اخر الاخبار

الجالية و خطب صلاة الجمعة لليوم التاسع من ربيع الأول بمدينة تورونتو الكندية (ح 30) (البعد عن الظلم وعدم الشكر)‎

د. فاضل حسن شريف

صلاة الجمعة لليوم التاسع من ربيع الأول:

تحدث خطيب جمعة مسجد الإمام الحسين عليه السلام في مدينة تورونتو الكندية الشيخ حسن العامري باللغة الانكليزية عن موضوع (البعد عن الظلم وعدم الشكر). ابتدأ الشيخ العامري خطبته بالقول: جاء في الدعاء الثلاثين للامام علي زين العابدين عليه السلام (اللهم إني أعتذر إليك من مظلوم ظلم بحضرتي فلم أنصره، ومن معروف أسدي إلي فلم أشكر). أشار الإمام عليه السلام الى نقطة مهمة وهي أن الانسان في هذه الدنيا ليس فقط المطلوب منه أن لا يظام وإنما كذلك أن يمنع وقوع الظلم. وبذلك فهو ظالم اذا لم يمنع وقوع الظلم عن مظلوم. فمثلا أن من واجبك الشرعي احترام والديك في الحالة العادية “فَلَا تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ” (الاسراء 23) ولكن عليك الأحسان لهما حتى ولو آذياك “وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا” (الاسراء 23). وبالمثل ورد عن أئمة أهل البيت عليهم السلام (ليس حُسن الجِوار كفّ الأذى، ولكن حُسن الجِوار الصبر على الأذى).

ان الظلم له عقاب شديد عند الله جل جلاله “وَمَن يَظْلِم مِّنكُمْ نُذِقْهُ عَذَابًا كَبِيرًا” (الفرقان 19). على الناس القسط في التعامل أي عدم الظلم وذلك أولا بالوقوف امام الظلم والطغيان وثانيا دعم المظلومين “لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ” (الحديد 25). كل مظلوم علينا الوقوف معه. مثل مدير دائرة ظلم موظفا فعلى الموظفين الوقوف مع الموظف المظلوم ضد المدير الظالم. قال الإمام الصادق عليه السلام (ما من مؤمن يعين مؤمناً مظلوماً إلا كان أفضل من صيام شهر رمضان واعتكافه في المسجد الحرام، وما من مؤمن ينصر أخاه وهو يقدر على نصرته إلا ونصره الله في الدنيا والآخره، وما من مؤمن يخذل أخاه وهو يقدر على نصرته إلا خذله الله في الدنيا والآخرة).

قضايا الظلم لا تتوقف عند حد معين. ليس الظلم فقط يخص كبار الجبابرة والطغاة وانما يشمل كذلك المستويات الأدنى. في الوقت الحالي يوجد ظلم كبير على شعوب مستضعفة، فعندما تجد طفل مظلوم ولم تنصره فإن الله تعالى سوف يحاسبك في الدنيا والآخرة كونك لم تمنع ظلمه وإن لم تظلمه بنفسك.

مفهوم المعروف في القرآن هو الإحسان الذي هو أصلا إحسان الله على عبده وهذا يتطلب شكر العبد لربه تعالى وإلا فإن العبد يصبح ظالما. وليس فقط شكر العبد لربه وانما على العبد شكر أخيه الانسان الذي أحسن اليه، أي عمل معروف لأجله، كشكر الابن لوالده “أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ” (لقمان 14). ولو ان كل النعم من الله تعالى ولكن عليك أيضا شكر من أوصل هذه النعمة لك. من الروايات يأتى برجل الى النار فيقال له لانك لم تشكر نعم الله عليك ولم تشكر نعم عباده عليك. قال النبي صلى الله عليه وآله: يؤتى العبد يوم القيامة فيوقف بين يدي الله عز وجل فيأمر به إلى النار، فيقول: أي رب أمرت بي إلى النار وقد قرأت القرآن، فيقول الله: أي عبدي انى قد أنعمت عليك ولم تشكر نعمتي، فيقول: أي رب أنعمت علي بكذا وشكرتك بكذا، وأنعمت علي بكذا وشكرتك بكذا، فلا يزال يحصي النعمة ويعدد الشكر فيقول الله تعالى: صدقت عبدي إلا أنك لم تشكر من أجريت لك (النعمة على يديه)، وإني قد آليت على نفسي أن لا أقبل شكر عبد لنعمة أنعمتها عليه حتى يشكر من ساقها من خلقي إليه.

ان الشكر بين الناس تزيد المحبة الاجتماعية حتى بين الاسرة. قال الصادق عليه السلام: لعن الله قاطعي سبيل المعروف وهو الرجل يصنع إليه المعروف فيكفره فيمنع صاحبه من أن يصنع ذلك إلى غيره. وهذا تعليم في تقديم الشكر لمن يقدم المال والجهد في سبيل الله مثلا تقديمها الى مسجد فعلينا شكر ذلك الشخص. قال الرسول محمد صلى الله عليه وآله وسلم (من أتى إليه معروف فليكافئ، فإن عجز فليثن عليه فإن لم يفعل فقد كفر النعمة).