اشارات الامام علي عليه السلام عن القرآن الكريم من سورة الأنفال (ح 18)
د. فاضل حسن شريف
جاء في موقع صحيفة الغدير: “يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفاً فَلا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبارَ” (الأنفال 15) استشهد الإمام عليهالسلام بالآية الكريمة في ذمّ الفارّين في ساحة الحرب قال: (إنّ الرّعب والخوف من جهاد المستحقّ للجهاد، والمتواطئ على الضّلال، ضلال في الدّين، وسلب للدّنيا مع الذلّ والصّغار، وفيه استيجاب النّار بالفرار من الزّحف عند حضرة القتال، يقول الله عزّ وجلّ: “يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفاً فَلا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبارَ” (الأنفال 15)).
قوله تعالى “وَاتَّقُواْ فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَآصَّةً وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ” (الانفال 25) روى الحاكم الحسكاني باسناده عن ابن عباس، قال: “لما نزلت: “وَاتَّقُواْ فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَآصَّةً” (الانفال 25) قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: من ظلم علياً مقعدي هذا بعد وفاتي فكأنّما جحد نبوتي ونبوّة، الأنبياء قبلي). وروى باسناده عن السدّي عن اصحابه قالوا في قوله تعالى: “وَاتَّقُواْ فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمْ” (الانفال 25) قال: أهل بدر خاصة، قال: فأصابتهم يوم الجمل فاقتتلوا، وكان من المفتونين فلان، وفلان. وفلان وهم من أهل الحديث. وروى عن الزبير بن العوام أنه قرأ هذه الآية: “وَاتَّقُواْ فِتْنَةً” (الانفال 25) فقال: (ما شعرت انّ هذه الآية نزلت فينا الاّ اليوم يعني يوم الجمل في محاربته علياً). وروى عن ابن عباس في قوله: “وَاتَّقُواْ فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ” (الانفال 25) الآية، قال: (حذر الله أصحاب محمّد صلّى الله عليه وآله وسلّم ان يقاتلوا علياً). وروى عن أبي عثمان النهدي قال: رأيت علياً يوم الجمل وتلا هذه الآية: “وَإِن نَّكَثُواْ أَيْمَانَهُم مِّن بَعْدِ عَهْدِهِمْ” (التوبة 12) فحلف علي بالله ما قوتل أهل هذه الآية منذ نزلت الاّ اليوم. أقول: روى البحراني في غاية المرام حول هذه الآية من طريق العامة حديثين ومن الخاصة أربعة أحاديث.
قوله جل جلاله “وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْء فَأَنَّ لِلّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ إِن كُنتُمْ آمَنتُمْ بِاللّهِ وَمَا أَنزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ وَاللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْء قَدِيرٌ” (الانفال 41) روى الحاكم الحسكاني باسناده عن علي بن موسى بن جعفر بن محمّد، عن أبيه موسى بن جعفر عن أبيه، عن جده عن علي بن الحسين عن أبيه عن علي بن أبي طالب في قوله الله تعالى: “وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْء” (الانفال 41) الآية، قال: لنا خاصة، ولم يجعل لنا في الصدقة نصيباً كرامة اكرم الله تعالى نبيه وآله بها واكرمنا عن أوساخ أيدي المسلمين. وروى بإسناده عن مجاهد قال: (كان النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم وأهل بيته لا تحلّ لهم الصدقة فجعل لهم الخمس). وروى الطبري باسناده عن ابن الديلمي، قال: (قال علي بن الحسين رضي الله عنه لرجل من أهل الشام: أما قرأت في الأنفال: “وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْء فَأَنَّ لِلّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ” (الانفال 41) الآية؟ قال: نعم، قال. فإنكم لأنتم هم؟ قال: نعم). وروى باسناده عن المنهال بن عمرو، قال: (سألت عبدالله بن محمّد بن علي وعلي بن الحسين عن الخمس، فقال: هُو لنا، فقلت لعلي: ان الله يقول “وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ” (الانفال 41) فقال: يتامانا ومساكيننا).
قال الله تبارك وتعالى “وَإِن يُرِيدُواْ أَن يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ اللّهُ هُوَ الَّذِيَ أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ” (الانفال 62) روى المتقي الهندي عن أبي الحمراء قال: (قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم رأيت ليلة أسري بي مثبتاً على ساق العرش: اني أنا الله لا آله غيري خلقت جنة عدن بيدي، محمّد صفوتي من خلقي، ايّدته بعلي نصرته بعلي). وروى ابن حجر بإسناده عن ابن عباس رضي الله عنهما مرفوعاً قال: (لما عرج بي رأيت على باب الجنة مكتوباً لا اله الاّ الله محمّد رسول الله، علي حبيب الله، الحسن والحسين صفوة الله، فاطمة أمة الله، على باغضهم لعنة الله). وروى الحاكم الحسكاني باسناده عن أبي هريرة قال: قال رسول الله: رأيت ليلة أسري بي الى السماء على العرش مكتوباً: لا إله الاّ أنا وحدي لا شريك لي، ومحمّد عبدي ورسولي أيدّته بعلي، فذلك قوله: (هُوَ الَّذِيَ أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ” (الانفال 62). وروى بإسناده عن أنس قال: (قال النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم: لما عرج بي رأيت على ساق العرش مكتوباً: لا اله الاّ الله، محمّد رسول الله أيّدته بعلي نصرته بعلي). وروى ابن عساكر باسناده عن أبي هريرة قال: (مكتوب على العرش لا آله الاّ الله وحدي لا شريك لي، ومحمّد عبدي ورسولي أيدته بعلي، وذلك قوله في كتابه “هُوَ الَّذِيَ أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ” (الانفال 62) على وحده). أقول: روى البحراني في غاية المرام حول هذه الآية من طريق العامة سبعة أحاديث ومن الخاصة حديثين. وقال العلامة الحلي في منهاج الكرامة: وهذه من اعظم الفضائل التي لم تحصل لغيره فيكون هو الإمام.
قال الله عز وجل “وَالَّذِينَ آمَنُواْ مِن بَعْدُ وَهَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ مَعَكُمْ فَأُوْلَئِكَ مِنكُمْ وَأُوْلُواْ الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْض فِي كِتَابِ اللّهِ إِنَّ اللّهَ بِكُلِّ شَيْء عَلِيمٌ” (الانفال 75). روى السيد شهاب الدين أحمد بإسناده عن زيد بن علي بن الحسين عليه السّلام قال: (كان ذاك علي بن أبي طالب، كان مؤمناً مهاجراً ذا رحم). وروى العياشي بإسناده عن أبي عبدالله عن أبيه عن آبائه، قال: دخل علي عليه السّلام على رسول الله صلّى الله عليه وآله في مرضه وقد اغمي عليه ورأسه في حجر جبرئيل، وجبرئيل في صورة دحية الكلبي، فلما دخل علي عليه السّلام قال له جبرئيل: دونك رأس ابن عمك فأنت أحقّ به مني، لانّ الله يقول في كتابه: “وَأُوْلُواْ الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْض فِي كِتَابِ اللّهِ” (الانفال 75) فجلس علي وأخذ رأس رسول الله فوضعه في حجره، فلم يزل رأس رسول الله في حجره حتى غابت الشمس، وانّ رسول الله أفاق فرفع رأسه فنظر إلى علي فقال: يا علّي، اين جبرئيل؟ فقال: يا رسول الله ما رأيت إلا دحية الكلبي دفع اليّ رأسك قال: يا علي دونك رأس ابن عمك فانت أحق به مني، لانّ الله يقول في كتابه: “وَأُوْلُواْ الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْض فِي كِتَابِ اللّهِ” (الأحزاب 6)) فجلست وأخذت رأسك فلم تزل في حجري حتى غابت الشمس. فقال له رسول الله: أفصليت العصر؟ فقال لا قال: فما منعك أن تصلي؟ فقال: قد أغمي عليك وكان رأسك في حجري فكرهت أن أشقّ عليك يا رسول الله وكرهت أن اقوم واصلي وأضع رأسك، فقال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: اللهم ان كان في طاعتك وطاعة رسولك حتى فاتته صلاة العصر، اللهم فردّ عليه الشمس حتى يصلي العصر في وقتها قال: فطلعت الشمس فصارت في وقت العصر بيضاء نقيّة، ونظر اليها أهل المدينة وانّ علياً قام وصلّى فلما انصرف غابت الشمس وصلوا المغرب.