د. فاضل حسن شريف
صلاة الجمعة لليوم السادس عشر من ربيع الأول:
بسم الله الرحمن الرحيم “وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۖ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ” (الحشر 7) تحدث خطيب جمعة مسجد الامام الحسين عليه السلام في مدينة تورونتو الكندية الشيخ حسن العامري باللغة الانكليزية عن موضوع (مولد الرسول الأعظم). ابتدأ الشيخ العامري خطبته بهذه الآية المباركة، و قدم أسمى آيات التبريك لجميع المسلمين بذكرى حلول مولد منقذ البشرية النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم والعالم الإسلامي يراقب هذه المناسبة السعيدة وأغلبيته يحتفلون بالمناسبة، مع أن في هذه السنة يمر المسلمون بأوقات صعبة. والمسلمون ملتزمون بطاعة النبي وشريعته وأخلاقه التي منها التضحية في سبيل اعلاء راية الدين كما قالت السيدة زينب عليها السلام للطاغية ابن زياد (هؤلاء قوم كتب الله عليهم القتل فبرزوا الى مضاجعهم, وسيجمع الله بينك وبينهم، فتحاج وتخاصم فانظر لمن الفلج يومئذ ثكلتك امك يا بن مرجانة). من الشرف الموت بعزة ولا الذل “لِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ” (المنافقون8). يقول الشاعر: وإن لم يكن من الموت بد * فمن العجز ان تكون جبانا. قال الله تعالى للذين لا يتبعون ما أمر الله به “إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ ۖ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا” (الفرقان 44).
قال الله تعالى “وَأَقِيمُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتُواْ ٱلزَّكَوٰةَ وَأَطِيعُواْ ٱلرَّسُولَ لَعَلَّكُمۡ تُرۡحَمُونَ” (النور 56) اقامة الصلاة ليس فقط الشعيرة بحركاتها المعروفة وانما حركة الانسان للوصول الى مرضاة الله واسماها التضحية في سبيله ولقاء الله في موتة مشرفة “قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلَاقِيكُمْ” (الجمعة8). لو كانت الدنيا تدوم لاحد لتركها الله تعالى لانبيائه. يقول الشاعر: لا تَسقِني ماءَ الحَياةِ بِذِلَّةٍ * بَل فَاِسقِني بِالعِزِّ كَأسَ الحَنظَلِ. قال الله تعالى “قُلْ إِن كَانَتْ لَكُمُ الدَّارُ الْآخِرَةُ عِندَ اللَّهِ خَالِصَةً مِّن دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ” (البقرة 94). يقول الإمام زين العابدين عليه السلام: إلهي ما أشوقني إلى لقائك، وأعظم رجائي لجزائك وأنت الكريم الذي لا يخيب لديك أمل الآملين، ولا يبطل عندك شوق الشائقين. وجاء في الحديث: إلهي رضا برضاك لا معبود سواك.
مع الأسف الذين يحرمون الاحتفال بالمولد النبوي الشريف يحتفلون بميلاد أنبياء آخرين كما يحتفلون بنجاة أنبياء مثل موسى عليه السلام كما يدعون في يوم عاشوراء. اذا كان حواريوا عيسى عليه السلام في القرآن الكريم يحتفلون بعيد بسبب نزول مائدة من السماء أكلوا منها فهل محمد صلى الله عليه وآله وسلم أقل شأنا من عيسى عليه السلام “قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا أَنزِلْ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِّنَ السَّمَاءِ تَكُونُ لَنَا عِيدًا لِّأَوَّلِنَا وَآخِرِنَا وَآيَةً مِّنكَ ۖ وَارْزُقْنَا وَأَنتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ” (المائدة 114). قال الإمام الباقر عليه السلام (وما من أحد إلا يحتاج إلى شفاعة محمد يومئذ). هنالك روايات تبين أن في يوم القيامة يكون رسول الله محمد صلى الله عليه وآله وسلم شفيعا للناس. ونفس مقام الرسول محمد صلى الله عليه وآله وسلم أعطى لأهل بيته عليهم السلام. مقام أهل البيت عليهم السلام يختلف عن مقام صحابة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم.
في القرآن الكريم يذكر أخ للأنبياء “وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا” (هود 84)، و “وَإِلَىٰ ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا” (هود 61)، و “وَإِلَىٰ عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا” (الأعراف 65). ولكن الرسول محمد صلى الله عليه وآله وسلم بعث للناس جميعا “لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِّنْ أَنفُسِهِمْ” (آل عمران 164) فهو لم يبعث لقريش فقط بمعنى أخ قريش, وهكذا أئمة أهل البيت عليهم السلام “وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ” (القصص 5) وكما جاء في الزيارة الجامعة للامام الهادي عليه السلام (خلقكم أنواراً فجعلكم بعرشه محدقين، حتى من علينا فجعلكم الله في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه، وجعل صلاتنا عليكم وما خصنا به من ولايتكم طيباً لخلقنا وطهارة لأنفسنا وتزكية لنا وكفارة لذنوبن). المن يعني النعمة فأهل البيت عليهم السلام تمام نعمة الله تعالى “الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا” (المائدة 3) النعمة هنا ليس البيت والسيارة والأموال وإنما نعمة ولاية آل البيت عليهم السلام. وعن قوله تعالى “ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ” (التكاثر8) يقول الامام الصادق عليه السلام (نحن النعيم الذي تسألون عنه).
يذكر القرآن الكريم يا النداء مع أسماء الأنبياء عليهم السلام “وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ” (البقرة 135)، و “قِيلَ يَا نُوحُ اهْبِطْ بِسَلَامٍ مِّنَّا وَبَرَكَاتٍ عَلَيْكَ وَعَلَىٰ أُمَمٍ مِّمَّن مَّعَكَ” (هود 48)، و “وَنَادَيْنَاهُ أَن يَا إِبْرَاهِيمُ” (الصافات 104)، و “أَن يَا مُوسَىٰ إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ” (القصص 30)، و “وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَٰهَيْنِ مِن دُونِ اللَّهِ” (المائدة 116)، و “يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُم بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ” (ص 26). ولا توجد آية يذكر يا مع اسم النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم وانما يا أيها النبي أو الرسول “يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ” (الأحزاب 59)، و “يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ” (المائدة 67) وذلك زيادة في الاحترام الذي يليق بمقام النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم. وقد ذكر اسم محمد في آيات تعريفا لمقامه الشريف “وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ” (آل عمران 144)، و “مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَٰكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ” (الأحزاب 40)، و “مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ ۚ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ” (الفتح 29).
هنالك آيات قرآنية تحث الناس على معاملة النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم بالاحترام اللائق بمقامه “إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِن وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ” (الحجرات 4)، و “إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِندَ رَسُولِ اللَّهِ أُولَٰئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَىٰ ۚ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ” (الحجرات 3). عليك أيها المصلي أن تحب وتصلي على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من كل قلبك كما أمرنا الله تعالى بذلك. الشيطان عليه اللعنة كان يصلي لله سنوات عديدة ولكنه رفض طاعة الله فما الذي استفاد من صلاته سوى الخسران. قال ابراهيم عليه السلام كما جاء في القرآن الكريم “رَّبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُم مِّنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ” (ابراهيم 37) الأفئدة تهوي لابراهيم عليه السلام وذريته محمد صلى الله عليه وآله وسلم وآل بيته الكرام. قال رسول الله صلى الله عليه وآله: ارفعوا أصواتكم بالصلاة علي فإنها تذهب بالنفاق.