اخر الاخبار

الجالية و خطب صلاة الجمعة لليوم الثاني من ربيع الأول بمدينة تورونتو الكندية (ح 29) (التهيئة لما بعد حياة الدنيا)‎

د. فاضل حسن شريف

صلاة الجمعة لليوم الثاني من ربيع الأول:

تحدث خطيب جمعة مسجد الإمام الحسين عليه السلام في مدينة تورونتو الكندية الشيخ حسن العامري باللغة الانكليزية عن موضوع (التهيئة لما بعد حياة الدنيا). ابتدأ الشيخ العامري خطبته بالقول: قال أمير المؤمنين عليه السلام: (الدنيا دار مني لها الفناء، ولأهلها منها الجلاء وهي حلوة خضرة، قد عجلت للطالب، والتبست بقلب الناظر، فارتحلوا عنها بأحسن ما بحضرتكم من الزاد، ولا تسألوا فيها فوق الكفاف، ولا تطلبوا منها أكثر من البلاغ). حينما نفقد عزيز نشعر بالحزن والهم والغم والألم، ولكن هل سألنا أنفسنا كيف حال ميتنا الذي نحزن عليه؟ وانما نفكر كيف نقدم التعازي لبعضنا البعض. قال الإمام زين العابدين عليه السلام (ارحمني مطروحا على الفراش تقلبني أيدي أحبتي، وارحمني مطروحا على المغتسل يغسلني صالح جيرتي، وارحمني محمولا قد تناول الأقرباء أطراف جنازتي، وارحم في ذلك البيت المظلم وحشتي وغربتي ووحدتي). نحن نفكر كيف اذا فقدنا الأولاد والمال ولا نفكر كيف اذا متنا ماذا سنواجه ونحن نفقد الأحبة؟

لما حضرت الامام الحسن بن علي بن أبي طالب عليه السلام الوفاة بكى فقيل له: يا ابن رسول الله أتبكي ومكانك من رسول الله صلى الله عليه وآله الذي أنت به؟ وقد قال فيك رسول الله صلى الله عليه وآله ما قال؟ فقال عليه السلام: إنما أبكي لخصلتين: لهول المطلع وفراق الأحبة. قال الإمام علي زين العابدين عليه السلام: أشدّ ساعات بني آدم ثلاث ساعات: الساعة الّتي يعاين فيها ملك الموت، والساعة الّتي يقوم فيها من قبره، والساعة الّتي يقف فيها بين يدي اللّه تبارك وتعالى. وعن عيسى عليه السلام كما ورد في قوله تعالى “وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدتُّ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا” (مريم 33).

يقول الشاعر عن العمل ليوم الموت: ولدتك أمك يا ابن ادم باكيا والناس حولك يضحكون سرورا فاعمل لنفسك ان تكون اذا بكوا فى يوم موتك ضاحكا مسرورا. وقال شاعر آخر: حياة ابن آدم مهما تطول * خيالا تمر كلمح البصر فيولد صبحا وظهرا يعول * وعصرا يوارى فيمسي أثر وما العيش إلا منام قصير * وما الدهر للناس إلا سير فتقوى الإله وصنع الجميل * لأقوم زاد قبيل السفر. على الإنسان أن يفكر في الموت ويفتح حساب بينه وبين الموت. يقول أمير المؤمنين عليه السلام: (وكم أكلت الأرض من عزيز جسد وأنيق لون كان في الدنيا غذي ترف وربيب شرف. يتعلل بالسرور في ساعة حزنه، ويفزع إلى السلوة إن مصيبة نزلت به ضنا بغضارة عيشه وشحاحة بلهوه ولعبه. فبينا هو يضحك إلى الدنيا وتضحك إليه في ظل عيش غفول إذ وطئ الدهر به حسكه، ونقضت الأيام قواه، ونظرت إليه الحتوف من كثب).

يقول الله سبحانه وتعالى “كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ” (آل عمران 105) يعني كل نفس يجب أن تذوق مرارة الموت الا المؤمنين يتذوقون حلاوة الموت. ورد في الرواية (الموت للمؤمن كأطيب ريح). وورد أيضا ما في الدنيا (لا وجع إلا وجع العين ولا هم إلا هم الدين). وجاء في الحديث عن أنواع ناس في الدنيا (حاكم جائر، وآكل مال اليتيم، وشاهد الزور). وورد: الظلم ظلمات. بقول أمير المؤمنين عليه السلام (أهل الدّنيا كركب، يسار بهم، وهم نيام). لا نعرف متى يأخذ الله تعالى روح الإنسان الذي لابد منه في نهاية المطاف، ولكن السؤال ماذا حضرنا للحظة الموت؟.

قال الله تعالى عن حياة المؤمن في الدنيا والآخرة “قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ ۖ قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ * بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ” (يس 26-27).، و “وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ ۖ وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا” (القصص 77). قال الرسول محمد صلى الله عليه وآله وسلم (أكيس الناس أكثرهم ذكرا للموت وأشدهم استعدادا له أولئك هم الأكياس ذهبوا بشرف الدنيا وكرامة الآخرة). قيل لأمير المؤمنين عليه السلام: (ما الاستعداد للموت؟ قال: أداء الفرائض، واجتناب المحارم والاشتمال على المكارم، ثم لا يبالي إن وقع على الموت أو وقع الموت عليه، والله ما يبالي ابن أبي طالب إن وقع على الموت أو وقع الموت عليه). على الانسان ان لا يدمر آخرته على حساب الدنيا ” قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِندَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ” (التحريم 11).