تستعد فرنسا لتنظيم عمليات إعادة رعاياها من لبنان في ظل الصعوبات التي يواجهها العديد من الأشخاص في مغادرة البلاد
وقالت الخارجية الفرنسية إنه “نظراً للسياق الأمني المضطرب، أرسلنا تعليمات لمواطنينا بالأمس” وأضافت موضحة “نذكر أن لبنان مصنف في المنطقة البرتقالية والحمراء منذ 17 أكتوبر 2023، مؤكدة أنه يجب منع جميع أنواع السفر الى لبنان؛ فلا ينصح بالسفر في مرحلة اللون البرتقالي إلا لأسباب حتمية، وقد تم الإشارة إلى ذلك عدة مرات على مواقع الوزارة الفرنسية في الأشهر والأسابيع الأخيرة.
وبعد اغتيال رجل حماس الأول في طهران وأحد قادة حزب الله الرئيسيين في بيروت، فإن السؤال الذي يجري على ألسنة ساسة فرنسا ليس ما إذا كان سيتم الرد، بل متى؟.
وتحدثت باريس وواشنطن يوم الأحد عن اندلاع الحرب خلال 48 ساعة، حيث يعتمد رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتنياهو على الدعم العسكري من حليفته الرئيسية الولايات المتحدة.
من جهتها، تواصل الخارجية الفرنسية -بناء عن تعليمات من وزارة الدفاع الفرنسية- مطالبة رعاياها بمغادرة لبنان.
تقول بعض المصادر العسكرية الفرنسية، إنه حينما كان قادة حزب الله اللبناني منهم، فؤاد شكر، في بيروت الأسبوع الماضي، عرف نتنياهو بعد سويعات قليلة، أن الرجل الأول في حماس، إسماعيل هنية، في طهران، فأشعل فتيلاً إقليمياً لا محالة بقتلهما، وقالوا أنه سيكون ذلك صعباً، إن لم يكن مستحيلاً إيقاف إندلاع الحريق وتوسع الحرب الإسرائيلي في المنطقة.
حيث تعيش المنطقة أجواء حرب حقيقية، بانتظار الرد الإيراني المُرتقب وردّ “حزب الله” على الاغتيالات الأخيرة التي نفذتها إسرائيل، خصوصاً بعد تحدّث تقارير عن أنَّ هذا الموعد أصبح قريباً، خلال الساعات المُقبلة.
في السياق، توقعت مصادر فرنسية حصول الرد الايراني متزامنا مع رد حزب الله في الساعات الـ48 المقبلة، لافتةً إلى أنّه قد يتركّز على استهداف منشآت حيوية في العمق الإسرائيلي، ولن يستهدف “الحزب” مدنيين كي لا يعطي إسرائيل ذريعة لقتل مدنيين لبنانيين أو فلسطينيين كما جرت العادة. فالمؤكد، بأنَّ الحزب سيرد على اسرائيل وأن عملية اغتيال شكر لن تمرّ مرور الكرام، وأنّ الأمر عينه ينطبق بالنسبة للرد الإيراني. لكن يتساهل الفرنسيون هل ستحدث حرب المدن بالصواريخ بعيدة المدى؟
إذن يرى الفرنسيون بأنَّ الرد محتوم، سيختلف عما يجري في الميدان من مناوشات يومية.
وفي السياق ذاته، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية ناصر كناني يوم أمس 5 أغسطس: “إننا نعتبر حقنا في الدفاع عن أمننا القومي وسيادتنا وسلامة أراضينا حقًا لا جدال فيه”، مضيفًا “أن إيران لها الحق في معاقبة إسرائيل”.
من جانبه استغرب زعيم حزب الله حسن نصر الله، الذي بالنسبة له تجاوزت إسرائيل كل الخطوط الحمراء أن يتساهل الغرب هل سترد إيران ام لا حيث قال : “هل يعتقدون أنهم يستطيعون قتل الزعيم إسماعيل هنية في طهران وإيران تلتزم الصمت؟” بالطبع لا، وهذا بالضبط ما كان بنيامين نتنياهو يبحث عنه. ويبقى الآن أن نرى حجم هذا الرد الموعود.
الغربيون محاصرون في تناقضاتهم
حذر وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، خلال مؤتمر عبر الهاتف، دول مجموعة السبع (ألمانيا، كندا، الولايات المتحدة، فرنسا، إيطاليا، اليابان، المملكة المتحدة، إضافة إلى الاتحاد الأوروبي) من رد محتمل من جانب إيران وحزب الله معا، مع ذلك يقول إنه غير قادر على التنبؤ بالتوقيت والشكل.
وفي مواجهة خطر التصعيد، دعت كل من فرنسا والسويد والولايات المتحدة وبريطانيا العظمى والأردن والمملكة العربية السعودية رعاياها إلى مغادرة البلاد. كما طلبت باريس من الفرنسيين المقيمين في إيران مغادرتها مؤقتا.
ويبدو من الواضح أن هذه البلدان عالقة في تناقضاتها الخاصة وتحاول إيجاد حلول وسط لمحاولة تجنب الأسوأ.
وقالوا في بيان: “إننا نعرب عن قلقنا العميق إزاء التوترات المتزايدة في الشرق الأوسط التي تهدد بإشعال صراع أوسع في المنطقة”، وحثوا “جميع الأطراف المعنية على الامتناع عن إدامة الدورة الانتقامية المدمرة الحالية، وتخفيف التوترات ووقف إطلاق النار”. والانخراط بشكل بناء في خفض التصعيد، حيث لن تستفيد أي دولة أو جهة من المزيد من التصعيد في الشرق الأوسط. »
من جانبه يسعى الرئيس الفرنسي بكل طاقته السياسية والدبلوماسية لتفادي التصعيد الذي لن يهدد استقرار المنطقة العربية فحسب بل سيتجاوزها لاشعال أزمة عالمية جديدة في الطاقة.
حيث كثف اتصالاته بزعماء للاستشارة والاستنارة وبحث تطورات الأوضاع الإقليمية والدولية وفي مقدمتها التوترات التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط والأزمة الإنسانية في قطاع غزة والجهود المبذولة بشأنها. ودعا جميع الأطراف إلى التحلي بأقصى درجات ضبط النفس وخفض التصعيد لتجنيب المنطقة مزيدا من الأزمات التي تهدد السلام والاستقرار الإقليميين