اخر الاخبار

الإعلام العربي يشجع الكراهية، نعيم الخفاجي ‎

منطقة الشرق الأوسط تعتبر مهد الحضارات، والمكان الذي نزلت به الديانات السماوية الثلاث ومعهم الديانة الصابئة الرابعة، ومن وادي الرافدين ظهرت الديانات، ومن  الديانة المسيحية، ظهرت ديانة  ماني، تقول القصة التاريخية، في بستان نخيل خصب على ضفاف دجلة، في القرن الثاني بعد الميلاد، نشأ طفل صغير يدعى (ماني ) بين مجموعة مسيحية معمدانية متشددة من الرجال الذين أطلقوا على أنفسهم أصحاب الملابس البيضاء، لم يكن ماني يعرف أن أحد هؤلاء الرجال ويدعى باتيغ هو نفسه والده، وهو الذي أتى به إلى هذا المكان، كان صغيرا جدا عندما انتزعه أصحاب الأردية البيضاء بموافقة والده من حضن أمه مريم عنوة، لكي يبتعد به عن حياة الكفر ويربى بين الجماعة الوحيدة التي كان يعتقد بأنها عرفت الطريق إلى الحق.

بل حتى الديانات الزرادشتية نشأت في مناطق الشرق الاوسط.

لذلك تعنير منطقة الشرق الاوسط، واحدة من أهم المناطق بالعالم التي تنتشر بها اتباع الديانات السماوية، وغنية بكثرة الطوائف، في بلدة معلولة السورية والتي حطمها اتباع التيارات الوهابية التكفيرية، بحقبة مؤامرة الربيع العربي، اكتشفنا ان أهالي معلولة يحافظون على لغة السيد عيسى المسيح عليه السلام، ليومنا هذا،  الآثار تكشف وجود آلاف الكنائس، وأماكن العبادة بشرق سوريا وغرب ووسط وجنوب وشمال العراق ومناطق الفرات الأوسط، هذه الآثار ودور العبادة،  ماثلة إلى يومنا هذا.

التنوع الديني والقومي بالشرق الاوسط موجود منذ قدم الزمان، بل بالوقت الحالي وبعد تحطيم الوهابية لكل المعالم الأثرية والدينية وخاصة التي تخص أثار رسول الله محمد ص، ولي العهد السعودي الحالي وافق على إحضار فرق اكتشافية للاثار واكتشفوا مئات المواقع الأثرية في تبوك وغيرها.

ماقامت به الجماعات الاخوانية الوهابية التكفيرية بالعراق وسوريا واليمن والاحساء والبحرين لم يكن جديدا، سبق للعصابات الوهابية بفتنة الوهابية الأولى بالقرن الثامن عشر، أن قاموا في إبادة كل من هو ليس وهابي، وهربت جموع كبيرة من أبناء القبائل العربية من عسير في اتجاه الفرات الاوسط وجنوب العراق، لو اجرينا اليوم،  إحصاء في أصول أبناء القبائل العربية التي نزحت للعراق بسبب الوهابية لا ابالغ تجدون العدد تجاوز الثلاثة ملايين شخص إن لم يكن العدد أكبر من ذلك بكثير.

الفيالق الإعلامية المرتبطة بدول الوهابية تحاول التغطية على جرائم العصابات الوهابية بالقرن الثامن عشر وفي بدايات القرن العشرين عندما احيت بريطانيا الوهابية من جديد بالحرب العالمية الأولى وسلمتهم نجد والحجاز، وخلع شيخ الاسلام رئيس وزراء بريطانيا المستر جورج رئيس مجلس افتائه شريف مكة،  شريف حسين مفتي مكة وزعيم العرب والعالم الإسلامي السُني بوقتها، ذكرت كتب التاريخ، ومنها تاريخ نجد، أن أتباع الوهابية والذين يسمون أنفسهم أتباع التوحيد قتلوا أكثر من سبعة آلاف شخص بيوم واحد لدى تسليم بريطانيا الحجاز لعصابات عبدالعزيز ال سعود الوهابية، ناهيكم عن إبادة الشيعة في الاحساء، ونجران ولنا بجريمة مهاجمة الوهابية لقافلة الحجاج اليمنيين الشيعة الزيديين والتي خلفت ثلاثة آلاف حاج يمني زيدي شهيد.

عمليات نشر الوهابية والكراهية قامت بها السعودية وبقية دول الخليج، رأيت بنفسي بدول أوروبا قيام الممثليات الثقافية بالسفارات السعودية، قامت  في توزيع ملايين الكتب وبكل اللغات التي تكفر الشيعة وتشوه سمعتهم بين اوساط الجاليات العربية والإسلامية المقيمين في القارة الاوروبية.

بعض الكتاب السعوديين يحاولون استغفال عقول القراء البسطاء بالقول، ( في الآونة الأخيرة حيث تحولت بعض المنابر الإعلامية إلى أدوات شحن طائفي تسعى لزرع الفرقة والعداوة بين مكونات المجتمعات بدول الشرق الاوسط) ويضيف هذا الكاتب  القول(  ومع ظهور وانتشار وسائل التواصل الاجتماعي، تفاقم هذا الوضع بشكل غير مسبوق، حيث أصبح الخطاب الطائفي منفلتًا من كل عقال، ومتاحًا للجميع بلا قيود أو رقابة).

اقولها وبصراحة وجود الإنترنت فضح الفكر الوهابي التكفيري، حيث منحت مواقع التواصل الاجتماعي فرصة ذهبية لمعرفة عقائد التيارات الوهابية التكفيرية بشكل قريب وبدون خوف، ربما بالقنوات الفضائية الوهابية لايمكن للمشايخ الوهابيين أن يفتون  بالصورة والصوت ذبح الشيعي والصوفي، والقول أن  عملية ذبح الرافضي والصوفي المبتدع،  يثيب فاعله ويدخله فسيح جنات الله، بالمواقع الإلكترونية يقولونها شيوخ الوهابية  بشكل صريح وواضح.

لازالت الفيالق الإعلامية الوهابية يأنون ويبكون  على سقوط نظام صدام الجرذ وحصول الشيعة على جزء بسيط من حقوقهم التعبدية والمشاركة في الإدارة السياسية لحكم العراق، ينظرون إلى المواطن العربي الشيعي مخلوق لايستحق الحياة، ويجب قتله.

الأرضية بالشرق الاوسط وفي العالم العربي والإسلامي بفضل قيام دول الخليج بنشر الوهابية بأوامر من الناتو لمحاربة المد الشيوعي ضد السوفيت بوقتها، هيأ الأرضية لولادة آلاف الجماعات الإرهابية التكفيرية من عصابات الذبح والقتل والسبي بإسم الله عز وجل.

لولا وجود صراعات طائفية وقومية وقبلية وعدم إشراك المكونات في إدارة الحكم بالعراق وسوريا والبحرين والسعودية وليبيا والسودان …الخ، لما وجدت العصابات الوهابية التكفيرية حواضن لها للفتك في أبناء المكونات الدينية والمذهبية.

لو لم تكن وجود مشكلة مذهبية وقومية بالعراق وسوريا لما استطاعت الدول العظمى التدخل بشؤون العراق وسوريا، بالوضع السوري الان شرق وشمال سوريا يخضع إلى احتلال من قبل قوات الناتو والقوات التركية بالشمال السوري.

أن الأحداث التي صاحبت الربيع العربي، كشفت وجود خلافات مذهبية وقومية في سوريا ساهمت في إشعال  النار الطائفية والقومية  بشكل كبير، البعث بالعراق حكمته اقلية سنية بعثية من أهالي العوجة، والبعث السوري حكمته اقلية شيعية علوية، نعم هذه هي الحقيقة التي يجب علينا أن نعترف بها، مع وجود فارق كبير بين إجرام صدام الجرذ وابناء العوجة والبعثيين مع اقرانهم من قيادة البعث السوري، إجرام البعث السوري،  أقل دموية وطائفية من البعث العراقي، وهذا ليس دفاعا عن البعث السوري، لكن الاجرام بالبعث السوري، كما رأينا ذلك في سوريا،  أقل بكثير من إجرام البعث العراقي لعصابة أبناء العوجة سارقي الحمير حسب قول الاعلامي الأستاذ إبراهيم الزبيدي لدى حديثه عن العوجة وتكريت، أمس حميد عبدالله نشر وثيقة قيام سلطات صدام الجرذ في اعتقال واعدام طفل عراقي شيعي عمره ١٤ سنة بتهمة انتمائه لحزب الدعوة الإسلامي، رغم أن قوانين البعث تمنع إصدار حكم إعدام على اي طفل يعتقل وهو بسن الطفولة مابين ١٤ سنة الى العشرين سنة، واستبدال ذلك بالسجن المؤبد، لكن بالحقيقة نظام صدام اعدم عشرات آلاف من  الأطفال والكثير منهم  رضع بسبب حقده الطائفي الشوفيني ضد ضحاياه من الشيعة والاكراد.

لو كانت الجبهة الداخلية السورية قوية ولايوجد خلاف مذهبي وقومي لما استطاعت  الدول الاستعمارية  والمنظمات الإرهابية الفتك بالشعب السوري، للأسف لولا وجود الصراع لما استطاعت الجماعات التكفيرية من الاستفادة من هذه الصراعات،   وإعطائهم صبغة طائفية للصراعات في المنطقة، في اسم الصراعات المذهبية والقومية تدخلت الدول الاستعمارية،  في شؤون العراق وسوريا وليبيا والجزيرة العربية،  لتبرير سياساتها وأفعالها،  وتسهيل عمليات تجنيد الأفراد والجنود وإضفاء مشروعية دينية على الصراعات، مما يجعلها أكثر تقبلًا لدى جمهورها الطائفي والقومي للاسف.

غالبية دول الخليج وبالذات قادة سعوديين من العائلة السعودية الحاكمة يتبنون الخطاب الطائفي، ولنا في تصريحات وزير خارجية السعودية سعود الفيصل في يوم تحرير تكريت من داعش، قال سعود الفيصل بيومها هذا استهداف إلى أهل السنة والجماعة، ياليت سعود الفيصل وابنائه واخوته يتكلمون عن ماجرى ويجري في غزة اليوم، على أيدي صديقهم نتنياهو.

هناك مصالح استعنارية، مستفيدة من  استمرار  الصراعات القومية والمذهبية في الشرق الاوسط،  معارك حامية الوطيس  لا نهاية لها، رغم  إن الغالبية الساحقة من شعوب الشرق الأوسط يرغبون  في العيش بسلام وأمان وطمأنينة، لكن مصالح دول الاستعمار ومشاريعه لا يمكن تنفيذها إذا تم إنهاء الخلافات المذهبية والقومية، بظل سبات ونوم عميق من قبل الأنظمة العربية والإسلامية وعدم دعوتهم إلى إقامة مؤتمرات حقيقية تنهي الصراعات المذهبية والدينية والقومية إلى الأبد، الأنظمة العربية صناعة استعمارية، ومن صنعه الاستعمار يخدم مصالح الاستعمار ومشاريعه ولا يخدم مصالح أبناء شعبه،‏ ليس هناك مناضل شريف تخلى عن شرفه فجأة وأصبح خائناً وعميلاً، بشكل تمام، كما أنه ليس هناك خائن عميل أصبح مناضلاً شريفاً بين ليلة وضحاها، هناك حتماً جذور إلى كل الخونة والعملاء والمنافقين ومثيرا الفتن،      العراق وسوريا واليمن والشام  ليس ساحة صراع شيعي سني أو فارسي عربي، وإنما الشرق الاوسط   ساحة لصراعات كبرى بين الدول العظمى، لأن جميع اتباع  الديانات السماوية الثلاث يقومون بقضية،   انبثاق مشروع إلهي عظيم، يعزز ذلك، وجود  آيات قرانية، وأحاديث  عن الرسول محمد ص وال بيته نقلها مئات الصحابة،  تحدثوا حول ذلك المشروع الإلهي الذي يقيم دولة العدل الإلهي،  لذلك الدول العظمى تعرف ذلك أكثر مما يعرفه الحمقى من أبناء الشعوب العربية والاسلامية، في الختام الذي يهمني إيقاف الحروب وليعيش الجميع بسلام وأمان بغض النظر عن الدين والقومية والمذهب مع خالص التحية والتقدير والود،

نعيم عاتي الخفاجي

كاتب وصحفي عراقي مستقل.