د. فاضل حسن شريف
صلاة الجمعة ليوم السادس من محرم:
بسم الله الرحمن الرحيم “وَإِذِ ابْتَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ ۖ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا ۖ قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِي ۖ قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ” (البقرة 124) تحدث خطيب جمعة مسجد الامام الحسين عليه السلام في مدينة تورنتو الكندية الشيخ حسن العامري عن موضوع (تمييز وخلافة بني البشر). ابتدأ الشيخ العامري خطبته بهذه الآية المباركة وقال أن كثير من الناس يسأل لماذا تقدسون أهل البيت وتحترمونهم وخاصة الامام الحسين عليه السلام وهم بشر مثلكم؟ والجواب هو هل خصائص أهل البيت أعطيت من قبل الله تعالى أم الناس؟ اذا نظرنا الى كل الخلائق نجد ان شجرة النخل بعضها يميز على الآخر وكذلك التفاح والبرتقال بالاضافة الى الحيوانات يميز بعضها عن الآخر فبعضها يؤكل واخرى لا تؤكل، وبعضها نجسة لا يسمح بوضعها داخل البيت وأخرى يسمح لها ذلك. وهكذا البشر بعضهم أبيض وآخر اسود. والله الخالق هو الذي ميز هذا عن ذاك وليس الانسان. والامثلة تتطبق على الصناعة فشركة سيارات عندها نموذج يختلف عن الآخر بالسعر والجودة، فالشركة المصنعة هي التي تتحكم بذلك. ولا يحق للبشر ان يميز هذا عن ذاك إلا بأمر الله. فاليهود ميزوا انفسهم عن الآخرين بانهم شعب الله المختار “وَقَالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ” (البقرة 111)، و “قُلْ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ هَادُوا إِن زَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِيَاءُ لِلَّهِ مِن دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ” (الجمعو 6). اذا اعطى كل احد ميزات لآخر فلا يمكن تمييز أحقية الناس. مثلا هل ميزات الخليفة بتسمياته الرشيد أو المتوكل صحيحة أم عكسها هو الصحيح وهل هي معطاة من الله تعالى أم من البشر.
قال الله تعالى “وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً” (البقرة 30) فالله تعالى هو الذي يجعل هذا أو ذاك خليفة وليس البشر، أي يختار من البشر ليجعله خليفة على آخرين “وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلَائِفَ الْأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ” (الأنعام 165). مثل عيسى عليه السلام ميزه الله على الآخرين بصفات بينها الله “فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَهَا تَحْمِلُهُ ۖ قَالُوا يَا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئًا فَرِيًّا” (مريم 27)، و “وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلًا وَمِنَ الصَّالِحِينَ” (آل عمران 46)، و “وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنتُ” (مريم 31). والله أنعم على بشر دون الآخرين “اهدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ” (الفاتحة 6-7)، و ” فَأُولَٰئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ” (النساء 69).
الله تعالى خص محمد وآل محمد بالقدسية بآية التطهير “إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا” (الأحزاب 33) ومن ضمن الذين خصهم بالقدسة سيد الشهداء أبي عبد الله الحسين عليه السلام ” إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَٰنُ وُدًّا” (مريم 96). نحن نحب الحسين عليه السلام لان الله تعالى ونبيه محمد صلى الله عليه وآله وسلم يحبه. النبي صلى الله عليه وآله وسلم أقام العزاء للحسين عليه السلام. يقول الامام الصادق عليه السلام: مَن أرادَ اللَّهُ بِهِ الخَيرَ قَذَفَ في قَلبِهِ حُبَّ الحُسَينِ. يقول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم (إن الحسين مصباح هدى و سفينة نجاة). هذه القداسة لا تتغير حسب الظروف، كما ان الذهب لا يستطيع ان يتغير الى حديد وكذلك العكس. جاء في الحديث (كنت نبياً وآدم بين الماء والطين).
جاء في زيارة الحسين عليه السلام: (ورضعت من ثدي الإيمان)، و (أشهد أنك كنت نورا في الأصلاب الشامخة). الحسين كان ركنا من أركان الإيمان حيث جاء في الحديث الصحيح ( الحسن والحسين إمامان، قاما أو قعدا). هذا الامام العظيم قتل وحيدا غريبا في أرض كربلاء حيث جابه الأعداء أجر المودة بقتله عليه السلام وأهله وصحبه وسبي نسائه. أما الظالم حتى وان عفي عنه لا يصبح خليفة “لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ” (البقرة 124).