بقلم:عباس الصباغ
كشفت حرب طوفان الاقصى وتداعياتها الخطيرة ضمن ما تم كشفه ـ وان كان هذا ليس بجديد ـ عن حقائق تتعلق بأكذوبة شعارات حقوق الانسان التي يرفعها امريكا والغرب والتي بقيت مجرد مصفوفات لغوية لاقيمة لها ازاء التدمير الممنهج والابادة المستمرة للشعب الفلسطيني منذ تأسيس اسرائيل في العقد الرابع من القرن العشرين المنصرم ولحد الان وتحت رعاية ومباركة الدول العظمى (التي تدّعي انها راعية حقوق الانسان) منها امريكا صاحبة المقعد الثابت في مجلس الامن الدولي واستخدامها حق الفيتو في التصويت لصالح ربيبتها المدللة اسرائيل عند توجيه اي مشروع قرار يدين ممارساتها العدوانية والشوفينية العنصرية ، بل وتوجّه التهم لأي طرف ينتقد اسرائيل وممارستها اللاإنسانية ، والتهمة جاهزة بمعاداة السامية وتشويه سمعتها امام المجتمع الدولي ، وكانت اسرائيل تُعامل معاملة الابنة المدللة مع تحشيد وتجييش كل الطاقات المادية والعسكرية والمالية واللوجستية والاستراتيجية من قبل الولايات المتحدة الامريكية وقوى الغرب السائرة في ركابها لخدمة اسرائيل رغم ان تلك القوى كانت ترفع شعارات براقة ومنافقة لسرديات الدفاع عن حقوق الانسان والالتزام بمواثيق الامم المتحدة والمتعلقة بحقوق الانسان والطفل والمرأة وحرية التعبير والمساواة بين اجناس البشر. ومن يتابع الاخبار والافلام المؤسفة والمؤلمة عن انتهاكات اسرائيل في غزة خاصة وفلسطين عموما بعد ان ناهز عدد الشهداء في غزة الى ازيد من واحد واربعين الفا معظمهم من الاطفال والنساء وكبار السن وآلاف غيرهم من المعاقين والجرحى فضلا عن آلاف المدفونين تحت الركام ، و تدمير اغلب مرافق الحياة واستهداف المدارس والجامعات والكنائس والمستشفيات ودور الايواء بل والاعتداء على مقدمي المساعدات الاممية وكل مايساعد على الحياة الكريمة التي تليق بالبشر من تجويع وتدمير وتعطيش ، فالبنت المدللة لأمريكا التي تتشدق بحقوق الانسان كاذبةً لم تعامل الفلسطينيين وعلى مدى اكثر من سبعة عقود عجاف معاملة البشر (اي منذ تأسيسها) مع الرغم من انه وعلى مدار عقود طويلة، كانت الأمم المتحدة تمثل البنية الأساسية للنظام الدول ، الذي تمأسس بعد الحرب العالمية الثانية و منذ تأسيسها عام 1945، هذا النظام، الذي تشكّل على مبادئ السلام والأمن الدوليين، قام على توازن قوى وكان يُفترض أنه سيمنع نشوب صراعات عالمية كبرى مرة أخرى (وانتهاك حقوق الانسان) بحسب ميثاق الامم المتحدة، ولكن للأسف ان مايجري في غزة يعدّ حرفيا تجاوزا للمادة السادسة من ميثاق الامم المتحدة: (إذا أمعن عضو من أعضاء الأمم المتحدة في انتهاك مبادئ الميثاق جاز للجمعية العامة أن تفصله من الهيأة بناءً على توصية مجلس الأمن) كما اكدت في مقاصدها ضمن ديباجتها وضمن المادة الاولى من هذا الميثاق والتي خالفتها اسرائيل ايضا : (حفظ السلم والأمن الدولي، لهذه الغاية تتخذ الهيأة التدابير المشتركة الفعّالة لمنع الأسباب التي تهدد السلم ولإزالتها، وتقمع أعمال العدوان وغيرها من وجوه الإخلال بالسلم، وتتذرّع بالوسائل السلمية، وفقاً لمبادئ العدل والقانون الدولي، لحل المنازعات الدولية التي قد تؤدي إلى الإخلال بالسلم أو لتسويتها ). وقد حاولت محكمة العدل الدولية التابعة لهيأة الامم المتحدة ان تضع بعض النقاط على الحروف بإدانتها لإسرائيل وبواسطة حكومة جنوب افريقيا التي كانت تعمل جاهدة في تمرير وتدويل الادانة ـ وان كانت غير ملزمة قانونا ـ الا انها وللأسف الشديد كانت تخوض في وادٍ والعالم “المتحضر” (الولايات المتحدة والغرب ) يخوضون في واد ٍاخر متناسين ان حقوق الإنسان هي حقوق متأصلة في جميع البشر، مهما كانت جنسيتهم، أو مكان إقامتهم، أو نوع جنسهم، أو أصلهم الوطني أو العرقي، أو لونهم، أو دينهم، أو لغتهم، أو أي وضع آخر، وجميع هذه الحقوق مترابطة ومتآزرة وغير قابلة للتجزئة او النقاش ، بحسب ماورد في متون ميثاق الامم المتحدة التي بقيت حبرا على ورق وتحت انظار امريكا والغرب المتأمرك او المتصهين.