اخر الاخبار

الجالية و خطب صلاة الجمعة لليوم السابع العشرين من محرم بمدينة تورونتو الكندية (ح 25) (البصيرة: القرآن والعترة)‎

د. فاضل حسن شريف

صلاة الجمعة لليوم السابع والعشرين من محرم:

بسم الله الرحمن الرحيم “قَدْ جَاءَكُم بَصَائِرُ مِن رَّبِّكُمْ ۖ فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ ۖ وَمَنْ عَمِيَ فَعَلَيْهَا ۚ وَمَا أَنَا عَلَيْكُم بِحَفِيظٍ” (الأنعام 104) تحدث خطيب جمعة مسجد الامام الحسين عليه السلام في مدينة تورونتو الكندية الشيخ حسن العامري عن موضوع (البصيرة: القرآن والعترة). ابتدأ الشيخ العامري خطبته بهذه الآية المباركة وقال: البصائر جمع بصيرة او جمع بصر اي بمعنى الرؤية الذهنية والعقلية بحقائق الأشياء في الحياة. ومسؤولية هذه الرؤيا تقع على عاتق الانسان باتباعه الحق أو الباطل. الله تعالى بين الحق والباطل في آيات قرآنية التي حملت أصحاب القرار أما دخولهم الجنة أو النار “لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا ۚ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ” (البقرة 286)، و “مَّنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ ۖ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا ۗ وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ” (فصلت 46)، و “إِنْ أَحْسَنتُمْ أَحْسَنتُمْ لِأَنفُسِكُمْ ۖ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا” (الاسراء 7)، و “فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ ۖ وَمَنْ عَمِيَ فَعَلَيْهَا” (الانعام 104).

البصيرة هي الضوء الذي يوصلنا الى الله تعالى. هنالك نوعان من البصائر القرآن وأهل البيت. فالقرآن هو ضوء يوصلنا لله عز وجل “فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنزَلْنَا” (التغابن8) فالنور المنزل هو الذي بوصل الى الله ورسوله “الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ ۚ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنزِلَ مَعَهُ ۙ أُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ” (الأعراف 157) فالنبي صلى الله عليه وآله وسلم هو بصيرة كذلك “يُرِيدُونَ أَن يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ” (التوبة 32)، و “يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا * وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُّنِيرًا” (الأحزاب 45-46).

القرآن والرسول محمد وآله بصائر للوصول الى الله تعالى كما جاء في حديث الثقلين (وإني تاركٌ فيكم الثَّقَلَين، كتابَ اللهِ عَزَّ وجَلَّ، وعِتْرَتي، كتاب الله حَبلٌ ممدود من السماء إلى الأرض، وعترتي أَهْلُ بيتي، وإن اللطيف الخبير أَخبرني أَنهما لَن يفترقا حتى يَرِدا عليّ الحوض، فَانْظُرُوني بِمَ تَخلُفُونِي فيهما). يعتبر هذا الحديث مهم في العقائد فهو يذكر كثيرا عند اتباع العقائد “قُلْ هَٰذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ ۚ عَلَىٰ بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي” (يوسف 108). حتى لا يأتي الانسان يوم القيامة ويقول لا علم لي بأمر البصيرة “أَفَمَن يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَن يُتَّبَعَ أَمَّن لَّا يَهِدِّي إِلَّا أَن يُهْدَىٰ” (يونس 35) فالذي يترك علي بن أبي طالب عليه السلام الهادي الى الحق ويتبع آخرين يغيرون الحقائق حسب عواطفهم ليس له بصيرة كما جاء في الحديث (عَلِيٌّ مَعَ الْحَقِّ وَالْحَقُّ مَعَ عَلِيٍّ).

قوله تعالى “من عمي” يعني اتباع أشخاص آخرين غير أهل البيت “قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ ۖ فَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ” (الأنعام 149). يقول أمير المؤمنين علي عليه السلام (ومن عشق شيئا أعشى بصره، وأمرض قلبه، فهو ينظر بعين غير صحيحة، ويسمع بأذن غير سميعة، قد خرقت الشهوات عقله، وأماتت الدنيا قلبه، وولهت عليها نفسه فهو عبد لها ولمن في يديه شيء منها). جاء في الدعاء (اللهم احفظنا من مضلات الفتن ما ظهر منها وما بطن). يقول الإمام علي زين العابدين عليه السلام في مناجاة المطيعين (واقشع عن بصائرنا سحاب الارتياب، واكشف عن قلوبنا أغشية المرية والحجاب، وأزهق الباطل عن ضمائرنا، وأثبت الحق في سرائرنا، فإن الشكوك والظنون لواقح الفتن، ومكدرة لصفو المنائح والمنن) مثل الارتياب بعصمة الأنبياء والأئمة عليهم السلام.

البصيرة تتمثل باللسان والقلم الذي يكتب واليد التي تحمل القوة. يقول الإمام الحسين عليه السلام (تبا لكم ايتها الجماعة وترحا أحين استصرختمونا والهين فاصرخناكم موجفين سللتم‏ علينا سيفا لنا في ايمانكم وحششتم علينا نارا اقتدحناها على عدوّنا وعدوّكم فأصبحتم إلبا لأعدائكم على أوليائكم بغير عدل أفشوه فيكم). في الوقت الحالي يوجد ملايين في وسائل التواصل الاجتماعي الذين لا بصيرة لهم يتآمرون على المسلمين ويخدمون الشيطان، فلا يوجد إلا القليل الذين لديهم البصيرة. كما حصل في واقعة كربلاء سبعون فقط كانت لهم بصيرة وقفوا مع الامام الحسين عليه السلام من مليون من المسلمين آنذاك.