د. فاضل حسن شريف
قال الله جل جلاله “أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلِكُم ۖ مَّسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّىٰ يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَىٰ نَصْرُ اللَّهِ ۗ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ” (البقرة 214) فالنصر والجنة لا يأتي بدون جهد وعطاء. ودرجة الاحسان اعلى درجة من الايمان لان الاحسان امر تطوعي فهم ينفقون في السراء والضراء “الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ” (ال عمران 134) ويتمنى الانسان يوم القيامة ان يكون من المحسنين “أَوْ تَقُولَ حِينَ تَرَى الْعَذَابَ لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً فَأَكُونَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ” (الزمر 58) و “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً” (المجادلة 12) فكان علي عليه السلام يقدم الصدقة بينما صحابة اخرين لم يقدموا صدقة “أَأَشْفَقْتُمْ أَن تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَاتٍ” (المجادلة 13). والصدقات ينبغي ان لا تعطى بخلق سئ مع المن “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُم بِالْمَنِّ وَالْأَذَىٰ كَالَّذِي يُنفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ وَلَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ” (البقرة 264) الاذى هو الخلق السئ. وكفالة اليتيم من افضل الصدقات حتى وان كنت في ضيق مالي “الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ” (ال عمران 134).
جاء في تفسير الميزان للسيد الطباطبائي: قوله تعالى “أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلِكُم ۖ مَّسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّىٰ يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَىٰ نَصْرُ اللَّهِ ۗ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ” ﴿البقرة 214﴾ قوله تعالى: “أم حسبتم أن تدخلوا الجنة”، تثبيت لما تدل عليه الآيات السابقة، وهو أن الدين نوع هداية من الله سبحانه للناس إلى ما فيه سعادتهم في الدنيا والآخرة، ونعمة حباهم الله بها، فمن الواجب أن يسلموا له ولا يتبعوا خطوات الشيطان، ولا يلقوا فيه الاختلاف، ولا يجعلوا الدواء داء، ولا يبدلوا نعمة الله سبحانه كفرا ونقمة من اتباع الهوى، وابتغاء زخرف الدنيا وحطامها فيحل عليهم غضب من ربهم كما حل ببني إسرائيل حيث بدلوا نعمة الله من بعد ما جاءتهم، فإن المحنة دائمة، والفتنة قائمة، ولن ينال أحد من الناس سعادة الدين وقرب رب العالمين إلا بالثبات والتسليم. وفي الآية التفات إلى خطاب المؤمنين بعد تنزيلهم في الآيات السابقة منزلة الغيبة، فإن أصل الخطاب كان معهم ووجه الكلام إليهم في قوله: “يا أيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة”، وإنما عدل عن ذلك إلى غيره لعناية كلامية أوجبت ذلك، وبعد انقضاء الوطر عاد إلى خطابهم ثانيا… وكلمة أم منقطعة تفيد الإضراب، والمعنى على ما قيل: بل أ حسبتم أن تدخلوا الجنة “إلخ”، والخلاف في أم المنقطعة معروف، والحق أن أم لإفادة الترديد، وأن الدلالة على معنى الإضراب من حيث انطباق معنى الإضراب على المورد، لا أنها دلالة وضعية، فالمعنى في المورد مثلا: هل انقطعتم بما أمرناكم من التسليم بعد الإيمان والثبات على نعمة الدين، والاتفاق والاتحاد فيه أم لا بل حسبتم أن تدخلوا الجنة “إلخ”. قوله تعالى: “ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم”، المثل بكسر الميم فسكون الثاء، والمثل بفتح الميم والثاء كالشبه، والشبه والمراد به ما يمثل الشيء ويحضره ويشخصه عند السامع، ومنه المثل بفتحتين، وهو الجملة أو القصة التي تفيد استحضار معنى مطلوب في ذهن السامع بنحو الاستعارة التمثيلية كما قال تعالى: “مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا” (الجمعة 5)، ومنه أيضا المثل بمعنى الصفة كقوله تعالى: “انْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثَالَ” (الفرقان 9)، وإنما قالوا له صلى الله عليه وآله وسلم: مجنون وساحر وكذاب ونحو ذلك، وحيث إنه تعالى يبين المثل الذي ذكره بقوله: مستهم البأساء والضراء إلخ فالمراد به المعنى الأول. قوله تعالى: مستهم البأساء والضراء إلى آخره لما اشتد شوق المخاطب ليفهم تفصيل الإجمال الذي دل عليه بقوله: ولما يأتكم مثل الذين، بين ذلك بقوله: مستهم البأساء و الضراء والبأساء هو الشدة المتوجهة إلى الإنسان في خارج نفسه كالمال والجاه والأهل والأمن الذي يحتاج إليه في حياته، والضراء هي الشدة التي تصيب الإنسان في نفسه كالجرح والقتل والمرض، والزلزلة والزلزال معروف وأصله من زل بمعنى عثر، كررت اللفظة للدلالة على التكرار كان الأرض مثلا تحدث لها بالزلزلة عثرة بعد عثرة، وهو كصر وصرصر، وصل وصلصل، وكب وكبكب، والزلزال في الآية كناية عن الاضطراب و الإدهاش.
ويستطرد العلامة السيد الطباطبائي في تفسيره: قوله تعالى: “حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه”، قرئ بنصب يقول، والجملة على هذا في محل الغاية لما سبقها، وقرىء برفع يقول والجملة على هذا لحكاية الحال الماضية، والمعنيان وإن كانا جميعا صحيحين لكن الثاني أنسب للسياق، فإن كون الجملة غاية يعلل بها قوله: “وزلزلوا” لا يناسب السياق كل المناسبة. قوله تعالى: “متى نصر الله”، الظاهر أنه مقول قول الرسول والذين آمنوا معه جميعا، ولا ضير في أن يتفوه الرسول بمثل هذا الكلام استدعاء وطلبا للنصر الذي وعد به الله سبحانه رسله والمؤمنين بهم كما قال تعالى: “وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ (171) إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ” (الصافات171-172)، وقال تعالى: “كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي” (المجادلة 21)، وقد قال تعالى أيضا: “حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا” (يوسف 110)، وهو أشد لحنا من هذه الآية. والظاهر أيضا أن قوله تعالى: “ألا إن نصر الله قريب” مقول له تعالى لا تتمة لقول الرسول والذين آمنوا معه. والآية كما مرت إليه الإشارة سابقا تدل على دوام أمر الابتلاء والامتحان وجريانه في هذه الأمة كما جرى في الأمم السابقة. وتدل أيضا على اتحاد الوصف والمثل بتكرر الحوادث الماضية غابرا، وهو الذي يسمى بتكرر التاريخ وعوده.
عن قناة المنار العتبة العباسية المقدسة تبدأ بإرسال مساعدات إنسانية عاجلة إلى لبنان بتأريخ 24 سبتمبر 2024: باشرت الأمانة العامة للعتبة العباسية المقدسة إجراءاتها لإرسال مساعدات إنسانية عاجلة إلى الشعب اللبناني، وذلك في ظل العدوان على لبنان. وفي بيان رسمي، أكدت العتبة أنها تتضامن مع الشعب اللبناني وتواسيهم في معاناتهم الأليمة، استجابة لتوجيهات المرجعية الدينية العليا في النجف الأشرف. ودعت المرجعية الدينية في العراق المؤمنين إلى المساهمة في تخفيف معاناة الشعب اللبناني الشقيق وتأمين احتياجاتهم الإنسانية. وأوضحت العتبة أنها تعمل بالتنسيق مع الحكومة العراقية لتسهيل إجراءات إرسال المساعدات بأسرع وقت ممكن. وأصدر مكتب سماحة المرجع الديني الأعلى السيد علي الحسيني السيستاني (دام ظلّه)، أمس الاثنين بيانًا حول العدوان الإسرائيلي المستمر على لبنان، عبّر من خلاله عن تضامنه مع اللبنانيين ومواساته لهم في معاناتهم الكبيرة، وطالب ببذل كل جهدٍ ممكن لوقف هذا العدوان الهمجي المستمر وحماية الشعب اللبناني من آثاره المدمرة. ودعا البيان المؤمنين إلى القيام بما يساهم في تخفيف معاناتهم وتأمين احتياجاتهم الإنسانية.
عن الوكالة الوطنية العراقية للانباء العتبة العباسية تعلن تشكيل لجنة اغاثة لتقديم المساعدات الى الشعب اللبناني بتأريخ 27 سبتمبر 2024: أعلن المتولي الشرعي للعتبة العباسية المقدسة احمد الصافي تشكيل لجنة للاغاثة لتقديم المساعدات إلى الشعب اللبناني. وقال الصافي في حديث نقله الموقع الرسمي للعتبة العباسية، إنّه “تمّ تشكيل لجنة للإغاثة تعمل على تقديم المساعدات عبر قوافل برية تنطلق إلى سوريا وتقيم مركز إغاثة لتقديم الدعم للنازحين اللبنانيين هناك ، بينما تنطلق مجموعة أخرى من القوافل إلى بيروت لإقامة مركز إغاثة للعوائل المتضرّرة، إضافة إلى تقديم الدعم الإغاثي عبر رحلات طيران مستمرة من بغداد الى بيروت وتقديم الدعم الطبي عبر المجال الجوي لضمان وصول المساعدات إلى مختلف المناطق والفئات المتضررة بالسرعة القصوى”، مبيناً أن “العتبة المقدسة ستُقيم مراكز إغاثة في عدد من منشآتها للنازحين في محافظة كربلاء”. وأضاف أن “المواد التي ستقدمها العتبة العباسية ضمن الحملة تتضمن مواد غذائية وأدوية وملابس وأفرشة وبطانيات لضمان تلبية الاحتياجات الأساسية للمتضررين من الشعب اللبناني”. وأكد الصافي أنّ “الحملة مفتوحة لمشاركة المواطنين الراغبين في المساهمة سواء بالتبرعات المالية أو العينية وسيتم الإعلان عن أرقام حسابات مخصصة لذلك الغرض ، كما تم تحديد أماكن لاستقبال المساعدات وتوفير أرقام هواتف للتواصل”. وفي ما يتعلق بالمشاركة الطبية ، اشار المتولي الشرعي الى أن “الملاكات الطبية الراغبة في التطوع لعلاج الجرحى يمكنها التنسيق مع مستشفى الكفيل التخصصي لتقديم خدماتها الصحية خلال الحملة”.