، بل تمتد لتشمل الجانب الإنساني والاجتماعي، مما يجعلها حدثاً ذا تأثير واسع يمتد إلى خارج حدود الجاليات المسلمة. وتسهم هذه المسيرة في تعزيز الروابط الاجتماعية وتأكيد القيم المشتركة بين مختلف فئات المجتمع، مما يسهم في بناء مجتمع أكثر تضامناً وتفهماً.
الخلاصة
إن مسيرة يوم الحسين العالمي في لندن هي تجسيد حي للوفاء لقيم الإمام الحسين والتمسك بمبادئه. وهي رسالة للإنسانية جمعاء، حيث تؤكد أن قيم العدل والتضحية من أجل الحق والكرامة الإنسانية هي قيم خالدة يجب أن تبقى حية في ضمير البشرية. ويظل يوم العاشر من محرم مناسبة لتجديد العهد مع مبادئ الإمام الحسين، وتجديد الدعوة للعمل من أجل مجتمع يسوده العدل والسلام والتفاهم المتبادل. تبقى هذه المسيرة رمزاً للأمل والإيمان، وتذكيراً بأن النضال من أجل الحق لا ينتهي، بل يستمر في قلوب المؤمنين عبر الأجيال.