اخر الاخبار

التكتيكات الإيرانيّة تُربِك منظومة الدفاعات الصهيو-أميركيّة

بقلم: د. نازك بدير – كاتبة وباحثة لبنانيّة

يقامر رئيس حكومة العدوّ نتنياهو في ضرْب أهداف إيرانيّة، سواء أكانت في أراضيها أم في الخارج. وذكرت هيئة البثّ الصهيونيَّة أنّ خطّة ضرْب إيران باتت جاهزة للتنفيذ، بيد أنّ الأهداف قد تتغيّر في الساعات القادمة. من جهة أخرى، توعّد قائد الحرس الثوري حسين سلامّي الكيان المحتل أنّه “إذا تم ضرْب أيّ من منشآتنا، سواء على أراضي إيران أو في المنطقة، فسوف نردّ بشكل مؤلم”.

ولئن كانت واشنطن قد طلبت من “إسرائيل” أن تتجنّب استهداف منشآت إيران النوويّة أو النفطيّة، غير أنّ ذلك لا يعفيها من المسؤوليّة كونها دعمَت الردّ الصهيوني، وسارعت إلى سدّ الثغرات في الدرع الواقية (منظومة آرو، مقلاع داود، القبّة الحديديّة) والنقص في الصواريخ الاعتراضيّة، حسب تقرير صحيفة فايننشال تايمز الأميركيّة. هذا وأعلن المتحدّث باسم البنتاغون “بات رايدر” عن وصول جزء من منظومة ثاد إلى كيان الاحتلال في الخامس عشر من الشهر الجاري رفقة “فريق متخصّص من العسكريين الأميركيين، على أن يصل المزيد من الأفراد والمكوّنات في الأيّام المقبلة”. يُذكَر أنّ بطاريّة ثاد تحتاج إلى حوالي 100 جندي لتشغيلها.

ما هي منظومة “ثاد”؟

كلمة “ثاد”THAAD‭ ‬ هي اختصار لعبارة ‭ ‬Terminal high altitude area defense ‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬

أي منظومة دفاعية‭ ‬للمناطق المرتفعة الطرفيّة. هذه المنظومة هي من صنع شركة “لوكهيد مارتن”Lockheed Martin الأميركيّة – بالتعاون مع عدّة شركات عسكريّة أخرى. تتميّز بالقدرة على التنقّل من موقع إلى آخر، وفاعليّتها في اعتراض الصواريخ الباليستيّة داخل الغلاف الجويّ أو خارجه خلال المرحلة النهائيّة من رحلتها ” مرحلة إعادة الدخول إلى الغلاف الجوي”. تستطيع “ثاد” اعتراض الصواريخ القادمة داخل الغلاف الجوي وخارجه على مسافة 200 كيلومتر.

‬وهو النظام الدفاعي الأمريكي الوحيد المصمَّم لاعتراض أهداف خارج الغلاف الجوي وداخله، تبعًا لما ذكرته الشركة المصنِّعة. تجمع هذه المنظومة بين مزايا منظومة الدفاع( أيجيس exo-atmospheric Aegis) لاعتراض الصواريخ خارج الغلاف الجوي، وبطاريّات صواريخ(باتريوتPatriot) الاعتراضيّة داخل الغلاف الجويّ. وتستطيع منظومة “ثاد” التمييز بين ما هو حقيقي أو وهمي من الأهداف بفضل معدّات الاستشعار من بُعد المتّصلة بالأقمار الاصطناعيّة، تبلغ سرعة الصواريخ المستخدَمة في هذه المنظومة ثمانية أضعاف سرعة الصوت.‬‬‬‬‬‬ تعتمد نظريّة عملها على تحقيق إصابة مباشرة في الهدف المنشود وتدميره، أي ما يُعرَف بنظريّة “اضربْ لتقتل Hit-To-Kill”. تشبه هذه النظريّة إصابة الرصاصة برصاصة أخرى بعد إطلاقها، وهو ما يتطلّب دقّة عالية في التوجيه، لذا تمّ تجهيزها برادار متطوّر من نوع “إيه إن/تي بي واي-2″ (AN/TPY-2). واستنادًا إلى لوكهيد مارتين(الشركة المصنّعة) يكتشف الرادار” الصاروخ القادم أوّلًا، على أن يحدّد مشغِّلو النظام التهديد بدقّة.” بعد ذلك، تطلِق قاذفة مثبتة على شاحنة مقذوفًا يُسمّى “معترض” لتدمير الصاروخ الباليستي باستخدام الطاقة الحركيّة الصرْفة.‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬

الردع الإيراني

تشير المعلومات إلى أنّ الصواريخ الإيرانيّة التي يراهن العدو على اعتراضها أمر شبه مستحيل؛ إذ يُصنَّف صاروخ فتّاح 2 ضمن فئة الأسلحة “HGV” التي تفوق سرعتها سرعةَ الصوت، فهو نوع جديد من الصواريخ الباليستيّة الإيرانيّة برأس حربي منزلق مناور يُسمّى “HGV”. يتكوّن صاروخ فتّاح 2، على الأرجح، من جزأين؛ محرّك رئيس، ومركبة انزلاقيّة فوق صوتيّة (HGV) تنفصل عن الصاروخ نفسه، ما يوفر له قدرة أكبر على بالقيام بمناورات حادّة تجعل من الصعب التنبؤ بمسارها. أمّا سرعته فهي من5 ماخ إلى 20. تمتاز الصواريخ “فرط صوتيّة”، إلى جانب سرعتها العالية، بقدرتها على المناورة، على طول مسارها، عبر تغيير اتّجاهها إلى مسارات منخفضة قريبة من الأرض، من دون أن تفقد سرعتها. وبسبب ذلك، ينطلق تحذير رادار الإنذار المبكر قبل وقت قصير جدًّا من الضربة، إلى درجة أنّه قد لا يمكن حينها فعل شيء، حيث يكون الوقت بين استشعار اقتراب الصاروخ واستجابة الدفاعات الأرضية أطول من المدّة اللازمة لوصول الصاروخ إلى الهدف.

قبل الحرب، وفي أوجها، وما بعدها، تبقى المعلومات حول قدرات الردع الإيراني، في إطار من السريّة، ورقةَ ضغط لا تقلّ إيلامًا عمّا ينتظر مصالح واشنطن وعمق الكيان- في حال إصرارهما على المقامرة- من نتائجَ غير محسوبة العواقب.