د. فاضل حسن شريف
عن تفسير مجمع البيان للشيخ الطبرسي: قوله تعالى “الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِم بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَن يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ ۗ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا ۗ وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ” ﴿الحج 40﴾ يحتمل معناه أن يكون أراد أخرجوا إلى المدينة فتكون الآية مدنية، ويحتمل إلى الحبشة، فتكون الآية مكية. وذلك بأنهم تعرضوا لهم بالأذى حتى اضطروا إلى الخروج. وقوله “بغير حق” معناه: من غير أن استحقوا ذلك، عن الجبائي أي: لم يخرجوا من ديارهم إلا لقولهم: ربنا الله وحده. وقال أبو جعفر عليه السلام: نزلت في المهاجرين وجرت في آل محمد عليهم السلام، الذين أخرجوا من ديارهم، وأخيفوا “وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ” قد تقدم الكلام في هذا. “لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ” أي: صوامع في أيام شريعة عيسى، وبيع في أيام شريعة موسى، ومساجد في أيام شريعة محمد صلى الله عليه وآله وسلم، عن الزجاج. والمعنى: ولولا أن دفع الله بعض الناس ببعض، لهدم في كل شريعة بناء المكان الذي يصلى فيه. وقيل: البيع للنصارى في القرى، والصوامع في الجبال والبراري، ويشترك فيها الفرق الثلاث. والمساجد للمسلمين، والصلوات كنيسة اليهود، عن أبي مسلم. وقال ابن عباس والضحاك وقتادة: الصلوات كنائس اليهود، يسمونها صلاة فعربت. وقال الحسن: أراد بذلك عين الصلاة، وهدم الصلاة بقتل فاعليها، ومنعهم من إقامتها. وقيل: أراد بالصلوات المصليات، كما قال. “لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى” وأراد المساجد “يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا” الهاء تعود إلى المساجد. وقيل: إلى جميع المواضع التي تقدمت، لأن الغالب فيها ذكر الله “وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ” هذا وعد من الله بأنه سينصر من ينصر دينه وشريعته. “إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ” أي: قادر قاهر.
وعن تفسير الجلالين لجلال الدين السيوطي: قوله تعالى “الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِم بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَن يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ ” وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا ” وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ “إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ” (الحج 40) هم “الذين أخرجوا من ديارهم بغير حق” في الإخراج، ما أخرجوا “إلا أن يقولوا” أي بقولهم “ربنا الله” وحده وهذا القول حق فالإخراج به إخراج بغير حق، “ولولا دفع الله الناس بعضهم” بدل بعض من الناس “ببعض لهدمت” بالتشديد للتكثير وبالتخفيف “صوامع” للرهبان “وبيع” كنائس للنصارى “وصلوات” كنائس لليهود بالعبرانية “ومساجد” للمسلمين “يذكر فيها” أي المواضع المذكورة “اسم الله كثيرا” وتنقطع العبادات بخرابها، “ولينصرن الله من ينصره” أي ينصر دينه “إن الله لقويٌ” على خلقه “عزيز” منيع في سلطانه وقدرته.
وعن الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل للشيخ ناصر مكارم الشيرازي: قوله تعالى “الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِم بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَن يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ ۗ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا ۗ وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ” ﴿الحج 40﴾ “الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ” وذنبهم الوحيد أنّهم موحّدون: “إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ”. ومن البديهي أنّ توحيد الله موضع فخر للمرء وليس ذنباً يبيح للمشركين إخراج المسلمين من بيوتهم وإجبارهم على الهجرة من مكّة إلى المدينة، وتعبير الآية جاء لطيفاً ـ يُجلّي إدانة الخصم، فنحن على سبيل المثال نقول لناكر الجميل: لقد أذنبنا عندما خدمناك، وهذه كناية عن جهل المخاطب الذي يجازي الخير شرّا. ثمّ تستعرض الآية واحداً من جوانب فلسفة تشريع الجهاد فتقول: “وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا”. أي إنّ الله إن لم يدافع عن المؤمنين، ويدفع بعض الناس ببعضهم عن طريق الإذن بالجهاد، لهدّمت أديرة وصوامع ومعابد اليهود والنصارى والمساجد التي يذكر فيها اسم الله كثيراً. ولو تكاسل المؤمنون وغضّوا الطرف عن فساد الطواغيت والمستكبرين ومنحوهم الطاعة، لما أبقى هؤلاء أثراً لمراكز عبادة الله، لأنّهم سيجدون الساحة خالية من العوائق، فيعملون على تخريب المعابد، لأنّها تبثّ الوعي في الناس، وتعبّىء طاقتهم في مجابهة الظلم والكفر. وكلّ دعوة لعبادة الله وتوحيده مضادّة للجبابرة الذين يريدون أن يعبدهم الناس تشبّهاً منهم بالله تعالى، لهذا يهدّمون أماكن توحيد الله وعبادته، وهذا من أهداف تشريع الجهاد والإذن بمقاتلة الأعداء. وقد أورد المفسّرون معاني متفاوتة لـ (الصوامع) و (البيع) و (الصلوات) و (المساجد) والفرق بينها، وما يبدو صحيحاً منها هو أنّ: (الصوامع) جمع (صومعة) وهي عادةً مكان خارج المدينة بعيد عن أعين الناس مخصّص لمن ترك الدنيا من الزهّاد والعبّاد. (ويجب ملاحظة أنّ (الصومعة) في الأصل تعني البناء المربّع المسقوف، ويبدو أنّها تطلق على المآذن المربّعة القواعد المخصّصة للرهبان. و(البِيع) جمع بيعة بمعنى معبد النصارى، ويطلق عليها كنيسة أيضاً. و(الصلوات) جمع صلاة، بمعنى معبد اليهود، ويرى البعض أنّها معرّبة لكلمة (صلوتا) العبرية، التي تعني المكان المخصّص بالصلاة. وأمّا (المساجد) فجمع مسجد، وهو موضع عبادة المسلمين. والصوامع والبيع رغم أنّها تخصّ النصارى، إلاّ أنّ إحداهما معبد عامّ والاُخرى لمن ترك الدنيا، ويرى البعض أنّ (البيع) لفظ مشترك يطلق على معابد اليهود والمسيحيين. وعبارة “يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا” وصف خاص بمساجد المسلمين حسب الظاهر، لأنّها أكثر إزدحاماً من جميع مراكز العبادة الاُخرى في العالم، حيث تجرى فيها الصلوات الخمس في أيّام السنة كلّها، في وقت نجد فيه المعابد الاُخرى لا تفتح أبوابها للمصلّين إلاّ في يوم واحد من الاسبوع، أو أيّام معدودات في السنة. وفي الختام أكّدت هذه الآية ثانية وعد الله بالنصر “وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ” ولا شكّ في إنجاز هذا الوعد، لأنّه من ربّ العزّة القائل: “إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ”. من أجل ألاّ يتصوّر المدافعون عن خطّ التوحيد أنّهم وحيدون في ساحة قتال الحقّ للباطل، ومواجهة جموع كثيرة من الأعداء الأقوياء. وبنور من هذا الوعد الإلهي إنتصر المدافعون عن سبيل الله على أعدائهم في معارك ضارية خاضوها بضآلة عدد وعدّة، ذلك النصر الذي لا يمكن أن يقع إلاّ بإمداد إلهي.
بيان العتبة العباسية: بسم الله الرحمن الرحيم “الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ” تضامنًا مع الشعب اللبناني الكريم ومواساتهم في معاناتهم الأليمة، وتنفيذًا لتوجيهات المرجعية الدينية العليا في النجف الأشرف بدعوتها للمؤمنين للقيام بما يساهم في التخفيف عن معاناة الشعب اللبناني الغيور وتأمين احتياجاتهم الإنسانية، بادرت الأمانة العامة للعتبة العباسية المقدسة لتهيئة ما يلزم لإيصال المساعدات الإنسانية إلى الشعب اللبناني الشقيق وبالتنسيق مع الحكومة العراقية؛ من أجل تسهيل إجراءات إرسالها بأسرع وقت، حمى الله تبارك وتعالى الشعب اللبناني الكريم، وأن يدفع عنهم شرّ الأشرار وكيد الفجار وأن يشمل شهداءهم بالرحمة والرضوان ويمنّ على الجرحى والمصابين بالشفاء العاجل. إنّه سميع عليم.
عن جريدة القدس العربي استنفار في العراق لإغاثة لبنان وخطوط جوية وبرية لنقل المساعدات للكاتب مشرق ريسان بتأريخ 24 – سبتمبر – 2024: وجه زعيم (التيار الوطني الشيعي) مقتدى الصدر، نداء لذوي رؤوس الأموال (من غير الفاسدين) ولأصحاب المواكب، لجمّع تبرعات مالية لإغاثة الشعب اللبناني. وقال في (تدوينة) له، (أدعو أخوتي أصحاب المواكب على طريق كربلاء المقدسة لفتح مواكبهم أمام النازحين من لبنان وحسب الحاجة، فهذا أقل الوفاء للشهداء والمجاهدين). وأضاف: (أدعو الجميع ولا سيما ذوي رؤوس الأموال من غير الفاسدين الى جمع التبرعات المالية حصراً، لفتح مواكب في لبنان وسوريا لمساعدة الجرحى والنازحين، على أن يكون تسليم التبرعات المالية في مقرّ (البنيان المرصوص) في النجف الأشرف حصراً مع أخذ وصل بذلك). وفي وقت لاحق، نشرت مواقع إخبارية محلّية وثيقة تُظهر تبرع الصدر بمبلغ 25 مليون دينار (نحو 19 ألف دولار) لحملّة (البنيان المرصوص). كما سبق أن وجه زعيم التيار أتباعه بـ(رفع الاعلام اللبنانية والفلسطينية الى جانب العلم العراقي فوق سطوح المنازل والمحال والعمارات في الطرق والازقة) فضلاً عن (قراءة دعاء اهل الثغور لنصرة بيروت والقدس الشريف بعد صلاة الفجر وصلاة المغرب يومياً) مشيراً إلى إن (المجاهدون لا سيما في لبنان في حاجة الى العلاج والدواء والأطباء، فعلى من يستطيع معونتهم فلا يقصر في ذلك رجاء أكيداً).