اخر الاخبار

استحسان عدم الوقف على كان دون اسمها (تطبيقات من سورتي الرعد وابراهيم)‎

د. فاضل حسن شريف

قال الله سبحانه وتعالى “وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِّن قَبْلِكَ فَأَمْلَيْتُ لِلَّذِينَ كَفَرُوا ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ ۖ فَكَيْفَ كَانَ (استحسان عدم الوقف على كان دون اسمها) عِقَابِ” ﴿الرعد 32﴾، و “وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِّن قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجًا وَذُرِّيَّةً ۚ وَمَا كَانَ (استحسان عدم الوقف على كان دون اسمها) لِرَسُولٍ أَن يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ ۗ لِكُلِّ أَجَلٍ كِتَابٌ” ﴿الرعد 38﴾.

جاء في موقع الدكتور مسعد محمد زياد عن اسم كان وأخواتها: نماذج من الإعراب: كم طالب كان رسوبه بسبب الإهمال. كم: خبرية مبنية على السكون في محل نصب خبر كان مقدم عليها، وكم مضاف، وطالب تمييز مجرور بالإضافة. كان رسوبه: فعل ماض ناقص مبني على الفتح، ورسوبه اسم كان مرفوع، وهو مضاف، والضمير المتصل في محل جر مضاف إليه. بسبب الإهمال: بسبب جار ومجرور متعلقان بـ ” رسوب “، وسبب مضاف، والإهمال مضاف إليه مجرور. أنواع كان وأخواتها من حيث التمام والنقصان. كان وأخواتها على نوعين: الأول ما يكون تاما، وناقصا. والثاني: ما لا يكون إلا ناقصا. الفعل الناقص لا يكتفي بمرفوعه، بل يحتاج إلى متمم وهو الخبر، وهذا النوع من الأفعال هو: ليس: نحو قوله تعالى: “وليس البر بأن تأتوا البيوت من ظهورها” (البقرة 189).  قال تعالى: “ليس البر أن تولوا وجوهكم” (البقرة 177). ليس: فعل ماض جامد ناقص مبني على الفتح، وجمدت لكونها جاءت بصيغة الماضي، ومعناها نفي الحال، فلم يتكلف لها بناء آخر فاستعملت على لفظ واحد، كما أنها خالفت الأفعال بوضعها للنفي والسلب، ولم تضع الأفعال لنفي وسلب المعنى، لذلك أنزلت منزلة الحرف، فجمدت، ولم تتصرف، والدليل على فاعليتها اتصالها بالضمائر المرفوعة بها. البر: خبر ليس مقدما علي اسمها منصوب بالفتحة. أن تولوا: أن حرف مصدري ونصب، تولوا فعل مضارع من الأفعال الخمسة منصوب بأن وعلامة نصبه حذف النون، وواو الجماعة ضمير متصل في محل رفع فاعله، والمصدر المؤول من أن والفعل في محل رفع اسم ليس مؤخر، ويجوز في ” البر ” أن يكون اسم ليس، والمصدر خبرها وذلك في إحدى القراءات. وجوهكم: مفعول به منصوب، وهو مضاف، والكاف ضمير متصل لفي محل جر مضاف إليه. قال الشاعر: سلي إن جهلت الناس عنا وعنهم    فليس سواء عالم وجهول. سلي: فعل أمر مبني على حذف النون، وياء المخاطبة ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعله. إن جهلت: إن حرف شرط جازم، جهلت فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بتاء الفاعل، والتاء ضمير متصل مبني على الكسر في محل رفع فاعل. وجملة ” جهلت ” في محل جزم فعل الشرط، وجواب الشرط محذوف يل عليه سياق الكلام، والتقدير: إن جهلت فاسألي. الناس: مفعول به منصوب بالفتحة. عنا وعنهم: عنا جار ومجرور متعلقان بـ ” سلي “، وعنهم الواو حرف عطف، عنهم جار ومجرور معطوف على ما قبله. فليس: الفاء حرف دال على التعليل مبني على الفتح لا محل له من الإعراب، ليس فعل ماض ناقص مبني على الفتح. سواء: خبر ليس مقدم عليها منصوب بالفتحة الظاهرة. عالم: اسم ليس مؤخر عن الخبر مرفوع بالضمة. وجهول: الواو حرف عطف، جهول معطوف على ما قبله.

قال الله عز وجل “قَالَتْ رُسُلُهُمْ أَفِي اللَّهِ شَكٌّ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۖ يَدْعُوكُمْ لِيَغْفِرَ لَكُم مِّن ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرَكُمْ إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى ۚ قَالُوا إِنْ أَنتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِّثْلُنَا تُرِيدُونَ أَن تَصُدُّونَا عَمَّا كَانَ (استحسان عدم الوقف على كان دون اسمها) يَعْبُدُ آبَاؤُنَا فَأْتُونَا بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ” ﴿ابراهيم 10﴾، و “قَالَتْ لَهُمْ رُسُلُهُمْ إِن نَّحْنُ إِلَّا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ وَلَـٰكِنَّ اللَّهَ يَمُنُّ عَلَىٰ مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ ۖ وَمَا كَانَ (استحسان عدم الوقف على كان دون اسمها) لَنَا أَن نَّأْتِيَكُم بِسُلْطَانٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ ۚ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ ﴿ابراهيم 11﴾، و “وَوَعَدتُّكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ ۖ وَمَا كَانَ (استحسان عدم الوقف على كان دون اسمها) لِيَ عَلَيْكُم مِّن سُلْطَانٍ” ﴿ابراهيم 22﴾، و “وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِندَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ وَإِن كَانَ (استحسان عدم الوقف على كان دون اسمها) مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ” ﴿ابراهيم 46﴾.

جاء في موقع الألوكة الشرعية عن الوقف والابتداء في القرآن الكريم للكاتب طاهر العتباني: كيفية الوقف على أواخر الكلم: للوقف في كلام العرب أوجه متعددة، والمستعمل منها عند أئمة القراءة تسعة: السكون، والرَّوْم، والإشمام، والإبدال، والنقل، والإدغام، والحذف، والإثبات، والإلحاق. وأما الإبدال: ففي الاسم المنصوب المنون يوقف عليه بالألف بدلًا من التنوين، ومثله إذًا، وفي الاسم المفرد المؤنث بالتاء يوقف عليها بالهاء بدلًا منها، وفيما آخره همزة متطرفة بعد حركة أو ألف، فإنه يوقف عليه عند حمزة بإبدالها حرف مد من جنس ما قبلها، ثم إن كان ألفًا جاز حذفها، نحو: “اقرأ” و”نبئ” و”يبدأ” و “إن امرؤ” و”من شاطئ” و”يشاء” و”من السماء” و”من ماء”. وأما النقل: ففيما آخره همزة بعد ساكن، فإنه يوقف عليه عند حمزة بنقل حركتها إليه، فتحرك بهاء ثم تحذف هي، سواء أكان الساكن صحيحًا، نحو: “دفء” “ملء” “ينظر المرء” “لكل باب منهم جزء” “بين المرء وقلبه” “يفرقون به بين المرء وزوجه” “يخرج الخبء” – ولا ثامن لها، أم ياءً أو واوًا أصليتين، سواء كانتا حرف مد، نحو: “المسيء” “وجيء” و”يضيء” “أن تبوء” “لتنوء” “وما عملت من سوء”، أم لين، نحو: “شيء” “قوم سوء” “مثل السوء”. وأما الإدغام: ففيما آخره همز بعد ياء أو واو زائدتين، فإنه يوقف عليه عند حمزة أيضًا بالإدغام بعد إبدال الهمز من جنس ما قبله، نحو: “النسيء” و: “بريء” و”قروء”.

جاء في كتاب من هدي القرآن للسيد محمد تقي المدرسي: لقد انزل الله القرآن على مكث (وحسب الحاجات المتغيرة) ليثبت به فؤاد الرسول (ومن اتبعه)، فقال الله تعالى: وَقُرْءَاناً فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلًا (الاسراء/ 106). وحين سئل عن السبب في هذا التفريق، كان الجواب لتثبيت الفؤاد، قال الله تعالى: وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْءَانُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا (الفرقان/ 32). والبصائر التالية نستوحيها من سياق الايات التي بينت حكمة التنزل التدريجي للقرآن الحكيم وهي: ان الهدف من القرآن ليس مجرد قراءته، بل صياغة النفس والمجتمع على اساسه، وهي لاتتم دفعة واحدة وانما سنة الله في الحياة تقتضي مرور الزمن في تطبيق الوصايا، ولعل الاية التالية تهدينا الى امكانية التدرج في تنفيذ الواجبات حسب المستطاع حيث يقول الله تعالى: يَآ أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا لَا تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انْظُرْنَا وَاسْمَعُوا وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ (البقرة/ 104). فاعطاء المهلة من قبل الولاية ممكن وهو مفهوم كلمة (انظرنا)، ولكن لا يمكن حذف الأحكام الشرعية بتبرير صعوبتها وهو مفهوم كلمة (راعنا).