د. فاضل حسن شريف
صلاة الجمعة لليوم الخامس والعشرين من صفر:
تحدث خطيب جمعة مسجد الإمام الحسين عليه السلام في مدينة تورونتو الكندية الشيخ حسن العامري باللغة الانكليزية عن موضوع (مفاهيم الزيارة الجامعة). ابتدأ الشيخ العامري خطبته بالقول جاء في الزيارة الجامعة للإمام الهادي عليه السلام (وسلالة النبيين وصفوة المرسلين وعترة خيرة رب العالمين) ان كل فقرة من هذه الزيارة تحتوي على مقامات لأهل البيت تأخذ منحا تصاعديا وتفاضليا. سلالة تعني آل البيت، والصفوة أعلى مرتبة من السلالة، والعترة أعلى مقام من صفوة المرسلين. أن آل البيت من سلالة النبي. وبما ان آخرين من سلالة النبي فقد يشترك معهم فنقول نعم ولكن غيرهم ليسوا صفوة. مثل الرسل هم صفوة الانبياء وليس كل نبي هو رسول، ولكن كل رسول هو نبي “إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَىٰ آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ” (آل عمران 33). ومع الأنبياء يشتركون مع أهل البيت بالاصطفاء ولكن ليسوا من عترة رب العالمين لأنهم عترة محمد صلى الله عليه وآله وسلم.
سؤال إذا اعتقدنا أن أهل النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم أعلى من الأنبياء والرسل فكيف يمكن أن أعلى مقام يرث أقل مقام؟ والجواب ان الانبياء مقاماتهم انسانية بينما مقامات النبي وأهل بيته عليهم الصلام مقاماتهم وصفاتهم مأخوذة من من صفات الله تعالى وليس من صفات الأنبياء كما قال الله تعالى “أُولَٰئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ ۖ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْۗ” (الأنعام 90) اي اتبع الهدى وليس الأنبياء، والهدى أصلا هو هدى الله.
ثانيا جاء في زيارة الأئمة عليهم السلام: (السلام عليك يا وارث آدم صفوة الله، السلام عليك يا وارث نوح نبي الله، السلام عليك يا وارث إبراهيم خليل الله، السلام عليك يا وارث موسى كليم الله، السلام عليك يا وارث عيسى روح الله). كل نبي له احدى الصفات فآدم عليه السلام لديه صفة العلم “وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا” (البقرة 31)، وهكذا نوح عليه السلام صفة الفهم، وابراهيم عليه السلام صفة الحليم، وموسى عليه السلام كليم الله، وعيسى عليه السلام صفة الزهد. وعندما تحوي كل هذه الصفات في شخص فإنه سيكون الأفضل كما في أشخاص أهل البيت عليهم السلام. جاء في حديث الذي روته المذاهب الاسلامية قال صلّى الله عليه وآله وسلم: (من أراد أن ينظر إلى آدم في علمه وإلى نوح في فهمه وإلى يحيى بن زكريا في زهده وإلى موسى بن عمران في بطشه فلينظر إلى علي بن أبي طالب عليه السلام). فتلاحظ أن علي بن أبي طالب عليه السلام يحمل صفات الأنبياء عليهم السلام.
عن علي عليه السلام قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم: (أنت بمنزلة الكعبة تؤتى ولا تأتي). لذلك من أراد عليا عليه السلام عليه أن يأتي إليه ليستلهم من صفاته. وبما أن الكعبة فرض على الناس أن يحجوا إليها فان عليهم كذلك فرض الاقتداء بهدي أمير المؤمنين علي عليه السلام. وجاء كذلك في الزيارة الجامعة (أبواب الايمان، وامناء الرحمن). قال الله تعالى عن أمانة الأنبياء “إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ” (الأنبياء 143)، و “وَأَنَا لَكُمْ نَاصِحٌ أَمِينٌ” (الأعراف 68). جاء في زيارة أمين الله (السَّلامُ عَلَيكَ يا اَمينَ اللهِ). وجاء في الزيارة الجامعة (السلام على محال معرفة الله، ومساكن بركة الله، ومعادن حكمة الله، وحفظة سر الله). قال الله تعلى “إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ ۖ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولً” (الأحزاب 72) عن الامام الصادق عليه السلام الأمانة في الآية المباركة هي ولاية أهل البيت. قال الله عز من قائل “إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَىٰ أَهْلِهَا” (النساء 58) عن الامام الصادق عليه السلام كل امام يؤدي الامانة الى الذي يليه.
قال الله سبحانه “بَرَاءَةٌ مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عَاهَدتُّم مِّنَ الْمُشْرِكِينَ” (التوبة 1) عن تبليغ سورة براءة: لمّا نزلت الآيات الأُول من سورة التوبة على النبي محمّد صلى الله عليه وآله أعطاها لأبي بكر لكي يقرأها على مشركي مكّة يوم النحر. فلمّا خرج أبو بكر، نزل جبرائيل عليه السلام على رسول الله صلى الله عليه وآله فقال: (يا مُحمّد، لا يؤدِّي عنكَ إلّا أنت أو رجلٌ منك). فبعث رسول الله صلى الله عليه وآله الإمام علي عليه السلام في طلب أبي بكر على ناقته العضباء، وقال صلى الله عليه وآله له: (واِلحَقْ أبا بكر، فَخُذ براءةَ مِن يده، وامض بها إلى مكّة، فانبذ عهد المشركين إليهم، وخَيِّر أبَا بكرٍ بين أن يسيرَ مع رِكَابك أو يرجع إليّ). فركب أمير المؤمنين عليه السلام ناقة رسول الله صلى الله عليه وآله، وسار حتّى لحق بأبي بكر، فلمّا رآه فزع من لحوقه به، واستقبله فقال: فيم جئت يا أبا الحسن؟ أسائِرٌ معي أنت أم لغير ذلك؟ فقال عليه السلام: (إنّ رسول الله أمرني أن ألحقك فأقبض منك الآيات من براءة، وأنبذ بها عهد المشركين إليهم، وأمرني أن أخيِّرك بين أن تسير معي أو ترجع إليه)، فقال: بل أرجع إليه. فلمّا دخل أبو بكر على النبي صلى الله عليه وآله قال: يا رسول الله، إنّك أهّلتَني لأمرٍ طالت الأعناق إليَّ فيه، فلمّا توجّهت إليه ردَدتَني عنه، مالي أنزلَ فِيّ قرآن؟ فقال صلى الله عليه وآله: (لا، ولكنّ الأمين جبرائيل هبط إليّ عن الله عزّ وجلّ بأنْ لا يؤدِّي عنك إلّا أنت أو رجل منك، وعلي منّي، ولا يؤدِّي عنّي إلّا علي).
قال الله عز وجل “أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنفُسَنَا وَأَنفُسَكُمْ” (آل عمران 61). قال الرسول صلى الله عليه وآله (حسين مني وأنا من حسين) فالحسين عليه السلام يحمل أمانة الرسول محمد صلى الله عليه وآله. قال الله عز وعلا “إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا” (الأحزاب 33) حيث أن أهل البيت في الآية المباركة هم الذين تحت الكساء الرسول محمد صلى الله عليه وآله وعلي وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام فهؤلاء أهل الأمانة كما جاء في الزيارة الجامعة وعن طريقهم نعرف الله سبحانه وتعالى.