د. فاضل حسن شريف

صلاة الجمعة لليوم الخامس من جمادي الأول:

تحدث خطيب جمعة مسجد الإمام الحسين عليه السلام في مدينة تورونتو الكندية الشيخ حسن العامري باللغة الانكليزية عن موضوع (مفهوم السعادة). ابتدأ الشيخ العامري خطبته من كلام لأمير المؤمنين عليه السلام (إنما السعيد من خاف العقاب فأمن، ورجا الثواب فأحسن، واشتاق إلى الجنة فأدلج) وقال الشيخ العامري نرفع أسمى آيات التهاني والتبريكات الى صاحب العصر والزمان عجل الله تعالى فرجه الشريف بذكرى ولادة السيدة زينب عليها السلام التي قال عنها الإمام زين العابدين عليه السلام (أنت بحمد الله عالمة غير معلمة) والتي اشتركت مع أخيها الإمام الحسين عليه السلام في مقاماته والتي تمثل مقامات آدم عليه السلام حتى خاتم الأنبياء محمد صلى الله عليه وآله وسلم. لما ولدت زينب عليها السلام قالت امها فاطمة لابيها امير المؤمنين عليهما السلام: اختر لها إسماً فقال الإمام على: ما كنت لأسبق رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فلمّا جاء وسأله ماذا نسميها؟ قال: (ما كنت لأسبق ربّي تعالى)، فهبط جبريل عليه السلام يُقرأ السلام من الله الجليل وقال له: (سمّ هذه المولودة: زينب، فقد اختار الله لها هذا الاسم).

كل الناس يبحثون عن السعادة ولكن مفهوم السعادة يختلف من شخص لآخر. شخص يفهم السعادة بتمتعه بالملذات والشهوات، ولكن هل هذه سعادة حقيقية؟ والجواب قطعا كلا لأن السعادة لا تجلب بالملذات الدنيوية المادية وإنما السعادة تكمن في القلب. قد يكون الشخص وهو في السجن سعيدا ويصبح داعية إسلامي عندما يقرأ كتب اسلامية وهو في السجن. مثال ذلك الشهيد الأول صاحب اللمعة الدمشقية ألف كتابه المشهور وهو في السجن. السعادة الحقيقة منشأها من القلب. الله سبحانه وتعالى يتحدث عن السعادة قائلا “أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ” (الرعد 28). فالذي همه جمع المال فإن جل تفكيره الربح والخسارة ويصبح بعيد عن السعادة.

مصدر السعادة هو ذكر الله والالتزام بأحكامه. وكلما طبق الشخص أحكام الله كلما كان أكثر سعادة. يقول أمير المؤمنين عليه السلام (إنما السعيد من خاف العقاب فأمن، ورجا الثواب فأحسن) فعندما نفس الانسان تبتعد عن الذنب وتقدم الصدقة وتأتي الى صلاة الجمعة وهكذا تشعر بالسعادة. هنالك أسباب تؤدي بالإنسان شعوره بالسعادة أولها تطبيقه للشريعة. والسبب الثاني شعور القلب بوجود الله تعالى. عندما تجابهك المشاكل هل تتوجه إلى خالقك الله؟ فاذا فعلت ذلك فان ذلك يؤكد ايمانك بالله و يجلب لك السعادة. يقول أمير المؤمنين عليه السلام (لا يزيدني كثرة الناس حَولي عزًا، ولا تفرقهم عني وحشة). جاء في دعاء الجوشن الكبير: (يا حبيب من لا حبيب له) و (يا خير مؤنس وأنيس يا خير صاحب وجليس). يقول الامام علي عليه السلام (اشحن الخلوة بالذكر).

السبب الثالث في شعور الإنسان بالسعادة هو ابتعاد النفس والروح من الصفات الخبيثة مثل الحسد والحقد والغيبة. فهذه الصفات تبعد النفس عن السعادة. السبب الرابع هو ذكر الله سبحانه الدائم في اللسان والقلب “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا” (الأحزاب 41). قال الإمام الصادق عليه السلام (من سعادة المرء خفة عارضيه). من الذكر الاستغفار والتسبيح. ومن الاذكار الذكر الخفي “الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىٰ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ” (آل عمران 191) أي ذكر مستمر دائم. يقول الإمام زين العابدين عليه السلام (وآنسنا بالذكر الخفي).

من أسباب الشعور بالسعادة القناعة بما يعطيه الله سبحانه من نواحي الحياة المختلفة إن كانت زوجة أو بيت أو سيارة. ومن السعادة ترك الملذات الفانية. وأهم أسباب السعادة وجود العلاقة مع أهل البيت عليهم السلام فهي من السعادة الخفية. كلما تكون علاقتك قوية مع أهل البيت زادت سعادتك. حب أهل البيت يعني القدرة على الصبر والتحمل “وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ” (المنافقون8). يقول الإمام الصادق عليه السلام (أسعد الناس من عرف فضلنا، وتقرب إلى الله بنا، وأخلص حبنا، وعمل بما إليه ندبنا، وانتهى عما عنه نهينا، فذاك منا وهو في دار المقامة معنا).